إعلي ولد محمد فال

إعلي ولد محمد فال

اعلي ولد محمد فال (١٩٥٢ - ٥ مايو ٢٠١٧) هو رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية رئيس الدولة بالجمهورية الإسلامية الموريتانية وصل إلى السلطة إثر انقلاب عسكري أبيض في ٣ أغسطس ٢٠٠٥ أطاح بالرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع ووعد العقيد إعلي ولد محمد فال بأنه سيسلم السلطة لرئيس منتخب بعد عامين من الانقلاب وهي ما أسماها بالفترة الانتقالية وبالفعل قام إعلي ولد محمد فال بتسليم السلطة بعد أقل من عامين. وقد كان مديرا للشرطة الوطنية الموريتانية منذ ١٩٨٥ وكان من أقرب معاوني الرئيس السابق معاوية ولد الطايع قبل أن يطيح به، شكّل العقيد ومجموعة من ١٨ عقيدا ما يسمى بالمجلس العسكري للعدالة والديمقراطية وقام المجلس بتسليم السلطة للرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله يوم ١٩ أبريل ٢٠٠٧. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بإعلي ولد محمد فال؟
أعلى المصادر التى تكتب عن إعلي ولد محمد فال
“حوار وطني” لم تتوفر فيه أبسط شروط الشرعية و لا الجدية، قاطعته كل المعارضة و كل القوى الوطنية المسؤولة و كل الشخصيات المحترمة و رفض سفراء العالم حضور افتتاحه، تم فرضه على المجتمع باسم “الأغلبية و المعارضة الوطنية” المكذوبتين ، المزورتين (بفتح و كسر الواو)… ـ القفز على المادة ٣٨ من الدستور، المعبرة عن جهل و استهتار العصابة و استعدادها لانتهاك القانون متى شاءت لفرض ما تريد، بعد رفض مجلس الشيوخ لمشروع تغيير الدستور، لتدخل البلاد في أزمة بلا حل… ـ فرض استفتاء غير دستوري بفهم شاذ لمادة غير معنية، ناتج عن توصيات “حوار” أعد على المقاس، أخذت منها العصابة ما تريد و ألغت ما لا تريد بشكل لا يمكن أن يقبله لا حتى بيجل ولد هميت… ـ فرض تبني التغييرات الدستورية باستفتاء من دون استفتاء (لأن ما حدث لا يمكن وصفه باستفتاء و لا تصويت) تماما كما تم اغتصاب المواد الدستورية و انتهاك صلاحيات مجلس الشيوخ على أيادي عصابة جاهلة و مستهترة ظلت رسالتها الواضحة إلى الشعب هي أن القانون الوحيد في هذا البلد هو ما يريده ولد عبد العزيز. أحجم العالم أجمع عن مباركة نتيجته و لو بإشارة في الحدود الدنيا للباقة الدبلوماسية الرمزية..! ـ لجنة وطنية للانتخابات تم انتقاؤها من بين أتفه مخابرات البلد و أكثرهم انحطاطا على امتداد تاريخه، لا تخجلها شهادة زور و لا تأخذها في الطاعة للعصابة لومة لائم لا بوازع ديني و لا بإحساس وطني و لا بوخزة أخلاق من أي درجة … ـ مجلس دستوري (في الحقيقة و من دون أي مبالغة ، هذا بالفعل هو ما يمكن أن نسميه مجلس دستور ولد عبد العزيز) فلا يمكن أن نحصل على دستور مزور من دون مجلس دستوري مزور .. لا يمكن أن نحصل على دستور مغشوش من دون تأمين مجلس دستوري غشاش .. لا يمكن أن نحصل على دستور لاغي من دون توقيعه من مجلس دستوري لاغي .. لا يمكن أن نحصل على دستور لا يحترمه أحد و لا يعني أي أحد من دون مجلس دستوري حقير ، يزور البكالوريا متى شاء و الدستور متى شاء، يحول شهادة زوره إلى وثيقة وطنية ملزمة و حقارته إلى مسؤولية وطنية تؤنبه الضمائر في التقصير في شأنها و استماتته في إرضاء من يحكم إلى مسؤولية أخلاقية على غرار مجلس الإفتاء الذي سدت عنه أبواب الاستجابة لأن ” مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام (فأنى يستجاب له ؟). ـ القضاء اليوم في موريتانيا، لا يمكن ـ مع بالغ الأسف و الخجل ـ أن نقول سوى أنه عار على البشرية أن يكون بينها في القرن الواحد و العشرين ماخور بغي و فسق و فجور و تخلف و تزلف مثل القضاء الموريتاني!!؟ الأسوأ من هذا كله و الأغرب منه و الأخطر و الأدعى إلى الحيرة و الخجل و البؤس هو أن ما زال حتى من بين قادة معارضتنا و مثقفينا و رجالنا و نسائنا المحترمين من يقول “رئيس الدولة” و “الحكومة” و “المؤسسات الدستورية”…!!!؟ أين الدولة ؟ في ماذا تتجسد الحكومة اليوم؟ أين ترون غير المؤسسات اللادستورية .. غير المؤسسات المسيئة إلى الدستور؟ إذا لم تتحرك المعارضة أو الجيش لإسقاط هذه العصابة فليتأكد الجميع أنه لم يبق أمام الشعب الموريتاني سوى العصيان المدني أو الكفاح المسلح “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافةً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوٌ مبين” (صدق الله العظيم) إن الشيطان ولد عبد العزيز يرفض الدخول في أي عمل يمكن أن يفضي إلى السلم في هذا البلد .. إنه يقول لنا اليوم بالصريح ، إما أن تتركوا هذا البلد لي أو أمحقكم . سيقول لكم مجلس الإفتاء المتبحر في التملق و تبرير جرائم الطغاة، إن عليكم ـ إلزاما و بلا قيد و لا شرط ـ بطاعة ولي الأمر!؟ .. و ليست المشكلة في أنهم يريدون أن نطيع ولي أمرنا و إنما المشكلة الحقيقية في أنهم يريدون أن نطيع ولي أمرهم هم “الذي أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف” (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) . لن نطيع أمر ولد عبد العزيز يا مجلس الإفتاء تحت الطلب.. لن يستطيع أن يجرنا إلى حرب أهلية كما يسعى و كما تباركون له يا مجلس الخجل و حطب الحرب.. ستزولون جميعا، قريبا، و يبقى الشعب الموريتاني أبيا من دونكم .. كريما من دونكم .. حرا من دونكم، فاعبدوا ولد عبد العزيز و أطيعوه و تزلفوا له .. كيفوا الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة على طلبه.. فسروها على مزاجه .. أنتم مصيبتنا المؤسفة .. أنتم ورطتنا المستمرة .. أنتم كذبتنا الكبرى.. أنتم خطيئتنا المخجلة..! ـ اختطاف ممثل حزب تكتل القوى الديمقراطية في نواذيبو و تعذيبه و إهانته و أخذ هواتفه للتجسس على مكالماته و سرقة ممتلكاته (أين سمعتم أو رأيتم أمن دولة يسرق ممتلكات الناس(على طريقة “الهنتاته”)؟ . إن مرور هذه الحادثة كأن شيئا لم يكن ـ من دون حتى أن تعتذر عنه الأجهزة الأمنية أو تبرره و لو بإحدى أكاذيبها الجاهزة ـ أمر خطير للغاية لأنه يعني بوضوح أننا دخلنا الدائرة العمياء لرادار إرهاب الدولة.. ـ اغتيال المحامي و الأستاذ الجامعي الشهيد الشيخ ولد حرمة الله ، رحمه الله (٢ مايو ٢٠١٧) رميا بالرصاص و عدم فتح تحقيق جاد في قضيته التي يتضح لأغبى الناس أنها على خلفية ملفات مخدرات موجودة في مكتبه، يمكن بسهولة التوصل إلى أصحابها ، لا يمكن أن يعني سوى أنها شخصيات محمية في رأس هرم السلطة ، تقوم بتصفية كل من يعترض طريقها بشجاعة الأستاذ ولد حرمة الله و التزامه و إحساسه بالمسؤولية الوطنية! ـ اغتيال الرئيس السابق اعلي ولد محمد فال و دفنه من دون تشريح بعد دعوته للمعارضة إلى التوجه بمظاهراتها إلى بوابة القصر و اعتراضه على التوجه إلى ساحة ابن عباس .. ـ و “آخرا و ليس أخيرا” اصطياد (بترصد و سبق إصرار) الشيخ محمد ولد غدة ، مرة باسم حادث سير (تم فيه تجاوز كل الإجراءات المتبعة) .. و مرة بسبب تسريبات من هاتفه الشخصي تحولت جريمة نشرها من قبل الدرك و المخابرات الممنوع في كل القوانين و الأعراف، إلى جريمة ضده بدعوى تقديم رجل أعمال موريتاني مساعدات إلى المعارضة!! .. و مرة بسبب تكوين جمعية أشرار كما جاء في بيان “النيابة” (و هي في الحقيقة ليست سوى نيابة عن ولد عبد العزيز) التي شوهت سمعة البلد بممارساتها الشاذة و تخلخل موازين عدلها الغريب و انحراف حتى موازين ظلمها الأكثر غرابة. إن ما يخضع له النائب ولد غده اليوم ليس ظلما و إنما هو ما يسمى القهر .. و ما يخضع له الشعب الموريتاني اليوم هو القهر في أسوأ تجلياته .. فإلى متى و ماذا بعد؟؟ ـ لا حوار عبثي يتم إصدار توصياته قبل بدئه، يجدي .. �ـ لا مشاركة في انتخابات ستمولها الخزينة العامة و تشرف الإدارة على تزويرها و تقسم اللجنة الوهمية المستغلة على نزاهتها و يبصم المجلس الدستوري المخجل بالعشر على شرعيتها، تجدي .. ـ لا مقاطعة المعارضة لانتخابات لا تتوفر على أبسط ضمان شفافية، تجدي.. فإلى أين المفر؟ ماذا بقي غير العصيان المدني أو الكفاح المسلح؟ ليس من الغريب أن يجرنا ولد عبد العزيز المحاصر بجرائمه إلى حرب أهلية بحثا عن مخرج لم يعد محتمل إلا بالهروب من البلد في غياب وجود أي لسلطة مركزية هذا الأمر واضح و ليس أمام ولد عبد العزيز أصلا ما يمنعه من تدبيره غير احتمال خطره عليه لأنه جبان بطبعه و إن كان الكثيرون يعتبرون تهور هجومه الدفاعي شجاعة، عكس ما يؤكده علم النفس و السلوك البشري المجرب.. لقد شكل إعراض أكثر من ثلثي عناصر الجيش و الأمن (حسب معلومات دقيقة، تؤكدها نتيجة التصويت المعلنة بعد التزوير) هزة كبرى لقادة العصابة. و لن أعلق على الأسباب بما يمكن أن يفيدهم، لكن قراءتهم لما حدث هي كانت أن الأمر لا يمكن أن يحدث من دون أن يكون من ورائه تنظيم محكم على مستوى قيادات الوحدات. و لا شك أن قائد الأركان و الممثل الحصري لاستيراد الدجاج في موريتانيا، عاكف الآن على ترتيبات شاملة لاستبدال قادة الوحدات و الولايات، متناسيا أنهم أبناء و أخوان شعب كامل لا يمكن أن يساهموا في قتله لصالح عصابة حقيرة لا تتذكر أن تثني على الجيش و لو بكلمة، إلا حين يضيق عليها الخناق. على الرغم من هذا كله، لن يستطيع الشيطان ولد عبد العزيز و أتباعه من المردة أن يجروا المعارضة الموريتانية إلى أي عمل مسلح . و قوة المعارضة الموريتانية ليست في قدرتها على بلوغ أهدافها و إنما في قدرتها على منع العصابة من الوصول إلى أهدافها أو جر المعارضة إلى ميدان معركتها سيموت ولد عبد العزيز بهدوء في المشنقة التي أعدت له المعارضة و سيُرد (مضاعفا) كل فلس سُرق بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خزائن الدولة و ستتم محاسبة كل من أساء إلى البلد و الشعب حتى تنظف موريتانيا من المافيا و عقلياتها و سلوكها الذي حولته إلى نهج حياة في البلد. لقد تألم هذا الشعب كثيرا و صبر كثيرا و دين علينا أن يسترد كرامته و حقوقه و حرمته و هيبته و سمعته الطيبة التي ملأت الدنيا و شغلت الناس . و لإن كنا أمة ابتلاء فلن ننسى أننا أبناء شعب لا يقهر و أمة لا تستسلم. و على من يقولون إن الشعب الموريتاني مستهتر و منافق (و هو ما نقوله جميعا في أوقات جلد الذات والإحباط)، أن يتذكروا أن أي حاكم لم ينجح في موريتانيا يوما من دون اللجوء إلى التزوير و استغلال الإدارة و الممتلكات العامة .. فماذا تطلبون من الشعب أكثر من هذا؟ و على من يقول إن المثقفين الموريتانيين خونة أن يتذكروا أنه رغم التزوير و القمع و الرشوة و التجويع و التهميش، لم يستطع نظام أن ينجح يوما في مدن تمركز المتعلمين و المثقفين نواكشوط ، نواذيبو ، أزويرات ، روصو (…) فكيف نعيب “المثقف”؟ إن مشكلة الشعب الموريتاني بصفة عامة هي نزوع أهل هذا البلد إلى السلم و احترامهم الرائع لحرمة الإنسان و حرمة دم المسلم و ماله و عرضه و قد استغلت الأنظمة الإجرامية هذه الفضائل السامية للركوب عليه و سترى هذه العصابة الحقيرة اليوم حين تجاوزت كل الحدود و تمادت في غيها، أن لموريتانيا وجها آخر، غبي و خاطئ من يرغمها على إماطة اللثام عنه. كل عيوب موريتانيا على امتداد تاريخها ستحل من خلال معاقبة هذه العصابة الحقيرة و الراكضين خلفها من ولد عبد العزيز إلى حارس مقر “الاتحاد من أجل نهب الجمهورية” طولا.. و من عمدة ازويرات عرضا مرورا بالسلحفاة الغبية امربيه ربو و الصحراوي إلى بنه ولد الشنوف و زيدان … و مهما أظهرت العصابة الحقيرة اليوم من تماسك و ثبات لن تستطيع أن تخفي تخلخلها و إحباطها من نتيجة هذا الاستفتاء المرعبة التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك قرب نهايتها. و كل شمس تشرق من جديد ستزداد الناس بغضا و احتقارا لها بعد انكشاف كل حقائقها و تأكد الجميع من أكاذيبها و خداعها و انحطاط ممارساتها.. و ما تلميح العصابة اليوم و رسائلها المشفرة بحثا عن حوار جديد إلا محاولة يائسة للخروج من أزمة سدت المعارضة منافذها بتسع سنين من الصبر على الأذى من قبل من لا يساوي شسع نعلها، حفاظا على سلامة شعب أثبت في الأخير أنه جدير بالتضحية و الاحترام لقد أدركت المعارضة المسؤولة أن اعتبار ولد عبد العزيز طرفا معنيا بالشأن الوطني، عقوقا للوطن و إساءة إلى أهله و عليه اليوم أن يفعل ما يشاء لكن لا يفكر في حوار أو لقاء مع المعارضة لأنه بكل بساطة أحقر من أن ينال هذا الشرف.
أنباء انفو خرج اعزيز ولد المامى ، رجل الأعمال ووجيه القبيلة التى ينتمى إليها رئيس موريتانيا الحالي عن صمته قائلا ، إن بلاده خسرت بوجود رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو خارج حدودها..!. ولد المامي استعرض فى مقال مطول حالة موريتانيا خلال أهم حقبها السياسية من رئيس البلاد الأول المختار ولد داداه حتى ولد عبد العزيز مرورا بنظام الرئيس السابق معاوية ولد الطايع . نص المقال بسم الله الرحمن الرحيم توطــئة عن أبي ذر رضي الله عنه قال « قال لي النبي صلى الله عليه وسلم قل الحق ولو كان مراً » صححه إبن حبان لم أكن أبدا أخطط للعودة للكتابة في الشأن العام بل إني آثرت التفرغ لأمور خاصة، وكنت أرى إنه إذا كان علي أن أكتب فإن ذلك سيكون في غير الأمور السياسية. فحينما كنت مهتما بالكتابة في الشأن العام لم اتردد بل ابديت رأيي وقدمت تقييمي لأمور البلاد من موقع الشاهد على الكثير من الأحداث والعارف بتفاصيل البلاد والمعايش لنخبتها خلال ما مضى من عمر دولتنا الفتية. لقد ربطتني علاقات وطيدة تقريبا مع جل الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم البلاد. وإذا كنت قد قررت اليوم الإدلاء بدلوي فيما هو متداول فإن ذلك يأتي تحت تأثير الأحداث المتسارعة التي باتت تطرح تساؤلات كثيرة ومشروعة حول مآلات البلاد. فلا شك أن بلادنا اليوم في مفترق طرق وهي تجتاز مقطعا حرجا سيكون له ما بعده. إنها مرحلة تتطلب تضافر الجهود والوعي والتكاتف لتجنيب البلاد الانزلاق نحو متاهات مظلمة. ذلك هو الدافع الوحيد من وراء كتابة هذا المقال الذي سيركز على الفترة الأخيرة التي لم تشملها كتاباتي الماضية والذي أرجوه موضوعيا ووسطيا يبين للنظام ما له وما عليه.، و لا مجال لأي تفسيرات أخرى ولا لأي حسابات شخصية أو سياسية فالمقام أجل. التأسيس لقد تعاقبت عدة أنظمة على حكم هذه البلاد بدءا بالرئيس المؤسس المختار ولد داداه الذي آمن بهذا الوطن وسعى إلى إخراجه من العدم إلى الوجود متسلحا بالتصميم والإرادة والاعتماد على النفس. لقد استطاع مدعوما بصفوة من أبناء البلاد الوطنيين إرساء أركان الدولة الجديدة في مشهد يشبه الحلم. كان المختار نموذجيا في كل شيء ، كان مدرسة في المثل والأخلاق بسيطا حلو المراس لا يلين عندما يتعلق الامر بالوطنية ، بنى سمعة جيدة للبلاد وفرض وجودها أولا ثم احترامها فيما بعد وأرسى قواعد صلبة لتنميتها. ثم كانت حرب ضروس لا تبقي ولا تذر قوضت جل المكاسب التي تم الحصول عليها بشق الأنفس وأدت إلى رحيله عن السلطة فتوقف ذلك الحلم الجميل. ترك المختار رحمه الله ذكرا باقيا ، يذكره الكل اليوم بحنين ووقار كبيرين. الجمهورية الثانية بعد فترة اضطراب و عدم استقرار ميزت بداية الثمانينات جاء الرئيس معاوية على اثر انقلاب ابيض استبشر به جل الموريتانيين لما عرفته تلك الحقبة من تضييق على الحريات الفردية و الجماعية ، بنى معاوية نظاما للحكم مكنه من البقاء زهاء ٢٠ سنة. يصنف معاوية على أنه رجل سلطة وطد أركان الدولة وهيبتها وضمن لحكمه فترة استقرار مديدة. عندما تسلم مقاليد السلطة قضى زهاء عامين وهو يستشير ويستمع ويحلل ليخرج بتصور لقيادة البلاد. ورغم أنه كان ذكيا وصاحب مشروع حداثي إلا أنه كان متأنياً في قراراته. واجه خلال فترة حكمه الطويلة عواصف كثيرة داخلية وخارجية تعامل معها بمزيج من اللين والصلابة. وخرج من كل أزماته بأقل كلفة لحكمه و للبلاد. الكل يعرفه كتوما منطويا لكنه كان أيضا صادقا عادلا لمن يعرفه عن قرب. و قد ساهم في كل ذلك اعتماده على الصندوق الأسود الدكتور لوليد ولد وداد ،أمين سره الذي عمل معه زهاء ثلاثة عقود و الذي كان رجل دولة حقا ،كان أيضا خلوقا سديد الرأي حافظا للعهد. ونتيجة لمركزية النظام الشديدة ولتأخر الإصلاحات الداخلية سار النظام ببطء لكن بشكل مؤكد نحو نهايته، فكانت نهاية حكمه وتلك سنة الله في كونه. ويكاد يوجد إجماع على أنه خدم بلده مما أوتي من قدرات وسعى لتطوير البلاد وانحاز للطبقات الهشة. تعامل بحزم كبير مع دعاة التفرقة ودافع بقوة عن هوية البلاد العربية. خرج من السلطة صفر اليدين فلم يستغل السلطة أبدا لجمع المال ولم ينسج شراكات مع مستثمرين وليست له عقارات ولا حسابات مصرفية خارجية ولا داخلية. يذكرني هذا بما كتبه المختار في مذكراته حين قال انه خرج من السلطة مرتاح البال لأنه كان عند خروجه منها أقرب للفقر منه إلى الغنى. كان بإمكاني أن أقول الكثير في وطنية معاوية لأنني تعرفت عليه منذ ١٩٦٣ حين كان مرافقا للرئيس وكان ذلك عن طريق اسويدات ولد وداد والمصطفى محمد السالك وبقيت على صلة دائمة به منذ ذلك العهد وتوطدت صداقتنا مع مرور الزمن بما في ذلك فترته في الحكم وحتى خروجه منه، ولازلت طبعا أكن له احتراما كبيرا. مطلب التغيير هكذا إذا ومع نهاية فترة معاوية تم انتقال سلس للسلطة وتقبل الموريتانيون التغيير ايضا بما فيهم أنصار الرئيس معاوية أو من يوصفون كذلك بل واستبشروا خيرا وأملا في فتح صفحة جديدة لكافة الموريتانيين. والحقيقة أن وجود المرحوم أعلي ولد محمد فال على رأس المجلس العسكري الجديد شجع الموريتانيين على طي الصفحة ، وكان حاسما في إقناع الكثيرين بدعم التغيير الجديد حيث اعتبروه ضمانة ضد الإنحراف وتصفية الحسابات. بدأت البلاد كأنها استقلت من جديد وحصل إجماع لا نظير له وتم فتح آمال عريضة لتنمية البلاد، قاد المرحوم أعلي بحكمته ورزانته مرحلة انتقالية جديدة وكانت ناجحة بكافة المقاييس . توالت الإصلاحات الاقتصادية و المالية وتضاعفت الأجور كل ذلك في زمن قياسي لم يزد على ٢٠ شهرا. فعلى سبيل المثال لا الحصر وصل معدل النمو ١١% سنة ٢٠٠٦ وكان الفائض ٣٦% من الناتج المحلي ووصل فائض ميزان المدفوعات ٣٢٢ مليون دولار وكان مستوى التضخم في حدود ٦% وتم الحصول على ٢٠٠ مليار أوقية من العون الخارجي خلال ١٤ شهرا. في نهاية هذه الفترة المشرقة تم تنظيم انتخابات توافقية نزيهة بشهادة الكل بما فيهم المراقبين الدوليين وتسلم مقاليد الأمور رئيس منتخب وتوارى العسكر عن الأنظار في مشهد يشبه الحلم أيضا وبدأت كتابة مرحلة جديدة من تاريخ البلاد. جمر تحت الرماد و ترشح سيدي و طبعا استبشرت خيرا بترشيحه ودعمته و نجح فنحن أصدقاء منذ ١٩٦٨. و تسلم سيدي السلطة وسط أمل كبير بطي الصفحة العسكرية وبتوافق غير مسبوق من الموريتانيين وإشادة دولية عامة. لم يكن الرئيس سيدي سياسيا متمرسا بالمفهوم المتداول، كان بعيدا عن التجاذبات يتمتع بسمعة طيبة وعلاقات واسعة ، يعرفه الكل نزيها مترفعا عن شبه المحسوبية والثراء غير المبرر أما خبرته وتجربته فكانتا معروفتين أيضا. التقينا فور تنصيبه وقدمت له التهانئ واتفقنا على أن نظل على اتصال وشرحت له رؤيتي وكنا متفقين طبعا. عرض علي الرئيس سيدي تعيين أحمد باب وزيرا ولم أر ذلك مناسبا وشرحت له الأسباب ، وبعد إلحاحه ذكرت له أن أحمد باب اختار القطاع الخاص وأنه قد حسم أمره منذ زمن، وأنه في منتصف الطريق ، حقق بعض النتائج لنفسه ولوطنه وعليه مواصلتها وأرى من الصعوبة بمكان التوفيق بين النشاطات الخاصة والمسؤوليات العمومية كما أنني أخشى من جهة أخرى تداخل المصالح ، هذا رأي ويمكنك تعميق الموضوع معه متى شئت. أثناء مراجعة أحمد باب للرئيس سيدي في مسألة ما فاتحه في الموضوع مجددا فرد عليه بأنه لا يرى أن بإمكانه التوفيق بين المهام إذا لم تكن متعارضة أصلا، وأضاف أنه على كل حال ومهما كان موقعه فإنه سيقدم كل ما بوسعه وأنه يمكنه أن يعول عليه. ثم التقيته مجددا عند تشكيل الحكومة وطلبت منه في مرحلة أولى العمل على إظهار الطابع المدني للحكم. وإخفاء المظاهر العسكرية ما أمكن ذلك حتى يقتنع الكل أن تحولا حقيقيا قد طرأ أو هو في الطريق . وفي هذا الإطار قلت له أن حل جهاز الأمن الرئاسي قد يكون خطوة هامة في هذا الاتجاه، فكل الأنظار موجهة إليه والكثيرون يعتقدون أنه من أهم مراكز السلطة و مركز صناعة القرار في البلد ، يقال ان من راقب العواقب لم يندم و التدبير قبل الفعل يؤمن من المفاجئات. حدثته بالحرف الواحد أن رئيس الجهاز رجل مهم قدم لك دعما هاما وساعد في نجاحك خاصة بين الشوطين ، لماذا لا تقم بتعيينه على منصب كبير داخل المؤسسة العسكرية، و ليكن بعيدا عنك. ذكر لي أنه لن يفعل ذلك لسببين احدهما هو الذي ذكرته له وهو الدعم الفعال والذي قدمه له المعني والذي كان حاسما في وصوله للسلطة والآخر هو أن مؤسسة أمن الرئاسة كانت قائمة وتعمل منذ ٢٠ سنة ولا يرى داعيا لتحييدها أو حلها أو تغيير طبيعتها. وبدأ سيدي يعمل في جو موبوء و وسط الكثير من الشراك المنصوبة بغية الإيقاع به وشابت أداءه بعض الأغلاط عن حسن نية طبعا حيث لم يشأ أو لم يستطع وضع جهاز الأمن تحت سيطرته وظل ذلك الجهاز يعمل كما كان بل انه انفرد على الساحة بعد خروج الضباط الكبار الذين كانوا يشكلون أقطاب توازن داخل المؤسسة العسكرية, وبدأ رئيس جهاز الأمن الرئاسي ينسج الخيوط و يشدها نحوه ويعيد ترتيب الأوراق وبدا الرئيس سيدي رئيسا منقوص الصلاحيات ، وطبعا فإن هذه الوضعية لابد أن تؤدي إلى خلافات ما لبثت أن بدأت تطفو على السطح. لقد استدرج سيدي بطريقة لا تخلو من دهاء حين منح رتبة جنرال لقائد الأمن الرئاسي وبهذا سجل هدفين ضد نفسه لقد خلق بذلك تذمرا ضده داخل المؤسسة العسكرية من جهة وأعطى لخصمه الجديد بحكم ترقيته له أحقية في القيادة وتبوء المناصب الهامة سيتم استغلالها ضده في القريب العاجل. ووجد سيدي نفسه في منطق مواجهة لا مفر منها مع حليفه السابق ولم يكن بطبيعته وأخلاقه ممن يمكن أن يستسلم وبذلك دخل الطرفان في مواجهة غير متكافئة ودخلت معهم البلاد أزمة سياسية حادة و بدت كأنها رجعت إلى المربع الأول. الاحتقان الوساطة وطبعا دخلت إلى خط الأزمة جهات عديدة داخلية وخارجية من النظام ومن المعارضة وكانت كلها تسعى إلى ترجيح الخلاف عسى أن تخلق وضعا جديدا يمكنها الاستفادة منه. في هذه الظروف البالغة الدقة كان سيدي على وشك السفر إلى قمة اقتصادية عربية في شرم الشيخ ( يوليو ٢٠٠٨). وبعد ما توصلت إليه من أخبار اتصلت عليه وطلبت منه إرجاء سفره لأن الظرف غير مناسب . أجابني بأنه سفر هام ومبرمج سلفا، لكنه سوف يتصل به فور عودته، ثم اردف يقول كما تعلم نحن أصدقاء منذ ما يزيد على ٤٠ سنة إذا كانت لديك شكوك أو معلومات قدمها لي صراحة. أجبته أن ليس لدي معلومات سوى ما يجري على كل الألسن و يتداول في الصالونات لكن توجد أولويات والبلاد في أزمة، ونحن في نظام رئاسي يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات كبيرة و لا بد من عمل شيء ما لحل هذه الأزمة قبل وصولها إلى نقطة اللاعودة، ليس مع الخلاف ائتلاف. كان لقاؤنا يوم السبت في منتصف النهار ووعدني أن يستقبله قبل ذهابه وفعلا استدعاه نفس اليوم. وفور عودتي للمنزل اتصل بي أحمد باب الذي كان على علم بموعد لي مع الرئيس وحدثته عن أهم ما جرى بيني و بينه ، فاقترح علي أن أكلم الجنرال محمد ولد عبد العزيز دائما من أجل العمل على التقارب وعسي أن يفتح ذلك طريقا لرأب الصدع كان تدخلي من منطلق انه في الشدة يختبر الصديق و أن من نصحك أحسن إليك. وفعلا ناولني هاتفه وكان محمد ولد عبد العزيز على الطرف الآخر للخط، دامت المكالمة ربع ساعة تقريبا قدمت له النصح وأوصيته بالتريث والبحث عن التصالح وبينت له أن أي تهدئة ونجاح وعودة الأمور إلى نصابها سوف تحسب له كما أن التصعيد والفشل وتوجه البلاد نحو المجهول سوف يحسب عليه أيضا. كان رده صريحا ومسؤولا ، وقال لي أن لن أبخل أي جهد إذا ما اتصل علي الرئيس وذكرني بأن العرقلة الحقيقية في صديقك كما قال فكلما تقدمنا واتفقنا حول نقطة ما جاءه قوم ونسفوها، تلك هي المعضلة الحقيقية. و فعلا اجتمعا في نفس اليوم و تم خلال اللقاء نقاش نقاط عدم الاتفاق التي كان من أهمها إسقاط الحكومة. اتصل علي سيدي نفس اليوم وحدثني عن اللقاء وقال لي لا داعي للقلق فقد اتفقنا مبدئيا وسوف نعمق النقاش فور رجوعي ، حصل سيدي خلال القمة على تمويلات هامة والتزامات هامة أيضا (تقدر بأكثر من ٤ مليار دولار) ورسم تصورا للنهوض بالبلاد وتنميتها ، لكن وكما يقال تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، التحضير للانقلاب بدأت حملة مركزة لزعزعة الرئيس استهدفت انتماءه الصوفي ثم أسفاره ثم عائلته ثم أهم معاونيه، وكانت تسعى لرسم صورة مشوهة عن الرئيس بغية تهيئة الظروف للإطاحة به ومنعه من تنفيذ طموحاته لفائدة البلد. في ٣ أغسطس أدت تلك التفاعلات المعروفة إلى تنفيذ الانقلاب للإطاحة به وواجهه الرئيس بشجاعة كبيرة وروح راضية بالقدر وبشهامة منقطعة النظير ، تعرض للضغوط والإهانة والتشويه وعانى في عائلته ولم ينثن بل ظل صامدا. بدأ النظام الجديد يتخذ إجراءاته الأولى وواجه عدم قبول كبير خاصة على المستوى الخارجي ، تأسف الكل على اغتيال الحكم الديمقراطي وصنف ما جرى على أنه انتكاسة كبيرة للديمقراطية . الحقيقة أن أغلب الموريتانيين فضلوا تجنيب بلادهم المزيد من المشاكل تماما كما فعلوا في السابق وتحلوا بقدر كبير من الواقعية بما فيهم الرئيس سيدي نفسه ، فالأمر الواقع يفرض نفسه أحيانا كثيرة و موازين القوة غالبا ما لعبت دور الحكم ، و هي حكم غير عادل طبعا. تكيف أغلب الموريتانيين مع الوضع الجديد وأثروا طي الصفحة وكان لكل مبرراته .و بعد شد و جذب، ألقى الرئيس سيدي خطاب التنازل المعروف فاتحا بذلك فرصة حقيقية لحل الأزمة التي كان وحده من يملك مفتاحها وأعلن انه عفا و اصفح عن الكل لوجه الله و من اجل الوطن و خرج من الباب الكبير مرفوع الرأس و توارى عن الأنظار. وبدأ النظام الجديد يثبت أركانه وتم الدفع بوجوه جديدة نحو الواجهة وطبعا بقي العديد من السياسيين المتمرسين ورموز وأقطاب المعارضة القائمة في الصف الواقف ضد النظام .برزت أيضا ملامح خطاب سياسي جديد يدعي الانحياز للفقراء والمهمشين ويعلنها حربا مستعرة على الفساد ورموزه. فتح النظام الجديد آمالا عريضة للشرائح المهمشة وخلق مطالب اجتماعية كبيرة لم يستطع تلبيتها لا حقا وكان البحث جار عن مكاسب عاجلة يتم تقديمها لأولئك الذين تبنوا خطاب التغيير. كان البحث يجري أيضا عن تكوين ولاءات جديدة تحل محل رموز رسخوا وجودهم خلال العقود المنصرمة و يتمتعون بتأثير قوي، وهنا ظهرت الدعوة لتجديد الطبقة السياسية . في مثل هذه الظروف عادة تنتشر تصفية الحسابات ويتم الإيقاع بالأشخاص بل وبالمجموعات والجهات إجتثاث المئات من أُطر قبيلة معينة من الإدارة مثلاً. إنها سياسة معروفة. وهكذا تسلل بعض من المنتفعين وعديمي الخبرة والوصوليين إلى مفاصل هامة من الإدارة، بل أنهم أصبحوا قريبين جدا من مراكز النفوذ و القرار. هكذا ظهرت طبقة مسؤولين بلا مستويات تقريباً وبلا خبرات قطعا (إلا من رحم ربك) وحين تسند المهام الى غير أهلها فلا تسأل عن النتيجة. وكان هؤلاء (اي الإنتهازيون) يتبجحون بولائهم المطلق للنظام و يبحثون عن المنافع غير المستحقة ويلفقون التهم ضد الأبرياء والشرفاء لإبعادهم عن الطريق. أما العقلاء و المتزنون من المسؤولين فلا يأخذ برأيهم غالباً ويتم تهميشهم إذا لم يتبنو الخطاب السائد. النقاط المضيئة أبدى النظام إذا إرادة جادة في التغيير وتم العمل على القضاء على أحياء الصفيح التي بقيت أكثر من المقبول في العاصمة وكبريات المدن وشوهت وجه المدينة ، وتم توزيع قطع أرضية مجانية على الآلاف من العائلات الفقيرة. ومن أجل ترسيخ الوجه الحضاري للبلاد تمت طباعة نسخة محلية من المصحف الشريف وأنشأت إذاعة للقرآن الكريم وتم دمج الكثير من الأئمة ووفرت لهم الدولة رواتب منتظمة على ما أعتقد لأول مرة و أعلن عن مشروع الجامع الكبير للعاصمة. ولعل أهم إنجازين لهذا النظام هما تأمين حدود البلاد حيث تم تنفيذ سياسة حاسمة اتجاه المنظمات الإرهابية و تطوير الحالة المدنية. إنها انجازات هامة نذكرها على سبيل المثال لا الحصر. النقاط المعتمة رغم هذه الانجازات الهامة هناك قطاعات لم تحظ بالاهتمام اللازم، فلا زال قطاع العدالة علي سبيل المثال وكرا للفساد والمحسوبية والسمسرة وقضاته لا يتمتعون بالاستقلالية ولا بالتكوين المطلوب وأحكامه مجمدة، ولا تحظى بالثقة اللازمة. وذلك رغم الخطاب الرسمي الذي يمجد محاربة الفساد و دولة القانون، ورغم أن العدل أساس الملك وأن الظلم مؤذن بخراب العمران كما يقول ابن خلدون ، ورغم أنه لا عدل بدون قضاء ولا فائدة في قضاء لا نفاذ لأحكامه "يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له". وهناك أمثلة كثيرة على عدم نفاذ أحكام القضاء. إن الأزمة القضائية المستفحلة يمكنني إجمال أسبابها في أربعة أخرى حسب رأيي أولا أزمة ثقة ذلك أن المتقاضين لم يعودوا يثقون في نزاهة أحكام القضاء وحيادها وهو ما يفسر تراجع اللجوء إلى المحاكم رغم التعقيد المضطرد للروابط الحقوقية والاقتصادية. ثانيا أزمة مصداقية حيث يتزايد شيئا فشيئا الشعور بأن القضاء تحكمي في قراراته، التي ومهما تحلت بالصيغة التنفيذية تبدوا وكأنها غير شرعية. ثالثا أزمة إمكانيات حيث لا تصل مزانية القطاع إلى ١% من الميزانية العامة، وبالتالي يفتقر إلى الوسائل الضرورية لضمان حسن سير العدالة واستقلاليتها وحيادها. رابعا أزمة كفاءات حيث يؤثر نقص المصادر البشرية وتدهور مستوى التكوين سلبا على نوعية الاجتهاد القضائي وتسبيب القرارات، وبشكل عام حسن إدارة العدالة. والمفارقة الغريبة في هذا المجال أن أحكام قضاة موريتانيا ما قبل الدولة المعاصرة كانت ذات قيمة معنوية مكنتها من قهر واقع عنيد رغم أنها تصدر من قضاة عزل من الأعوان والأسلحة المادية إلا أنهم كانوا حاملين لأسلحة معنوية بناءة تعود المجتمع على أن يستسلم أمامها راضخا دون مقاومة في الوقت الذي فقد القضاء كثيرا من هيبته وتضائل في نفوس الناس عندما قامت الدولة وتوفرت وسائل الإلزام (القانون والقوة العمومية). في الوقت الذي استطاعت فيه البلاد تحقيق نجاح باهر في كبح جماح التهديدات الخارجية لأمنها، شهد الأمن الداخلي تدهورا غير مسبوق على مستوى العاصمة انواكشوط وأهم المراكز الحضرية . لقد أصبحت العاصمة مرتعا لعصابات تهدد المواطنين في ممتلكاتهم وأعراضهم وتعتدي عليهم نهارا جهارا وبدا من خلال استفحال الظاهرة غياب إجراءات رادعة وكأن الدولة أصبحت عاجزة عن القيام بمسؤولياتها في هذا المجال، كما أن النظام الجزائي المطبق غير صارم ولا رادع. وإني أتساءل ماذا لو جربوا تطبيق حد الحرابة، فالله أدرى بمصالح عباده وهذه الحدود أثبتت فعاليتها. لقد ضل من اهتدى بغير الله. يجب على الحكومة أن لا تحس بأي حرج في هذا المجال لأننا دولة إسلامية ومرضاة الله أولى من مرضاة سواه كما إن تطبيق الأحكام الشرعية داخل ضمن الخصوصية الثقافية المكفولة بموجب الأعراف والقانون، فالعديد من الدول يحترم له الكل التمسك بما يشكل خصوصية له مثل الولايات المتحدة الآمريكية وإيران و المملكة العربية السعودية وغيرها. لم تكن الإدارة أحسن حظا من العدالة فمع التخلص من العديد من الأطر لسبب أو لآخر و إبقاء العديد من الكفاءات في مستويات ثانوية تم الدفع بالكثير من المتملقين إلى واجهة المناصب الكبيرة في الإدارة المركزية ومؤسسات الدولة وكان مبتغى هؤلاء هو تحصيل منافع سريعة على حساب الدولة والشعب بل والنظام إنها طبيعة المتملقين أصحاب الولاء الزائف . رغم الجهود المبذولة على مستوى القطاع المالي فقد أدت الخيارات المتبعة إلى تضاعف المديونية التي انتقلت من ٢.٩ إلى ٤.٩ مليار خلال ٧ سنوات، كما أن الريع الهائل العائد من تضاعف أسعار خامات الحديد والذهب والنحاس تم تبديد الجزء الأكبر منه في مشاريع غير منتجة ولم يتم التفكير في الأيام الصعبة وعندما تراجعت الأسعار تعطلت وتأخرت مشاريع استثمارية كبيرة. التضييق على رجال الأعمال خلال هذه الفترة أيضا تمت مضايقة رجال الأعمال، كباراً وصغاراً، تباعا وبشكل منهجي وتعرضوا للاعتقال وتم حرمان العديد منهم من الصفقات العمومية وخرق إجراءاتها عند مشاركتهم فيها، كل ذلك ليتم إقصاؤهم. و على كل حال يقال أن في الظلم هلاك للرعية و إن رأس السياسة استعمال الرفق. وتعتبر علاقة النظام بمحمد ولد بوعماتو نموذجا لأزمة الثقة الحاصلة مع رجال الأعمال، فالرجل مستثمر ناجح طور ثروته على مدى عقود من العمل الجاد في قطاعات عديدة. لقد ظل الرجل متوازنا في علاقاته مع النظام والمعارضة وذلك رغم مصالحه الجلية وإن وجوده اليوم في المنفى يعتبر خسارة كبيرة للبلاد وكنت قد عبرت عن موقفي هذا للرئيس محمد ولد عبد العزيز سنة ٢٠١٣ عند لقائي به. إلى أين نحن متجهون؟؟ صحيح أن هذا النظام يمكن تصنيفه دستوريا كنظام رئاسي قوي لكن أي نظام ديمقراطي ملزم بتطبيق مبدإ فصل السلطات كما أنه ملزم بالعمل على التوازن فيما بينها . وإن رفض الشيوخ لهذه التعديلات الدستورية يعتبر ترسيخا لقاعدة "الرقابة و التوازن" الضرورية لكل نظام ديمقراطي. يقول تعالى في محكم كتابه " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " لنتذكر جميعاً ان اول الغضب جنون و آخره ندم و كما روى الترمذي عن العباس بن عبد المطلب قال قلت يا رسول الله؛ علمني شيئاً أسأله الله عز وجل، قال سل الله العافية، فمكثت أياماً ثم جئت فقلت يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله، فقال لي يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة. صححه الترمذي والألباني. وهذا دليل على أن العافية لا يساويها شيئ ولا يقوم مقامها. ينبغي علينا الإستفادة مما جرى في بعض الدول الشقيقة وأن نجعل الوطن فوق نزواتنا و مصالحنا الشخصية الآنية. اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد اعزيزي ولد المامي
قارن إعلي ولد محمد فال مع:
ما هي الدول التي تتحدث صحافتها عن إعلي ولد محمد فال؟
شارك صفحة إعلي ولد محمد فال على