استشراف الأحداث

أكثر من ٥ سنوات فى الشبيبة

لورانس هـ. سامرزإن جورج سوروس رجل عظيم. وسجله يتحدث عن فطنته المالية. ولم يفعل أي محب للخير أو مؤسسة خيرية أكثر مما فعله هو لجعل العالَم مكانا أفضل في النصف الثاني من القرن العشرين.ولكن من المؤسف أن قدرته على تذكر أحداث 2008 والحوارات التي أجريناها في ذلك الوقت أصبحت معيبة. وعلاوة على ذلك، يأتي تحليله للخيارات السياسية المتاحة لحكومة الولايات المتحدة في العام 2009 قاصرا إلى حد كبير عن مستواه المعتاد كرجل مخضرم. ومن المؤكد أن الأزمة المالية في العام 2008 وعواقبها المباشرة كان من الممكن التعامل معها بشكل أفضل؛ فالعلاج في ساحة المعركة لا يكون كاملا أبدا. ولكن لن نجد حتى حجة مقبولة لصالح ادعاءات جونسون وسوروس حول الفشل الأحمق من جانب الإدارة التي خدمت فيها.وربما يتعين على قراء حجتهما أن يعيدوا النظر في النقاط التالية.فأولا، ساق العديد من المعلقين والخبراء والشخصيات السياسية الحجج لصالح ضخ رؤوس الأموال إلى البنوك بدلا من شراء الأصول لدعم النظام المالي. ويبدو من قبيل المبالغة بالنسبة لسوروس أن ينسب الفضل إلى نفسه عن الفقرات في التشريع التي جعلت ذلك ممكنا. ثانيا، اتُخِذ قرار ضخ رأس المال إلى كل البنوك، بدلا من القيام بذلك بشكل انتقائي، قبل فترة طويلة من الانتخابات الرئاسية لعام 2008، التي فاز بها باراك أوباما. كانت مهمة منجزة من منظور إدارة أوباما عندما تولت السلطة في يناير 2009. ولست على يقين بأي شيء كنت لأنادي. ولكن من المؤكد، في لحظة بالغة الخطورة كتلك التي واجهتها الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي في ذلك الوقت، أستطيع أن أفهم القرار بعدم السماح بوصم أي مؤسسة بالعار. ثالثا، لم أرفض أفكار جورج بلغة تتعلق بالاشتراكية، وإن كنت أشرت في الأرجح إلى المناخ السياسي. وبالمثل، لم يكن هدفي أن أجادل بالتفصيل معه. في أوائل عام 2009، كان سوروس مضاربا نشطا في الأسواق المالية وكان أسطوريا لقدرته على جمع المعلومات حول سياسات الحكومة المقبلة. وكان آخر ما قد يريد أي موظف رسمي مسؤول القيام به هو أن يزوده بدليل إلى الفِكر السياسي الحالي بشأن اعتبارات متعلقة بالسياسات.رابعا، انخفضت أسعار أسهم البنوك بنسبة قد تصل إلى 90%، مثل بنك أوف أميركا، الذي كان يحتفظ بكميات كبيرة من ديون الرهن العقاري. ولم يكن لدى هذه البنوك المزيد الذي قد يؤخذ منها. وفكرة أن بعض نسخ خطة سوروس كانت لتعمل على التعجيل بالنمو لا تخلو من إغراق في المضاربة والتخمين في أحسن تقدير.تتدفق أغلب فوائد خفض الرهن العقاري إلى المستهلكين ولكن بمرور الوقت. ونتيجة لهذا فإن الحسابات الدقيقة حول تأثير تخفيضات الرهن العقاري على الطلب الكلي (التي قمنا بها والتي لم يقم بها جونسون أو سوروس) لا تدعم ادعاءاتهما: إذ كان من المرجح أن يعادل الإنفاق الإضافي عن كل دولار من أموال الإغاثة أقل من عشرة سنتات لكل دولار من الموارد الحكومية المنفقة. وينحي هذا جانبا درسا إضافيا مكتسبا من الخبرة، مفاده أن المؤسسات التي تحتفظ بكميات ضخمة من رؤوس الأموال العامة تميل إلى السلبية الشديدة بشأن زيادة الإقراض.خامسا، في البيئة السياسية التي كانت سائدة في العام 2009، كان من الصعب أو المستحيل الحصول على المزيد من الأموال لبرنامج إغاثة الأصول المتعثرة. وعندما وصل أوباما إلى السلطة، كانت أغلبية كبيرة من أموال برنامج إغاثة الأصول المتعثرة ملتزم بها بالفعل. وقد توقع أغلب المراقبين (بالخطأ كما تبين في وقت لاحق) أن البقية قد لا تكون كافية لإغلاق كل الفجوات في النظام المصرفي. كانت قروض الرهن العقاري المعلقة تقدر بتريليونات الدولارات، وكانت قروض الرهن العقاري الثانوي وخطوط أسهم الإسكان تقدر بمئات المليارات من الدولارات، وكان أغلبها تحتفظ به البنوك. وأي برنامج واسع النطاق لخفض الرهن العقاري كان ليتطلب القضاء على الرهن العقاري الثانوي وكان ليوجد ثغرة في رأس المال أكبر كثيرا من تلك التي قد نكون واثقين من القدرة على سدها.سادسا، يستشهد المؤلفان بإعجاب بالتجربة البريطانية. وليس الأمر أن بريطانيا تجنبت النمو البطيء، أو نجاح اليمين انتخابيا، أو الشعبوية السامة. وعلى هذا فأنا لست أدرى ماذا قد تثبت هذه الحجة. كان مستشارو أوباما السياسيون يؤكدون على أنه لابد أن يختار أفضل سياسة، ولكن مع إدراك حقيقة مفادها أن إعفاء الرهن العقاري، الذي قد يستفيد منه بشكل غير متناسب أولئك الذين كانوا الأكثر اقتراضا بدون حكمة أو تحوط، كان يفتقر إلى الشعبية إلى حد كبير.لا شيء من هذا يعني أن السياسة، باستعراضها بعد وقوع الأحداث، لم يكن بالإمكان تحسينها. وكان من الواجب تقديم المزيد من إعفاء أقساط الديون بسرعة أكبر. فقد تحول التركيز بسرعة كبيرة بعيدا عن مهمة تحقيق التعافي ونحو قضايا طويلة الأجل. وكان من الممكن القيام بالمزيد لترسيخ مبدأ المساءلة لأولئك الذين أساؤوا إدارة المؤسسات المالية.وزيرخزانة الولايات المتحدة (1999-2001)ورئيس جامعة هارفارد (2001-2006)

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على