الصناعة.. ومناخ الاستثمار في مصر

أكثر من ٥ سنوات فى الشبيبة

محمد محمود عثمان الاهتمام بالقطاع الصناعي هو الطريقة المثلى أمام مصر لإنعاش الوضع الاقتصادي، ولجذب الاستثمارات الأجنبية التي تحتاج إلى موقع متميز مثل موقع مصر الجغرافي، الذي يمثل حلقة الوصل بين إفريقيا وأوروبا وآسيا والشرق الأوسط، ولديها أيضا بنية تحتية قوية من الطرق الحديثة تؤهلها لذلك، كما لديها الموارد البشرية والأيدي العاملة، التي يمكن أن تواجه التحديات القائمة والمتوقعة، خاصة أن هناك خططاً ومؤامرات صريحة ومعلنة.لذلك قد تأملنا خيراً كثيراً منذ انعقاد المؤتمر الاقتصادي الدولي الذي عقد في «شرم الشيخ» في العام 2014، الذي بذلت فيه الحكومة المصرية جهودا ضخمة، لجلب الاستثمارات الأجنبية، التي كانت تواجه العديد من الإشكاليات ولا زالت، لأن معظم القطاعات تعاني من المنظومة العتيقة - التي اشتهرت بها مصر - من الروتين والتعقيدات والبيروقراطية التي تولد صعوبة الإجراءات وبطء التعاملات، وتأخير الحصول على الموافقات والتراخيص، ووجود الطاقة العاطلة من آلات ومعدات المصانع، التي بلغت 7.3 بليون جنيه العام (2016-2017)، مقابل 7.2 بليون جنيه عام (2015-2016) بنسبة ارتفاع 1.9٪، وفق البيانات الحديثة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهو جرس إنذار يجب أن نصحو على صوته، لتصحيح مناخ الاستثمار، وتطوير الصناعة، قبل فوات الأوان، ولبث الثقة لدى المستثمر.لأن المخاوف من المعوقات من أخطر المشكلات التي تواجه المستثمرين في أي مكان وزمان، لأن المستثمر الخائف يظل متردداً في اتخاذ قرار الاستثمار، حتى يشعر بالأمان والاطمئنان، وتأتي المخاوف من الشعارات الجوفاء التي يتشدق بها البعض حول سهولة الاستثمار وسرعة إنهاء الإجراءات في وقت قياسي، أو من خلال النافذة الواحدة، لذلك من الضروري العمل على بث الطمأنينة في نفوس المستثمرين المحليين والأجانب، حتى لا يتسبب ذلك في فقدان الثقة في بيئة العمل الاستثمارية، التي تتطلب عناصر مهمة مثل الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والتوافق الاجتماعي، وثبات واستقرار التشريعات، وحجم وعمق السوق وقدرته الاستهلاكية، وفرص الاستثمار الحقيقية، مع وجود قاعدة بيانات حديثة حول الأيدي العاملة المدربة الماهرة والجاهزة لتلبية احتياجات القطاع الصناعي.وحول خطط واستراتيجيات المشروعات الصناعية القابلة للتنفيذ الفوري، ومستويات الأسعار والتضخم، مع وجود النظم البنكية المتقدمة، وتوفر تشريعات العمل المحفزة والمتوافقة مع الاتفاقيات الدولية ومعايير الأنظمة المحاسبية والمؤسسات المالية والمصرفية العالمية، ودرجة التصنيف الائتماني المناسبة، بالإضافة إلى عناصر أخرى مثل مدى انسياب حركة المرور، ومستوى النظافة العامة، وقوة شبكة الاتصالات وسرعة الإنترنت والنقل والمواصلات الجيدة، وتكلفة إنشاء المشروعات، وتكاليف التشغيل، وسهولة ومرونة وسرعة أداء وتنفيذ الأعمال، وتوفير الوقت والجهد، وحوافز الاستثمار، وآليات الرقابة والتقاضي و فض المنازعات، والضوابط ضد الفساد المالي والإداري.وهذا يتطلب ضرورة توفير الكفاءات والخبرات عالية التدريب والمهارة والنزاهة، التي تعمل في مجالات الصناعة وفى الهيئات والمؤسسات المسئولة عن الاستثمار، كما يجب تشجيع القطاع الخاص المحلى على تحمل المخاطر والأخذ بزمام المبادرة ليكون في صدارة المشهد الاقتصادي في مصر حتى يعطي رسالة ثقة للآخرين، لأن غياب المستثمرين المحليين، لا يشجع على جلب الكثير من المستثمرين الأجانب‘ وأيضاً تصفية القوانين والتشريعات الاقتصادية من التناقض أو الغموض، الذي يفتح المجال أمام سوء التأويل أو التفسير، الذي يستغل في قضايا التحكيم الدولي.وحتى لا يترك فهمها وتنفيذها، تبعا لأهواء الموظف وطبقا لمستوى فهمه أو إدراكه، أو تبعاً لحالته المزاجية أو النفسية أو الفسادية، إلى جانب الاهتمام بالتسويق الخارجي، ومدى الاستفادة من إمكانيات وقدرات السفارات المصرية- النشطة - في التعريف بالقوانين والتشريعات المصرية الحديثة المنظمة للاستثمار، وفي تنشيط عمليات الترويج لعدد من الصناعات الاستراتيجية وفقا للأوليات المطروحة،التي تجعل من مصر قاعدة للصناعات الثقيلة المتطورة في إفريقيا، ومركزا للصناعات التحويلية وإعادة التصدير، حتى لا تكون مصر بلداً طارداً للاستثمار، وحتى تجد لنفسها موقعاً متميزاً على خريطة الدول المتقدمة، لأن مصر الحديثة بدأت في القرن التاسع عشر - منذ حكم «محمد علي باشا»- مع اليابان التي تفوقت صناعياً على العالم بالإدارة العلمية والتكنولوجيا الصناعية التي غزت العالم، حتى هددت الأسواق الأمريكية في عقر دارها، كما أن «مهاتير محمد» مع نهاية القرن العشرين صنع «ماليزيا «كأحد النمور الآسيوية خلال ثلاثين عاماً فقط، ولأن تقدم الأمم يقاس بمدى تقدم الصناعة بها، التي تنهض على أساسها المجتمعات.

شارك الخبر على