محاضرة حول محمد أركون ومشروعه الفكري ..النشرة الثقافية..

أكثر من ٥ سنوات فى أونا


الجزائر في 17 سبتمبر /العمانية/ نظمت الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية

محاضرة قدّمها رئيسها د.عمر بوساحة، حول المفكر محمد أركون (1928-2010)

وذلك تزامناً مع الذكرى الثامنة لرحيله.

وأبرزَ بوساحة العناوين التي شكّلت الهواجس المركزية للمشروع الأركوني، وأساسها

تحرير العقل العربي والإسلامي وتخليصه من تلك الأعطال التي أعاقت حركته باتجاه

اندماجه في الحداثة، لا ليكون مستهلكا لها فقط، وإنّما ليكون فاعلا في صناعتها

أيضا.

وقال بوساحة إن كتب أركون ومؤلفاته الكثيرة شكلت تأريخا للثقافة الإنسانية

والحضارة العربية الإسلامية، مع التركيز على فكرة نقد العقل الإسلامي، اعتمادا

على البحث في الكوابح التي ارتبطت بظروف وشروط التشكُّل الأوّل للعقل

الإسلامي.

وأوضح ان أركون أنجز عملا بحثيا حول التراث والأنسنة في الفكر العربي

الإسلامي، آخذا ابن مسكويه (932-1030م) والتوحيدي (922-1023م) كنماذج،

حيث استفاد من جرأة التوحيدي في تقديم أفكاره خلال تلك الفترة التي عاش فيها.

وقال إن صاحب كتاب /نقد العقل الإسلامي/ رأى أنّ عملية النقد، لا تتمُّ إلا بإعادة

النظر في الأدوات، والقيام بحفريات للوصول إلى الأسباب الأولى التي جعلت من

العقل عائقا أمام تقدُّم المجتمع الإسلامي.

وأكد أن ما يُميّز مشروع أركون البحثي، استخدامُه لكلّ الأدوات والمناهج المعرفية

للوصول إلى المعرفة الحقيقية المتعلّقة بأسباب تعطيل العقل العربي الإسلامي، والتي

جعلته في خانة العقل الراكد، وغير المنتج. كما يتميّز أركون عن بعض المشاريع

القارئة للتراث العربي الإسلامي (محمد عابد الجابري مثلا)، في كونه امتلك الشجاعة

النقدية ليقول ما يراه صحيحا، دون ممارسة للتقية أو المواربة، وهذا ما جعله يُفرّق

بين /الظاهرة القرآنية/ (المقدّسة)، و/الظاهرة الإسلامية/، التي هي محضُ اجتهاد

بشري.

وقال بوساحة إنّ /المشروع الأركوني/ لا يرى غضاضة في استخدام المناهج

والأدوات المعرفية الحديثة لإعادة قراءة النصوص التأسيسية (القرآن والسنة

النبوية)، لكنّه لا يمسُّ بقداسة النصوص الأصلية، على عكس ما يُروّج لذلك بعض

منتقديه.

وأشار إلى أنّ أركون كان منتسباً إلى الثقافة الإسلامية، وهذا ما جعله مختلفا عن

علماء الاستشراق، بعكس الفكرة التي يُروّج لها بعض الذين يُصنّفون أركون في خانة

الاستشراق، حيث كان يُقدّم نقداً لاذعاً للاستشراق بتبيان تهافته المعرفي.

ونتيجة لانتقاد محمد أركون للحضارة العربية الإسلامية، وفي الوقت نفسه، انتقادُه

للحضارة الغربية، أطلق عليه البعض اسم صاحب /العقل المزدوج/، وهو وصفٌ /

مجحف في حقّه/ بحسب بوساحة، إذ حاول أركون أن يُصحّح تلك الصورة النمطية

التي تكرّست في الحضارة الغربية، التي هي أساسا صناعة إنسانية، بخصوص

نظرتها إلى العرب والمسلمين على أنّهم مصدر الشر، وهذا غير صحيح، لأنّ

الإنسانية عند أركون تعني الانفتاح على كلّ الثقافات.

ومع ذلك كلّه، فإن أركون وفقاً لبوساحة، لا يُنكر إنجازات الحداثة الغربية، ويدعو

إلى ضرورة أن ننفتح عليها ونستفيد منها، خاصة وأنّه عاش طيلة حياته علمانيّاً،

والعلمانية بالنسبة له، لم تكن سوى الأرضية التي تتأسّس عليها الدولة في إطار من

المحافظة على الحريات الفردية والجماعية، على عكس ما تدعو إليه العلمانية

الفرنسية، التي كان أركون من أشدّ منتقديها.

/العمانية /178

 

شارك الخبر على