قناطر الثامن من تموز.. الانعطافة التاريخية

أكثر من ٥ سنوات فى المدى

 طالب عبد العزيز
دخل يوم الثامن من تموز الماضي تاريخ الرفض العراقي للانظمة الفاسدة، اليوم الذي ثارت فيه جماهير مدينة البصرة، تطالب باالخدمات وأنهاء حكم الأحزاب الأسلامية، التي أورثت البلاد أسوأ السنوات، وقدمت الإنموذج الفاشل في إدارة الحكم وجعلت العراق في أدنى درجات التخلف في الميادين كافة، اليوم هذا سيسجله الضمير العراقي كأنصع الصفحات في تاريخ نضاله الطويل، وستكون البصرة رائدة في مقارعة التخلف والعنجهية الحزبية الفارغة.ولا يمكن الحديث عن اليوم هذا، بوصفه رائداً في التصريح بالرفض والمقارعة بالأذرع العارية والوقوف بحزم من أجل التغيير، حسب، إنما فتح أمام العراقيين طريقاً جديدةً في التحدي، وتمكن من هز أركان الحكومة الفاسدة، بآلية نضالية جديدة، لا أقول الحرق، أبداً، فالشباب الذين خرجوا لم يحرقوا، ولو كان ديدنهم الحرق لطالت النار كل مؤسسات الدولة، بعد أن بسطوا نفوذهم على المدينة كلها، إنما على العكس من ذلك تماماً، فما أن تحسسوا اختراق العناصر المشبوهة لتظاهرتهم حتى اعلنوا ايقافها، وما أن هدأت الاوضاع حتى هبوا في حملة تنظيفها من آثار الحرق والتخريب، الذي طال بعض المباني والشوارع والتقاطعات.ولم يكن محافظ البصرة أسعد العيداني ليقف بوجه رئيس الوزراء بالقوة والحجة التي شاهدها العراقيون، جميعاً لولا التفويض الذي منحته الانتفاضة له، لولا إنه وجد نفسه لا يملك قولاً أكثر من الفعل الذي قام به الشباب الغاضب، وهكذا، تجبر الانتفاضة مسؤولي البلاد جميعاً، على البحث في ايجاد المخارج المناسبة لحل أزمات المدينة في الماء والخدمات، الأمر الذي أحرج المرجعية في النجف أيضاً، فأوفدت ممثلها السيد أحمد الصافي للوقوف على قضية الماء الصالح للشرب ومعالجة محطة الـ R0 التي تعاني من مشاكل إدارية وفنية. وما كانت المرجعية قبل هذا لتأتي وتنفق مبالغ من أموالها الكبيرة الى البصرة، لولا الحراك الغاضب والدماء الطاهرة التي أريقت على صعيدها، وهكذا نجد أن منقلباً كبيراً يتجلى في المدينة، المنهكة من خارجها والمعاقبة بثرواتها.التحول الأخير الذي احدثته احداث الثامن من تموز يكمن في أنها غيرت هتافات مواكب العاشوراء، بعد أن كانت تقليدية تناغم الواقعة المقدسة، ولا تمس مآسي الحياة اليومية للبصريين، على خلاف ما كانت تقوم به بعض المواكب في النجف وكربلاء والحلة، بل وكانت قد أجبرت خطباء وأئمة الحسينيات على تغيير لغة خطابهم التقليدية، وأرغامهم على التحول في الحديث لصالح الناس، الذين ظلوا أسارى البكاء واللطم والندب سنوات طويلة، وهكذا طاف شوارع البصرة المئات من الشباب الشيعي الواعي وهم يرددون" الحسين مو دمعة ولطم \ الحسين ثورة ضد الظلم" وبذلك يكونون قد قطعوا الطريق على المؤسسات الامنية، التي وقفت تتحسب لنتائج الهتافات هذه، وما إذا كانت ستقف عند الحد هذا أم تتجاوزه.لقد صفع الثامن من تموز العملية السياسية العراقية صفعة جديدة، بعد الصفعات التي تلقتها في أكثر من مفصل، وكشف زيف الحاكم المحلي مثلما كشف استهتار المركز بما يعتمل في المدن البعيدة عنه، فضح المعادلة البائسة التي تقوم عليها ما يسمى بـ ( الاحزاب الاسلامية) وهتك الستارة القبيحة التي تتقنع بها تحت منظومة هيبة الدين ومظلومية المذهب ورعاية المقدسات.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على