بيت ( المدى ) يستذكر الناقد الموسيقي عادل الهاشمي

أكثر من ٥ سنوات فى المدى

 بغداد/ زينب المشاط عدسة/ محمود رؤوف
كتب في مجال النقد الموسيقي، وعُدّ من أهم وأخطر نقاد الموسيقى كما كان صحفياً وإعلامياً، كانت آراؤه صارمة تجاه الأجيال التالية الفنية والثقافية ، فلم يكن مجاملاً تجاه آرائه النقدية، له أهم عمود موسيقي كتبه في جريدة الجمهورية بعنوان "المرفأ الموسيقي" وكان مرتبطاً بشكل جوهري وعميق بالموسيقى المصرية فهو درس في القاهرة وتوفي فيها ، الناقد عادل الهاشمي يُستذكر في بيت المدى بحضور شخصيات أكاديمية ونقدية في مجال الموسيقى ،سنسلط الضوء على جانب كبير من سيرته في جلسة أقيمت صباح يوم الجمعة الفائت في مقر بيت المدى في شارع المتنبي..
المرفأ الموسيقيظهر الشكل العلمي للنقد الموسيقي منذ خمسينيات القرن الماضي، ومنذ الستينيات ظهرت أسماء عديدة في مجال النقد الموسيقي والغنائي ،أمثال عبد الوهاب بلال ، حمدي قدوري ، عبد الوهاب الشيخلي ، والذين كتبوا عن النقد الموسيقي في العراق. يذكر الباحث ومدير الجلسة رفعت عبد الرزاق أن "عادل الهاشمي الذي نحتفي به هذا اليوم من مواليد 1945 وقيل 1942، وهو من مدينة بغداد، أكمل دراسته في القاهرة، دخل عالم الصحافة كاتباً في النقد الموسيقي منذ منتصف السبعينيات وكان له عمود في جريدة الجمهورية اسمه "المرفأ الموسيقي" قدم أهم ما كتب في الموسيقى العربية والعراقية، وجمع الكثير مما نشره في كتب مهمة بحثية تناول فيها كبار الكتّاب العراقيين تحدث من خلالهم عن أصول الغناء والموسيقى ونشر كتاباً عن الغناء الكردي بعنوان "ألحان وأصوات كردية" وفي سنته الاخيرة أصدر موسوعة كبيرة "موسوعة الغناء العربي" صدرت في أبو ظبي وتحدث عن كبار المطربين العرب من خلالها وطبعت في أبو ظبي ، توفي عام 2011 في القاهرة أثناء مشاركته في مؤتمر الغناء العربي".
محلِّل وقاضٍوُصف الراحل عادل الهاشمي كظاهرة في عالم الموسيقى والغناء منذ ستينيات القرن الماضي وحتى وفاته في القاهرة، الموسيقي هيثم شعوبي يتحدث عن مقومات النقد الموسيقي لعادل الهاشمي ويقول شعوبي " ما يهمنا في المبدع هو إنجازه وعمله الإبداعي، فالموسيقى فن جميل يؤدي غرضه مع الفنون الأخرى، ففي جانب النقد الموسيقى يعد الهاشمي من أبرز النقاد في مجال الموسيقى والغناء وقدم خبرة كبيرة للموسيقى جعلها فناً مرموقاً، النقد عند الهاشمي الحكم على اللحن والأداء والنص ،فهو قاضٍ في مهمته يحكم بالعدل مستند الى القواعد الفنية والذوقية ،ويهدف الهاشمي من مهمته الى تهذيب الذوق الفني من خلال وضع ضوابط قيّمة، ويجد أن مهمة الناقد كبيرة وشاقة فهو محلل وقاضٍ، وهو يمتلك من المهارات اللغوية والفنية تجعله ناقداً رصيناً بأسلوبه وبلاغته ، وهو يسحر قرّاءه ومستمعيه وتطورت خبرته في هذا المجال جعلته ناقداً مرموقاً، ذا نظرة نافدة يعرف الفن والفنانين وهكذا كانت كلماته النقدية وكان مخلصاُ لقلمه وقرّائه وكان واثقاً من موهبته النقدية التي فيها الكثير من الخيال الخصب حيث استطاع قلمه رسم معالم الفن والموسيقى وكان منفرداً بهذا المجال."وقد وجد البعض الهاشمي أنه ناقد لاذع للكثير من الفنانين وقيل أيضا أنه وقف ضد تجارب الشباب إلا أن ما أكده شعوبي أنه كان متعصبا تجاه المدرسة الموسيقية المصرية.لم يُجامل أحداًكتب الناقد الراحل عادل الهاشمي العديد من المقالات الموسيقية المختصة في مجال النقد حيث ذكر مدير معهد الدراسات الموسيقية حيدر شاكر الحيدر أن من بين هذه المقالات ما كتبه الراحل الى سعاد الهرمزي ذاكراً أن "الناقد يقترح وسائله التعبيرية إزاء شروط الفن الموسيقي وهي شروط مثقلة بتحديدات صارمة لاتقبل التغيير إلّا في ما ندر، فالموسيقى تتضمن رؤية الاشياء الثمينة في الفن العراقي وفي حقل الموسيقى والغناء، غير أنّ هذه المخاطرة هي دعوة للناقد لأن يركز على فنه وتعبيره لأنها تمثل جانباً من العدالة." وتحدث الحيدر عن حالة الراحل قبل سفره الى مؤتمر القاهرة ذاكراً " كان الراحل يُدرّس في معهد الموسيقى وكنت ألتقيه هناك وكان يدرس مادة التذوق والتاريخ في الموسيقى .وفي آخر لقائي معه قبل أسبوع من رحيله كان شديد المرض حيث أجرى عملية قسطرة لقلبه، وللأسف ما إن سافر حتى جاء خبر رحيله وتلقينا جثمانه في ما بعد." وعن صفات الراحل يذكر الحيدر " أنه كان دقيقاً في نقده جداً الى الحد الذي قد يؤلم الآخرين في طروحاته النقدية ولم يكن يجامل أحداً." مكتبة موسيقيّة متنقّلةبعض المعلومات عن الراحل ذكرها الباحث الموسيقي سعد عبد الغفار الذي تحدث عن نشأة الهاشمي قائلا "نشأ عادل الهاشمي في الأعظمية ، سمعه زاد إطراءً من خلال قراءة القرآن ، ونجد أنه كان متأثراً بشكل كبير باتجاه المدرسة الموسيقية المصرية وكان لها صدىً كبير في ذائقته الفنية الغنائية واللحنية حيث نهل الكثير مما قدمه عبد الوهاب وفريد الأطرش وآخرون مثل سيد درويش وأبو العلى محمد وآخرين."ولمعرفته في مجال الموسيقى بشكل كبير يذكر عبد الغفار أن الهاشمي وصف على انه " مكتبة موسيقية متنقله لما يتمتع به من ثقافة موسيقية واسعة شملت عقوداً كبيرة وثقفها وأرّخها وكتب عنها في مسيرته اللحنية العراقية ، له مكتبة موسيقية تضم نفائس الكتب الموسيقية إضافة إلى العديد من التسجيلات الموسيقية النادرة."أما عن آرائه النقدية فرفض الهاشمي مجاملة أحد حيث يقول عبد الغفار "كثير من المطربين تمنوا منه شهادة إيجابية ولكنه كان صارماً ولا يجامل في مدى صلاحية المطربين، ورغم انه عاش ظروفاً اقتصادية حالكة ولكنه لم يبع ضميره لأحد ولم يجامل أحداً مهما قدمت له من عروض."أعدّ الهاشمي الكثير من البرامج الإذاعية والتلفزيونية ، وكان أشهر ما قدمه في مجال الصحافة إضافة إلى الإذاعة والتلفزيون هو عموده الموسيقي "المرفأ الموسيقي "إضافة الى كتاباته في الصحف والمجلات العربية والأوروبية ومؤلفاته من كتب.
أحد ستّة نُقّادمعلومات لم يذكرها أحد عن الراحل يذكر الكاتب الموسيقي فلاح الخياط أنّ الراحل " وفّر جانباً من التحفيز الإيجابي انتقاده لبعض الفنانين حيث كان عاملاً مساعداً لتقويم وتصحيح المسار الفني والموسيقي وله قاعدة من المعجبين في المساحة الفنية ، وفي في ثمانينيات القرن الماضي انتقد بعض الفنانين ،مثل عباس جميل وكاظم الساهر وعبد الحليم حافظ وكارم محمود وسعدون جابر وأحمد نعمة وهيثم يوسف وحاتم العراقي وآخرين وأشاد ببعضهم مثل محمد عبد الجبار ورضا العبد الله ."واختير الراحل من ضمن ستّة نقاد في مسابقة محطة الأم بي سي وقيل عنه أنه أخطرهم فهو يقرأ النوتة ويعزف على آلة العود ، وكان يحب مصر حيث درس فيها ومات فيها وشارك في تأليف كتاب موسوعة العراق الغنائية بتكليف من وزير الثقافة العراقي. إعلاميّاًالموسيقي جمال عبد العزيز السماوي يتحدث عن الراحل قائلا "عرفته من خلال مقاله المرفأ الموسيقي وكنت أتابعه وظهر في وقته كبار النقّاد ولكنهم لم يأخذوا مساحتهم في الذكر للأسف ، وأجد أن الهاشمي كان إعلامياً أكثر مما هو موسيقياً ."

شارك الخبر على