عن تقنية الـ VAR... عندما ينقلب السحر على الساحر!

ما يقرب من ٦ سنوات فى تيار

لا يمكن لعاقل ان ينكر اهمية تقنية الفيديو VAR في كأس العالم او في اي بطولة سيتم الإستعانة بها، خصوصاً انها اسهمت في "إنقاذ" الموقف بالعديد من الحالات خلال مباريت عدّة ضمن المونديال الروسي. 
لكن لا شك ايضاً انها فتحت الجدل واسعاً حول توقيت اللجوء اليها، والظروف او المعطيات التي تجيز او تدفع الحكم للإستعانة بها. فمن الواضح انّ تقنية الفيديو تنقسم الى شقيّن: الاول بمثابة التبليغي حيث يقوم الحكام في الغرفة بمشاهدة اللقطة والإيعاز للحكم الاساسي داخل الملعب عن القرار، والثاني هو شخصي عندما يتم إبلاغ الحكم بضرورة ان يقوم بنفسه بمشاهدة اللقطة من جديد. لكن ما اثار ردود الافعال واحيانا الإستهجان وهو امر مبرّر، عدم رجوع الحكم لتقنية الـ VAR في الكثير من الحالات خصوصاً تلك التي تخصّ الفرق الضعيفة، ما فتح جدلاً واسعاً، حول التحيّز، غير المقصود ربما، الذي حصل ضد الفرق غير المصنّفة بالمنتخبات الكبيرة.
فلنضع الامور إذا في نصابها. تقنية الفيديو مطلوبة لكن تحتاج الى توضيح اكبر. وقد عزّزت مباراتا إسبانيا – المغرب، والبرتغال – إيران، هذا الامر، حيث تنطبق مقولة "عندما انقلب السحر على الساحر"، إذ ادّت تقنية الفيديو الى توليد ردود افعال بدلاً من دفنها في لحظتها. في هاتين المباراتين، حصلت قرارات صحيحة، لكن حصلت ايضا قرارات خاطئة. وبدا في اواخر المباراتين انه ثمة قرارات اتُخذت للتعويض عن قرارات سابقة غير منصفة، وهو ما زاد في الطينة بلّة.
ففي مباراة البرتغال وإيران على سبيل المثال لا الحصر، احتج المدرب كارلوس كيروش طويلاً وبصورة عصبية، على عدم طرد كريستيانو رونالدو إثر ضربة وجهها الى اللاعب الإيراني مرتضى بورلينجي. اللقطة كانت واضحة وكان رونالدو يستحق الطرد! ومن ثمّ حصل "التعويض" لإيران بإحتساب ركلة جزاء في اللحظات الاخيرة لكن هذه المرة كان مخطئاً بقراره بعد الرجوع الى تقنية الفيديو.
اما في مباراة المغرب وإسبانيا، فكان جيرار بيكيه يستحق الطرد على تدخله بالقدمين على خالد بو طيب رغم انّ الحكم لم يقرّر العودة الى تقنية الفيديو في هذه اللقطة. مع العلم انّ طرد بيكيه كان ليغيّر مجرى المباراة كونها كانت متعادلة 0-0. ومن ثمّ احتسب الحكم هدفاً لإياغو أسباس كان مشكوكا بصحته بسبب "تسلل" إفتراضي لكن هذه المرة كانت قراره صحيحاً. 
اثبتت تقنية الفيديو جدوى كبيرة ولا شك انّ إستخدامها في كأس العالم سيفتح المجال لإستخدامها في البطولات الكبرى مستقبلاً، لكن هل ينقلب السحر على الساحر، فتتحوّل الى وسيلة إحتجاج وضغط على الحكم؟ هل تؤدي الى تردد إضافي لدى الحكام بإحتساب قرارات فيها من الإجتهاد الشخصي كالبطاقات الحمراء مثلاً؟ هل يكون للاعبين الكبار او الاندية او المنتخبات الكبرى تأثير معنوي معيّن على الحكم؟ كلّها امور يُفترض ان يحسم الفيفا الجدل حولها. وكأي شيء جديد، لا يمكن التعبير عن المفاجأة من اي ردود افعال سلبية، لكن لا بد من تسليط الضوء على الحاجة لتوضيح امور عدّة بما خصّ هذه التقنية منعاً لجدل إضافي في المستقبل.

شارك الخبر على