أفكار لأراضٍ لا تسكنها الجن..

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

لميس ضيفكتب الرحالة العربي الشهير ابن بطوطة: "مررت بأرض أسفل البصرة يقال لها كاظمة؛ لا تسكنها الجن من شدة الحر" ويُظن أنه كان يقصد الكويت الحالية بقوله ذاك. كيف لا وهي المنطقة التي تُصنف كأسخن بقعة في العالم اليوم بدرجة حرارة تقفز على حاجز الـ55 درجة مئوية صيفاً. وتشب فيها حرائق بسبب الحرارة فقط. وليست باقي دول الخليج بأفضل حالاً بكثير. فدرجة الحرارة المقروءة قد تكون 42 درجة ولكن المحسوسة تناهز الـخمسين خصوصاً في الأماكن الرطبة أو المغلقة.لكن الحرارة لم تكن يوماً عائقاً للحياة في دول الخليج. فخلافاً لما قاله ابن بطوطة، الذي تهكم بعد إصابته بضربة شمس على ما يبدو، فإن أرضنا قد سُكنت منذ الأزل من الأنس والجن بل وقصدها الناس من مشارق الأرض ومغاربها حتى قبل الفورة النفطية.بالطبع لم تكن درجة الحرارة في المنطقة قبل السبعينات بهذا الشكل. فالتغيرات المناخية كان لها دور. وتآكل الرقعة الخضراء كان له ثمن. فضلا عن حركة العمران غير المدروسة التي رفعت المباني بشكل يشل حركة الهواء ويسبب الاحتقان ما جعل المدن المعمورة أكثر حرارة من أطرافها، وهناك صور وثق فيها مواطنون وصول درجات الحرارة لـ62 درجة مئوية في الشارع لهذا السبب بالذات.ما مناسبة هذا الحديث يا ترى؟ قد تتساءلون..تناقش دول الخليج قاطبة، ومنها السلطنة، مسألة الدوام المرّن. ورغم أن الموظفين لاسيما النساء منهم قد تآلفوا مع فكرة العمل صباحا والتفرغ للحياة الخاصة عصرا إلا أن التغيير يجب أن يُدرس حتى في دوامات المدارس لما لهذه الشمس من تداعيات على صحة الصغار ونشاطهم. كما ويجب طرح مشروع لتوظيف الناس من منازلهم كما يحدث في دول الغرب؛ إذ تلجأ جهات عدة لتوظيف المتخصصين ذوي المهن الدقيقة والمكتبية بنظام يسمح لهم بالعمل من منازلهم موفرين على أنفسهم، وعلى الموظف، مصاريف لا تعد.ومن المناسب دراسة إلزام شركات المقاولات في أشهر القيظ القاهرة الثلاث على الأقل. بإعفاء العمالة من العمل صباحا ليعملوا عصرا وليلا فقط. وهو خيار يتهيب منه المقاولون توفيرا لكلفة الإنارة الصناعية. بيد أنهم لو أمعنوا النظر في الأمر فسيجدون أنهم سيحصلون على أداء مضاعف من عمالهم في المقابل. وكم نعجب من المقاول الذي يزور الموقع، ولا يقوى على الترجل من مركبته سوى لدقائق، كيف يتوقع من هؤلاء البشر -المخلوقين من عظم ولحم مثله- تحمل هذه الحرارة المهلكة وأداء عملهم بكفاءة في الوقت نفسه!لم يملك البشر قدرةً خارقة على التعايش والتأقلم مع أقسى الظروف؟بسبب ما يملكونه من إمكانيات لموائمة أنفسهم معها. ومع تقارير تتحدث عن أن المنطقة مقبلة على موجات حر متزايدة وتصاعد في درجات الحرارة عاما بعد عام علينا أن نفكر في الخيارات، والبدائل، والحلول. وندرس التشجير كحل. وتضليل المساحات المفتوحة في المدارس مثلا كمخرج. وتحديد الارتفاعات كسبيل. ولا يجب النظر بخفة للأمر وكأنه أمر واقع يجب التعايش معه كما هو. علينا أن نحسن نمط حياتنا ونغيره بما يوائم المستجدات التي طرأت على منطقتنا.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على