«» في مهرجان «كان» السينمائي الدولي الـ ٧١..سعفة « كان » الذهبيّة إلى مايسترو السينما اليابانيّة كوري إيدا هيروكازو

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

 كان: عرفان رشيد
إختُتمت في مدينة كان، على الشاطئ اللازوردي بفرنسا، الدورة الـ 71 لمهرجان « كان » السينمائي الدولي والذي شهد عرض 19 فيلماً في المسابقة الرسمية، من بينها أعمال لمخرجين كبار حازوا على جوائز المهرجان نفسه وعلى جوائز أخرى وأوسكارات كثيرة، وبرُغم حضور عدد من الكبار، ومنح لجنة التحكيم الدولية التي ترأستها النجمة الأسترالية الكبيرة كيت بلانشيت « السعفة الذهبية » إلى أحد مخضرمي السينما اليابانيّة، كوري إيدا هيروكازو، فقد حازت أفلام عدد من المخرجين الشباب جوائز هامّة تؤكد وجوب انتباه إدارات المهرجانات الدولية لضرورة البحث مبدعين جُدُد، أسهمت أعمالهم في رفع مستويات الدورة الحالية، سواءٌ في المسابقة الرسمية أو في مسابقة برنامج « نظرةٌ ما ». وجاءت نتائج المسابقة الرسمية على الشكل التالي:- السعفة الذهبية للدورة الـ71 لمهرجان كان: « عائلة السُرّاق» للمخرج الياباني كوري إيدا هيروكازو؛الجائزة الكبرى: « بلاك كلانسمان » للمخرج الأمريكي سبايك لي؛جائزة لجنة التحكيم الخاصّة: « كفر ناحوم » للمخرجة اللبنانية نادين لبكي؛جائزة أفضل ممثل: مارتشيلّو فونتي عن دوره في فيلم « دوغمان» للمخرج الإيطالي ماتّيو غارّوني؛جائزة أفضل ممثلة: سامال يسمائيلوفا عن دورها في فيلم « آيكا » للمخرج الروسي سيرغي دڤورتسفوي؛ جائزة أفضل مخرج: پاڤيل پاوليكوفسكي لفيلمه « الحرب الباردة »؛جائزة أفضل سيناريو: مُناصفة بين آليتشي روهرڤاكير لفيلمها « آليعازر السعيد » وجعفر پانّاهي « ثلاثة وجوه »؛السعفة الذهبيّة الخاصة: جان لوك غودار عن فيلمه « كتاب الصور »؛السعفة الذهبيّة لأفضل شريط قصير: «كلّ هذه المخلوقات» لتشارلس ويليامزالكاميرا الذهبيّة لأفضل عمل أول في برامج المهرجان: «فتاة» للمخرج البلجيكي لوكاس دهونت الذي عُرض ضمن مسابقة «نظرةٌ ما » وفاز ممثله الشاب ڤيكتور پولستر بجائزة أفضل ممثّل عن أدائه لشخصية « لارا» في الفيلم. وشهد اليومان الأخيران من الدورة الحادية والسبعين لمهرجان كان السينمائي الدولي، عدداً من الاعمال التي رفعت من مستويات اختيارات المدير الفني للمهرجان، ومن بين هذه الاعمال شريط المخرجة اللبنانية نادين لبكي "كفر ناحوم "، وهو شريطها الثالث الذي يُعرض في هذا المهرجان.وكما كانت مشاركة هذه المخرجة الموهوبة في "مهرجان كان" تصاعدية، إبتداءً من "نصف شهر المخرجين" بفيلمها "سكّر بنات - 2011d"، وفِي مسابقة "نظرةٌ ما " بفيلمها " وهلأ لأوين! - 2014"، يتوّج الفيلم الروائي الطويل الثالث حضورها في المسابقة الرسمية، وهو حضور متميّز يُسجل أفضل وأنضج ما انجزته لبكي حتى الآن، مع تغيير كامل لمفردات سينمائية، الذي تحدّث في السابق دائماً عن عالم الكبار وتناقضات وتباينات حيواتهم، وتَقاطع تلك الحيوات مع الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي.وبرُغم الحضور القوي للحكاية في هذا الفيلم والمعبّر عنها بيوميات الصبي "زين" ومن يُحِيطُون به من الكبار ومن أقرانه الصغار، ، فإن النَفَسْ الوثائقي الاستقصائي الذي تُحرّك به نادين لبكي شخصياتها واستخدامها الذكي للكاميرا عبر ناظري مدير التصوير كريستوفر عون؛ كلّ ذلك منح الفيلم قدرة عالية في لواقع قاسٍ وعنيف يسعى الكثيرون إلى إخفائه عن المنظرين، ويبدو مُغلّفاً بعمران مدينة بيروتلم تخلق نادين لبكي شخصياتها أو الفضاءات التي تتحرّك فيها تلك الشخصيات من العدم، بل هي موجودة لكنها لا تُرى في العادة في الكثير من الأفلام المصوَّرة في العاصمة اللبنانية. وكما كان ميكيل آنجيلو بوناروتّي يقول بأن "الشخصية المنحوتة تسكن قطعة الرُخام التي أختارها، وأنا لا أفعل إلاّ رفع ما تراكم عليها من قطع زائدة..."، ولَم تفعل نادين لبكي سوى إنها حملت كاميرتها، وقبل ذلك، ناظريها وتوغّلت ليس في الأحياء الفقيرة من بيروت، بل دخلت إلى دواخل الشخصيات الراوية لحكاية "زين" ودعواه التي اقامها لمقاضاة والديه لإنجابهما له، ومطالبتهم بأن يكفّا عن إنجاب أطفالٍ آخرين، حتى لا يُصبحوا، مثله هو، "ممسحة للأرض..."، لأن " الله لا يُريدنا أن نعيش بكرامة، وهو يُريدنا مماسح للأرض...".ولا تكمن قوة هذا الفيلم في مأساوية ما يرويه والشخصية التي تدور حولها الأحداث، بل في قدرة المخرجة على إماطة اللثام عن تلك المأساة دون أيّة رغبة في استمرار التعاطف او الشفقة على الفقراء والمقصيّين في أحياء الأعماق السُفلى في بيروت، أو الرغبة في إسداء النُصح أو إعلان المواقف المسبّقة.ودون أية رغبة لإبداء التوقّعات والتخمينات حول الجوائز ، فأن أية حائزة ستُمنح الى هذا الفيلم ستجد الجميع على اتفاق مع لجنة التحكيم التي تترأسها النجمة الأسترالية كيت بلانشيت، وثمة اكثر من بين فريق عمل هذا الفيلم، ابتداءْمن المخرجة نادين لبكي، مروراً بِالصَّبِي الموهوب زين الرفيع، ووصولاً الى كوثر الحدّاد التي تؤدي دور والدة الصبي زين، والتي بدت في بعض المشاهد وكأنّها تؤدي حياتها هي، وبأنّ المخرجة تركت لها حرية الحركة والكلام، فجاء أداؤها، رُغم مأساويته، سلساً كماء رقراق.

شارك الخبر على