«المدى» في مهرجان «كان» السينمائي الدولي الـ ٧١ حضور عربي واسع يغيب عنه مهرجان دبي، ويتّسع بحضور السعودية والفلسطينيّين

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

 كان/ عرفان رشيد
بانتظار العرض الرسمي الأول لفيلم « كفرناحوم » للمخرجة اللبنانية نادين لبكي، والذي أحاطته شركة التوزيع العالمية بسريّة مُطلقة، ومبالغ فيها، شهدت شاشات المهرجان عدداً من العروض لأفلام مخرجين عرب، تراوحت مستوياتها ما بين ما فوق المتوسّط، مثل شريط المصري الشاب أبو بكر شوقي « يوم الدين »، الذي عُرض ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، وما دون التوقّع مثل « وِلْدي » للتونسي محمّد بن عطيّة الحائز على الدب الفضّي عن شريطه الأول « نحبّك هادي »، والذي عُرض ضمن برنامج « نصف شهر لمخرجين ».وفيما كان « نحبّك هادي » يوحي بميلاد طاقة سينمائية متميّزة، فإنّ العمل الجديد عجز عن ترسيخ هذا التوقّع، لشديد الأسف بفيلمه الأخير، فبرغم قدرة هذا المخرج على اختيار ممثلّيه وإدارتهم، بالذات في المواقع الضيّقة، إلاّ أن العمل لم يأتِ بكثافة الفيلم شريطه الأول، ولم تتمكّن الشخصيات من تحقيق الإقناع، كما فعلت شخصيات « نحبّك هادي ». وبرُغم أنّنا لسنا في صدد المقارنة ما بين العملين، فإن ما كنّا نترقّبه من محمّد بن عطيّة لم يتمكّن من تحقيقه، وهو وإن كان قد امتلك بين يديه موضوعة وحكاية هامّتين للغاية، وهما آصرة الأبناء مع الآباء، وتسرّب الشباب صوب التنظيمات الأصولية وإلى ساحات القتال الداعشي، فإنّ لم يتمكن من الغور في عمق الأزمة وبقي في سطح الصورة دون القدرة على ما حوّل الشريط إلى ما يُشبه وسائل الإيضاح للحالة التي تمرّ بها عائلة الشبيبة التي تلتحق بالتنظيمات الإرهابية.
غيابٌ مؤلم، وحضور مؤسساتي واسعوإلى جانب الأفلام المُنجزة من قبل مخرجين من البلاد العربيّة، فقد شهدت الدورة الحالية توسّعاً في حضور المؤسسات والمهرجانات السينمائية العربية، وترافق تزايد عدد النقّاد العرب الحاضرين مع وجود عدد لا بأس به من النجوم العرب، الشباب والمخضرمين، من مصر والجزائر والمغرب وتونس ولبنان وسوريّا والعراق ومن دول الخليج.وساد على المشهد السينمائي إحساسُ أسى كبير بسبب الغياب المؤلم للجناح الإماراتي، والذي نتج عن قرار « إرجاء » إقامة دورة هذه السنة من مهرجان دبي السينمائي الدولي في ديسمبر المقبل. ، وما يزال هناك الكثير العديد من التساؤلات حول مُسبّبات هذا القرار وما سيؤؤل إليه مستقبل التظاهرة السينمائية العربية الأوسع والأكثر شهرة في العالم. وفي مقابل ذلك الغياب شهد سوق الفيلم حضورين جديدَين يُبشّران بالخير، وإنْ كانا لا يُعوّضان عن خسارة غياب مهرجان دبي. وهذان الحضوران هما جناح « المجلس الوطني السعودي للأفلام » و « الجناح الفلسطيني ».ففيما يؤشّر الحضور الأول إنعطافة هامّة في واقع السينما الخليجية، وربّما العربيّة، بما يتضمّنه من آفاق رحبة للإنتاج السعودي ولتطوير إمكانيات المؤسسات والبنى السينمائية التحتية وزيادة فاعلية الصالات السينمائية في المملكة العربيّة السعودية، فإن افتتاح الجناح الفلسطيني يُعتبر تأكيداً للحضور الفلسطيني، الذي سبقَ وأنْ سجّل تواجده عبّر إنجاز المبدعين السينمائيّين الفلسطينيّين. وجاء تزامن افتتاح الجناح في لحظة سياسية حرجة من النضال الفلسطيني بسبب الاعتداءات والهجمات الإسرائيلية ضد مواطني غزّة ووقوع مئات القتلى وآلف الجرحى من مواطني القطاع، ليحوّل الجناح إلى ملتقى للعديد من سينمائيي العالم، الذين توافدوا على الجناح للإعراب عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، ولتثمين ارتفاع العلم الفلسطيني في هذا المحفل السينمائي الدولي الهام.وأياً تكن النتائج التي سيتمكّن هذان الجناحان من تحقيقها، فإنّ مجرّد وجودهما في هذا المحفل السينمائي العالمي الكبير يُعدّ انتصاراً للسينما والسينمائيين في جميع أرجاء الدول العربيّة، وذلك لأن أيّة كوّة تُفتح، إنّما ستحمل نوراً جديداً على المنطقة، والعكس هو الصحيح. وإلى جانب الجناحين السعودي والفلسطيني، واصلت أجنحة كل من الجزائر والمغرب والأردن وتونس نشاطاتها وندواتها، وأعلن الجناح التونسي بأن مهرجان « أيام قرطاج السينمائية » سيُخصّص في دورته القادمة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل برنامجاً لتحيّة للسينما العراقية، عبر تاريخها الطويل وتنوّعها الجغرافي واللغوي، وقال المدير العام لـ « أيام قرطاج » نجيب عيّاد بأنّ لآصرة مهرجانه مع السينما العراقية ”تاريخ طويل، فقد شجّعنا حضورها في برامجنا دائماً، وبتركيز خاص على الشباب من سينمائيي العراق، ولم يقتصر ذلك الحضور على الأفلام فحسب، بل تحقّق أيضاً عبر التواجد الشخصي للسينمائيين في أيام قرطاج السينمائية، مخرجين وممثلين وكتّاباً، ونسعى أن يزداد هذا التواجد في إطار ما أطلقنا عليه بـ « قرطاج پرو »، أي « قرطاج المحترفين » الذي يتضمّن ورشات للدعم على مستويات التطوير، واستكمال الأفلام. وهو بالأساس دعم لخبراء سينمائيين، بمعنى - المخرجون سيعرضون أعمالهم أمام مجموعة متخصّصة بتطوير ودعم الأعمال، سواء تلك التي ما تزال في بداياتها، أو تلك المُقبلة على الاكتمال، وستُتيح هذه الورشات للمخرجين التعامل مع حرفيّين كبار، من العالم وليس فقط من البلاد العربية والأفريقيّة“، وأضاف قوله بأنه ”سيُتاح لهؤلاء المخرجين قدرٌ من التمويل، ربّما لن يكون تمويلاً كبيراً، لكنّه، في جميع الأحوال، تمويل مُساعد وداعم للمشاريع، بحيث تتواصل وتنطلق وأن تكتمل لتعود إلى مهرجان « أيام قرطاج السينمائية » لتُعرض ولتتواجه مع الجمهور، ولتكون بادرة لمشاريع أكبر وأوسع وأكثر طموحاً“.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على