ترامب وألوانه الخمسون

حوالي ٦ سنوات فى الشبيبة

إليزابيث دروكان الأسبوع الفائت الأكثر غرابة في عُمر إدارة الرئيس دونالد ترامب. فلم تحدث أي واقعة فصل لموظف رفيع المستوى: فكان الموظف الكبير الوحيد المفصول مساعد البيت الأبيض المسؤول عن الأمن الداخلي، الذي أجبر على الخروج بأمر من جون بولتون، الذي تولى للتو منصب مستشار الأمن القومي الثالث لترامب في غضون خمسة عشر شهراً. ومع ذلك، ربما كان الأسبوع الأكثر اضطرابا حتى الآن خلال رئاسة ترامب.كان تعيين بولتون كافيا لبث قدر كبير من الرعب في واشنطن خوفاً من أن يعزز أكثر آراء ترامب شراسة، على سبيل المثال ما أعرب عنه ترامب من ضرورة إلغاء الاتفاق النووي مع إيران والذي أبرم العام 2015. ومع ذلك، انتشرت التكهنات على نطاق واسع بتفوق وزير الدفاع جيمس ماتيس على بولتون، الذي يُقال إنه بيروقراطي بارع، في ما يتصل بالمدى الذي قد يذهب إليه الهجوم العسكري على سوريا ردا على أحدث استخدام للأسلحة الكيماوية في سوريا. وفي النهاية، اقتصرت الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا على أهداف يُعتَقَد أنها مرافق لتصنيع وتخزين الأسلحة الكيماوية.وتُثار التساؤلات الآن في مجلس الشيوخ حول مدى ملاءمة مايك بومبيو، المتشدد في آرائه بشأن المسلمين وروسيا، خلفا لريكس تيلرسون في منصب وزير الخارجية. وبعد ترسيخ بولتون في الجناح الغربي، يدور الإجماع الآن على تصور مفاده أن ماتيس هو الوحيد الذي يقف بين ترامب والجموح العسكري (ذلك أن ماتيس يدعم الاتفاق مع إيران).كان التحرك الشخصي الأكثر غرابة من قِبَل ترامب مؤخرا ــ كجزء من قائمة متزايدة النمو من فصل كبار الموظفين ــ فصل ديفيد شوكلين من منصبه كرئيس لإدارة المحاربين القدامى، الهيئة التي تتمتع بقدر كبير من النفوذ، وترشيح طبيبه الخاص للقيام بهذه المهمة. ويُعتَقَد أن الترشيحات المنتظرة لشغل مناصب رفيعة المستوى قبل انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس في نوفمبر كان أحد الأسباب وراء عزوف ترامب عن فصل المعين الأكثر إثارة للجدال، سكوت برويت، رئيس هيئة حماية البيئة. وينم إصرار برويت على عكس إنجازات هيئة حماية البيئة في ما يتصل بخفض تلوث الهواء والمياه، وخاصة الضوابط التنظيمية التي جرى تبنيها خلال رئاسة باراك أوباما، عن استياء ترامب ذاته من أوباما. وبالإضافة إلى هذا، تُبدي الصناعات الملوثة الرئيسية الحماس لتعيين برويت.مكمن المشكلة أنه في إدارة عامرة بالمحتالين والخبراء في الانغماس في السفر جوا على الدرجة الأولى وغير ذلك من أسباب الراحة على حساب دافعي الضرائب، ربما يكون برويت البطل. إذ تتقلب مشاعر ترامب إزاء برويت، وقد تعلم المراقبون عدم التكهن بما قد يفعل ترامب عندما يتعلق الأمر بأي جانب من جوانب السياسة وهيئة العاملين.ويصدق هذا أيضا على السؤال الذي يخلق أقصى درجات التوتر: ما إذا كان ترامب ليحاول إنها التحقيق في المزاعم حول تآمره هو أو حملته الانتخابية مع الروس لمحاولة تغيير نتائج انتخابات 2016 لصالحه. الواقع أن الأدلة التي تؤكد هذا التواطؤ في تصاعد. ويرى كثيرون من المراقبين أن ترامب استوعب الفكرة بأن فصل المستشار الخاص روبرت ميولر، الذي يتولى قيادة التحقيق، لن يُفضي إلى نتائج مواتية على الإطلاق. وقد بدأ الجمهوريون السلبيون في الكونجرس، الذين يشعرون بالفزع من ترامب وقاعدته من المؤيدين المخلصين، يُظهِرون بعض الشجاعة، وهم يتحركون الآن نحو دعم قرار من شأنه أن يحمي ميولر، الذي يحظى بدعم أغلبية كبيرة من عامة الناس.لكن ترامب وحلفاءه المقربين في الكونجرس لا زالوا يحاولون تقويض التحقيق عن طريق تشويه سمعة مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي يديره، ومسؤولي وزارة العدل الذين يشرفون على عمل مكتب التحقيقات الفيدرالي. وقد ألمح ترامب إلى أنه ربما يفصل نائب المدعي العام رود روزنشتاين، الذي يترأس التحقيق. ويظل الرئيس غاضبا لأن المدعي العام جيف سيشونز، الذي كان المؤيد الوحيد في مجلس الشيوخ لترامب منذ بدايات الحملة في العام 2016، رد نفسه عن التحقيق.عندما يغضب ترامب بشكل خاص، فإنه يظل على غضبه، وهو يستعرض هذا الغضب بطرق غير متوقعة. ويبدو أن لا شيء جعله أشد غضبا من الغارة غير الاعتيادية التي شنها مكتب التحقيقات الفيدرالي في التاسع من أبريل على مكتب وبيت وغرفة الفندق الذي يقيم فيه مايكل كوهين، محاميه الشخصي ومصلح أخطائه الرئيسي. ظاهريا، تحرك مكتب التحقيقات الفيدرالي لأن كوهين كان ضالعا في أكثر الجوانب تعقيدا ورهبة من حياة ترامب العامة. لكن كوهين ربما تورط أيضا في مؤامرة 2016 مع روسيا، وكانت شؤون أعماله الخاصة قيد التحقيق.منذ أوائل هذا العام، بدا الأمر وكأن إسقاط ترامب في حكم الممكن، ليس بسبب تعاملاته المحتملة هو وحملته الانتخابية مع روسيا، بل بفِعل نجمة الأفلام الإباحية البارعة الجمال، التي تحمل الاسم الفني ستورمي دانييلز (اسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد). فهي ومحاميها العدواني لا يبديان أي خوف تجاه ترامب، الذي رتب كوهين نيابة عنه دفع 130 ألف دولار لها قبل الانتخابات لحملها على التزام الصمت حول علاقتها لمرة واحدة مع ترامب، والتي حدثت في أوائل زواجه من ميلانيا ترامب وبعد أربعة أشهر من ولادة ابنه بارون.أحد الأسئلة التي أثارتها الصفقة هي ما إذا كان ذلك المبلغ، الذي يقول كوهين إنه دفعه من جيبه الخاص دون عِلم ترامب، ربما يُعَد مساهمة غير قانونية في الحملة الانتخابية. جانب آخر من جوانب الغموض، هو لماذا يبدو ترامب، الذي كان أقل انزعاجا إزاء الكشف عن علاقة أطول أمدا في نفس الوقت تقريبا مع موديل سابقة في بلاي بوي، مرعوبا بشكل خاص من ستورمي دانييلز. وعلى غير عادته، رفض ترامب التعليق أو التغريد بشأنها.في نهاية الأسبوع، بدأت تتسرب مذكرات مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأسبق جيمس كومي، الذي أدى فصل ترامب له إلى تعيين ميولر. وقد أثار هذا أيضا غضب ترامب الذي وصف كومي بأنه «ضعيف وغير صادق ولزج»، وكما حدث من قبل، ساعد هجومه على مؤلف كتاب غير متملق وغير باعث على الارتياح في دفعه إلى رأس قائمة أفضل المبيعات قبل إصداره رسمياً. ويبدو أن الهجوم على سوريا صرف انتباه الرأي العام عن فضائح ترامب ولكن بشكل مؤقت فقط، نظرا لجولة كومي المرتقبة التي تحظى بتغطية إعلامية ضخمة للترويج لكتابه. ولكن هناك شعور متنام بأن ما يقترب ميولر من إنجازه بشأن كوهين ربما يمثل الخطر الأعظم على الإطلاق الذي يهدد الرئيس.كاتبة ومحررة مساهمة في مجلة الجمهورية الجديدة، وهي مؤلفة كتاب «يوميات واشنطن: تقرير واترجيت وسقوط ريتشارد نيكسون».

شارك الخبر على