انتخابات العراق.. إهانة للشهداء وسباق على «أعمدة الكهرباء»

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

سبعة آلاف مرشح في الانتخابات العراقية بدأوا الماراثون الانتخابي أمس السبت، للتنافس على الفوز بـ329 مقعدا في البرلمان العراقي، وهي الحملة التي من المقرر أن تتوقف قبل 24 ساعة من بدء التصويت الذي ينطلق 12 مايو المقبل.

هذه الانتخابات البرلمانية التي ينتظرها العراق هي الأولى التي تجري في البلاد، بعد هزيمة تنظيم "داعش" نهاية العام الماضي، والثانية منذ الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011.

"الصور والأرقام" كانت المشهد الأبرز مع انطلاق هذه الحملات الانتخابية، فبدأت صور المرشحين وأرقامهم تغزو الشوارع في مشهد لافت.

إهانة الشهداء

ومع بزوغ فجر السبت انطلقت الحملات الدعائية ومن بدايتها أثارت الكثير من الجدل نظرا لارتكابها أخطاء ربما لن تغتفر، حيث تم إزالة صور الشهداء من الشوارع لتحل محلها صور المرشحين، فبمجرد أن دقت الساعة 12 من ليل الجمعة سارعوا لرمي صور الشهداء ورفعوا مكانها صور المرشحين.

وبعد أن كانت شوارع بغداد والمدن العراقية وأعمدتها لا تزال تتزين بصور ولافتات "شهداء" القوات الحكومية والحشد الشعبي، الذين قضوا حتفهم في المعارك التي انطلقت منذ عام 2014 ضد تنظيم "داعش"، إلا أن المشهد تغير فور انطلاق التنافس بين المرشحين.

فمن أجل الحصول على أماكن مميزة لصور المرشحين، أزيلت صور بعض شهداء المعارك ضد "داعش"، فيما اعتبره البعض "سباقا على أعمدة الكهرباء".

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لـ"شهداء" رميت لافتاتهم على الأرض، ورفع مكانها صور للمرشحين، فيما قام مرشحون آخرون بوضع صورهم فوق صور "الشهداء" المعلقة على أحد أعمدة الكهرباء.

وكرد فعل سريع، بعد إزالة صورة "شهيد" ووضع صورة أحد المرشحين، قام مواطنون بإنزال صورة المرشح ورميها على الأرض وإعادة صورة الشهيد.

اقرأ أيضا:  قبل الانتخابات العراقية.. الأحزاب الكردية تسعى للمناصب السيادية

وتساءل البعض عن سبب تعليق الصور والدعايات الانتخابية ليلا وليس بالنهار، "يبدو أنهم خجلون من الظهور نهارا، كيف ستوفون إذن بالوعود التي قطعتموها على أنفسكم؟"، حسب "الأنباء".

غضب وسخط

حالة من السخط سادت بين العراقيين بسبب ما اعتبروه إهانة للشهداء بانتزاع صورهم من الشوارع، لصالح "الوجوه الفاسدة القديمة" التي تسببت في غرق البلاد في موجة من الفوضى والفساد، مما تسبب في إعاقة وانطلاق قطار التنمية الحقيقية وتطوير البنية التحتية التي تعرضت للتدمير على يد القوات الأمريكية وقت الغزو قبل 15 عامًا.

كما أعرب أهالي المقاتلين عن غضبهم من قيام مرشحين بإنزال صور أبنائهم الذين قتلوا في أثناء المعارك ضد "داعش"، ولم يكتفِ بعض المرشحين بالإنزال، بل تم رميها في أماكن مخصصة لرمي المهملات.

وكرد فعل سريع هددت أمانة بغداد بمقاضاة المخالفين من المرشحين وإزالة لافتاتهم الدعائية من الشوارع، فمن جانبه أكد مدير العلاقات والإعلام في أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة، أن دوائر الأمانة سجلت مخالفات لعدد من مرشحي الانتخابات، من خلال وضع لافتاتهم على أماكن غير مسموح بها قانونيًا، مضيفا أن الدوائر المختصة ستعمل على توثيق تلك الانتهاكات وإرسالها إلى الجهات المختصة، لمحاسبة مخالفي القانون، كما ستقوم الدوائر بدورها بإزالة كل تجاوز حصل من قبل المرشحين، خلال هذه الحملة.

اقرأ أيضا: الانتخابات العراقية بين مطرقة «المال السياسي» وسندان «التزوير»

كما وضعت أمانة بغداد ومفوضية الانتخابات ضوابط عدة لتنظيم عمل الحملات الانتخابية، منها منع استخدام الملصقات، واستبدالها بكلِ ما يسهل إزالته فيما بعد.

ومنعت أيضا وضع الصور على الأبنية التاريخية والدينية والجسور وواجهاتِ المباني الحكومية من منشآت ومدارس ومستشفيات.

الكثير من العراقيين يرون أن وجود صور المرشحين أمامهم، لا يؤثر على اختيارهم يوم الاقتراع، فهم يبحثون عن برامج انتخابية مقنعة، وهذه الصور غالبيتها لا توفر ذلك، حسب "العربية. نت".

شراء الأصوات

الحملات الانتخابية تنطلق وسط إهمال كبير لقانون الأحزاب المقرّ برلمانيا قبل نحو ثلاث سنوات، خصوصا فيما يتعلق بمصادر تمويل تلك الأحزاب، وكذلك ضعف رقابة مفوضية الانتخابات على الدعاية الانتخابية التي بدأت فعليا قبل أسابيع أي قبل انطلاق الدعاية رسميا، وذلك من خلال طرق ملتوية للمرشحين انطلقت من المناطق الفقيرة والعشوائيات جنوب العراق، ومن المدن المحررة من تنظيم "داعش" شمال العراق وغربه، وسجلت منظمة شبه حكومية عشرات الخروقات لأحزاب، قالت إنها استغلت فقر الناس هناك لشراء أصواتهم.

وتشير التقديرات إلى أن بعض المرشحين ينفقون مبلغ 3.5 مليون دولار على حملاتهم الانتخابية في مناطقهم الصغيرة، بحيث يدفعون لكل صوت نحو 100 دولار أمريكي، حسب "إرم نيوز".

كان الرئيس الأسبق للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، عادل اللامي، قد انتقد عدم وجود سقف يحدد الصرف على الحملات الانتخابية، مؤكدًا في تصريح له أن "مبالغ الدعايات الانتخابية للكتل الكبيرة تبلغ 30 مليون دولار".

دعوات للترشيد 

واستبق مسؤولون حكوميون انطلاق حملات الدعاية، بدعوات رسمية لترشيد الإنفاق على الدعاية الانتخابية.

فمن جانبه، أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي في وقت سابق، عن إرساله طلبًا للمفوضية من أجل تقليص فترة الترويج الدعائي للانتخابات بهدف تقليل الإنفاق، حيث طالب بألا تمتلئ الشوارع باللافتات الدعائية، بل يجب تقليل الإنفاق ليذهب إلى مكانه الصحيح وينفع المواطنين.

كما أكد رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، أن المنافسة ينبغي أن تكون شريفة ونظيفة وعادلة، بعيدًا عن الصراعات و"التسقيط"، وأن ‏لا تتحول هذه الممارسة إلى صراع دامٍ وضراوة في الطعن والاتهام والإساءة، مشيرًا في بيان صدر عنه بمناسبة إطلاق الحملات الدعائية، إلى ضرورة الالتزام بالقوانين الانتخابية وعدم السعي إلى محاولة التزوير في أي حال من الأحوال حتى وإن تسنى ذلك.

اقرأ أيضا: «نفوذ إيراني ومشروع أمريكي وتمويل قطري».. مثلث الانتخابات العراقية

هذه الخروقات التي شهدها انطلاق الحملات منذ اللحظات الأولي، تأتي لتزيد حالة الانقسام التي يشهدها الشارع العراقي بين متفائل ومتشائم من نتائج تلك الانتخابات التي ربما تعيد وجود وجوه سابقة غير مرغوب فيها مرة أخرى.

شارك الخبر على