الإفتاء عن لعبة «الحوت الأزرق» حرام

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

أصدرت دار الإفتاء المصرية، اليوم الخميس، فتوى بتحريم المشاركة في لعبة "الحوت الأزرق" Blue Whale، التي تطلب ممن يشاركون فيها إتباع بعض الأوامر والتحديات التي تنتهي بهم إلى الانتحار، وهو ما وقع فيه الكثير من المراهقين مؤخرا في مصر وعدد من دول العالم. وطالبت الدار من استدرج للمشاركة في اللعبة أن يسارِع بالخروجِ منها، مناشدة الآباء بمراقبة سلوك أبنائهم وتوعيتهم بخطورة هذه الألعاب القاتلة، وأهابت بالجهات المعنية تجريم هذه اللعبة، ومنعها بكل الوسائل الممكنة، لما تمثله من خطورة على الأطفال والمراهقين.

وأوضحت دار الإفتاء، أن الشريعة الإسلامية جاءت رحمة للعالمين، واتجهت في أحكامها إلى إقامة مجتمعٍ راقٍ متكاملٍ تسوده المحبة والعدالة والمثل العليا في الأخلاق والتعامل بين أفراد المجتمع، ومن أجل هذا كانت غايتها الأولى تهذيب الفرد وتربيته ليكون مصدر خيرٍ للبلاد والعباد، وجعلت الشريعة الإسلامية الحفاظ على النفس والأمن الفردي والمجتمعي مقصدا من أهم المقاصد الشرعية؛ التي هي: النفس، والدين، والنسل، والعقل، والمال، فكل ما يتضمن حفظ هذه المقاصد الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوتها فهو مفسدة ودفعها مصلحة.

اقرأ أيضا: لعبة الموت.. «الحوت الأزرق» تفاصيل 50 تحديا آخرها الانتحار

وأضافت أن الشريعة قررت أن الأصل في الدماء الحرمة، وسنت من الأحكام والحدود ما يكفل الحفاظ على نفوس الآدميين، ويحافظ على حماية الأفراد واستقرار المجتمعات، وسدت من الذرائع ما يمكن أن يمثل خطرا على ذلك في الحال والمآل، مشيرة إلى أنه من هذا المنطلق يتضح أن هذه اللعبة تشتمل على عدة أفعال، كل واحد منها كفيل بتحريمها شرعا وتجريمها قانونا، أهمها:

أولا: أن المشارك في هذه اللعبة يبدأ بعد التسجيل فيها بنقش رمزٍ على جسده بآلة حادة، كالسكين أو الإبرة أو نحوهما، وفي هذا الفعل إيذاء من الإنسان لنفسه، وهو أمر محرم شرعا؛ فإن حفظ النفس من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة، ولهذا حرم الله تعالى كل ما يؤدي إلى إتلاف الإنسان أو جزء منه، وجعل رعايته في نفسه وجسده مقدمة على غيرها، ومن مقتضيات الحفاظ على نفس الإنسان: حمايته من كل ما يمكن أن يصيبه بالضرر في صحته؛ فحرمت الشريعة عليه كل ما يضره، وجرمت إيصال الضرر إليه بشتى الوسائل.

ومن المقرر شرعا أيضا أنه "لا ضرر ولا ضرار"؛ فهذه قاعدة فقهية من القواعد الخمس التي يدور عليها معظم أحكام الفقه، وأصل هذه القاعدة ما أخرج ابن ماجه في "سننه" عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "أَن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى أَن لا ضرر ولا ضرار". كما أن النقش على الجسد بآلة حادة - كسكين أو نحوها - يدخل تحت الوشم المحرم شرعا، والوشم عبارة عن غرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في الجلد للنقش عليه؛ قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (14/ 106، ط. دار إحياء التراث العربي): "الوشم: أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم، ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضر، وقد يفعل ذلك بِدارات ونقوش".

اقرأ أيضا: الضحية الثانية.. انتحار شاب بسبب لعبة «الحوت الأزرق»

ثانيا: يقوم المشارك في نهاية اللعبة بأحد فعلين: إما أن يقتل نفسه وهو الانتحار، أو يقتل غيره. وقد حرمت الشريعة الإسلامية إتلاف البدن وإزهاق الروح عن طريق الانتحار أو ما يؤدي إليه؛ فأَمرت الإنسان بالمحافظة على نفسه وجسده من كل ما يهلكه أو يسوءه، ونهت عن أن يقتل الإنسان نفسه أو ينزِل بها الأذى؛ فلا يجوز لأحد أن يتصرف في جسده تصرفا يؤدي إلى إهلاكه أو إتلافه، وكل إنسانٍ - وإن كان صاحب إرادة فيما يتعلق بشخصه - فإنها مقيدة بالحدود التي شرعها الله تبارك وتعالى، كما في قوله سبحانه: ولا تلقوا بِأَيديكم إِلى التهلكة وأَحسنوا إِن الله يحب الْمحسنين [البقرة: 195]، وروى الترمذي في "سننه" عن أَبِي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من قتل نفسه بِحديدة جاء يوم القيامة وحديدته في يده يتوجأُ بِها في بطنه في نارِ جهنم خالدا مخلدا أَبدا، ومن قتل نفسه بِسم فسمه في يده يتحساه في نارِ جهنم خالدا مخلدا أَبدا .

بل جعل الله تعالى قتل النفس بغير حقّ كأنه قتل للناس جميعا؛ فقال سبحانه: من أَجلِ ذلك كتبنا على بني إِسرائيل أَنه من قتل نفسا بِغيرِ نفسٍ أَو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أَحياها فكأَنما أَحيا الناس جميعا [المائدة: 32].

ولفتت دار الإفتاء إلى أن النص الشرعي جاء مخبرا بأن المسلم في أي ذنب وقع كان له في الدين والشرع مخرج إلا القتل؛ فإن أمره صعب؛ فروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دما حراما. ويوضح هذا المعنى ما في تمام الحديث من قول ابن عمر رضي الله عنهما: إِن من ورطات الأُمورِ التي لا مخرج لمن أَوقع نفسه فيها، سفك الدمِ الحرامِ بِغيرِ حله.

اقرأ أيضا: اللعبة المميتة.. «الحوت الأزرق» نداهة المراهقين

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على