حوش قدم .. حكاية حارة مصرية عمرها ٧٠٠ عام

أكثر من ٦ سنوات فى الشبيبة

القاهرة – خالد البحيريحوش قدم.. واحدة من أقدم الحارات المصرية بحي الغورية بالقاهرة الفاطمية، والتي يجمع المؤرخون أنها تأسست قبل نحو 700 عام لتكون سكنا للأمراء والنخبة الحاكمة في مصر، ولما وقعت مصر تحت الحكم العثماني تم تغيير اسم الحارة إلى خوش قدم وهي كلمة تركية تعني "وجه الخير" .وقبل نحو 400 عام سكنها شيخ بندر التجار المصريين جمال الدين الذهبي ولا يزال منزله قائما حتى الآن وقد ضمته وزارة الآثار المصرية إلى قائمة المنازل الأثرية، ومنذ ذلك الحين تحول نشاط الحارة وما جاورها من حارات وأزقة إلى مكان للتجارة لا يزال حتى عصرنا هذا مقصدا لراغبي البيع والشراء.اكتسبت هذه الحارة شهرة واسعة في ستينيات القرن الفائت بعدما سكنها الثنائي الشيخ إمام عيسى الملحن والمطرب وأحمد فؤاد نجم شاعر العامية، وشكلا حالة خاصة في الغناء السياسي لسنوات عديدة."الشبيبة" زارت الحارة العتيقة واستمعت لشهادات بعض من أهلها حول تاريخ الحارة ومعايشتهم لمشاهير الفن الذين كانوا يتقاطرون على منزل الشيخ إمام ونجم.في البداية قال صاحب مقهى تتوسط الحارة: البعض يقول إن تاريخ الحارة يرجع إلى 700 عام لكنني أؤكد أنها تتجاوز الألف عام، ولا تزال تحتفظ بطابعها الأثري والمعماري وقد بناها أحد أمراء مصر، والأتراك هم من أعادوا تسميتها من جديد بـ"خوش قدم" رغم أن اسمها القديم كان حوش آدم.وأضاف: زحف التجار على الحارة ورغبتهم في شراء بيوتها القديمة وهدمها لبناء مكاتب ومحلات لهم يشكل تعديا على هذا الأثر المهم "نمتلك أنا وأخوتي 5 بيوت لكننا لن نهدم أي منها ولا نفكر في البيع رغم الأسعار التي تعرض علينا.وتابع: في هذه الحارة المصرية تجد الأخلاق الحقيقة، حتى الشباب والجيل الجديد ورثوا الاحترام وعادات وتقاليد أجدادهم، فهم يوقرون الكبير ومسالمون لا يميلون أبدا إلى العنف ومعظمهم من المتعلمين والمثقفين.وفي أحد زوايا الحارة قابلنا سيد مصطفى محمد 61 عاما فقال: عاشت الحارة أجمل أيامها مع وجود عدد من الفنانين والشعراء بها مثل الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم والشيخ إسماعيل صادق العدوي أحد شيوخ الأزهر.وأضاف: لا يزال كبار السن هنا يذكرون الشيخ إمام رغم رحيله ويحنون إلى سماع الغناء منه بالإضافة إلى الابتهالات التي كان يقدمها قبل صلاة الفجر في مسجد الفكهاني وصوته الرخيم وهو يؤذن، فبالإضافة إلى كونه ملحنا ومطربا فقد كان من حفظة القرآن الكريم، ويداوم على صلاة الفجر في جماعة.وخلال ساعات النهار كان ينزل من مسكنه ليجلس مع الأهالي أمام محلاتهم ويتناول معهم الشاي والقهوة، ويشارك هو وأحمد نجم في حل مشكلاتهم، فقد كانا جزء من نسيج الحارة ورغم شهرتهما الواسعة لم ينفصلا عن جيرانهما أو يتخلا عنهم.ويحكي لنا نبيل أحمد حسانين 63 عاما كيف أن أهم أغاني الشيخ إمام قد ولدت أمام أعينهم ومنها "كلمتين لمصر" فقد كان الشاعر أحمد فؤاد نجم يؤلف وفي نفس الوقت يسارع الشيخ إمام بالتلحين بينما يقول هو وزملاؤه بالترديد والمشاركة في الغناء.ويضيف: كانت الحارة مقصدا لكبار الفنانين والمخرجين من عشاق الشيخ إمام ومنهم عادل إمام وسعيد صالح وسعاد نصر وفردوس عبد الحميد والمخرج محمد فاضل وغيرهم، فقد كانوا يسهرون في الحارة حتى الصباح ولا يمنعهم عن المجئ سوى ارتباطهم بمواعيد تصوير للأفلام والمسلسلات أو الوقوف على خشبة المسرح.وتابع: تغير شكل الحارة في السنوات الأخيرة نتيجة زحف التجار إلى المنطقة وشرائهم للمنازل القديمة، وإن كانت هناك نحو 7 عائلات لا تزال تتمسك بالبقاء في المكان وتحافظ على تقاليد الحارة المصرية حتى الآن.

شارك الخبر على