من السجن الى رئاسة السنغال .. مسار ديوماي فاي الذي حسم السباق من الجولة الأولى

حوالي شهر واحد فى كونا

مصطفى المريني

(تقرير اخباري) الرباط - 27 - 3 (كونا) -- لم يكن الاقتراع الرئاسي في 25 مارس الجاري في السنغال عاديا ليس لأنه جرى عقب ازمة سياسية فجرها قرار الرئيس السنغالي ماكي سال بتأجيل موعد الانتخابات فحسب وانما لأنه فجر مفاجأة من العيار الثقيل تمثلت في فوز مرشح تحالف المعارضة باسيرو ديوماي فاي من الجولة الأولى.
ولم يكن ديوماي فاي (44 عاما) معروفا بما يكفي اذ لم يسبق له ان تولى منصبا سياسيا في الدولة عدا كونه موظفا في ادارة الضرائب ولم يكن متوقعا ان يترشح للانتخابات لولا رفض المجلس الدستوري ترشح رفيقه في حزب (باستيف) عثمان سونكو فاختار باسيرو فاي ليكون بديلا عنه في انتخابات الرئاسة.
وتم ترشيح ديوماي فاي من داخل السجن حيث كان يقضي وزميله سونكو عقوبة وأفرج عنهما عشية الحملة الانتخابية اثر عفو عام اصدره الرئيس ماكي سال في مسعى لتهدئة المشهد السياسي ليخرجا من السجن ويمضيا رأسا الى معترك الحملة الانتخابية لتدارك ما فاتهما منها والتنافس الى جانب 19 مرشحا بينهم مرشح التحالف الحاكم الوزير الاول السابق امادو با. واستطاع الرجل مدعوما بأنصار المعارضة ان يجتذب فئات واسعة من الشباب المتعطش الى التغيير من خلال خطاب سياسي يلامس المشاعر الوطنية ويلعب على التناقضات الاجتماعية والاقتصادية باستدعاء شعارات بشأن الحياة السياسية وتعزيز السيادة الوطنية وتوفير فرص العيش الكريم ما جعل خطابه يحظى بقبول واسع لدى فئات الشباب الذين رأوا فيه ملهما لأحلامهم فضلا عن دعم الجماعات الاسلامية التي ترى فيه بديلا لنخبة سياسية متمعنة في العلمانية بينما لا يخفي ديوماي فاي انتماءه الى الظاهرة الاسلامية المنتشرة في السنغال.
وينحدر باسيرو ديوماي فاي الذي ولد عام 1980 من اسرة سنغالية متواضعة وتلقى تعليمه في المدارس السنغالية الى ان حاز شهادة الماجستير في القانون ثم عمل مفتشا للضرائب ليلتقي بملهمه وعرابه عثمان سونكو حيث نشأت بينهما صداقة وثيقة وتقارب في الرؤية والآراء ليؤسسا معا حزب (باستيف) عام 2014 المناهض لنظام الرئيس ماكي سالا قبل ان يصبح ديوماي فاي الامين العام للحزب عام 2022.
وفي ابريل 2023 وجه له اتهام بالتشهير والقيام بأعمال من شأنها تعريض الامن العام للخطر لانتقاده اعتقال رفيقه عثمان سونكو ليودع السجن دون محاكمة ومكث هناك الى حين الاعلان عن ترشيحات الرئاسة عام 2024 ليفاجأ بترشيحه مكان رفيقه عثمان سونكو الذي رفض المجلس الدستوري ترشحه والتحق بالحملة الانتخابية عقب ستة ايام من انطلاقها مستفيدا هو ورفيقه من عفو رئاسي ليستقبله الشارع السنغالي بالأحضان ويقوده الناخبون الى قصر الرئاسة بعد حسم السباق الرئاسي من الجولة الاولى بفارق كبير عن منافسيه. وفي أول خطاب له عقب الانتخابات الرئاسية أعلن ديوماي فاي التزامه بتعزيز المصالحة الوطنية ومحاربة الفساد فيما طمأن المجتمع الدولي والدول "الشريكة والصديقة" بالتشديد على "بقاء السنغال دائما شريكا آمنا".
كما أعرب عن التزامه بوضع عمله في إطار المصالحة الوطنية واعادة بناء المؤسسات وتعزيز سبل العيش المشترك وتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي للسكان وتعهد فاي بتجاوز الازمة التي شهدتها السنغال جراء تأجيل عملية الانتخابات والتي أدت الى سقوط ضحايا وسجن آخرين اثناء احتجاجات خرجت على إثرها متعهدا "بطي هذه الصفحة والعمل بلا كلل من اجل الالفة والتصالح" وفق نهج يحقق الامل الذي بعثه انتخابه رئيسا للبلاد.
وأكد للمجتمع الدولي والدول الشريكة والصديقة للسنغال ان بلاده "ستحتفظ بمكانتها دائما وستظل البلد الصديق والحليف الآمن والموثوق لأي شريك في اطار الاحترام والمصالح المتبادلة".
وأشاد بموقف الرئيس الحالي ماكي سال المتمثل بإجراء اقتراع ديموقراطي حر وشفاف ما ادى الى ضمان نتائج اعترفت بها جميع الأطراف.
وكان ماكي سال هنأ ديوماي فاي بفوزه بالانتخابات من الجولة الاولى بعدما اظهرت النتائج الاولية تقدمه بفارق كبير عن منافسيه معتبرا فوزه "انتصارا للديمقراطية السنغالية" مشيدا بالاجواء التي جرى فيها الاقتراع. (النهاية) م ر ي / ط م ا

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على