جهود إماراتية رائدة في مكافحة الإسلاموفوبيا

حوالي شهر واحد فى الإتحاد

في خطوة متقدمة نحو مواجهة الكراهية الدينية، خصصت الأمم المتحدة يوم 15 مارس من كل عام ليكون يوماً دوليّاً لمكافحة «الإسلاموفوبيا»، واحتُفل به للمرة الأولى العام الماضي 2023، ما يمثل وعياً بخطورة هذه الظاهرة، ودعوة إلى مزيد من الجهود لمواجهتها من قبل الدول والشعوب والمؤسسات والمنظمات المعنية.
وكانت دولة الإمارات واحدة من الدول التي شاركت في تخصيص هذا اليوم الدولي، مع شقيقاتها في منظمة التعاون الإسلامي. وتُعرِّف الأمم المتحدة الإسلاموفوبيا بأنها «الخوف من المسلمين، والتحيز ضدهم، والتحامل عليهم بما يؤدي إلى الاستفزاز والعداء والتعصب بالتهديد وبالمضايقة وبالإساءة وبالتحريض وبالترهيب للمسلمين ولغير المسلمين، سواء في أرض الواقع أو على الإنترنت». وقد عبَّر أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، عن خطورة الظاهرة بقوله إن «ما يُطلق من خطاب يحضّ على الانقسام وما يجري من تصوير للمسلمين بغير حقيقتهم، يصِمُ مجتمعات بأسرها. وما يُبثّ من خطاب كراهية على الإنترنت يؤجّج العنف في الحياة الحقيقية».
وكانت دولة الإمارات في طليعة الدول التي حشدت جهودها لمواجهة «الإسلاموفوبيا»، ونبهت إلى تفاقمها وخطورتها بوضوح وقوة في مختلف المحافل الدولية، إذ أكدت في جلسة لمجلس الأمن الدولي في مارس 2023، أن «الإسلاموفوبيا تواصل الانتشارَ حول العالم وتؤثرُ بشكلٍ كبيرٍ على حياةِ المسلمينَ فضلاً عن تداعِياتِها على السلم والأمن»، مُستشهدةً بتكرار حوادث تدنيس وحرق المصحف الشريف، ومشيرةً إلى أن «هذه الممارسات البغيضة ليست بحوادثَ منفصلة أو فردية، بل هي إحدى صور الإسلاموفوبيا التي تواصل الانتشارَ حول العالم»، ومُحذِّرةً من أن اتخاذ حرية التعبير ذريعةً للتسامح مع نشر كراهية الإسلام أمرٌ لا يمكن قبوله، لأن هذا المنطق المغلوط يمثل تهديداً عالميّاً.
وكانت دولة الإمارات قد بذلت جهوداً دولية حثيثة لحصار خطاب الكراهية والتطرف بكل أشكاله، لإدراكها الطبيعة العالمية لهذا الخطر. وأسفرت هذه الجهود في نهايتها عن اعتماد مجلس الأمن الدولي، في 15 يونيو 2023، قراراً تاريخياً، اشتركت في صياغته مع المملكة المتحدة، حول التسامح والسلام والأمن الدولي، يُقرُّ للمرة الأولى بأن خطاب الكراهية والتطرف يمكن أن يؤدي إلى اندلاع النزاعات وتصعيدها وتكرارها. ودعا القرار إلى الإدانة العلنية للعنف وخطاب الكراهية والتطرف، وتشجيع القادة الدينيين والمجتمعيين ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي على التصدي بحسم لهذا الخطاب الذي يؤدي إلى النزاع المسلح أو إلى تفاقمه.
وقد استندت الدولة لاحقاً في إدانتها لمظاهر الإسلاموفوبيا المتفاقمة إلى هذا القرار. ويعتمد موقف الدولة في مجابهة الإسلاموفوبيا على المصداقية التي تتمتع بها لدى العالم بأسره، ورصيدها الكبير في الدعوة إلى التسامح والتعايش ونبذ الكراهية، وقيادة الجهود الإقليمية والدولية من أجل تعزيز هذه المفاهيم، وتقديم مبادرات عالمية أصبحت علامات فارقة في تاريخ التقريب بين الأديان وترسيخ الاحترام المتبادل بينها من أجل حياة أفضل للإنسانية جمعاء. وكان لقاء فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، الذي نظمته دولة الإمارات، في فبراير 2019، وتوقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية» من بين أبرز المحطات العالمية المشهودة في هذا الصدد.
وعلى مستوى التشريعات، فقد تصدت الإمارات بقوة لخطاب التعصب والكراهية، وأصدرت القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2015 في شأن مكافحة التمييز والكراهية، الذي يحظر الإساءة إلى الذات الإلهية والأديان والأنبياء والرُسل والكتب السماوية ودُور العبادة، ويقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدّساتها، ومكافحة أشكال التمييز كافة، ونبذ خطاب الكراهية.
كما يستند خطاب الإمارات في مكافحة الإسلاموفوبيا، إلى قدرة الدولة على ترجمة تبنيها للتسامح والتعايش إلى واقع ملموس، وقدرتها على أن تضمن لأكثر من 200 جنسية تحتضنهم أرضها الطيبة الاحترام التام لمعتقداتهم وعباداتهم، على النحو الذي يجعل الدولة المثال الأكمل لاحترام التنوع الإنساني وتقديره، ويمنح تحركاتها القوية والمستمرة في مواجهة الإسلاموفوبيا فاعليتها وتأثيرها.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. 

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على