فضل الله للتعامل مع القرار ١٧٠١ بميزان واحد!

٥ أشهر فى تيار

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية: "عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بوصية أمير المؤمنين(ع) لأصحابه، حيث ذكر إنه عندما رجع من صفين وأشرف على القبور بظاهر الكوفة قال(ع): "يا أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة، والقبور المظلمة. يا أهل التربة. يا أهل الغربة، يا أهل الوحدة يا أهل الوحشة أنتم لنا فرط سابق (تقدمتم علينا) ونحن لكم تبع لاحق... أما الدور فقد سكنت، وأما الأزواج فقد نكحت، وأما الأموال فقد قسمت، هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم؟ (ثم التفت إلى أصحابه فقال): أما لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم أن خير الزاد التقوى".أضاف: "لقد أراد الإمام(ع) من خلال وصيته أن نتزود من التقوى، أن نعزز حضور الله في داخل نفوسنا، ونحرص على أن نكون في طاعته ورضاه، أن لا نخطو خطوة ولا ننطق بكلمة ولا نتخذ موقفاً ولا نؤيد ولا نعارض حتى نعلم أن لله في ذلك رضا، ومتى عملنا بذلك سنكون أكثر وعياً ومسؤولية وقدرة على مواجهة التحديات..."وتابع: "البداية من غزة، حيث يستمر العدو الصهيوني باستهداف الحجر والبشر وكل مقومات الحياة فيها، وهو يهدف من خلال ذلك إلى تفريغ القطاع من سكانه بعد تحويل الحياة إلى مستحيلة، وهو يستفيد من الضوء الأخضر والمدى الزمني المفتوح له ليفعل ما يريد ومن الدعم المادي والعسكري والاستخباري الذي يحظى به من الإدارة الأميركية والعديد من الدول الغربية ووصل إلى حد تجريم كل من يعترض على سياسات هذا الكيان واعتباره معاد للسامية. يحصل ذلك من دون أن تبدو في الأفق أية مبادرات تفضي إلى قرب إيقاف نزيف الدم وردع هذا العدو عن الاستمرار بفظائعه وجرائمه، وإذا كان من مبادرات فهي تقف عند حدود التمنيات لهذا العدو بعدم المس بالمدنيين والتقديمات الإنسانية المتواضعة التي لا تسد أي حاجة من حاجاته الإنسانية، وبدلاً من ذلك بات الحديث عن كيفية إدارة الوضع السياسي لمرحلة ما بعد الحرب ما يشير إلى إعطاء العدو الحق بالسيطرة على غزة والإمساك بقرارها، وفي المقابل، يستمر الشعب الفلسطيني بتقديم أبهى صور الصبر والتضحية والثبات في الميدان . لقد استطاع هذا الشعب بصبره وثباته وعزيمته وإرادته ومقاومته أن يعيق تقدم هذا العدو، وأن يجعله باهظ الكلفة عليه، برغم التدمير والمجازر التي تحصل وعدم التكافؤ في القدرات والإمكانات."
وقال: "إننا أمام ما يجري، نحيي هذا الشعب الذي يثبت بالدليل الواضح عن مدى استعداده لبذل الأثمان الغالية لاستعادة حريته وحقه بالعيش الكريم. وهو لم يأخذ هذا الخيار إلا بعد يأسه من أن ينال حقوقه عبر المواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن التي بقيت مع هذا العدو حبراً على ورق، رغم وعيه للكلفة الباهظة التي سوف يتحملها من عدو لا يؤمن إلا بلغة القتل والتدمير ويريد للشعب الفلسطيني أن يلغي ذاته وينهي وجوده أو أن يغادر أرضه". 
ورأى ان "من مسؤوليتنا الإنسانية والدينية أن نقف مع هذا الشعب، أن ننصر قضيته العادلة، وأن لا نسمح لهذا العدو أن يحقق أهدافه، لأن انتصار هذا العدو وتحقيق أهدافه بالصورة التي تحصل سيجعلنا لن نشعر بالأمان في جوار هذا العدو، ولن يطمئن أحدٌ على الأمن والسلام في هذا العالم إن مرت جرائمه بدون إدانة وبدون حساب. ومن هنا، فإننا نجدد دعوتنا للدول والشعوب العربية والإسلامية وكل أحرار العالم وكل من يلتزم القيم الدينية والعدالة والقيم الإنسانية، إلى أن يعلو صوتها أكثر في هذه المرحلة مع تمادي العدو في مجازره وفظائعه، وأن لا تكف عن إدانتها لممارسات هذا الكيان، وللدول التي لا تزال تدعمه، وأن تمارس كل الضغوط لمنعه من مواصلة حرب الإبادة التي يقوم بها، حتى لا تتحمل المسؤولية في إبادة شعب وتشريده وتكرار صور النكبة عنده".
وقال: "نصل إلى لبنان، الذي لا يزال يقف في خط المواجهة مع العدو الصهيوني في نصرة الشعب الفلسطيني، ويتحمل لأجله الأثمان الغالية، وهو يؤمن بأن هذا العدو إن استطاع أن يحقق ما يريد في غزة فلن يكون لبنان بمنأى عن تداعيات ذلك، في وقت شهدنا فيه حركة الموفدين الدوليين الذين يحذرون من تبعات هذا الموقف...ونحن في هذا المجال، نجدد ما قلناه في الأسبوع الماضي، من أن واجب الدول الحريصة على لبنان أن تنصب جهودها على إيقاف ما يحصل في غزة لكون ما يحصل هناك ينعكس على لبنان، وأن يتم التعامل مع القرار 1701 وكل القرارات الدولية بميزان واحد، وأن لا يكون لحساب العدو الصهيوني وأمن مستوطناته بدون أن يؤخذ في الاعتبار أمن هذا البلد  في حين أن العدو لم يلتزم يوماً بقرارات الأمم المتحدة، أو بعدم استباحة سيادة لبنان في البر والبحر والجو، أو عن إطلاقه التهديدات والتحذيرات في شكل متواصل، فضلا عن محاكاته الدائمة في مناوراته لكيفية الدخول إلى المدن والقرى اللبنانية".
واعرب عن اسفه "بأن نسمع أصواتاً في لبنان تتحدث عن هذا العدو كحمل وديع، في الوقت الذي يتمادى فيه باعتداءاته التي تستهدف القرى والبلدات الحدودية والتي وصلت إلى حد استهداف موقع للجيش اللبناني، وأدت لسقوط شهيد وعدد من الجرحى وفي القتل المتعمد للإعلاميين والذي أكدته تقارير المنظمات الدولية، وهو يستمر في إطلاق التهديدات بشن حرب تدميرية على لبنان كما يصرح وزير دفاعه، الأمر الذي يتطلب من جميع القوى السياسية أن تكون على قدر المسؤولية، وذلك بالعمل الجاد على إزالة مبررات الانقسام وعدم الدخول بكل ما يؤدي إلى توتير الساحة الداخلية مما قد يستفيد منه هذا العدو ويشجعه على توسعة دائرة اعتداءاته والمس بسيادة لبنان".
وقال: "وفي الوقت نفسه، فإننا نعيد التأكيد على ضرورة الإسراع لمعالجة الأزمات التي يعاني منها البلد وملء الفراغ في مؤسسات الدولة ومرافقها، لتكون قادرة على مواجهة التحديات والاستحقاقات الحاصلة ولا سيما على صعيد قيادة الجيش حيث لا يحتمل البلد الفراغ في هذا الموقع لأهميته وللدور الذي يقوم به الجيش على الصعيد الداخلي أو على صعيد حماية حدود الوطن الجنوبية والشرقية، حيث لا يمكن مواجهة كل ذلك بالترهل الذي نشهده وبالفراغ على الصعيد السياسي أو على صعيد قواه الأمنية."

شارك الخبر على