عمرو موسى لـ “البلاد” ورقة التطبيع لا تزال فاعلة في يد الدول العربية لحصد المكاسب

٥ أشهر فى البلاد

أبدى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، في تصريحات خاصة لصحيفة “البلاد” تفاؤلًا حذرًا بشأن مستقبل القضية الفلسطينية.
وأعرب موسى عن اعتقاده بأن هناك تغيرات إيجابية في موقف العالم من القضية، مؤكدًا أن العرب بدأوا يتضامنون فيما بينهم، ومع ذلك، يظل التطرف الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني تحديات كبيرة أمام تحقيق السلام، برأيه.
وتابع موسى ردًّا على سؤال لمراسل “البلاد” خلال ندوة بالجامعة الأميركية بالقاهرة بشأن واقع ومستقبل القضية الفلسطينية بعد 7 أكتوبر، أن ورقة التطبيع مع إسرائيل لا تزال فاعلة في يد الحكومات العربية للحصول على مكاسب لصالح القضية الفلسطينية والمصالح العربية عمومًا، غير أن “الحكومة الإسرائيلية الحالية غير مؤهلة للتفاوض على السلام مع الفلسطينيين” بتقديره.
وقال: “اتفقنا في مبادرة بيروت للسلام على استعدادنا للتطبيع بشرط الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة والتوصل لحل عادل لمشكلة اللاجئين وحق تقرير المصير الفلسطيني، فالتطبيع ليس غريبًا على العقل العربي المخطط للموقف الجماعي في بيروت، وهو قائم على تبادل المكاسب السياسية والاقتصادية، أما التطبيع المجاني فلم يكن قط جزءًا من سياسات التطبيع العربي.
ومبادرة بيروت للسلام 2002، اقترحها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والذي كان وليًّا للعهد آنذاك، في مؤتمر قمة جامعة الدول العربية التي انعقدت في بيروت في مارس 2002، وتدعو المبادرة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية التي احتلتها منذ حرب الخامس من يونيو من العام 1967، وقد حظيت بإجماع عربي في القمة”.
ومضى موسى بالقول إن من آثار يوم 7 أكتوبر وقف مسار التطبيع، معربًا عن توقعاته بإحجام الدول العربية عن التطبيع المجاني، لافتًا إلى أن السعودية تحديدًا، ومع دورها المتصاعد عربيًّا وإسلاميًّا، لا يمكن لها أن تطبّع دون مكاسب للقضية، خصوصًا في ظل الموقف العربي الراهن.
وكشف موسى عن اطمئنانه لمواقف الدول العربية، مشيرا إلى أن الإمارات حينما اتجهت للتطبيع، أبلغت أنها حصلت على تعهد من إسرائيل بعدم ضم أي أراضٍ عربية، ولكن ما حدث حقا ليس ضمًا بل “قضمًا” لأراضٍ فلسطينية، وهو ما استدعى عملية 7 أكتوبر، معتبرا أن وقف التطبيع من إيجابيات التحرك المقاوم، وإذا لم يتغير الوضع سيكون هناك 8 أكتوبر و9 أكتوبر، في إشارة إلى احتمال تكرار العمليات الفلسطينية، ما يستدعي وجود مخرج شامل للقضية.
وكشف الأمين العام الأسبق للجامعة العربية عن اعتقاده بأن العرب أضاعوا فرصًا كثيرة أيام الرئيس الراحل أنور السادات، كما أضاع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات فرصًا ثمينة، حينما تم الاتفاق بين مصر وإسرائيل على حكم ذاتي كامل للفلسطينيين، يتبعه تفاوض على إقامة دولة مستقلة.
ولفت الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية إلى أن بعض الفرص أضاعها ما سمَّاه بـ “الابتسامات الفاتنة” في ظل عمليات تفاوض بلا نهاية، ما أدى إلى خسارات كبيرة، محذرا من مسألة التفاوض مفتوح المدى.
وأشار موسى خلال الندوة الحاشدة إلى  ضرورة معالجة الانقسام الفلسطيني الخطير وخطر التطرف الإسرائيلي؛ لأنهما يمثلان تحديات كبيرة أمام حل القضية. وشدد على أنه لا يمكن تصور سلام في الشرق الأوسط من دون حل القضية الفلسطينية، وقال: “على العرب ألا يقبلوا بطبيعة إسرائيل الاستيطانية التوسعية”.
وأشار إلى أن العالم بدأ يدرك حقيقة القضية الفلسطينية، وأن العديد من الدول، بما في ذلك إسرائيل، بدأت تتحرك نحو حلها.
وأعرب موسى عن أمله في أن تتحرك القيادة الفلسطينية بشكل موحد، وأن يلعب مروان البرغوثي دورا قياديا في ذلك الاتجاه، وهو من الأسماء الفلسطينية غير الملوثة بالفساد، والتي تحظى بالإجماع.
وقال وزير الخارجية المصري الأسبق إن مصر كان لها دور تاريخي وحالي في دعم القضية الفلسطينية، وإنها تسعى إلى حل جذري لها، مضيفا أن الاستيطان الإسرائيلي يقوض حل الدولتين، وأن تفكيك المستوطنات بدأ طوعا.
وأعرب عن اعتقاده بأن “إسرائيل هزمت هزيمة استراتيجية شاملة، وأن الدولة الفلسطينية ستصبح حقيقة واقعة”. وذكر أن الموقف الأميركي من القضية الفلسطينية بدأ يتغير، لكنه لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب، مضيفا أن هناك تغيرات عالمية لصالح القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الأحزاب المتطرفة في أوروبا أصبحت أقل قدرة على دعم إسرائيل.
وأوضح أن جامعة الدول العربية لا تزال ضرورة، وأن الدول العربية يجب أن تتضامن فيما بينها، متوقعا أن تكون مسألة عودة غزة إلى ما كانت عليه قبل الحرب أمر صعب، وأن الحل يكمن في إجراء انتخابات في الطرفين. وتابع أن إسرائيل تسعى لتفريغ قطاع غزة من سكانه من خلال تدمير القرى والمنازل، حتى تستعد لاستقبال شعب جديد.
وقال إن الفلسطينيين رفضوا الاحتلال والاستعطاف، وتوقع أن يكون هناك انفجار في المستقبل ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وطالب موسى بضرورة توحيد الصف الفلسطيني، ودعم المقاومة الفلسطينية، وممارسة الضغط الدولي على إسرائيل.
وتأتي تصريحات عمرو موسى في ظل استمرار التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين، حيث شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدا في المواجهات بين الطرفين، قبل أن يتفق الطرفان برعاية إقليمية ودولية على هدنة لأربعة أيام جرى تمديدها، ومتوقع مزيد من التمديد وصولا لاتفاق دائم.

شارك الخبر على