«يوم الصحة» في COP٢٨.. منصة عالمية لعلاج أمراض الأرض

٥ أشهر فى الإتحاد

أحمد شعبان (القاهرة)تعتبر التغيرات المناخية التي تتسبب فيها الانبعاثات الكربونية والدفيئة بصورة كبيرة، مؤدية إلى ارتفاع درجات حرارة الأرض، تحدياً هائلاً يواجه العالم، وتؤثر بشكل كبير على الصحة العامة، وهو ما يجعل العالم يبحث عن خطط وأهداف محددة لخفض الانبعاثات والوصول بها إلى مستوى الصفر، والاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة والخضراء، لمنع الأمراض وتحسين صحة البشر وإنقاذ الأرواح.وتحتل تأثيرات التغير المناخي على الصحة العالمية مساحة واسعة على طاولة مؤتمر «COP28» الذي يشكل فرصة كبيرة لحث دول العالم على تزويد المساهمات لخفض الانبعاثات الكربونية، ووضع آليات نقل التكنولوجيات للدول النامية، والحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية بأقل من 1.5 درجة مئوية، وفقاً لما نصت عليه اتفاقية باريس، والانتقال إلى الطاقة الخضراء، بهدف منع الأمراض وتحسين صحة البشر وإنقاذ الأرواح.كما يهدف «COP28» إلى تنفيذ كل التعهدات، خاصة فيما يتعلق بصندوق المناخ الأخضر، والسعي نحو الانتقال إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، والحد من الأنشطة التي تؤدي لارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة داخل الغلاف الجوي، بهدف الحفاظ على صحة الناس على كوكب الأرض.وتسعى الإمارات من خلال قمة المناخ إلى الوصول إلى الحياد الكربوني في 2050، من خلال رصد الانبعاثات الخاصة بالدول خلال الأعوام السبعة والعشرين المقبلة، وحساب انبعاثات كل دولة، لمعرفة هل ستصل إلى الحياد الكربوني؟ وهل ستصل في العام 2030 إلى تخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة 50%؟. الصحة والمناخوتبذل دولة الإمارات جهوداً رائدة لتعزيز النظم الصحية المستدامة، وتحديث الإطار الوطني لمواجهة التغير المناخي وتأثيره على الصحة العامة في الإمارات، وتسعى نحو بناء نظام صحي مرن ومستدام بيئياً، من خلال تعزيز كفاءة البرامج الصحية الوقائية، والكشف عن التغيّرات الصحية وأعباء الأمراض المتصلة بالمناخ ورصدها والاستجابة لمقتضياتها والتأهّب لمواجهتها.وثمَّن أستاذ البيئة بجامعة عين شمس، مؤسس منتدى علماء العرب الدكتور وحيد محمود إمام، إدراج القطاع الصحي وعلاقته بالتغيرات المناخية لأول مرة في مؤتمرات الأطراف، مشيداً بالإمكانيات الكبيرة لدولة الإمارات وجهودها في التعامل الجيد مع القطاع الصحي والمناخ والبيئة، ما ينعكس على المخرجات والحلول خلال يوم الصحة للتعامل مع المشاكل التي تواجه العالم بسبب تغيرات المناخ.وهناك ارتباط وثيق بين الصحة والمناخ، حيث تتعرض صحة ملايين الأشخاص للخطر بسبب التغيرات المناخية من خلال تلوث الهواء السام، وتناقص الأمن الغذائي، وتفشي الأمراض المعدية، والحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات، وغيرها. ويتسبب إنتاج وحرق الوقود الأحفوري من الفحم والنفط والغاز، في انبعاثات غازات الدفيئة التي تؤدي إلى تغير المناخ، ويعتبر هذا الوقود مصدراً لملوثات الهواء الضارة بصحة الإنسان، ويمكن أن تؤدي ملوثات الهواء المنبعثة من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والمركبات التي تعمل بالديزل إلى أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية وسرطان الرئة والسكري والاضطرابات العصبية، وتداعيات على الحوامل. وكشفت دراسة أجراها البنك الدولي أن الجسيمات الدقيقة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم أو الديزل، هي من بين أكثر أنواع تلوث الهواء سمية، مع احتمال التسبب في الربو والسرطان وأمراض القلب والوفاة المبكرة، وبالتالي يمكن أن يؤدي التحول عن الوقود الأحفوري إلى منع 1.2 مليون حالة وفاة سنوياً ناتجة عن التعرض للمواد الجسيمة المحيطة المشتقة من الوقود الأحفوري.وقال أستاذ البيئة وحيد محمود إمام لـ «الاتحاد»، إن هناك آثاراً كبيرة للتغيرات المناخية على الصحة، حيث تؤدي إلى انتشار الآفات، وناقلات الأمراض والفيروسات، بصورة أكبر، كما أن هذا التغير المناخي أوجد أنواعاً كثيرة من الحشرات تنتشر في بيئات مختلفة لم تكن تعيش فيها من قبل، ولها علاقة بنقل الأمراض للإنسان والحيوان والنبات، ما يؤثر على الصحة العامة. ولفت الدكتور وحيد إلى أن اليوم المخصص للصحة في COP28 سوف يستعرض استراتيجيات الدول المشاركة، بما فيها الدول العربية، وتشمل التقارير التي تلتزم بتقديمها طواعية كل عامين والتي تتعلق بتغير المناخ، وهناك إجراءات يجب اتباعها للحد من الآثار السلبية لتغير المناخ، خصوصاً فيما يتعلق بقطاع الصحة، تتمثل في عمليات التخفيف من الانبعاثات الدفيئة والكربونية. وشدد خبير البيئة على أهمية زيادة الوعي بالإجراءات الصحية الاستباقية المرتبطة بتغيرات المناخ، والاستعانة بأجهزة الإنذار المبكر وتطبيقات وبرامج رقمية على الهواتف الذكية عند التعرض للأعاصير والفيضانات، والتنبؤ مقدماً بالأمراض التي ممكن أن تصيب الإنسان، خاصة في ظل انتشار الحشرات والآفات والظواهر المناخية المتطرفة، وتنبيه أصحاب الأمراض المزمنة المتعلقة بكبار السن، وأمراض القلب والسكري والربو بهذه التغيرات.وبحسب دراسة البنك الدولي، تقدر التكلفة العالمية للأضرار الصحية المرتبطة بالتعرض لتلوث الهواء بـ 8.1 تريليون دولار أميركي سنويا، أي ما يعادل 6.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتتم معالجة تلوث الهواء عن طريق التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري والاستثمار في الطاقة المتجددة مثل الرياح أو الطاقة الشمسية كفرصة مزدوجة لتنقية الهواء وتقليل انبعاثات غازات الدفيئة.الطعام والبيئةيؤثر الطعام الذي نأكله وكيفية إنتاجه على صحتنا وعلى البيئة أيضاً، حيث يحتاج إلى زراعته ومعالجته ونقله وتوزيعه وتحضيره واستهلاكه والتخلص منه في بعض الأحيان، وكل خطوة من هذه الخطوات تولد غازات دفيئة تحبس حرارة الشمس، وتساهم في تغير المناخ، ويرتبط حوالي ثلث انبعاثات غازات الدفيئة التي يسببها الإنسان بالغذاء.

9 من كل 10 أشخاص يتنفسون هواء يحتوي على مستويات عالية من الملوثاتفي عام 2020 صدر تقرير عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أشار إلى أنه ينبغي أن تنخفض انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بنسبة 7 في المئة كل عام على مدار العقد المقبل حتى تسير على الطريق الصحيح في إبقاء ارتفاع درجات الحرارة دون مستوى 1.5 درجة مئوية بحسب اتفاق باريس، وتقليل الاختلالات المناخية إلى أدنى حد ممكن على الأرواح والكوكب والاقتصادات.وحذرت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن تجاوز درجة حرارة 1.5 درجة مئوية سيزيد من تواتر وشدة تأثيرات المناخ، مثل التعرض لموجات الحر والعواصف والفيضانات التي شهدتها جميع أنحاء العالم في السنوات الماضية.وأشار التقرير إلى أنه على المدى القصير، سيتعين على الدول المتقدمة خفض انبعاثاتها بشكل أسرع من الدول النامية، لأسباب ترجع إلى الإنصاف والعدالة، وستحتاج جميع البلدان إلى المساهمة بشكل أكبر في التأثيرات الجماعية.وخلص التقرير إلى أن انبعاثات غازات الدفيئة  ارتفعت بنسبة 1.5 في المائة سنوياً خلال العقد الماضي، وبلغت الانبعاثات في العام 2018، بما في ذلك من التغيرات في استخدام الأراضي مثل إزالة الغابات، ارتفاعاً جديداً بلغ 55.7 جيجا طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون.وهناك أهداف وخطط طموحة مبذولة من الحكومات، والشركات والمستثمرين، لتحقيق فوائد متعددة للعمل المناخي والحفاظ على الهواء النظيف وتعزيز العديد من أهداف التنمية المستدامة، والانتقال في مجال الطاقة إلى الطاقة الجديدة والمتجددة وإمكانية الكفاءة في استخدام المواد، والتي يمكن أن تقطع شوطاً طويلاً في سد فجوة الانبعاثات.الصحة العالميةوفي عام 2018 حذرت منظمة الصحة العالمية من أن خطراً حقيقياً على العالم من فقد قدرته على الحفاظ على حياة الإنسان إذا تم تغيير مناخ الأرض بشكل أكبر عن طريق إضافة المزيد من غازات الاحتباس الحراري المسببة للاحتباس الحراري. وأشار تقرير المنظمة إلى أن 9 من كل 10 أشخاص يتنفسون هواء يحتوي على مستويات عالية من الملوثات، وأن حوالي 7 ملايين شخص يموتون كل عام بسبب التعرض للجزيئات الدقيقة في الهواء الملوث، ويمكن تجاوز هذا الرقم بكثير من خلال الوفيات الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة العالمية والطقس القاسي إذا سمح للانبعاثات الناجمة في المقام الأول عن حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات، بالارتفاع بمعدلها الحالي.من جانبه، شدد الدكتور محمد محمود، خبير الإعلام البيئي، نائب المنسق العام للشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد»، على أهمية تركيز يوم الصحة في COP28 على الدول النامية التي تفتقر إلى خدمات صحية تستطيع مواجهة آثار وسلبيات التغيرات المناخية، خاصة في قارة أفريقيا والدول الفقيرة في آسيا، مؤكداً أهمية وجود التمويل اللازم لمساعدة تلك الدول على التكيف صحياً مع التغيرات المناخية، مشدداً على أهمية ربط البحث العلمي بالآثار السلبية للتغيرات المناخية على الصحة.وقال خبير إعلام البيئة لـ «الاتحاد» إن هناك علاقة بين التغيرات المناخية والتنوع البيولوجي والتأثيرات الصحية على الإنسان، خاصة في ظل انعدام الموارد الطبيعية الضرورية لاستخراج الأدوية والمستخلصات الطبية وشح الغذاء، وعلاقة غير مباشرة بين الصحة والموارد الطبيعية التي تتعرض لخطر وآثار التغيرات المناخية التي تؤثر عليها، خاصة إذا تعرضت هذه الموارد للتصحر والجفاف، وبالتالي سوف تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على غذاء الإنسان الذي يؤثر بدوره على صحته.ولفت إلى ضرورة وضع استراتيجية ومشروعات قابلة للتنفيذ ومبادرات تكيف مع آثار التغيرات المناخية، تساعد على الحفاظ على صحة الإنسان، خاصة التي تتعلق بأمراض الشيخوخة والأطفال، من خلال منظومة إلكترونية لمعرفة خريطة توزيع الأمراض على مستوى الدول المتأثرة بالتغيرات المناخية، مع وجود تشريعات وقوانين خاصة بمجال الصحة.ويؤكد تقرير «الصحة العالمية» أن مكافحة تغير المناخ من خلال الاستثمار في توليد الطاقة الموفرة ومصادر الطاقة المتجددة، والتخطيط لمدن أكثر اخضراراً بمبانٍ موفرة للطاقة، وتوفير الوصول الشامل إلى تكنولوجيا طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، هي الطرق الرئيسية التي يمكن من خلالها تقليل ملوثات الهواء المحيط.اتفاق باريسيعد اتفاق باريس العام 2015 الذي أبرم خلال COP21 اتفاقاً أساسياً للصحة العامة، وربما يكون أهم اتفاق للصحة العامة في القرن، وتضمن التزام الأطراف بالإبقاء على ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية في حدود أقل من درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود الرامية إلى حصر ارتفاع درجة الحرارة في حد لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية بما يقلص بصورة كبيرة أخطار تغير المناخ وآثاره. كما يتضمن الاتفاق الالتزام بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة والانبعاثات الكربونية، والالتزام من قبل البلدان الأقل نمواً بأن تعد استراتيجيات وخططاً وإجراءات للتنمية المنخفضة الانبعاثات، والعمل على أن تتقاسم الأطراف رؤية طويلة الأجل بشأن أهمية تحقيق هدف تطوير التكنولوجيا ونقلها تحقيقاً تاماً لتحسين القدرة على تحمل تغير المناخ وخفض انبعاثات غازات الدفيئة.وتحقيق أهداف اتفاقية باريس يمكن أن ينقذ حوالي مليون شخص سنوياً في العالم بحلول العام 2050 من خلال خفض تلوث الهواء وحده، وتشير التقديرات إلى أن القيمة الإجمالية للمكاسب الصحية من العمل المناخي ستكون تقريباً ضعف تكلفة السياسات العالمية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة.

السيارات الكهربائية.. حل سريع للتلوثيساعد قطاع النقل في تلوث الهواء، وبالتالي فإن الانتقال إلى السيارات الكهربائية التي تعمل بالطاقة النظيفة، والترويج لمزيد من المشي أو ركوب الدراجات بدلاً من القيادة من الحلول العملية لتقليل الانبعاثات الكربونية.وكشفت الأبحاث أن الانبعاثات الكربونية من رحلات الأشخاص الذين يستقلون الدراجات يوميا أقل بنسبة 84 في المائة مقارنة بأولئك الذين لا يستخدمونها، وفي الوقت نفسه، يجلب النشاط البدني المنتظم فوائد صحية من خلال منع بعض أنواع السرطان والسكري والاكتئاب وأمراض القلب والمخاطر المرتبطة بالسمنة.وفي المنازل، يرتبط دخان الطهي باستخدام أنواع الوقود الملوثة مثل الخشب أو الكيروسين أو الفحم بأكثر من 3 ملايين حالة وفاة مبكرة سنوياً، كما أنه يساهم في تلوث الهواء الخارجي وانبعاثات غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والكربون الأسود، وهو مكون رئيسي للجسيمات الدقيقة وأحد أكبر المساهمين في تغير المناخ. 
 

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على