مستشرقون أعداد دارسي اللغة العربية في أوروبا يشهد ارتفاعًا قياسيًا

٦ أشهر فى البلاد

ثمّن عدد من الأكاديميين والباحثين العرب والأجانب الدور المهم الذي يلعبه المستشرقون في نشر اللغة العربية في أوروبا، وقدموا تجربة بولندا وإيطاليا كنموذج في الإقبال على تعلمها، مشيرين إلى أن عدد دارسي اللغة العربية فيهما ارتفع على مدى ثلاثين عامًا إلى أرقام قياسية، وكشفوا أن الشغف كان سر ازدهار اللغة العربية في الغرب.
جاء ذلك في ندوة بعنوان "واقع اللغة العربية في أوروبا تعليمًا وإنتاجًا" أقيمت في معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي تستمر فعالياته حتى 12 نوفمبر، وشارك فيها الدكتورة باربارا ميكالاك أستاذة الأدب العربي في جامعة ياجيلونسكي في بولندا، والدكتورة فرانشيسكا كراو الأستاذة بجامعة لويس في روما،  والدكتور وائل فاروق أستاذ اللغة العربية في جامعة "القلب المقدس" في ميلانو، وقدمها الدكتور امحمد صافي المستغانمي الأمين العام لمجمع اللغة العربية في الشارقة.
روت الدكتورة باربارا ميكالاك قصتها مع اللغة العربية والتي بدأت قبل أربعين عامًا، عندما سافرت إلى إيطاليا وقابلت الدكتور صبري حافظ، الذي أخبرها أن اللغة العربية أجمل لغة في العالم، فشعرت بالفضول، وقررت تعلمها، تقول "بعد لجوئي إلى كركوف في بولندا وجدت معهد الاستشراق وقسم اللغة العربية، وبدأت رحلتي من هذا القسم".
وأضافت أنها زارت عددًا من الدول الخليجية، وألفت كتبًا عديدة عن الأدب والشعر والنثر في الخليج العربي، منها كتاب عن الأدب الإماراتي، كما ترجمت بعض نصوص الأدب الخليجي ليتعرف عليها القارئ الأوروبي.
وعبرت ميكالاك عن سعادتها عندما قامت مع زملائها بترجمة مسرحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة إلى اللغة البولندية، وأشارت إلى حجم التعاون الكبير بين جامعة ياجيلونسكي ومجمع اللغة العربية في الشارقة.
واستعرضت بعض إصدارات مركز الاستشراق في بولندا، وسلسلة من كتب أساتذة قسم اللغة العربية فيه، والتي تناقش قضايا لغوية وأدبية.
 بدورها أكدت الدكتورة فرانشيسكا كراو أن علاقة إيطاليا مع اللغة العربية بدأت منذ فترة طويلة، عندما فتح العرب صقلية، وبعد خروجهم استمر تدريس اللغة العربية، من خلال مدرسين في جامعة نابولي ترجموا نصوصًا مهمة، ومن صقلية انتشرت اللغة في البلاد.
 وقالت: "إن شغفي باللغة العربية بدأ مع الكتب والمخطوطات التي لجأت إليها لمعرفة تراث أجدادي الذين استفادوا من الثقافة العربية، ووضعوا كتبًا مثل (النظام في صقلية)، وفي هذه الرحلة اكتشفت أن بين أجدادي 140 شاعرًا، فقمت بترجمة أشعارهم، بمساعدة عدد من الشعراء"، مشيرة إلى أنها تعِد كتابًا عن الأدب العربي من الإسلام إلى اليوم.
وأضافت كراو أنها كلّلت شغفها باللغة العربية بالدراسة في جامعتي القاهرة وعين شمس والجامعة الأمريكية، وأعدّت الماجستير عن نوادر جحا.
وبيّنت أن اللغة العربية ازدهرت في إيطاليا، حيث يوجد فيها الآن 30 جامعة تدرس اللغة العربية، كما يوجد عشرات الأساتذة الذين يدرّسون اللغة العربية، ويقدمون دراسات معمقة، وكذلك عدد الطلاب، ودور النشر التي تنشر باللغة العربية".
 من جانبه أكد الدكتور وائل فاروق أن اللغة العربية تنتشر في إيطاليا بصورة ملحوظة، وقال: "إن ميلانو بشكل عام ليس لها تاريخ عميق في تدريس اللغة العربية، كنابولي وروما، ولكنها تتحول إلى بيئة حاضنة لها، لأنها مركز اقتصادي مهم، وفيها العديد من السكان العرب".  
وتناول التحديات التي تواجه اللغة العربية، قائلًا: "لكل لغة تخصص علمي إلا اللغة العربية، وهذا هو التحدي الأكبر، فلا توجد شهادة موحدة معترف بها من الجهات التي تدرس اللغة العربية"، مشيرًا إلى أن العلم يقتضي وجود معايير يتفق عليها الجميع.
وأضاف أن: " التحدي الثاني يتعلق بالمنهج، فلا يوجد منهج موحد لتدريس اللغة لغير الناطقين بها"، وأشاد فاروق بالمعجم التاريخي للغة العربية الذي أصدرته الشارقة بإشراف مجمع اللغة العربية في الشارقة، ووصفه بأنه حدث فارق في تاريخ اللغة، قائلًا: "اللغة التي يتحدث بها الناس 15 قرنًا دون انقطاع كيف لا يوجد معجم يجمع تراثها“.

كيف يختار الكاتب الوكيل الأدبي المناسب؟
أكد عدد من مديري ومؤسسي نخبة من أشهر الوكالات الأدبية العربية والدولية، أن الوكيل الأدبي يقوم بدور ثقافي مهم في الحفاظ على التراث الأدبي، ويعمل على مصلحة الكاتب والناشر على حد سواء، وهذا يتطلب منه متابعة دقيقة ومهنية للمعطيات والتفضيلات القرائية، من هنا ينبغي على الكاتب أن يختار بعناية الوكيل الأدبي المناسب له، والذي يفهم طبيعة كتاباته ويرى فيها قيمة أدبية؛ مشيرين إلى أن الوكيل الأدبي المحترف لا يعمل بشكل منفرد، بل يتعاون مع الناشر، ويسعى إلى خلق نجاح مشترك للكتاب، وأنه قادر على جذب المؤلفين إليه بسمعته وإنجازاته.

جاء ذلك في جلسة "الدور المتطور للوكلاء الأدبيين في العصر الرقمي"، ضمن فعاليات الدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، واستضافت كلاً من تامر سعيد، مدير وكالة الشارقة للحقوق الأدبية، وياسمين جريصاتي، مؤسسة وكالة "راية" الأدبية، وصوفي هيكس، مؤسسة وكالة صوفي هيكس.
وفي حديثه حول عمل الوكيل الأدبي والتحديات التي يواجهها، قال تامر سعيد: "الوكيل الأدبي له دور في الحفاظ على التراث الثقافي الموجود، فهو يعمل على مصلحة أطراف الكتاب من المؤلف إلى الناشر، ويمثل صلة الوصل بينهما، لتوفير أفضل فرص صنع المحتوى وإتاحته". مشيراً إلى أن سوق النشر، كغيره من الأسواق، يواجه تحديات من أبرزها في العالم العربي غياب معلومات وتحليلات السوق، التي تتيح للوكيل الأدبي تعريف عملائه على آخر الإحصاءات والتفضيلات القرائية للقراء في المساحات الجغرافية التي يعمل بها، إضافة إلى افتقار السوق العربي إلى المتخصصين في مراجعات الكتب، ومنصات الحركة النقدية، والتي تعد من أهم محفزات نجاح ودعم عمل الوكلاء الأدبيين، وحتى القراء.
وعلقت صوفي هيكس: "في عالم النشر، يواجه الوكيل الأدبي والكاتب والناشر تحديات مختلفة ومتنوعة، فمن جهة، يسعى الوكيل الأدبي إلى تقديم خدمة مميزة للكاتب، ومن ناحية أخرى، يتعامل الناشر مع الكتاب بنظرة تجارية، لذلك، يجب على الوكيل الأدبي أن يكون حذراً وواقعياً في التعامل مع الناشر، وأن يضمن أن الكتاب يحمل إمكانية انتشار واضحة في سوق النشر. فسوق النشر مليء بالمفاجآت، وقد لا تتطابق التوقعات مع النتائج؛ فقد يفشل كتاب كان مرشحاً للنجاح، أو قد ينجح كتاب كان مهملاً أو مغموراً".
وحول التحديات التي يواجهها الوكيل الأدبي العربي، قالت ياسمين جريصاتي: "الوكيل الأدبي للكتاب العربي لديه مهمة صعبة أكثر من غيره، لأن الناشر العربي لديه تحديات سوقية متعددة تدفع الوكيل الأدبي إلى متابعة الموضوع بشكل عميق لنجاح الكتاب في الوصول الواسع والترويج الذي يخدم الكتاب بشكل أفضل" مؤكدة أن كل وكيل له هوية ومعايير خاصة، تختلف عن الوكيل الآخر، فبعض الوكلاء ينظر إلى المحتوى، وآخر يرى أن اسم الكاتب هو العنصر الأهم، وغير ذلك من المعايير التي تبرز شخصية كل وكيل.
وتأتي مشاركة الوكالة انعكاساً لالتزامها بالترويج للأدب العربي، حيث توفر الوكالة مجموعة شاملة من الخدمات لدعم الكتّاب والناشرين العرب وتمكينهم من التغلب على عوائق الحدود الجغرافية وتوسيع مدى وصولهم إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، وتتضمن تمثيل الحقوق، وخدمات التحرير والترجمة بالإضافة إلى التسويق والترويج، إلى جانب البرامج التعليمية، حيث تسهم تلك الخدمات بتمكين الكتّاب والناشرين، وتعريفهم على خصائص مشهد النشر الدولي.
ويذكر أن وكالة الشارقة الدولية للحقوق الأدبية شاركت في فعاليات "مؤتمر الناشرين" الذي سبق انطلاق "معرض الشارقة الدولي للكتاب"، حيث ركزت المشاركة بشكل أساسي على تواصل الشركات مع بعضها من جهة، ومع الناشرين وأصحاب الحقوق الدوليين من جهة ثانية، واستشكفت آفاق التعاون والصفقات في صناعة النشر، وشكّلت مشاركتها في ندوة تحت عنوان "شراء الحقوق من العالم العربي" منصة للنقاشات المتعمقة حول الإمكانات الواسعة للسوق الأدبي العربي، والتي أثبتت فعاليتها في فهم المنطقة وتوقيع العقود والصفقات بين الحاضرين.
ومع تركيز "وكالة الشارقة الدولية للحقوق الأدبية" على الأدب، وكتب الأطفال، والروايات المصورة، إلّا أنها تلتزم بمجموعة واسعة من أنواع الأدب العربي، في إطار سعيها لتمثيل الكتّاب الموهوبين من جميع أنحاء العالم، موفرة لهم منصة للتبادل الثقافي والأدبي، وتعزيز حضورهم في السوق خلال فعاليات "معرض الشارقة الدولي للكتاب".

لماذا نقرأ؟
"نحن نقرأ لأننا نتنفس، نحن نقرأ لأن القراءة جزء من الخبرة الإنسانية التي تتجاوز تلقي العلوم والمعارف". هذا ما أكده نخبة من الأدباء والأكاديميين والمتخصصين في عالم النشر، ضمن فعاليات الدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، عند سؤالهم: "لماذا نقرأ".
يقول الدكتور وائل فاروق، أستاذ الدراسات العربية في "جامعة القلب المقدس الكاثوليكية" في مدينة ميلان الإيطالية: "نحن نقرأ لأن ما يقرأ يشكل جزءاً من الخبرة الإنسانية من الصعب أن تزول بسرعة، أما ما نتلقاه عبر الوسائط الإعلامية المختلفة، فإنه سريع في الزوال كما هو سريع التلقي. وبالتالي فإن القراءة فعل مهم جداً للاحتفاظ بالذاكرة التي يبدو أنها في خطر في عالم اليوم، كما أننا عندما نقرأ فإننا نحفز الخيال الإنساني الذي يلعب دوراً كبيراً في تجسيد ما نقرأه، لأن الكلمات رموز للأصوات، فأنت عندما تقرأ خيالك هو الذي يحول تلك الرموز إلى صور ومعاني وهذه أيضاً تجربة إنسانية مهمة لتكوين الشخصية الإنسانية، فنحن لا نقرأ لنعرف الجديد فقط، ولا نقرأ لنتعلم أشياء عن العالم، نحن نقرأ لننمو".
بدوره، يؤكد الروائي والإعلامي شاكر نوري، أن سؤال لماذا نقرأ موازٍ لسؤال آخر، هو: لماذا نتنفس؟ فالهواء الطلق الحقيقي هو هواء الكلمات. وأضاف: "نحن كأمة عربية نسبح في 12 مليون مفردة في اللغة العربية التي لا يضاهيها لغة أخرى في العالم في عدد الكلمات، فالإنجليزية والفرنسية في كل منهما نحو 500 ألف كلمة، هذا يجعلنا نقول: إن القراءة هي أساس الوصول إلى المعرفة، وهذا يجعلها أساسية في حياتنا، سواء في مجال التعليم أو الأدب، ولكن في هذا العصر يبدو أن الشباب مائل إلى الاختزال، فمع أهمية القراءة تأتي أيضاً أهمية أن نخاطب الجيل الجديد بأسلوب متجدد في الكتابة".
أما الكاتب والإعلامي حسين درويش، فيرى أننا نقرأ لنغذي جوانب في شخصياتنا وأرواحنا، فالقراءة جزء أساسي من أمتنا العربية التي تشكل القراءة جزءاً من شخصيتها. ويقول: "هنا يبرز سؤال آخر هو "ماذا نقرأ"؛ إذ ليس كل ما يكتب ينشر، وليس كل ما ينشر يقرأ، وبالتالي فإنه في زحمة النشر الكبير علينا أن نختار ما الذي يعنينا من الكتابة، وهذا ليس انتقاداً لصناعة النشر، ولكن هو عبارة عن مطالبة بوضع الشيء في مكانه، كما تقتضيه الحكمة، فمن الممكن أن تختار أحد ما كتاباً مناسباً لظروفه المعرفية والثقافية والعلمية، وهو لا يناسبني أنا، هذا ليس عيباً في الكتاب، ولكنه خطأ في اختيار الكتاب المناسب للشخص المناسب. وهنا يجب أن نتعامل مع الترويج للقراءة بأدوات حديثة، حتى يعرف الأجيال لماذا يقرأون، وماذا يقرأون".
الناشر محمد مولود عبد العزيز، صاحب دار العرفان الوقفية العامة في موريتانيا، يقول: "القراءة عملية أساسية لتنمية العقل والفكر، تماماً كما يعتبر الطعام والماء غذاءً ضرورياً للأجسام، فمن خلال القراءة ننمو ونتطور، ونكتسب المعرفة، وإذا كنا نفهم أهمية الغذاء لصحتنا الجسدية، يجب أن نفهم أن القراءة هي غذاء عقولنا وتفكيرنا. كذلك فإن القراءة التي نتحدث عنها هي كلمة عامة، تشمل التقنيات الحديثة، فتاريخياً، قام الإنسان بتسجيل المعرفة والأفكار بأشكال مختلفة؛ إذ بدأ الأمر بالرسوم على الألواح الحجرية، ثم تطورت هذه العملية إلى ابتكار الحروف والكلمات، والكتب الورقية لا تمثل سوى جزء صغير من عالم القراءة المتنوع“.

المنطقة الحرة لمدينة الشارقة للنشر
أعلنت المنطقة الحرة لمدينة الشارقة للنشر عن تخصيص باقات حصريّة للناشرين والمهتمين بصناعة الكتاب والثقافة، خلال الدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2023، وذلك انطلاقاً من دورها الرائد في تعزيز صناعة النشر في المنطقة والعالم، وباعتبارها أول منطقة حرّة مخصّصة لهذه الصناعة في العالم.
وتُتيح المنطقة الحرة لمدينة الشارقة للنشر -لوقت محدود- باقة شركات النشر، والتي تتيح للمعنيين فرصة الحصول على رخصة أعمال وإقامة مستثمر مقابل 6,500 درهم إماراتي، وتشمل الباقة العديد من المزايا التي تتضمن: رخصة أعمال، وعقد تأسيس، وعقد إيجار، وشهادة تأسيس، وشهادة أسهم، وتسجيل القنوات الإلكترونية، وبطاقة المنشأة، والفحص الطبي والهوية الإماراتية، كما وتتيح  حتى 7 مساهمين.
وقال منصور الحساني، مدير المنطقة الحرة لمدينة الشارقة للنشر بالإنابة: "تلتزم المنطقة الحرة لمدينة الشارقة للنشر برسالتها الهادفة إلى تقديم خدمة عملاء استثنائيّة، وحلول مرنة وعمليّة تلبّي احتياجات روّاد الأعمال والناشرين، لذا فهي تقدّم اليوم عبر منصّة استثنائيّة وفريدة تتمثل بمعرض الشارقة الدولي للكتاب، فرصة لكافة العاملين والمهتمين بقطاع النشر والصناعات الإبداعيّة للحصول على مزايا حصريّة لباقة تُطرح خصّيصاً للمشاركين في هذا الحدث، لتكون محفّزاً إضافياً لهم إلى جانب الخدمات والتسهيلات العديدة الأخرى التي توفرها المدينة لشركاتها".
وأضاف: "سنواصل جهودنا الراسخة لدعم رؤية مدينة الشارقة للنشر لتكون مركزاً لنمو قطاع النشر، وتوفير بيئة ملائمة للإبداع والتبادل المعرفي بين الناشرين، ودعم تحسين جودة المحتوى التعليمي والثقافي".
وتعدّ المنطقة الحرة لمدينة الشارقة للنشر الخيار الأفضل والأسهل والأسرع لرواد الأعمال والمستثمرين الراغبين بتأسيس أعمالهم في الإمارات، وتشمل بعض الجهود التي تقوم بها: التعاون مع الناشرين والمبدعين لتسهيل أعمالهم، حيث تضم أكثر من 1500 ناشر ومستثمر في هذا القطاع من أكثر من 40 دولة، وتوفر لهم فرصاً لإنتاج وتوزيع المحتوى التعليمي والثقافي بجودة عالية، وتسهل وصوله إلى القراء في المنطقة وخارجها.
كما تُسهم المنطقة الحرة لمدينة الشارقة للنشر بدور فعّال في دعم جهود محو الأمية وتعزيز التعلّم من خلال شراكاتها مع هيئات حكومية وخاصة مثل جمعية الناشرين الإماراتيين. وتضمّ المدينة كذلك مشروع "إنغرام لايتنينغ سورس الشارقة" أول شركة طباعة حسب الطلب في المنطقة التي تساعد الناشرين على طباعة كتبهم بسرعة وجودة عالية وتوزيعها عبر شبكات عالمية، حيث تسهّل هذه الخدمات على الناشرين إدارة مخزونهم من الكتب وتخفض تكاليف الطباعة.

الذكاء الاصطناعي يتيح فرصاً كبيرة أمام صنّاع كتاب الطفل
ندوات فكرية عديدة يزخر بها البرنامج الثقافي والفكري للدورة 42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، التي انطلقت فعالياتها يوم أمس في مركز أكسبو الشارقة، تتنوع مضامينها وموضوعاتها بتنوع المعرض الذي يقام هذا العام تحت شعار "نتحدث كتباً"، ومن الندوات التي أقيمت ضمن فعالياته جلسة حوارية بعنوان: "الذكاء الاصطناعي وأثره على أدب الطفل" تحدث خلالها الكاتب والناشر الكويتي محمد شاكر جراغ نائب رئيس مجلس إدارة الملتقى العربي لناشري كتب الأطفال، والناشرة الإماراتية الدكتورة اليازية خليفة السويدي، صاحبة دار الفُلك للترجمة والنشر. 
استعرض محمد شاكر تجربته في استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال كتاب الطفل، مبيناً أن البداية كانت حين قرأ عن استخدامات الذكاء الاصطناعي في الاستشارات القانونية الدقيقة فأدرك أن هناك شيئاً ما يتطور في هذا المجال وبدأ يهتم بالأمر على مستوى مجاله، وشكل فريقاً من 25 شخصاً عكفوا لمدة عام ونصف على دراسة الذكاء الاصطناعي في مجال النشر  للأطفال، ودوره في جميع مراحل هذه العملية من تحرير النص إلى الرسومات إلى الإخراج والصف وحتى الطباعة والتسويق، وخرجوا بدراسة من 200 صفحة قدموها لملتقى ناشري كتب الأطفال، أوضحوا فيها الجوانب المشرقة لهذه التطبيقات في مجال النشر للأطفال، ومنها اختصار الوقت والجهد، والدقة.
قال: "إن تأليف كتاب للطفل عبر أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد لا  يستغرق سوى عشر دقائق،  من خلال أسئلة توجيهية لتجويد النص، والعملية برمتها حتى مراحل الطباعة قد تستغرق ساعتين، والطباعة نفسها دخلت هذا المجال، فهناك مطابع تطبع في الساعة الواحدة 150 كتاباً مع التغليف والتجليد وبجودة عالية، ما يعني أننا يمكن أن ننتج كتاباً وبـ3500 نسخة خلال 24 ساعة فقط، وهو أمر مستحيل وفق ما هو معتمد حالياً، حيث قد يستغرق إنتاج كتاب للطفل نصف شهر أو أكثر، من التأليف إلى الرسم إلى الإخراج والتدقيق، والطباعة".
فيما تحدثت الدكتورة اليازية خليفة عن تجارب استخدام تطبيق "التشات جي بي تي" في الكتابة، وملاحظاتها حوله، مبينة أن العنصر البشري يبقى الأهم في العملية الإبداعية برمتها، فهذه التطبيقات تولد الأفكار من بيانات تراكمية مختزنة، وليست عملية خلق كما يفعل الكاتب، الذي بإمكانه استثمار هذه التطبيقات ولكن ليس بشكل كامل، مبينة أن الذكاء الاصطناعي قد يكون أفضل لبعض الفئات الخاصة من الأطفال، كالمصابين بالتوحد أو من ذوي الإعاقات البصرية والحركية، لدقته الكبيرة في تحديد وفرز تدرجات الألوان وأشكال اللمس المناسبة".
وقالت: "في مجالات أخرى يبقى العنصر البشري هو الأهم، ولذلك عملية إنتاج الكتب تبدأ بالفكرة وأهمية أصالتها، ومراحل التدقيق، فمن المهم مرور النص بالمدقق التحرير واللغوي، وحتى أيضاً في مجال الترجمة، لأن هذه التطبيقات تترك بعض الهنات، ويبقى التسويق أهم نقطة لصالحها لقدرتها الكبيرة على قراءة الخوارزميات الشبكية وتفضيلات المستهلك“.

عوالم ساحرة من الأدب الكوري المعاصر يُنصح باقتنائها
يفتح معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ 42 الذي انطلق تحت شعار "نتحدثُ كتباً" نوافذ رحبةً وآفاقاً لا حدود لها أمام القراء للتعرف على الأدب الكوري المعاصر المترجم للعربية، عبر أشهر الكتب والروايات، وأكثرها مبيعاً في كوريا الجنوبية التي تحلّ ضيف شرف هذا العام، والتي يجدها جمهور المعرض في جناح كوريا الذي يشغل مساحة 184 متراً مربعاً من الجمال والثقافة والتفاصيل الغنية بالألوان المبهجة الآسيوية المميزة، التي تأخذ الزوار في رحلةٍ عجائبيةٍ ممتعة للتعرف على تفاصيل الثقافة الكورية الجنوبية.
"لوز" واحدةً من أبرز الروايات الكورية، وأكثرها شهرةً ومبيعاً، فقد تجاوزت مبيعاتها المليون نسخة، الأمر النادر في عالم الكتب الأكثر مبيعاً، الرواية من تأليف الكاتبة سون وون بيونج، صدرت عن دار صفصافة للنشر، بترجمة منار الديناري، وتقدم قصة فريدة عن الصداقة الحقيقية، وعن التأقلم مع مصائب الحياة، وكيف يمكن للحب والصداقة أن يغيرا حياة المرء للأبد.
"الكلبة التي تجرأت على الحلم" للكاتبة صن مي هوانج، رواية مكتوبة بحرفية شديدة، تذكرنا بأنسنتها للحيوانات كتاب "كليلة ودمنة" العمل العظيم الذي نقله ابن المقفع للعربية في القرن الثاني الهجري، الرواية صدرت عن دار ثقافة، بترجمة زينة إدريس، وتحكي قصة الكلبة زيتونة المنبوذة بسبب مظهرها المختلف عن أخوتها الجراء، وعلى طول العمل سيستكشف القارئ العديد من مغامرات زيتونة مع صديقتها الهرة، والدجاجة، وواقع الحياة اليومية المزري الذي تواجهه الحيوانات في مجتمع المدينة، وغيرها من المعاني السامية.
عند قراءة هذه الرواية المدهشة، هناك احتمال كبير للغاية أن يتعاطف القارئ مع القتلة والمجرمين؟ هذه هي الفكرة المحورية عند أون سو، جعل القارئ يتعاطف مع هؤلاء الناس، وأن يرى ما في دواخلهم من جمال وطيبة. الكاتب من مدينة بوسان، عاش طفولته في منطقة خطرة، يسكنها رجال العصابات، ورغم ذلك كان يراهم أناساً مخلصين لأصدقائهم ويعاملون أهلهم بشكل جيد جداً، فحاول أن يقدمهم بشكل يمكننا من رؤية جوانبهم الإنسانية، وليس فقط الجانب الإجرامي، صدرت الرواية عن دار المحروسة، بترجمة محمد نجيب.
واحدةً من أبرز وأكثر روايات الخيال العلمي شهرةً في كوريا الجنوبية، وعنوانها "برج" للكاتب باي ميونج هون، من إصدارات عصير الكتب، بترجمة منار الديناري، وتدور الرواية حول الحكايات التي تحدث في ذلك البرج المكون من 674 طابقاً، ويسكنه نصف مليون مواطن، ويدعى "فبينستوك". عالم عجيب من البشر والحيوانات والأشياء المفارقة للواقع، مكتوبة بحرفية ومهارة عالية.
ولمحبي القراءة بالإنجليزية يتيح معرض الشارقة الدولي للكتاب أكثر من رواية مميزة من الأدب الكوري المعاصر، اخترنا لجمهور القراء رواية "حياتي الرائعة" للكاتبة كيم أي ران، والرواية تدور قصتها حول "أريوم" ذلك المراهق الذي يعيش في قرية صغيرة مع والديه الفقراء، في داخله فضول كبير حول كل شيء من حوله، لذلك يقرأ بنهم، محاولاً استغلال كل دقيقة في حياته بشكل صحيح.

دعم الشارقة لنقل الأدب العربي لكل لغات العالم فاق كل الجهود
خلال جلسة ثرية حول الترجمة، وتجربة جائزة الشارقة للترجمة "ترجمان" استعرض مجموعة من الأكاديميين والمترجمين ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2023 أهمية الجائزة في دعم جهود الترجمة عالمياً، ودورها في تسليط الضوء على النتاج الإبداعي والمعرفي العربي وإظهار حجم مساهمته في الثقافة الإنسانية.
واستهل المترجم الألماني لوسيان ليتيس الجلسة بالتعبير عن سعادته بفوز الدار السويسرية للنشر الذي يعمل مديراً لها بجائزة الشارقة للترجمة (ترجمان)، قائلاً: "أكثر من 45 عاماً في عملي بالترجمة، وفوزنا بترجمان، الجائزة العربية الأكبر في العالم في مجال الترجمة، بمثابة كلمة شكر صادقة وخالصة لي، شكراً جزيلاً للشارقة". 
وقال: "لابد من اتخاذ خطوات راديكالية الآن، وليس غداً، كوضع خطط دولية جادة، وإجراء اجتماعات أممية لبحث مسائل الترجمة، وضرورة تمويل مشاريع الترجمة بسخاء، لأن الترجمة شيء أساسي ولابدّ أن تُدعم".
بدوره قال صبحي البستاني، أستاذ الأدب العربي الحديث في المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية بباريس: "دائماً ما أتحدثُ عن تمويل الاتحاد الأوروبي لمشاريع الترجمة، وجمعية ليلى لترجمة الأدب العربي للغات الأوروبية، لكنّ أود أن أشير هنا، إلى أن جائزة ترجمان، ودعم الشارقة لترجمة الأدب العربي لكل لغات العالم فاق الجميع".
في إجابتها على سؤال: (لماذا نترجم)، قالت المترجمة الإيطالية إيزابيلّا كاميرا دافيليتو: "في ثمانينيات القرن الماضي حين بدأت دراسة الأدب العربي، وجدتُ تجاهلاً كبيراً في إيطاليا لما يبدعه العرب، وشعرت أن الغرب قد شيّد جداراً بينه وبين إبداعات العرب، فقررت يومها أن أحطم هذا الجدار بالترجمة، إذ وجدت أنه لابد أن أعرف ويعرف بنو أرضي ما الذي يحدث على الجهة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، وأول رواية ترجمتها كانت (رجال في الشمس) لغسان كنفاني، وكانت الرواية العربية الأولى الحديثة المترجمة للإيطالية وقتها".
وعن سبب ترجمتها لهذه الرواية أضافت كاميرا: "لأسباب جمالية تعود لأسلوب كنفاني المدهش، ولأسباب واقعية؛ فقد أردت أن يعرف الإيطاليون أن ثمة بلداً جميلاً اسمه فلسطين، يعاني، ويحتاج إلى حلول".
أفرد المترجم الإسباني لويس ميخيل كانيادا مساحةً لا بأس بها للإجابة على سؤال لماذا الترجمة، فمن وجهة نظره أن الترجمة هي ترياق الخلود للنصوص الأدبية، بقوله: "الكتاب غير المترجم، محكومٌ عليه بالصمت، وكأنه نصٌ نهائي"، أما عن معايير اختيار العمل الذي سيترجم يقول كانادا: "في أوقاتٍ كثيرة يعود الاختيار للمترجم، وفي أحيان أخرى تختار دار النشر الأعمال وتعرضها على المترجم، لكن في الأخير الناشر هو الذي يقرر ما الذي سيترجم.
وتحدث المترجم الألماني الكبير هارتموت فندريش الذي عرف الألمان والسويسريون وغيرهم من شعوب أوروبا بالأدب العربي عبر عشرات الروايات العربية التي ترجمها للألمانية، حول دور الترجمة في نقل مختلف المشاعر الإنسانية، والأفكار الشخصية للأفراد الموجودين داخل الأعمال الأدبية، قائلاً: "لابد أن يكون المترجم على معرفة تامة باللغة التي يترجم منها، فثمة تعبيرات حين تترجم لا تستقيم منطقياً في اللغة المترجم إليها، كقول العرب أطعمت الدجاج على السطح، في أوروبا الأسطح مدببة، ومختلفة تماماً، ولا نربي فوقها أي دجاج، لذلك عانيت كثيراً وأنا أترجم روايات إبراهيم الكوني، في وصف خيام الطوارق، وتفاصيل الصحراء، والطعام، والملابس، والمظاهر المعمارية للأمكنة“.

"هاري بوتر" موقعة بخط المؤلفة في المعرض
عُرضت واحدة من خمس نسخ فقط في العالم من الطبعة الأولى لرواية "هاري بوتر وحجرة الأسرار" لعام 1998، موقعة بخط الكاتبة البريطانية جيه كيه رولنغ، ضمن فعاليات "معرض الشارقة الدولي للكتاب 2023"، مثيرة دهشة زوار الدورة الـ42 من المعرض بسعرها الذي وصل إلى 50 ألف درهم، وندرتها وقيمتها الأدبية التي شكّلت الرواية الثانية من سلسلة روايات "هاري بوتر"، ونالت إعجاب القراء والنقاد، وتحولت إلى فيلم حقق إيرادات غير مسبوقة في شباك التذاكر حول العالم.
وقال أليكس وارن، مالك دار "زرزورة" للكتب النادرة التي تعرض الكتاب: "ربما تكون هذه النسخة من الكتاب هي رواية الأطفال واليافعين الأعلى سعراً في المعرض، لوجود خمس نسخ فقط منها في العالم بأسره، وهذه واحدة منها"، مشيراً إلى أن مؤسسته التي تتخذ من دبي مقراً متخصصة بالطبعات الأولى من الكتب والنسخ الموقعة بخط الكاتب والخرائط والمطبوعات والكتب القديمة والنادرة. 
وخلال مشاركتها الأولى في "معرض الشارقة الدولي للكتاب"، تعرض دار "زرزورة" مجموعة من الكتب النادرة، أبرزها نسخة من "الخيميائي" عام 1983 للكاتب البرازيلي باولو كويللو بسعر 1950 درهماً، وطبعة من كتاب "قطة بين الحمام" عام 1959 للكاتبة البريطانية أجاثا كريستي بسعر 1050 درهماً، ونسخة من كتاب "لوليتا" عام 1959 للكاتب الأمريكي من أصل روسي فلاديمير نابوكوف بسعر 750 درهماً.
كما يعرض أليكس وارن، الذي ينحدر من مقاطعة يوركشاير شمال شرق إنجلترا وأسس "زرزورة" في شارع السركال بدبي قبل عام تقريباً، الطبعة الأولى من رواية "إله الأشياء الصغيرة" الفائزة بجائزة الـ"بوكر" لعام 1997، للكاتبة الهندية أرونداتي روي بسعر 550 درهما، وروايتي "الفك المفترس" بسعر 1200 درهم، و"الحديقة الجوراسية" بسعر 1100 درهم وكلتاهما للكاتب الأمريكي مايكل كرايتون، وتم تحويلهما إلى أفلام سينمائية.
وأضاف: "تختلف هذه الإصدارات عن باقي الكتب لأنها تشكّل جزءاً من التاريخ ولأنها طبعات حصرية، ويوجد كتب حول العلم والرياضة والتاريخ والمذكرات والسير الذاتية، وفي الوقت نفسه، يوجد الكثير من القرّاء الذين يقدّرون الكتب النادرة وقيمتها في دولة الإمارات العربية المتحدة".
وحول الاسم الذي اختاره للدار وهو اسم واحة أسطورية في الصحراء الكبرى غرب نهر النيل في مصر أو ليبيا، قال وارن: "يوجد عدد من الحكايات الأسطورية حول هذه الواحة حيث تم إرسال عدة بعثات للعثور عليها، فالفكرة هي العثور على كنز ثمين وسط الصحراء، وآمل أن يجد القرّاء هذا الكنز من خلال كتبنا".
وتضم مجموعة الكتب النادرة المعروضة، نسخة من كتاب "الرمال العربية" من عام 1959 للمستكشف والكاتب البريطاني ويلفريد ثيسيجر، بسعر 2100 درهم، وتتناول رحلات المؤلف وأسفاره لاستشكاف صحراء الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية بين عامي 1945 و1950، في محاولة لتوثيق حياة البدو الرحّل والسكان المقيمين فيها.
ويشكل الكتاب عملاً كلاسيكياً في أدب الرحلات، ويعكس التغييرات والتطورات الاستثنائية التي حدثت في المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، والاندثار التدريجي لطرق الحياة التقليدية البدوية التي استمرت لآلاف السنين. وإلى جانب هذه المجموعة القيمة من الكتب النادرة، يقدم "معرض الشارقة الدولي للكتاب 2023" أكثر من 1.5 عنوان في دورته الـ42 التي تستمر حتى 12 نوفمبر الجاري في "مركز إكسبو الشارقة“.

الإلهام الصامت...  كتاب "بلا كلمات"
أكد الكاتب الكوري بارك هيونمين في جلسة "الكتب المصورة وإنشاء تجربة بصرية جذابة"، أن النجاح في عالم الكتب المصورة يعتمد بشكل أساسي على الفكرة من الرسومات، وليس الرسومات بحد ذاتها، إذ لا يشترط أن تكون الرسوم الموجودة في الكتاب المصور زاهية أو جاذبة بشكل استثنائي، ولكن يجب أن تدعم وتعزز الفكرة الرئيسية من الكتاب.
وكنموذج عملي، تعرف الطلاب من جمهور معرض الشارقة الدولي للكتاب 2023، على كتاب بارك "كمية الثلج الهائل"، الذي جعل منه مشهوراً في كوريا الجنوبية.. واللافت في الكتاب أنه يحتوي صفحات شبه بيضاء، وفي كل صفحة يضاف إلى الصفحة رسمة بسيطة تمثل جزءاً من القصة، وهكذا كان الكتاب بسيطاً جداً في صوره، ولكنه مفيد للغاية في عمق فكرته وفائدته في تنمية الخيال لدى الأطفال ومهارات الاستنتاج والتفكير النقدي، والاستيعاب، حيث تعتمد فكرة الكتب التي يؤلفها بارك على أن يكون الطفل هو من يستنتج القصة ومجرياتها وأحداثها، مروراً بكل تفاصيل القصة بدءاً من المقدمة ومروراً بكافة أحداثها، وحتى حل العقدة النهائية.
وأشار بارك إلى أن قصصه لا تحتوي أي كلمة، فهو يستطيع من خلال الصور البسيطة المجردة، ذات الفكرة القوية أن يجعل الطفل يتصفح الكتاب بكل عناية، ويقف عند كل صفحة دقائق أو ساعات، وهو يتأمل ويفكر ويدقق، حتى إنه لا يتعلم الأحداث فقط، ولكنه يتعلم مع مجريات الأحداث حقائق فيزيائية وعلمية من خلال تحليل مكان الطفل الذي يبحث عنه من خلال القصة، وطبيعة المكان الذي يقف أو يجلس فيه، واختلاف زاوية النور في المكان بحيث يتعرف الطفل على مكان الشخص وحجمه ومكان وجود النور عندما يبدو الشخص أو الخيال بحجم أو شكل معين، كما في قصته الأخرى "البحث عن النور“.

التنقل بين الخيال والسياق الثقافي والنصوص سر نجاح مهمة المؤرخ
أكد المؤرخ الكوري البروفيسور كيم هو، أن البيانات هي العامل الرئيسي للحفاظ على استمرار الدراسات التاريخية وتخيّل الماضي، مشيراً إلى أنه من الصعب تصوّر شكل الماضي دون وجود بيانات كافية.
وقال كيم هو خلال جلسة "تصوّر الأحداث التاريخية"، أقيمت ضمن فعاليات الدورة الـ 42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب: "عندما كنت أستكمل دراساتي العليا أخبرني مستشاري بتجنب التخيل قدر الإمكان، لأنه سيتسبب في وقوعي بأخطاء إذا اعتمدت عليه فقط"، لافتاً إلى ضرورة فتح الباب للربط بين البيانات - ممثلة في النصوص- والسياق الثقافي.
وأضاف المؤرخ الكوري: "دائما أتنقل بين النصوص والسياق الثقافي، ومن خلال هذا التنقل أعزز قدرات التخيل اعتمادًا على حقائق تاريخية، لذلك فسر نجاح المؤرخ يتجسد بقدرته على التنقل بين الخيال والسياق الثقافي والنصوص بشكل سليم؛ فالنصوص والسياق ليسا متصلين ببعضهما البعض، لكنهما دائمًا يتفاعلان سويًا لتقديم حقيقة جديدة"، مشيراً إلى أن النصوص والسياق الثقافي لهما نفس المكانة الخاصة، وبالتالي فمن الضروري الاعتماد عليهما جنباً إلى جنب.
وأوضح كيم أن الحقيقة تختلف عن الصورة الذهنية المتوارثة؛ فالتبادلات المباشرة بين كوريا والعالم العربي كانت نادرة جدًا في الماضي، وهذا الأمر قد يتسبب في تكوين صورة ذهنية غير دقيقة لدى كل طرف عن الطرف الآخر، لكن الآن أصبحت التبادلات كبيرة بين الجانبين ومن ثم تتغير تلك الصورة.
ويقول المؤرخ المتخصص في دراسة حضارة مملكة جوسون الكورية القديمة: "عندما يتعلق الأمر بالسجلات والوثائق القديمة للحصول على المعلومات، يكون هناك الكثير من المحتوى غير المفهوم؛ وهنا يكون الخيال مفيدًا عند البحث عن البيانات، لكنه قد يصبح عائقاً في بعض الأحيان".
ولفت كيم، إلى أن المؤرخ يجب أن يمتلك مهارة العودة إلى الماضي والسفر عبر الزمن، وأن يتجنب التحيز منذ البداية. ومن خلال تحقيق توازن بين المعطيات يمكن أن يحصل على نتيجة أقرب إلى الدقة والاستمرار فيها مع تعمق الدراسة التاريخية.
وتابع: "يمكن القول بأن المؤرخ يجب عليه أن يتخذ موقفاً موضوعياً، ولكن كإنسان لا يستطيع تجنب عدم الموضوعية في بعض الأحيان؛ إذ يقف بين اتجاهين ويبحث عن طريقة معقولة لتحقيق التوازن في تدقيق المعلومة".
وذكر كيم هو، أنه كمؤرخ مهتم بالحياة اليومية للأشخاص العاديين في حضارة جوسون وتعاملاتهم والأدوية التي كانوا يستخدمونها عند مرضهم، قائلاً: "يمكنني الحصول على المعلومات عن الملوك والنبلاء بسهولة، لكن البيانات المتعلقة بالناس العاديين كان أمرًا صعبًا، ووجدت أنهم لم يتركوا أي سجلات، لكن تركوا سجلات عن الجرائم المرتكبة لذلك عكفت على دراسة هذا الموضوع لاقتفاء أثره".
وأوضح كيم هو، أن زيارته إلى دولة الإمارات للمشاركة في فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب تعد الأولى له لدولة عربية، مضيفاً: "عندما وصلت إلى المعرض فوجئت بكثرة الكتب العربية المعروضة به، ورغبت في معرفة ماذا يدور في تلك الكتب وكيف يمكن نقل ذلك المحتوى الثمين إلى كوريا"، وأضاف: "قرأت كتاب ألف ليلة وليلة وأعجبني كثيرًا، حتى أنني رغبت بعدها في معرفة تفاصيل أكثر عن العالم العربي".

شارك الخبر على