أغرب انتخابات رئاسية أميركية!

٧ أشهر فى الإتحاد

يبدو أن الانتخابات الرئاسية الأميركية في العام القادم سوف تكون الأغرب، على الأقل منذ الحرب العالمية الثانية التي لا أدعي معرفة تفصيلية بالانتخابات الرئاسية الأميركية قبلها، وذلك لاعتبارات، أولها أنها ستكون الحالة الأولى التي يعاود فيها مرشح خسر انتخابات التجديد لولاية ثانية الترشح للمنصب، وينطبق هذا الوصف على رئيسين سابقين هما جيمي كارتر الذي خسر انتخابات 1980 أمام رونالد ريجان، وجورج بوش الأب الذي خسر انتخابات 1992 أمام بيل كلينتون، ولم يفكر أي منهما في تكرار التجربة، بل إن بعض الرؤساء اختار لأسباب مختلفة ألا يترشح أصلاً لولاية ثانية كليندون جونسون الذي أكمل مدة الرئيس جوزيف كينيدي بعد اغتياله، ثم فاز بولاية في انتخابات 1964، لكنه لم يتقدم لولاية ثانية رغم أن أن هذا كان من حقه.
وكذلك فعل جيرالد فورد الذي اكتفي أصلاً بإكمال ولاية ريتشارد نيكسون الذي اضطر للاستقالة في 1974 بعد أن باتت إدانته بانتهاك الدستور في فضيحة ووتر جيت مؤكدة. ولا شك في أن حسابات الرجلين «جونسون وفورد» لاحتمالات الفوز كانت السبب الرئيسي لقراريهما، أما دونالد ترامب فإن إحساسه بشعبيته في أوساط «الجمهوريين» هو بالتأكيد ما يدفعه للإقدام على معاودة الترشح، فهو مازال يحتل المقدمةَ بفارق كبير بين المرشحين الجمهوريين المحتملين.
أما الاعتبار الثاني لغرابة الانتخابات فهو عامل السن، فقد ضربت الانتخابات الأخيرة (2020) التي فاز بها جو بايدن الرقمَ القياسي في تقدم سن المرشحين فيها، إذ سجلت رقماً قياسياً لأكبر الرؤساء سناً. فقد خاضها ترامب (74عاماً) ضد بايدن الذي بلغ 78عاماً عند توليه المنصب، وسوف تحطم انتخابات 2024 إذا أُجريت بين الرجلين هذا الرقم القياسي. وليست هناك مؤشرات حتى الآن على نية بايدن عدم الترشح بسبب سنّه.
وثمة اعتبار ثالث لغرابة الانتخابات القادمة، وهو أن أكثر المرشحين الجمهوريين احتمالاً للفوز بترشيح الحزب، هو ترامب، ملاحق باتهامات بعضها يتعلق بسلوكه الشخصي وبعضها بتهم سياسية خطيرة مثل التحريض على أحداث الكونجرس في يناير 2021 التي كان هدفها منع اعتماد نتائج الانتخابات التي ادعى ترامب تزويرَها، أي محاولة تغيير نتائج الانتخابات في ولاية جورجيا.
ولو أفلح الحزب الجمهوري في استصدار قرار من مجلس النواب بمحاكمة بايدن بتهمة الفساد، فسوف تكون انتخابات 2024 أول انتخابات يُحتمل أن يكون المرشحان عن الحزبين الرئيسيين فيها متهمين بتهم قاسية. ويبقى الاعتبار الرابع، وقد لا يكون الأخير، وهو أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون أول انتخابات يتنافس فيها نائب للرئيس «مايك بنس» مع رئيسه السابق على الترشح.
ومعلوم أن بنس رفض الانحياز لترامب في أزمة أحداث الكونجرس في يناير 2021. تنطوي ظروف الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة إذن على بعض السمات غير المسبوقة، ويجدر بالملاحظة أنه ما زال أمامنا وقت كافٍ لظهور متغيرات جديدة في معادلة هذه الانتخابات.
والمشكلة أنها سوف تُجرى في وقت شديد الحساسية داخلياً وخارجياً، فعلى الصعيد الداخلي تتصاعد أصوات اليسار الأميركي محذرةً من تحول النظام الأميركي إلى نظام لا يخدم إلا القلة القليلة من الشعب، وعلى الصعيد الخارجي بدأت بوادر الانقسام بشأن السياسة الأميركية تجاه الحرب في أوكرانيا تظهر، وكلتا القضيتين بحاجة إلى رئاسة قوية للتصدي لهما.
*أستاذ العلوم السياسية- جامعة القاهرة 

شارك الخبر على