الزميلة بثينة خليفة قاسم تنال درجة الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية

٩ أشهر فى البلاد

حصدت الباحثة والكاتبة الصحافية بثينة خليفة قاسم درجة الدكتوراه بتقدير “مشرف جداً”، مع توصية بالنشر، في القانون العام والعلوم السياسية، عن أطروحة الدكتوراه في جامعة محمد الخامس بالرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- سلا، تحت عنوان “ النظم السياسية لدول الخليج العربي والاستقرار السياسي- دراسة مقارنة”، بإشراف أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – سلا المصطفى منار، وأمام لجنة علمية قديرة وبحضور مشرف من أعضاء سفارة مملكة البحرين في المملكة المغربية. 

موضوع البحث
تؤكد الباحثة أن البحث يركز على أحد جوانب ديناميات النظم الملكية الخليجية التي طالما وُصفت بالتقليدية والمحافظة، وتبين العناصر التي توضح قدرتها على التعامل مع الأزمات، واحتواء آثار عدم الاستقرار ليس فقط النابع من البيئة الداخلية للنظام، وإنما الذي يمثل تداعيات لأحداث في دول عربية أخرى أو بسبب تدخلات أجنبية لبث عوامل عدم الاستقرار وتشجيعه. 
كما إن البحث يوضح اختلاف سياسات النظم الملكية الخليجية في تعاملها مع إدارة الأزمات، فبينما لجأ بعضها إلى استخدام موارده المالية، فإن دولاً أخرى قامت بمبادرات سياسية ودستورية استباقية للحد من آثار هذه التداعيات. 
وهناك أهمية عملية للبحث، تتمثل في توضيح السياسات والإجراءات التي تتخذها الدول -أو التي ينبغي أن تتخذها- لمواجهة عناصر عدم الاستقرار. 

الإشكالية المعتمدة
كشفت تطورات الأحداث في المنطقة العربية من ديسمبر 2010 -وهو تاريخ اندلاع المظاهرات الاحتجاجية في تونس- عن مفارقة جديرة بالبحث بين النظم الملكية وتلك الجمهورية. وقد أثبتت النظم العربية الملكية قدرتها على مواجهة تأثيرات ذلك، ومع أن هذه التأثيرات برزت بدرجات مختلفة في هذه الدول، فقد نجحت النظم الحاكمة في التعامل معها، فتراجعت هذه المظاهر، وعادت شعوبها إلى معادلات الحكم السابقة دون تغييرات جوهرية في شكل النظام السياسي. 
في ضوء ذلك، تتمثل مشكلة البحث في تفسير قدرة النظم السياسية في الدول الخليجية العربية الملكية على مواجهة التأثيرات النابعة من ذلك؟ وبعبارة أخرى، فإن البحث يركز على تأثير سمات النظم السياسية الخليجية على قدراتها في هذا الشأن. 
وبناء على تحديد مشكلة البحث، فإن المجال الموضوعي للدراسة يتحدد في دراسة عوامل استدامة النظم السياسية الخليجية الملكية وقدراتها على التكيف، وإدخال تعديلات دستورية وقانونية دون إحداث تغيير جوهري في طبيعة النظام السياسي وتوزيع السلطة بين عناصره ومؤسساته، مع التركيز على مملكة البحرين بحكم الظروف المتميزة التي شهدها النظام السياسي في هذه الدولة.
أما المجال الزمني للدراسة، فإنه يبدأ من ديسمبر 2010 مروراً بالأحداث المماثلة في مصر 2011 والبحرين فبراير من نفس العام وحتى إطلاق آخر مبادرة الحوار في يناير 2014، وما وصلت إليه من نتائج وتوصيات. 

وتنطلق الباحثة من تساؤل رئيس، هو: 
ما هي السياسات والإجراءات التي اتبعتها النظم الملكية الخليجية، وأدت إلى قدرتها على التعامل مع التأثيرات بداخلها؟ 
فرضيات الدراسة 
بناء على تحديد المشكلة البحثية، يمكن تحديد فروض البحث فيما يلي: 
هناك علاقة إيجابية بين نمط الشرعية التقليدية (قبلية ودينية)، وقدرتها على الحفاظ على الاستقرار السياسي وتجاوز التأثيرات. 
هناك علاقة إيجابية بين توافر قدرات مالية ووجود نمط معين للدولة، وقدرتها على تجاوز التأثيرات. 
هناك علاقة سلبية بين حدة الانقسامات الإثنية، وقدرتها على تجاوز التأثيرات. 

المناهج المعتمدة
استعانت الباحثة بمنهج التحليل البنائي الوظيفي، الذي يرتبط باسم عالم السياسة الأميركي جابريل ألموند، باعتباره أكثر الأطر ملاءمة للموضوع، مع التركيز على أداء النظام System Performance، مستخدمة في ذلك مفهوم القدرات Capabilities، وإن تحليل القدرات يركز على تحليل المخرجات وأداء النظام وقدراته، ومدى مساهمة تفاعل هذه القدرات على استقرار النظام السياسي وزيادة قدرته على التكيف مع الظروف والتحديات المتغيرة بما يمكنه من استيعابها واحتوائها سلمياً، أو ردعها ومقاومتها بالقوة إذا تطلب الأمر ذلك.

بالإضافة إلى المنهج المقارن، وذلك من خلال دراسة السلوك السياسي لأنظمة دول مجلس التعاون الخليجي الست مع الأنظمة الملكية العربية الأخرى في المملكة المغربية والمملكة الأردنية الهاشمية.  إلى جانب توظيف الباحثة للمنهج التاريخي، من خلال استعراض تأسيس مملكة البحرين والبحث في التطور التاريخي للنظام السياسي وانتقال الحكم في المملكة، بالإضافة إلى تحليل الجوانب التاريخية لأمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، من خلال الاستعانة بالأدلة المأخوذة من الوثائق والسجلات مع بعضها بطريقة منطقية والاعتماد على هذه الأدلة في تكوين النتائج التي تؤدي إلى حقائق جديدة، وتقديم تعميمات سليمة عن الأحداث الماضية أو الحاضرة. 
كما استعانت الباحثة بتقنية المقابلة، مع بعض الفاعلين من رؤساء الجمعيات السياسية أو من ينوب عنهم. 
ومن خلال فصول الدراسة التي حاولت الإجابة عن التساؤلات الرئيسة والفرعية التي أثارتها فرضيات الدراسة وأهدافها، فقد تم استخلاص مجموعة من الاستنتاجات يمكن تناولها على الشكل التالي: 
إن قدرة النظام على المواءمة بنجاح بين ظروف البيئة المتغيرة داخلياً وخارجياً، فيما يُعرف بأدبيات العلوم السياسية “التكيف” (Adaptation)، يُعد أهم مؤشرات الاستقرار السياسي. فالنظام السياسي الذي يتمكن من مواجهة الأزمات من خلال توظيف قدراته وتغيير سياساته وقراراته، واضعاً أهدافاً تتناسب وطبيعة المرحلة الجديدة التي يعيشها بكافة إرهاصاتها، يمكنه أن يتخطى الأزمات الحادة التي تشكل خطراً على شرعيته، كما يتمكن من تجنب مختلف أشكال عدم الاستقرار السياسي، الشي الذي يجعل المؤسسات السياسية تمتع بالمرونة، بالإضافة إلى قدرتها على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.
إن قوة النظام السياسي وقدرته على حماية المجتمع وسيادة الدولة، من أهم مؤشرات الاستقرار السياسي لأي نظام، حيث يعد ذلك دليلاً على قوة الدولة وقدرتها على الدفاع عن الوطن، وسيادته، ومصالحه، مما يكسبه مزيداً من الشرعية، ورضا الجمهور. 
إن نجاح السياسات الاقتصادية للنظام يسهم في رفع مستوى المعيشة ومعدلات الرفاه للأفراد، ويخلق نوعاً من الأمن والطمأنينة والرضا الشعبي تجاه النظام السياسي والسياسات العامة للحكومة، وبالتالي يدعم من استقرار النظام، ويعد أحد مؤشرات استقراره. 
وتأسيساً على ما سبق، فإن سعي النظم السياسية العربية الملكية للحفاظ على استقرارها السياسي من خلال إجراءاتها وتدابيرها، وبالأخص تلك المتعلقة بتوظيف النظام السياسي لقدراته المؤسسية وتمثيل المصالح للمواطنين، من شأنه أن يخلق مزيداً من الشرعية السياسية، حيث التوافق المبني على مبدأ المواطنة، وهو ما يؤدي إلى تراجع العنف السياسي الذي تمارسه المعارضة في النظم السلطوية.  
وتتميز النظم الملكية بسياسات اقتصادية أكثر استقراراً من تلك الجمهورية، والذي ينعكس بشكل إيجابي على مشاريع التنمية الاقتصادية، وعلى دخل المواطن، كما يكسب مزيدا من الرضا الذي يعتبر المعيار الأول للشرعية، ويعد بمثابة تجديد ولاء أو بيعة لنظامه السياسي الحاكم.
وقد يكون ذلك عائداً للارتباط الوثيق بين طبيعة النظام السياسي والتقدم الاقتصادي، حيث الرغبة العميقة التي أظهرتها النظم الملكية لإحداث نقلة في مجال التنمية الاقتصادية، إيماناً منها بأن التنمية الاقتصادية لها بعدٌ سياسي له صلة بتخفيف ضغط المطالبات الدائمة بانفتاح أكبر على الجانب السياسي، من خلال التركيز على إشراك أكبر عدد من المواطنين في عملية التنمية والتوعية والتأهيل للمساهمة في مسيرة البناء في القطاعين العام والخاص، لاسيما أن العائدات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي، مكنتها من إقامة علاقة مباشرة مع مواطنيها، من خلال توفير “دولة الرفاه”، ودعم الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وتنمية اجتماعية وخدمات إسكانية.  
وتستعد الباحثة إلى طباعة الأطروحة في كتاب علمي متخصص، نحو مزيد من استفادة ذوي الاختصاص والمهتمين والباحثين وطلبة الجامعات المحلية والخليجية والعربية والدولية.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على