أرمان سولدين... من ساراييفو إلى خطوط المواجهة في أوكرانيا

١٠ أشهر فى البلاد

تكفي مشاهدة اللقطات الأخيرة لوكالة فرانس برس من مدينة باخموت الأوكرانية المحاصرة لمعرفة مدى شغف الصحافي أرمان سولدين الذي قضى خلال تأدية عمله في أوكرانيا في التاسع من أيار/مايو الماضي.

وفي 14 تموز/يوليو، بمناسبة العيد الوطني الفرنسي تم تقليده وسام جوقة الشرف من رتبة فارس، أرفع وسام فرنسي.

مع إحكام القوات الروسية تدريجا قبضتها من الشمال والجنوب والشرق، بدا أن باخموت رمز الحرب التي شنها الكرملين والمقاومة الأوكرانية، أصبحت على وشك السقوط.

ورغم المخاطر كان أرمان سولدين منسق الفيديو في وكالة فرانس برس مصمماً على نقل الأحداث معرضاً نفسه للخطر في مرمى النيران لتأمين صور المعركة العسكرية الشرسة والدمار المنتشر في كل مكان.

لم يقتصر عمل أرمان على تغطية المعارك، بل وثق أيضا معاناة سكان محاصرين في الصراع يحاولون البقاء على قيد الحياة وسط الفوضى.

كان في باخموت سكان يعبرون النهر الجليدي للحصول على الطعام والماء والحطب... في تشاسيف يار حيث قُتل، التقى امرأة تهتم بحديقتها.

وفي كييف، وثّق لحظة عاطفية بين أب مجند وابنه الذي فر من المعارك إلى الخارج، خلال ممارستهما لعبة على الإنترنت.

وفي وقت سابق من الشهر، أنقذ قنفذا مصابا من خندق واهتم به حتى استعاد عافيته وأطلق عليه اسم "لاكي".

تصدّرت لقطات أرمان غير العادية عناوين وسائل الإعلام في كل أنحاء العالم.

ولم يكن يكلّ. فحتى بعد يوم شاق من العمل وإعداد تقارير، كان يحمّل صورا التقطها على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك في محاولة لنقل مشاهد ما وصفها ذات مرة بأنها "حرب قديمة الطراز في قلب أوروبا"، لأكبر عدد من الناس.

لاجئ

ولد أرمان سولدين في ساراييفو، وكان من أوائل البوسنيين الذين تم إجلاؤهم إلى فرنسا مطلع العام 1992. وكان يبلغ من العمر وقتها بالكاد عاما واحدا.

وكتب في 2022 على مدونة فرانس برس "ميكينغ اوف" في مقابلة من كييف بينما كان يعمل على ضوء الشموع "قصص اللاجئين تمسني". وأضاف "أنا من البوسنة، من ساراييفو. أفهم الوطنية لكنني لا أعرف الكثير عن القومية المتطرفة".

وكان يتحدث الفرنسية والإنكليزية والإيطالية بطلاقة لكن أصوله ساعدته في عمله في أوكرانيا. وكتب "أتحدث قليلا اللغة البوسنية، إنها لغة سلافية أيضا ونتفاهم قليلا". وأشار إلى أن "عددا كبيرا من النساء يحملن اسم أوكسانا ووالدتي أيضا".

وسولدين لاعب كرة قدم موهوب لعب وهو شاب في ملعب رين في غرب فرنسا لكنه تخلى عن احتراف هذه الرياضة بعد تعرّضه لإصابة، وانضم إلى وكالة فرانس برس كمتدرب في روما عام 2015.

هناك، فرض نفسه بصفته "متدرب مثالي" كما تتذكر سونيا لوغر التي دربته.

وقالت "لقد أراد أن يفعل كل شيء وأن يرى كل شيء وأن يعرف كل شيء.. برغبة في التعلم بتواضع، وفي اكتشاف إيطاليا، وببهجة عميقة في الحياة".

أما المراسل الرياضي السابق لوكالة فرانس برس في روما إيمانويل بارانغيه فتحدث عن زميل له "مبتهج طوال الوقت". وقال "حتى عندما كان يلعب كرة القدم كان يبتسم".

في السنة نفسها انتقل للعمل مع وكالة فرانس برس في لندن حيث استمتع بالحياة و"احتفل كثيرًا من مساء الجمعة إلى الأحد" وأحاط نفسه بدائرة من الأصدقاء المقربين جداً وغطى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

لكنه كان يشعر بالإحباط "لأنه لم يكن حاضرا بشكل كاف على الأرض" كما تقول صديقته ديان دوبري.

في 2019 أصبح في الوقت نفسه مراسلًا رياضيًا في المملكة المتحدة لقناة "بلاس" حيث لقي إعجاباً كبيراً. وقال مدير البرامج في القناة ديفيد باروه إن "خفته وسحره (...) جعلا الجميع يحبونه مهنيًا وإنسانيًا". وأضاف "كان يلقى إجماعا".

وخلال جائحة كوفيد-19 في 2020، وجد نفسه مجددا في روما التي جابها بحثا عن قصص، رغم أن كل شيء كان مغلقا.

وقال أحد زملائه "كان دائما يجد شيئا".

عندما غزت روسيا أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، تطوع سولدين ليكون من الموفدين الخاصين الأوائل للوكالة.

وفي شباط/فبراير "بعد عام تماما تقريبا على وصولي إلى أوكرانيا للمرة الأولى الذي غير حياتي"، أكد أنه "فخور جدا بالعمل والجهود والدموع التي بذلناها مع الزملاء". وأضاف "الأمر لم ينته بعد".

وقال مدير الأخبار في فرانس برس فيل شتويند في بيان إن "عمل أرمان الرائع لخّص كل ما جعلنا فخورين جدا بتغطية وكالة فرانس برس في أوكرانيا".

صوّر أرمان الكثير من لقطاته بجهاز أيفون، لكن السرعة والتنقل لم تكونا السبب الوحيد لذلك. فقد أدرك أرمان أيضا التأثير الذي قد تحدثه "كاميرا كبيرة".

وأوضح "أستخدم هاتفي المحمول فقط عندما أتوجه إلى الأشخاص للتحدث معهم. إنه أقل إخافة بالنسبة إليهم".

وفي 21 آذار/مارس، كان مع فريق وكالة فرانس برس في كراماتورسك في شرق أوكرانيا يحتفل بعيد ميلاده الثاني والثلاثين.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على