لبنان يقبل على فراغ بمنصب حاكم المصرف المركزي في ظل ازمته الاقتصادية

١١ شهر فى كونا

من ايوب خداج

بيروت - 18 - 6 (كونا) -- من المرتقب أن تنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان المركزي الحالي رياض سلامة في نهاية يوليو المقبل في ظل عجز الحكومة عن اختيار خلف يتولى مهام منصبه مع العلم أن لبنان يقع تحت وطأة ازمة اقتصادية ومالية حادة.
ويعود السبب الرئيسي لعدم القدرة على اختيار خلف للحاكم في أن البلاد تعيش من دون رئيس للجمهورية ومن دون حكومة أصيلة اذ ان الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال وبالتالي لا يحق لها القيام بتعيينات في المناصب الرئيسية ولا يوجد آلية قانونية للقيام بذلك في ظل هذا الشغور بموقع الحكم.
وقد تطول هذه الأزمة مع غموض كبير حول ما إذا سيكون بالإمكان تعيين حاكم جديد قريبا مع استمرار تعذر انتخاب رئيس الجمهورية ومن ثم تعيين حكومة أصيلة في أزمة قد تطول شهورا عديدة وربما سنوات.
ويرى الخبراء الماليون ان الشؤون الادارية في المصرف ستستمر في العمل مع تولي النائب الاول لحاكم المصرف مهام الحاكم متسائلين عن الشأن المالي والتخوف من اضطراب سعر الصرف وتسجيل العملة الوطنية مزيدا من الانهيار في قيمتها كما حصل خلال الاشهر الماضية.
وتعد الازمة في لبنان ضمن "الازمات الاقتصادية الاسوأ على مستوى العالم منذ منتصف القرن ال19" كما وصفها البنك الدولي والتي ادت الى انهيار كبير في قيمة عملته الوطنية وفقدانها الكثير من قوتها الشرائية.
وفي هذا السياق قال وزير الاقتصاد الاسبق آلان حكيم في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الاحد إن اهمية موقع حاكم مصرف لبنان تنبع من دور المصرف بحد ذاته في تولي زمام الامور النقدية والمالية في البلاد وإشرافه على تطبيق السياسات النقدية للسلطة السياسية.
واضاف حكيم ان دور المصرف المركزي يقوم على تطبيق الرؤية الاقتصادية للحكومة التي ترسم التوجهات المالية والنقدية للبلاد مشيرا الى اهميته التشريعية في مجال المال والنقد وتطبيق السياسة النقدية.
واوضح ان موقع حاكم مصرف لبنان على الرغم من اهميته الا انه لا يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد ككل خصوصا في الحالة التي يعيشها لبنان في ظل وجود اقتصاد رسمي مباشر وآخر مواز.
وأشار حكيم الى عدم قوة التأثير المباشر لموقع حاكم مصرف لبنان في القضية التي يعيشها المواطن اللبناني كل يوم وهي تعدد تحديد سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الاجنبية في سوقين رسمي وآخر غير رسمي.
واعتبر ان المسار القائم حاليا في الشأن النقدي والمالي والذي أوجد نوعا ما من الاستقرار يلبي أدنى حاجات المواطنين "لكن من الصعب تغييره الآن" لافتا الى انه من دون تغيير الهيكلية الكاملة للاقتصاد اللبناني لا يمكن تغيير المعايير المالية ما يؤدي الى استمرار الوضع الحالي كما هو عليه.
من جهته اكد الامين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح في تصريح مماثل ل(كونا) ان مصرف لبنان سيستمر بعمله في السعي للحفاظ على القطاع المصرفي ومنع توجهه نحو الافلاس لافتا الى اصدار المصرف المركزي تعاميم للمصارف تهدف الى استمرارية عملها الى حين الوصول لاعادة هيكلة القطاع ككل.
وقال فتوح إن ادارة المصرف المركزي في حال شغور موقع الحاكم ستستمر في سياسته الحالية المتمثلة بلجم الازمة المالية والسيطرة على سعر الدولار الأمريكي مقابل الليرة "وهو ما يعتبر الخطر الاكبر في حال تفلت سعر الصرف من الضوابط".
واوضح ان مصرف لبنان يعمل كمؤسسة تدار من قبل المجلس المركزي الذي يرأسه الحاكم ويضم ايضا اربعة نواب للحاكم الى جانب المدير العام لوزارة الاقتصاد والمدير العام لوزارة المالية.
بدوره اكد الاعلامي المتخصص في الشؤون الاقتصادية اللبنانية موريس متى ل(كونا) ان الانتقال الى مرحلة ما بعد انتهاء ولاية الحاكم الحالي للمصرف سيتم بكل سهولة اذ ان النائب الاول للمصرف سيتولى مهام وصلاحيات الحاكم "وقد بدأ فعليا بتسلم الملفات التي بحوزة الحاكم".
ورأى متى ان موقع حاكم المصرف اصبح "جوهريا" في لبنان بسبب الظروف الاقتصادية والمالية الحالية وكونه المنظم الاول للسياسات النقدية ونتيجة مسؤوليته الجزئية عن السياسة المالية.
ولفت الى استمرار السياسة النقدية نفسها المعتمدة من المصرف في المرحلة المقبلة لاسيما الاجراءات المعتمدة في ادارة القطاع المصرفي وضبط عمليات سعر الصرف معتبرا ان التبعات السلبية على الوضع المالي في لبنان لن تكون بسبب شغور موقع حاكم المصرف وانما "بسبب استمرار سير لبنان من دون أفق سياسي والفشل المتكرر في انتخاب رئيس للجمهورية".
وقد شكل موقع حاكم مصرف لبنان مدعوما بالصلاحيات الواسعة التي منحه إياها قانون النقد والتسليف دورا محوريا في السنوات الماضية بعدما دخل لبنان في أزمته المالية والنقدية الحادة وأصبح الاداة الاساسية لضبط تقلبات سعر صرف العملة المحلية.
وبحسب قانون النقد والتسليف اللبناني الصادر في عام 1963 فإن المهمة العامة للمصرف المركزي هي المحافظة على النقد لتأمين أساس نمو اقتصادي واجتماعي دائم اضافة الى المحافظة على سلامة أوضاع النظام المصرفي وتطوير السوق النقدية والمالية.
كما ينص القانون على تعيين حاكم مصرف لبنان لست سنوات بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية ويعين نائبو الحاكم لخمس سنوات بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.
وعند شغور منصب الحاكم يتولى النائب الأول مهام الحاكم ريثما يعين حاكم جديد ويتمتع الحاكم بأوسع الصلاحيات لادارة المصرف وتسيير أعماله وهو لا يخضع لقواعد الادارة وتسيير الاعمال وللرقابات التي تخضع لها مؤسسات القطاع العام.(النهاية) ا ي ب / ر ج

شارك الخبر على