الببليوثيرابيا الشعبية دراسة مطبقة على الأدب البحريني

حوالي سنة فى البلاد

تعتبر الببليوثيربيا أو بما يطلق عليه تعريباً بعلم العلاج بالقراءة ضمن التراث المكتبي العالمي، والذي تم تداوله بين الشعوب على نطاق واسع؛ وذلك لما حققه من نجاحات كبيرة في تقديم كافة فئات العلاجات الروحية والنفسية، فضلاً عن كونه مجالاً أصيلاً وحيوياً وخصباً للدراسات ذات الصلة بالمجتمعات الأنسانية.
ومن الجدير بالذكر أن العلاج بالقراءة له تاريخٌ طويل، فلا مبالغة عندما نقول بأنها قديمة قِدم الإنسانية ذاتها، فقد قام المصررين القدماء بتسجيل القوة العلاجية للكتاب على البرديات وجدران المعابد، وكما قد أخذ الأغريق عن المصريين هذا الإرث الحضاري، وقد ذكر أفلاطون أن الفن يؤثر تأثيراً عميقاَ في الجانب العقلي عن الطبيعة الإنسانية كما قال أرسطوا بالتأثير العلاجي للفن والأدب.
هذا وبالإنتقال إلى العصر الحديث فمن الملاحظ إهتمام المكتبيون الأمريكيون بهذا العلم أكثر من غيرهم، وربما أن بعض المكتبيون حول العالم لم يسمع أحد منهم البتة عن هذا العلم على الإطلاق، حيثُ أرتبط العلاج القرائي منذ مطلع القرن التاسع عشر بتطور الخدمات المكتبية في المستشفيات وخاصة مستشفيات الأمراض العقلية في الولاياتالمتحدة الأمريكية، ولكن على وجه العموم يعتبر العلاج بالقراءة ثمرة هامة من ثمرات النصف الأول من القرن العشرين مع إزدياد أعداد المستشفيات التي أصبحت فيما بعد مراكز تدريب لأمناء المكتبات على الممارسات ذات الصلة بأعمال العلاج بالقراءة.
وفي سياقٍ متصل قد أخذت علم العلاج بالقراءة عدة صور لأشكال وأنماط العلاجات لأساليب وأنماط مختلفة ومتباينة فيما بينها، والتي تراوحت ما بين الببليوثيرابيا المؤسسي، والببليوثيرابيا الإكلينيكي (السريري) والببليوثيرابيا العام التنموي، والتي نستعرضها لاحقاً بشيءٍ من التفصيل، إلا أنه يود الباحث خلال هذا المقال إبراز فئة أخرى في تصنيف هذا العلم على إعتبار الأقسام التي ينطوي عليها؛ وذلك عى أساس فئة الإنتاج الفكري (الماد الخام) المستخدمة في العملية العلاجية، والتي تشتمل على نوعيات متنوعة ومتدرجة من الإنتاج الفكري بدءاً من القرآن الكريم والأحادي النبوية الشريفة، فالقصص الشعبية، وقصص الخيال العلمي، وكتب الروح (الكتب التي تملى على الروح)، والشعر ... وغيرها، وكما يمكن تقسيمها على أشكال الإنتاج الفكري إلى مواد مطبوعة Printed Materials وموادٍ غير مطبوعة Non-Printed Materials، وكما يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام رئيسة حسب طرق وأساليب العلاج وهي : الببليوثيرابيا المؤسسي، والببليوثيرابيا السريري (الإكلينيكي)، والببليوثيرابيا العام ( التنموي )، ومن هنا يرى الباحث أنه يمكن تقسيم علم الببليوثيرابيا على أساس فئة هذه المواد أو بعبارةٍ أخرى على أساس نوعيات الإنتاج الفكري أو الفئة الموضوعية التي تنتمي إليها هذه المواد على إختلاف أشكالها وفئاتها وأشكالها المتنوعة والمختلفة والمتدرجة إلى أربعة فئات وهي : 
الببليوثيرابيا الدينية : والتي تشتمل على اللنصوص الدينية، ومنها بطبيعة الحال الدين الإسلامي  ونصوصه الدينية، وما ينطوي عليه من آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة.
الببليوثيرابيا الشعبية : والتي تشتمل على القصص الشعبية والشعر الشعبي والغنائي والرقصات الشعبية عبر ثقافات المختلفة في مختلف دول العالم، والتي تدخل أيضاً في باب علاج المرضى والمعتلين.
الببيلوثيرابيا العلمية : والتي تشتمل على كافة العلوم التطبيقية والعملية، كعلم الهندسة، وعلوم الفضاء، وعلم الطب ... وغيرها.
الببليوثيرابيا القصصية : والتي تشتمل على قصص الخيال العلمي والقصص والروايات الأدبية، وكتب الروح(الكتب التي تملى على الروح).
أولاً : الببليوثيرابيا المصطلح : التنظير والتأطير :
   عند الحديث عن ماهية مصطلح العلاج بالقراءة وما يقابله في الثقافة الغربية بالببليوثيرابيا تشير في الأساس إلى أصلها اللاتيني، والتي تنطوي على البادئة ببليو Biblio بعنى كتاب، واللاحقة أوبتايد Obtied بمعنى علاج، وكما قام ب ك كورد كروثر في نهاية سنة 1916م بالإحتفاظ بالبادئة ببليو Biblio، وإستبدال الاحقة أوبتايد Obtied بالكلمة الإنجليزية ببليوثيرابيا Therapy ليصبح المصطلح الحالي في ثوبه الجديد وهي ببليوثيرابي Bibliotherapy الأمر الذي تسبب في الكثير من الخلط واللبس بين كلا المصطلحين سالفا الذكر على نحو ما سيتم ذكره آنفاً بشيءٍ من التفصيل.
   هذا وبالإنتقال إلى التعاريف الخاصة بمصطلح ببيلوثيربيا نصادف التعريف الأول بعد قاموس دورلاند الطبيDorland’s Illustrated Medical Dictionary  المصور سنة 1941م، حيث عرف الببليوثيرابيا على أنها : "إستخدام الكتب كروشتى (وصفة) قراءة في علاج المرضى"، ولعل من التعليقات الطريفة  لهذا لمصطلح ما ذكرته لور هيرش قائلةً : "أن صداقة حميمة أو حباً صادقاً أو أكلة شهية أو بعض المال غير المتوقع وما شاكل ذلك يمكن أن يدخل في باب العلاج بالقراءة". 
ثانياً : الببليوثيرابيا عبر الثقافات : التأريخ والتأصيل :
بدأت عمليات العلاج بالقراءة ممارسة وتنظيراً منذ أقد العصور في الحضارات القديمة، ومن هنا يكفينا قولاً ما سجله المصريين القدماء على جدران معابد المكتبات المصرية القديمة ومكتبات الأكاديميات المصرية القديمة من نقوشٍ تدل على ممارسة مثل هذه الفئة من العلاجات المرضى والمعتلين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر "هنا علاج الروح"، وأيضاً "بيت علاج النفس"، والتي وجدت في الكثير من تلك المعابد والأكاديميات مثل مكتبة معبد رمسيس الثاني، ومكتبة معبد إدفو، ومكتبة معبد دندرة، ومنها أنتقل هذا العلم إلى البابليين والأشوريين، ومن ثم إلى اليونان والرومان الذين أقتبسوا هذا الشعار ووضعوه على مكتباتهم؛ وذلك للدلالة على إستخدام الكتب في علاج الروح إذا سُقمت والنفس إذا أعتلت.
هذا وقد شهد هذا المجال بشيءٍ من الركود والتوقف تماماً عن النمو جراء الصرعات والحروب والأفكار الهدامة التي نشرت كنتيجة حتمية للصراعات التي شهدتها الحضارة الإنسانية القديمة في العصور الوسطى، إلا أنه من المفارقات الغريبة أنه قد ظهر هذا علم العلاج بالقراءة من جديد في الولايات المتحدة الأمريكية كونها تُعد من دول العالم الجديد؛ وذلك مع تغير النظرة الأكاديمية إلى المكتبة منذ القرن التاسع عشر في ظل الإهتمام بالبحث العلمي وحاجة الباحثين إلى المكتبة وحاجتهم إلى العاملين فيها.
هذا ومن الجدير بالذكر فإن قد بدء حركات التطور المتلاحقة في علم الببليوثيرابيا مع مطلع القرن الثامن عشر في المستشفيات والبيمارستانات الأمراض العقلية في الولايات المتحدة، ولعل أبرزها مصحة هارتفوردHartford Retreat  وبيمارستان بلومنجديل Bloomingdale Asylum، ومستشفى ماكلين Mclean Hospital، وبيمارستان الأصدقاء Friends Asylum، وقد كتب بنيامين روش Benjamin Rush كتابه "وصف المجذوب" في سنة 1812م والذي طبع منه  خمس طبعات كانت آخرها طبعة 1962م، والذي  ذكر به نصاً بعض المبادئ الهامة في علم العلاج بالقراءة، ولعل أهمها تجنب سواء الكتب حقائقية كانت أم خيالية لها علاقة بالأفكار الخاطئة بعقل المريض، ومع النصح بقراءة كتاباً يحمل موضوعاً له آلفة مع المريض.
هذا وكما أن جوستين ونسور Justin Winsor الذي عمل في مكتبة جامعة هارفارد Harvard University سنة 1877م على فتح رفوف المكتبة أمام القراء لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت هي البداية الحقيقية للإرشاد القرائي أو بما يطلق عليه بالخدمة المرجعية، حيث تعتبر هذه الخدمة بناءاً على مقترح تقدم به سويت جرين في مكتبة روكستر العامة سنة 1876م، التي وأخذت هذه الخدمة في طور النشوء والإرتقاء والتطور حتى استحدثت مكتبة بوسطن العامة Boston Public Library سنة 1883م التي تعد أكبر المكتبات العامة في الولايات المتحدة وظيفة مساعد "إرشاد قراء متفرغ"، وكما في سنة 1900م لم تنتشر هذه الوظيفة المكتبة العامة في ديترويت وحدها بل أيضاً في مكتباتها الفرعية.
   هذا وخلال العقد الأول من القرن العشرين ذكر لنا بول أوتليت أحد مؤسسي المعهد الدولي للببليوجرافيا سنة 1895م وكتابه الرائع في "كتاب عن الكتاب" يجده أنه يؤكد على أن علم نفس الكتبا ما هو إلا جز لا يتجزء من علم الكتاب أو علم الببليوجرافيا، وفي خلال هذا الفترة أيضاً سطع نجم نيقولاس روباكين Nicholas Rubakinفي سماء علم الببليوثيرابيا في العديد من البلاد الأوروبية وخاصة في هولند وتشكيوسلوفكيا، إلا أن روسيا قد تجاهلته وبعد موته نسيته وبات في غياهب النسيان ص231، وذلك من خلال والتي كانت تتلخص في وضع علم نفس الكتاب من خلال محاضرة مشتركة بين معهد جان جاك روسو والمعهد الدولي للببليوجرافيا سنة 1916م، والذ ألف كتباً ماتعاً سنة 1922م تحت عنوان "مقدمة في علم نفس الكتاب".ص235
وقد شهد عقد العشرينات وثلاثينات القرن الماضي الإعتراف بوظيفة مرشد قراء وباتت في مقدمة الوظائف في المكتبات في الولايات المتحدة، حيثُ ولدت أول قسم لتعليم الكبار والتي تعتبر من الإرهاصات الأولى لظهور علم الببليوثيرابيا من جديد في الولايات المتحدة الأمريكية ومكتب إرشاد القراء في سنة 1923م في مكتبة ميلووكي العامة تحت إشراف احدى أمناء المكتبات آنذاك تدعى ميريام تومبكنز Merriam Tompkins، وكما آراد فرانكلين هوبر رئيس قسم الإعارة في مكتبة نيويورك العامة New York Public Library في سنة 1924م أن ينشئ وظيفة مرشد قراء ؛ ومن هنا قامت جيني م. فلكستر Jennie M. Flexner من مكتبة لويزفيل العامة Louisville Public Library لشغل هذه الوظيفة، حيثُ تم النظر على هذه الوظيفة من قِبل جيني م. فلكستر وميريام تومبكنز على أنها جزء لا يتجزأ من تعليم الكبار؛ وعلى هذا بدأت جيني في سنة 1931م بإعداد برامج للقراءات الجماعية يعتبر سلف برامج الببليوثيرابيا، حيثُ كانت من خلال هذا البرامج تُعد قائمة مطولة من الكتب التي يمكن للكبار من قرآتها بعد إجراء مقابلة مطولة مع الفرد الذي تعد له القائمة.
   هذاوبحلول عقد الأربعينات وتحديداً في سنة 1945م شهد ولادة واحد من أعظم مشروعات تعليم الكبار، وهو برنامج أعظم الكتب The Greatest Books Program من قلب جامعة شيكاغوChicago University، والذي بني على أساسه مناقشة قيم الكتب، وفكرة إستخدام كأداة للعلاج الذي كان في تطورٍ متطرد جنباً إلى جنب مع علم الببليوثيرابيا، حيثُ بني على أساسه الكتب الموجهة.
ومن الجدير بالذكر أن روبرت بيرتون Robert Burton في كتابه تشريح المناخولياof Melancholy Antony  إلى استخدام الكتب في تخفيف آلام الروح، والذي أستطرد قائلاً بأن الكتاب المقدس يعد صيدليةٍ عامرة بكل الأدوية اللازمة لتخفيف آلام البدن، الأمر الذي يفسر علاقة الببليوثرابيا بالدين، وإن كانت من اهم شروطها العلاجية الأيمان بالله.
وجنباً إلى جنب سارت مسيرة التطورات المتلاحقة في علم الببليوثيرابيا مع الولايات المتحدة الأمريكية في آنٍ واحد، والتي بدأت في العديد من الدول الأوروبية في القرن الثامن عشر، حيثُ يأتي على رأس هذا الإتجاه تشاروجي في إيطاليا وتيوك في إنجلترا في إستخدام القراءة كأدةٍ فاعلة في علاج المجانينوالمخبولين.
ثالثاً : أقسام البيوثيرابيا :
العلاج بالشعر : 
يعد العلاج بالشعر أحد التطورات الهامة في مجال العلاج بالقراءة، والذي لا قى قبولاً واسعاً بين العاملين في المجال، والذي انتهى بتأسيس الإتحاد الوطني للعلاج بالشعر National Association For Poetry Therapy (APT) في نيويورك الذي يقوم بتنظيم يوم العلاج بالشعر Poetry Therapy Day سنوياً وبصفةٍ دورية، والتي تعد دلالة واضحة وذات مغزى على مدى قبول وأهمية مثل هذه الفئة من الإنتاج الفكري في العلاج بالقراءة، حيثُ تم إستخدامه يشكلٍ كبير في العلاج كأحد أهم الوسائل العلاجية لمرضى الأمراض العقلية.
لقد بات العلاج بالشعر أحد أهم فروع العلاج بالقراءة في العقدين الأخيرين في القرن العشرين له خصوصيته وممارساته المستقلة، فضلاً عن من المحتمل جداً، فضلاً عن أنه بات يحقق ذاتيته في مطلع القرن الواحد والعشرين، ولعل خير دليل على ذلك الندوات والمؤتمرات وورش العمل المتتالية والمتتالية في المجال، ومنها على سبيل المثال لا الحصر "ورشة العمل في العلاحج بالقراءة" والتي عقدت من 1 - 4 من شهر أبريل سنة 1971م خلال المؤتمر السنوي لـ " الجمعية الأمريكية للعلاج النفسي والدراما النفسية"American Psychiatric Association، فضلاً عن كم الإنتاج الفكري في مجال العلاج بالشعر مثل "كتاب القوة العلاجية للشعر Healing Power of Poetry" للدكتور سمايلي بلانتون Smiley Planton والذي حمل بين دفتي كتابه هذا مجموعات من القصائد التي أستخدمها في العلاج طيلة أربعين عاماً.
وأخيراً تجد الإشارة على أن الشعر كالموسيقى يمكن أين يقدم مجموعات واسعة ومتدرجة ومتكاملة  من الألحان من خلال التركيبة المتكامة والمتناغمة فيما بينها من الأيقاعات والوزن والقافية، فضلاً عن المعاني والأحاسيس التي تحملها الأبيات بين طياتها.

القصص الشعبية :
لا شك أن العلاج بالقراءة بوجهٍ عام يهدف في الأساس إلى إستخدام الإنتاج الفكري على إختلاف أنواعه وفئاته وأشكاله إلى تحقيق الصحة الفسية والعصبية للمريض، فضلاً عن إستخدام العلاج بالقراءة في كإجراء وقائي ضد المشاكل وأمراض النفسية والعصبية التي من المحتمل حدوثها أو وقوعها على الفرد؛ وذلك من خلال إستخدام قوة الكلمة بمعناها المقصود داخل خلال العبارات وما تنطوي عليها من أفكار متتابعة ومتناغمة فيما بينها إجرائياً في حال وقوع المرض أو إحترازياً وقائياً من وقوع أمراض محتملة.
   وبشيءٍ من التفصيل فيما يتعلق بالقصص الشعبية سواء أكانت خفيفة أو خرافية تعتبر من المواد القرائية الفعالة في علاج الكثير من الأمراض النفسية والعصبية، حيثُ تُعد مثل هذه المواد تتناسب أكثر من غيرها مع أولئك المرضى الذين يسعون إلى تحقيق الراحة والإسترخاء النفسي، وإن كان ينصح بعدم الإستطراد في قصص الرعب أو بشاعة الموت أو الإثارة وما شابه، وفي حال إستخدامها يجب أن تكون بالشيء اليسير، في حين أن القصص التي تتناول الهروب لا تحدث أي أضرارٍ تُذكر. 
   وكما أشار بعض المتخصصين أن الكثير من المرضى ليس لديهم الرغبة أو الطاقة التي تمكنهم إلا من قراءة النصوص القصيرة التي عادة ما يرغبون في إنهائها، حيثُ يمكن يكتفى سواء بالقصص أو بعض الدراسات المنشورة أو مقالات الدوريات، خير مثال على ذلك بريد الجمعة للأستاذ / عبدالوهاب مطاوع في جريدة الأهرام التي تعد من أهم المود اقرائية المستخدمة في هذا الصدد، حيث تجمع ما بين القصص الخفيف والمقالات التبصيرية العلاجية. 
   وفيما يتعلق بالقصص الكلاسيكية قد حذر منها بعض الثقاة وعلى رأسهم ماري روز Rose Mary لصعوبة قراءتها مما يربك القارىء، ونظراً لطبيعة النفس البشرية كونها قابلة للتغير والتبدل مع مرور الوقت فيبقى التحذير قائماً مستمراً.
   هذا وبإلقاء الضوء على القصص العام التي تعود بنا إلى ما يقارب من نصف قرنٍ من الزمان أشارت صوفي لازاردسفيلد Sofa Lazard Field في المجلة الأمريكية للعلاج النفسي (المجلد الثالث عدد يناير لسنة 1949م) في مقالاً لها تحت عنوان استخدام القصص في العلاج النفسي أنه خلال خبرتها الطويلة أنتبهت إلى بداية إستخدام الناس القصص وقراءتها في سبيل إيجاد حلولاً لمشكلاتهم العاطفية، فضلاً عن ذِكر المرضى لها صراحةً بالقصص التي يقومون بقراءتها مؤكدين على أنهم يجدون بها مشكلاتهم خلال صفحاتها.
   تجد الإشارة إلى المسح التي قامت بها إدارة مستشفيات الجنود بالولايات المتحدة الأمريكية التي أستغرقت أربعة أشهر بين سنتي 1955م / 1956م على نحو 176 مستشفى ومصحة موجودة في ذلك الوقت في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وقد كشف هذا المسح إلى نتائج واضحة مؤداها أن المرضى يقرأون ستة أضعاف ما يقرأوه القارىء العادي، حيثُ كانت الأفضلية للقصص على غيرها من الإنتاج الفكري بنسبةٍ بلغت 2 : 1 فيما عدا مرضى العصاب النفسي التي تتساوى لديهم القصص مع غيرها.
   وكما يبدو للرائي وعلى نحو ما أسلفناه ذكراً أن القصص تستخدم بشكلٍ كبير في عمليات العلاج بالقراءة على إختلاف ممارساتها ومراحلها، وهذا ما يبدو جلياً من خلال الدراسات المختلفة عبر عقودٍ طويلة من الزمن، والتي جاءت إيجابية في الأعم الأغلي، حيثُ تسهم هذه الفئة من الإنتاج الفكري على تحقيق التبصر Insight المرضى بمشكلاتهم، وأخطائهم، ومسببات المرض، وعدم التكيف، وإتجهاتهم، وميولهم المعتلة التي يجب تصحيح مسارها لا محالة، فضلاً عن الإعتراف الصريح الذي أقره الأخصائيون النفسيون أن مثل هذه المواد القرائيةيتم إستخدامها أكثر من الأساليب النفسية المختلفة  نفسها.
العلاج بالرقص : 
لقد استخدم الرقص كوسيلة علاجية مُنذ الآف السنين وقد استخدم أيضاً كطقس من الطقوس التي تقام لعلاج الخصوبة والأمراض وعند الولادة وحتى الموت منذ وقت مبكر من تاريخ البشرية، وضعت فلسفة وشكلاً جديداً للرقص في أوروبا والولايات المتحدة بين عامي 1840م و 1930م؛ وذلك لإيمانها الشديد بأن الحركة تحدث تأثيراً إيجابياً على الفرد أثناء أدائه الحركي، وإن كان الرقص خلال هذه الفترة كان وسيلة للتعبير لعدة قرونٍ من الزمان،حيثُ أنه لم يكن يعد علاجاً بأي حالٍ من الأحوال قبل شكلاً منتصف القرن الماضي. 
   من المعروف أن أول من مارس هذه الفئة من العلاج في أربعينات القرن الماضي هي ماريان تشيس Marian Chace  وتحديداً في سنة 1942م عقب الحرب العالمية الثانية، حيثُ كانت ماريان تشيس راقصة ومؤدية عروض فقد لاحظت بعد افتتاحها مدرسة للرقص حدوث تأثيراً حركياً على مشاعر طلابها، والتي أخذت في لفت إنتباهبعض الأطباء في الطب النفسي اللذين قاموا بإرسال مرضاهم لدراسة هذا التأثير، وبعد ملاحظةالأطباء لهذا التأثير الرقص على المرضى أصبحت جاس أول رئيسة للجمعية الأمريكية للعلاج بالرقص والحركة في سنة 1966م.
   ومن هنا بات العلاج بالرقص أو العلاج بالحركة الذي أخذ في الإنتشار في الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب العديد من الدول الأوروبية وأستراليا بإستخدامه في علاج أولئك المرضى والمعتلين بأمراض نفسية، وكما أخذ العلاج بالرقص في تطورات متتالية ومتلاحقة في عقدي سبعينات وثمانينات القرن المعشرين، حيثُ لاقى إقالاُ واسعاً وملحوظاً من قِبل الباحثين والدارسين وغيرهم من المعالجين النفسيين.
هذا ومن نافلة القول بأنه يمكننا إختزال عمليات العلاج بالرقص على أنها عمليات تقوم في الأساس بالإعتماد على الحركة أو الرقص، لدعم المهام الفكرية والعاطفية والحركية للجسم كأحد أساليب العلاج التعبيري من خلال بعض الحركات المدروسة التي لإحداث تأثيراً إيجابياً على الفرد بدنياً ونفسياً، حيث تقوم عمليات العلاج بالرقص بالتركيز في العلاقة بين الحركة والعاطفة؛ وعلى هذ فإن العلاج بالرقص أو الحركة لا تختلف كثيراً عن مراحل العلاج بالقراءة المعتادة، حيث مراحل العلاج بالرقص التقليدية أيضاً أربعةأقسام رئيسيةهي تَحْضير وحَضانَة وإِضاءَة وتَقْييم، هذا وكما يتم إستخدام أنماط مختلفة ومتنوعةللرقص في العلاج بالرقص والحركة على حسب حاجة المريض، والتي تشتمل على فئات وطرق متعددة ومتنوعة للرقص مثل الرقص الحديث، والرقص التركي، ورقصة التانجو ... وغيرها، والذي يرجح الباحث بأن لكل منها إستخدامها الخاص لعلاج مرضٍ معين، ومن هنا فمن الضروري جداً الإحاطة التامة بكل تلك الرقصات وإستخدامتها لكل حالةٍ مرضية على حدة.
رابعاً : الببليوثيرابيا : الفوائد المرجوة :
من المعروف وكما أكده أستاذنا الدكتور شعبان خليفة رحمه الله مراراً وتكراراً على أنه الإنتاج الفكري يّعد أرضاً خصبة في كافة الممارسات العلاجية في شتى الأمراض النفسية والبدنية، وحتى في المجالات البعيدة عن مجال العلاج بالقراءة مثل علوم الكيمياء، والرياضيات، والفلك ... وغيرها، ومع ذلك تبرز هنا فئات من الإنتاج الفكري بعينها في عمليات العلاج بالقراءة أكثر من غيرها من الناحية العلمية البرجماتية، والتي يمكننا إجمالها في النقاط التالية :
1. الكتب السماوية المقدسة وعلى رأسها القرآن الكريم.
2. الأحاديث النبوية الشريفة.
3. القصص القصيرة الخاصة.
4. قصص الخيال العلمي.
5. القصص الخفيف والخرافي والمقالات المجلات والجرائد.
6. القصص العام.
7. الشعر.
8. التراجم وسير الأنبياء.
9. كتب الإرشاد الذاتي.
10. كتب آداب السلوك.
11. كتب الروح. 
  وفي هذا المقام قد قال الدكتور بريجز Briggs الذي ينقل عن أحد أبرز الرائدين في مجال العلاج بالقراءة  الدكتور بوجاردمن جامعة منيسوتا University of Minnesota الذي أكد بشدة على أنه يجب أن توصف الكتب كالعقاقير، وأنه قد ضغط بشدة أيضاً أنه قبل وصف الكتب يجب أن نعرف : 
أ. دواعي الإستعمال.
ب. قيود الإستعمال.
ج. متى نتوقف عن الإستعمال.
د. ما هي الآثار العكسية المحتملة التي يجب التنبؤ بها.
   ومن هنا ومن خلال ما تم إستعراضه يجب أن تكون كل تلك المراحل سالفة الذكر بعد تشخيص المرض من جانب الأخصائي أو الطبيب أو الأخصائي النفسي، والتي يجب أن يوصف العلاج (الروشتة) من قِبل أمين المكتبة المتمرس على وجه ما أكدنا عليه مراراً وتكراراً.
لا شك أن علم العلاج بالقراءة قد لاقى قبولاً واسعاً بين الحضارات المختلفة وعلى مر العصور على وجه ما أسلفناه ذكراَ،وفي هذا المقام يقول أستاذانا الدكتور شعبان عبدالعزيز خليفة رحمه الله "إذا عينٌ فقأت أو يدٍ تُبتر أو قدمٌ كُسرت، فإن عينُ الروح لا تُفقأ ويد الروح لا تُبتر، وقدم الروح لا تُكسر"
سادساً : البليوثيرابيا الشعبية في الأدب البحريني : 
يحاول الباحث في محاولةٍ جادة بتناول العلاج بالقراءة أو الببليوثيرابيا الشعبية البحرينية؛ وذلك من خلال إستعراض العلاج بالقراءة بوجهٍ عام، فضلاً عن تأصيل وتعريف الببليوثيربيا الشعبية، إلى جانب إلقاء الضوء على لمحاوات ووقفات سريعة وطائرة على الأدب البحريني، من حيث ما هيته، تاريخه، إتجهاته، وقيمه العامة، مع تقديم بعض الأمثلة للقصص الشعبية ودورها في علاج الأمراض النفسية.
وفي هذا المقام تجدر بنا لإشارة أن الفنون الشعبية بوجهٍ عام ما هي إلامجموعة أغاني ورقصات شعبية تأخذ شكلها التقليدي مستمدةً في ذلك طابعها الخاص التي تتصل باللغة والهوية الخاصةبمجموعة عرقية أو شعوب محددة بعينها، وانتقل هذا الموروث من السلف إلى الخلفومن جيلٍ الى آخر، والتي باتت أحد ثوابت هذه الحضارات وهويتها المُميزة عن غيرها.
   وثمةُ قصة طريفة تحكيها لنا الكاتبة البحرينية نوال الدوسري في عباراتٍ رشيقة عن نشأت الفنون التراثية والشعبية قائلةً "دعوني أخبركم عن قصة الرجل البدوي الذي تاه في الصحراء لأيام، وذات ليلة مقمرة في ليل حالك بسوادها، الذي جعل منه يواصل طريقه، ولكنها كلها لحظات رأى بصيص أمل من بعيد سمع صوت رجال، ودق طبول ورأى ناراً مشتعلة، فأسرع بخطاه اليهم، فاقترب منهم فرحبوا به وأكرموه بعد عناء طويل ومشقة، وبعد العشاء بدأت الطبول والطيران تدق وتطبل، وأخذ الرجال يتماليون يسارًا ويميناً، فاستطرب الغريب وكان فرحاً ومستمعاً، فأخبره كبيرهم عن سر هذه الرقصة والإيقاع الجميل، بأنه فن السامري، فلا تخبر أحدًا عنه، وعلموه ومكث لديهم ثلاثة أيام حتى تمكن وتعلم رقصة السامري والإيقاع السحري لهذا الفن، وأكد كبيرهم عليه إن كشفت فن السامري ونشرته فسوف تهلك وتضر نفسك، لم يعبأ هذا الرجل بالكلام، ولكن أيقن حينما لاحظ أثناء رقصهم تبينوا بأنهم ليسوا بشراً وإنما هم جان، من أرجلهم كل واحد لديه رجل من حمار والأخرى له رجل إنسان، مضت سنوات وأفشى السر لقبيلته وعلمهم، وما إن أتقنوا الفن استنزل هذا الرجل واستضر لإفشائه سر فن السامري".
هذاوكما يبدو للرائي فإن هذه الثقافات القديمة وما تنطوي عليه من فنون شعبية متنوعة ما هي إلا حكاية تروي عن تاريخ وتجسيد حياة المجتعات الإنسانية في مختلف جوانبهاالإقتصادية والثقافية والإجتماعية والفكرية عبر الثقافات Across-Culture بوجهٍ عام، ولاسيما في الخليج العربي بما في ذلك مملكة البحرين، هذا الأرخبيل من الجزر المتناثرة في الخليج العربي، والتي رغم صغر مساحتها تحمل بين طياتها إرثٍ ثقافياً غنياً يضرب بجذوره في عبق التاريخ.
لا شك أن هذا التراث الشعبي العالمي بوجهٍ عام، ولاسيمابالفنون الشعبية البحرينيةما هي إلا إنعكاس واضح وصريح لمعتقدات وطقوس دينية، وعادات وتقاليد وحضارة شكلت في مجملها الهوية الثقافية البحرينية؛ وذلك كنتيجة حتمية للحضارات والأجناس والأعراق التي عاشت في البحرين، ومن هنا ولمكانة البحرين الإقتصادية والإجتماعية أدى إلى إستقرار هذه الحضارات وما تشتمل عليه فنون وعادات وتقاليد متنوعة، حيث أنه من المعروف أن الفنون الشعبية ما هي إلا مرآة وحكاية تروي قصة أهلها.
   هذا ومن الجدير بالذكر أن الإرهصات الأولى للحراك الأدبي البحريني بدأت ببداية دخول الشعوب والأجناس الأخرى في البحرين، وذلك عبر الحضارات التي مرت بها البحرين عبر تاريخها الطويل، وهي دلمون، وتايلوس، وأوال، حيثُ يُرجح الباحث أن الفن الشعبي البحريني بوجهٍ عام قد تطور بتطور هذه الحضارات سالفة الذكر، وإن كانت قد تشكلت الهوية الوطنية الثقافية الشعبية البحرينية في نهاية المطاف التي بدأت هذه الحركة الأدبية البحرينية بالأغاني والأشعار والقصص الشعبية في آنٍ واحد خلال القرن التاسع عشر وتحديداً في سنة 1835م، والتي توجت بتأسيس أول نادي ثقافي في البحرينأطلق عليه النادي الإسلامي في سنة 1913م ليكون تجمعاً أدبياً  وثقافياً كنتيجة حتمة للتطور الثقافي في البلاد بوجهٍ عام.
ومهما يكن من أمر شهد النتاج الأدبي البحريني إزدهاراً كبيراً وتطورات متتالية ومتلاحقة على وجه ما أسلفناه ذكراً، حيثُ حيثُ زخر الأدب البحريني على كم وفير من القصص والأشعار الغنائية التي تصلح لإستخدامها في العملية العلاجية من قِبل الشخص المسؤول عن روشتة العلاج وهو أمين المكتبة أو بما يطلق عليه نطاسي القراءة على وجه ما سيتم ذكره لاحقاً.
   ومن هنا يستعرض الباحث فيما يلي أهم في بشيءٍ من التفصيل للمحات سريعة وطائرة لأهم الأعمال الأدبية، وأبرز رموز الأدب البحريني من خلال أستعراض الفئات المتعددة لعلم العلاج بالقراءة أو الببيلوثرابيا التي تناولتها هذه المقالة، والتي يمكننا سردها على الوجه التالي :
العلاج بالشعر : 
   لاشك أن تاريخ الشعر البحريني عبر مسيرة طويلة مر خلالها الشعر البحريني بمراحل عدةالتي بدأت في القرن الثامن عشر، والتي تعود بنا إلى نهاية الدولة الصفويةالتي بدأت بالشاعر الشيخ عبد الله بن صالح بن جمعة بن علي السماهيجي، ومن بعده الشاعر الشيخ الحسن بن محمد بن علي بن خلف بن إبراهيم بن ضيف الدمستاني البحراني، وكما برز خلال القرن التاسع عشرمن أمثال الشاعر حمد آل طعان، وأيضاً الشاعر راشد بن فاضل البنعلي، وخلال القرن الماضي برز في النصف الأول من القرن العشرين إبراهيم العريض، وكما سطع أيضاً خلال هذه الفترة الشاعر الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، فضلاً عن الشاعر عبد الرحمن رفيع، وكما برز في النصف الثاني من القرن العشرين الشيخة خلدية بنت محمد آل خليفة، وأيضاً الشيخة لولوة بنت خليفة آل خليفة، فضلاً عن الشاعرتين بروين حبيب وهنادي الجودر.
ومن وجهة نظر الباحث فإن كل هذا قد أثرى الحراك الأدبي البحريني بوجهٍ عام بما في ذلك الحركة الشعرية البحريني، حيث أن العديد من الشعراء البحرينين حتى وقتنا الراهن يتميز بالجمع ما بين شعر الفصحى والشعر العامي؛ مما يكون له أثره الإيجابي على المتلقي فيما يتعلق بوصول الأفكار والمعاني الشعرية لكل فئات المجتمع وبصفةٍ خاصة أولئك الذين لا يجدون القراءة والكتابة.
   وفي سياقٍ متصل يرى الباحث أن التنوع الثقافي لشعراء البحرين خلق مزيجاً قريداً يجمع ما بين ثقافة المجتمع البحريني مع غيره الثقافات الأخرى، مما له إنعكاسٍ واضح على الشعر البحريني، ومن هنا فإن المؤلفات الشعرية البحرينية تتسم بالتنوع الثقافي في تناول الأفكار الشعرية نظراً للإختلافات سالفة الذكر.
  وبإلقاء الضوء على الشعر الشعبي البحريني قد زخر التراث الشعبي على فئاتٍ متنوعة من الشعر بكافة أشكاله سواء أكان شعراً منظماً أو غنائياً؛ وذلك في إطاره الشعبي الذي يعبر عن التراث الشعبي البحريني، والذي يحمل بين طياته قيماً إنسانية إيجابية سامية مثل الشجاعة والإيجابية وروح الإنتماء إلى الوطن وغيرها، فقد كانت هناك أسماء بارزة سطع نجمها في سماء الأدب البحرينيعلى مر الزمان على نحو أسلفناه ذكراً الذين برعوا في هذا الجانب.
   هذا وفي سياقٍ متصل وبإلقاء نظرة فوقية على الشعر الغنائي في البحرين الذي كانت بدايته سنة 1887م عندما بدأ عبداللطيف بن فارس يعلم أخاه محمد بن فارس العزف والغناء ليبدء في التلحين والأداء الغنائي المبتكر، لتبدأ رحلةً بعد ذلك في حركة الغناء البحرينية مع الشاعر ضاحي بن وليد ومحمد جاسم عبد الله زويد حيثُ شهدت الأغنية البحرينية عصراً ذهبياً وتطوراً ملحوظاً ومتلاحقاً مع بداية سبيعنات وثمانينات القرن الماضي.
   وعلى هذا ومن خلال ما أسلفناه ذكراً فإن الشعر بوجهٍ عام ولا سيما الشعر البحريني بشقيه شعر الفصحى أو شعر الفصحى وسواء أكان شعراً نظمياً أو غنائياً، يمثل نموذجاً فريداً كأداة علاجية فريدة وفعالة في عمليات العلاج بالقراءة، بما يشتمل عليه من معانٍ وحساً صوتياً لا يوجد في غيره من المؤلفات الأدبية.
القصص الشعبية :
   لا شك أن المتتبع للأدب الشعبي البحرين يجد أنه يتمتع بفيضٍ من القصص الخفيفة والخرافية، وفي محاولةٍ جادة في إثراء والمحافظة على التراث البحريني بوجهٍ عام من جانب الحكومة البحرينية شهد عقد التسعينيات من القرن الماضي سلاسل متنوعة وغنية من الأدب الشعبي البحريني من المواد السمعية والبصرية والتي تعتبر دون أدنى شك تدخل في باب العلاج بالقراءة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر البيت العود، وملفى الياويد، وفرجان لول، وعجائب زمان الذي لايمكن لأحدٍ البتة إغفاله الذي يروي قصة تطور هذا المجتمع وتحوله الحضاري على نحو ما نشهده اليوم، وغيرها من الأعمال الفنية البارزة التي تعبر عن الفلكلور الشعبي البحريني، وما تنطوي عليه من العادات والتقاليد البحريني الأصيلة ، وبما تشتمل عليه من القيم الدينية والأخلاقية للمجتمع البحريني آنذاك قبل عدة عقود من الزمان أو يزيد، والتي تعتبر علامةً مضيئة في تاريخ الفن الشعبي البحريني، والتي تسهم في صيانته والحفاظ عليه من أية قيم دخيلة، فضلاً عن كونها تتناسب خاصة مع أولئك المرضى الذي لايجيدون القراءة والكتابة.
   وعلى الجانب الآخر وفي سياقٍ متصل تجدر الإشار بنا أنه في ظل الجهود المبذولة في حفظ وصون القصص الشعبية فثمة تجربةٍ رائدة قامت بها المنظمة الدولية للفن الشعبي بإطلاق المكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإقليمي للمنظمة الدولية للفن الشعبي في العاصمة البحرينية المنامة في سنة 2007م، وذلك بدعمٍ مباشر من  قِبل وزارة الإعلام البحرينية تحت عنوان "الحكايات الشعبية البحرينية ألف حكاية وحكاية"، والتي قامت بمسحٍ مباشر للقصص الشعبية على مستوى البلاد بالإشتراك مع لفيف من أساتذة قسم اللغة العربية بجامعة البحرين وفريق من الطلاب بذات القسم بلغ لأكثر من مائة طالب وطالبة، حيثُ أستغرق هذا المشروع أكثر من عقدٍ من الزمان، والتي توجت هذه الجهود الكبيرة في نهاية الطاف بتدوين أكثر من 1200 راوٍ وراوية للقصص الشعبية البحرينية، فضلاً عن تدرين هذه القصص باللهحة البحرينية بطبيعة الحال.
العلاج بالرقص : 
تعتبر الرقصات الشعبية البحرينية تدخل في باب العلاج النفسي للمرضى والمعتلين لا محالة، وخاصة في تلك الحالات التي تعاني من حالات الإكتئاب، حيث يحتوي التراث الشعبي البحريني على العديد من الرقصات الشعبية التي تلاقي قبولاً واسعاً بين أفراد المجتمع البحريني، ومنها على سبيل المثال لا الحصر رقصة الدزة، ورقصة الخماري، ورقصة القادري، ورقصة السامري، ورقصة البستات ... وغيرها من الرقصات الشعبية المنتشرة في المجتمع البحريني.
هذا ومن وجهة نظر الباحث المتواضعة من خلال التنظير والتأصيل والعودة إلى تاريخ الفن الشعبي البحريني أن تاريخ الغناء الشعبي البحريني بدأت جنباً إلى جنب في أنٍ واحد أنه مع الرقصات الشعبية البحرينية، والتي يعود تاريخها في سنة 1887م. 
وبشيءٍ من التفصيل فإن لكل رقصة مناسبتها الخاصة، حيث كانت رقصة الدرزة كانت لمناسبة الزواج، وهي رقصة جماعية بمناسبة شراء الرجل للبنت قبل الشروع في الزواج، وأيضأ رقصة نسبة إلى الرداء الذي يرتديه من يقوم بالرقص رجالاً ونساءً وهي عادة ما تحتوي على قصائد غزلية للحبيب، وأما رقصة العرضة أو الحدوة كما يطلق عليها في بعض الدول العربية، حيثُ تشكل هذه الرقصة أكثر الرقصات الشعبية إنتشاراً وشهرة، وتكون بمشاركة عدد كبير من الإيقاعات، وذلك بحيث تؤدى بمصاحبة الحركة، وكما تتميز بمشاركة عدد كبيرمن الرجال، فضلاً عن تميز هذه الرقصة بالطابع الحماسي.
وفي ختام هذا المقال ومن وجهة نظر الباحث المتواضعة فإن وجود لجنة إحياء الموروث الشعبي في سنة 2020م لعامة بارزة وذات مغزى على الإهتمام البالغ التي توليه مملكة البحرين حكومةً وشعباً في الحفاظ على الإرث الثقافي الأصيل للبلاد، وكما يدعم بشكلٍ مباشر العلاج بالببليوثيرابيا الشعبية بطبيعة الحال لما تحمله الفلكور البحريني والفنون الشعبية البحرينية الواسعة والمتدرجة والمتنوعة من كنوزٍ دفينة ٍ في أعماقها وبين طياتها في علاج كافة الأمراض النفسية والعصبية على وجه ما أسلفناه ذٍكراً بشيءٍ من التفصيل.
 

شارك الخبر على