"يا خليج" أبهرت جمهور المهرجان بالمستوى والابتكار والتألق

حوالي سنة فى البلاد

قال الأديب الفرنسي جوبير ذات يوم: "للوصول إلى مناطق النور، لابد من المرور بالسحب، ومن الناس من يقفون عندها، ولكن غيرهم يستطيعون ان يتجاوزونها"."

لقد أبهرت فرقة مسرح جلجامش بعرضها " يا خليج" في مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي في دورته الرابعة، الجمهور بإتقانها وتجانس مستواها والابتكار والتألق في الإخراج، وقد أظهرت هذه الفرقة منذ أن ترأسها الفنان فهد مندي جدية الاتجاهات الجديدة بوضوح في كثير من الأعمال، الأمر الذي يكشف عن نهضة مباركة لمسرحي طليعي متميز ونعني بها المسرح الذي لا ينشأ لمجرد الرغبة في الاستعراض، بل على أساس من إيمان عميق بأن ثمة دورا ثقافيا محددا وواضحا على هذا المسرح ان يقوم به وان يؤديه في إخلاص وأمانة.

ومما لا شك فيه ان المسرح لا يستطيع الحياة دون هذا النوع من التجارب، وان الذين يقومون بهذه التجارب قليلون، وقليلون أيضا الذين يطالعونها او يستوعبونها، ومثل هذه التجارب التي يقدمها مسرح جلجامش تساعد على خلق فئة من المبدعين الجادين ممن يبحثون في المسرح عن وسيلة للتعبير عن مقاييسهم الشخصية وعن فهمهم للحياة وللقيم التي نحياها في الحاضر، والاهتمام بالثقافة اهتماما حيا، وليس من شك في ان شباب جلجامش بمعية المخرج البكري والمؤلف الكاتب الفذ يوسف الحمدان، قد خطى في سبيل الإبداع خطوة أساسية إلى الأمام وانه يستعد ليخطو خطوات أخرى جديدة، لأنها فرقة تنحو إلى التجديد على أسس صحيحة ومن جميع الزوايا والاتجاهات.

نحن أمام فرقة مسرحية مدربة على إتباع أسلوب ونظام معين، على اعلي مستويات الاحتراف،تقدم مسرحيات ترتفع إلى مستوى الخلود وترتبط بعلاقة وثيقة ومثمرة بالجمهور، وسوف تستمر الفرقة في أداء مهمتها موسما بعد موسم، وأنا على يقين وثقة ان هؤلاء الشباب بخبرتهم الفنية وقدرتهم الفائقة على الإبداع، سيرتقون سلم المسرح للوصول إلى القمة وسوف يصلون طالما يؤمنون بأن المسرح كفن حي يتطور على أصول قوامها الواقعية الحية الملتزمة بالتطور.
فنيا ..مسرحية " يا خليج" تقول أشياء كثيرة، أكثر بكثير مما استطعت ان أصفه بالعرض، ولأنها عمل فني  متميز فهي تقول هذه الأشياء من خلال الشكل، والدراسة المفصلة للشكل والحركة الجسدية التي تحتاج الى صفحات وصفحات، وكل شيء محسوب فيها بدقة متناهية، إيقاع المشهد وتطور الأحداث وحركة الممثلين على مساحة المنظر ومن حولهم السينوغرافيا التي لعبت دورا كبيرا في إعطاء شحنة كبيرة من التأثير  وجعلت الجمهور في موقف مترقب لكل التفاتة او كلمة تصدر عن الفنانين.

ختاما أقول..ان مسرحية " يا خليج" عمل ملحمي نادر اجتمع فيه عبقرية مؤلف وخيال مخرج، وجهد رعيل جديد من الفنانين الشباب يقتحمون في جرأة آفاق الفن المسرحي ويثبتون بهذه المسرحية ان الفن طريق يمتد من الجذور الى الأفق بغير قيود أو حدود.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على