برعاية خالد بن محمد بن زايد.. افتتاح أعمال الدورة الأولى لقمّة اللغة العربية

أكثر من سنة فى الإتحاد

سعد عبد الراضي وهزاع أبو الريش وفاطمة عطفة (أبوظبي) 
افتتحت معالي نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب، صباح أمس الثلاثاء، فعاليات الدورة الأولى من قمّة اللغة العربية التي تنظمها الوزارة بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية برعاية سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي، في منارة السعديات. ويشارك في دورة هذا العام 30 مفكراً وأديباً وأكاديمياً، يناقشون مجموعة واسعة من القضايا والتحديات التي تواجه اللغة العربية. واختارت القمة مجمع اللغة العربية في دمشق، أقدم مجمع للغة العربية في العالم، ضيف شرف لهذه الدورة، نظراً لما قدّمه من جهود ملموسة في رعاية ودعم اللغة العربية وحمايتها وصونها، باعتبارها لغة علم ومعرفة. كما تحتفي القمّة هذا العام بمكتبة الإسكندرية كشخصية اعتبارية لجهودها، ومساهماتها الرائدة في نشر اللغة العربية والتعريف بها عالمياً، إلى جانب ما قدّمته من خيارات معرفية وفكرية وثقافية أثرت الحِراك الثقافي على المستويين العربي والعالمي.وشهد افتتاح القمة حضور كلّ من معالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي، وزيرة دولة لشؤون الشباب، ومعالي الدكتور حسن ناظم، وزير الثقافة والسياحة والآثار السابق في العراق، ومبارك الناخي، وكيل وزارة الثقافة والشباب، وسعود الحوسني وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، والدكتور علي بن تميم، مدير عام مركز أبوظبي للغة العربية، وسعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية بالإنابة، وعدد من الشخصيات الرسمية والثقافية، وحشد من الإعلاميين والصحفيين. 

في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية، أكدت معالي نورة الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب، أن حماية اللغة العربية والنهوض بها نهج تتّبعه مختلف الجهات والمؤسسات الثقافية المعنية في دولة الإمارات، ومسؤولية وطنية، وقناعة تامّة تعكس رؤية قيادة الدولة التي تؤمن بأن اللغة العربية كنزٌ للمعرفة والفكر الإنساني. وقالت معاليها: «نستعيد باعتزاز، إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة في ما يخص واقع اللغة العربية ومستقبلها، بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي لطالما أكّد أنّ الإسهام في الحفاظ على اللغة العربية قيمة وطنية، وترسيخ لهويتنا وجذورنا التاريخية، حيث حرصت دولة الإمارات على تنفيذ رؤيتها لعام 2021 بأن تصبح مركزاً للامتياز في اللغة العربية، وعليه تم الإعلان عن ميثاق اللغة العربية، وأنشأت مجلسها الاستشاري في عام 2012، وتوالت الجهود، وأطلَقَتْ تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها في عام 2020».
لغة للحياة والمستقبلوأشارت معاليها في كلمتها إلى نجاح الدورة الافتتاحية للقمة التي عقدت على هامش إكسبو 2020 دبي، وشهدت إطلاق «إعلان الإمارات للغة العربية»، والخروج بـ21 توصية علمية جادة شكّلت تكليفاً بالعمل على تحقيق مستهدفاتها، ومتابعة مخرجاتها، تفعيلاً للعمل العربي المشترك في تمكين لغتنا وثقافتنا وهويتنا، وتابعت معاليها: «إننا اليوم أمام مرحلة جديدة من الإنجازات التي تعكس حرصنا على لغتنا العربية وحبنا لجمالياتها وحاجتنا لضمان حضورها وسلاسة استخدامها لغةً للحياة والمستقبل، وما يدلل على جهودنا بالشراكة مع العديد من الجهات والمؤسسات الثقافية إطلاق مركز (زاي) في جامعة زايد الذي يعد الأول من نوعه في دولة الإمارات العربية المتحدة لتبنيه الأبحاث الأكاديمية التي تركز على منهجيات تعليم اللغة العربية، وكذلك تنمية مهارات تَعلُّمِها».
استراتيجية جديدةوأضافت معالي نورة الكعبي: «نعمل على إطلاق استراتيجية جديدة لتحفيز قطاع الأدب والنشر في الإمارات العام المقبل، بهدف حوكمة قطاع الأدب، والنشر، وتطويرِ القوانين والتشريعات الحالية المتعلقة بحماية حقوق المؤلف والنشر والملكية الفكرية، وتحليل احتياجاتِ القطاع الحالية والمستقبلية، وتوثيق المبادرات والبرامج والمنجز الأدبي الإماراتي، وقياس حضوره في المناهج التعليمية، وصولاً إلى بناء قاعدة بيانات رقمية لهذا المنجز، وإعداد تقرير تنفيذي يتضمن أهم مَواطن القوة، والتحديات، وفرص التحسين». 

إطلاق دراسة المناهجمن جانبه، قال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: «تؤكد هذه القمّة التي تأتي ضمن حزمة نوعية من الفعاليات والمبادرات والجهود التي تبذلها دولة الإمارات وعاصمتها أبوظبي خدمة للغة العربية، مكانةَ الإمارات عاصمةً للثقافة الأصيلة، ووجهةً للباحثين والدارسين في كل ما يتصل بقضايا اللغة العربية وحاضرها ومستقبلها، حيث أصبحت دولتنا بفضل حكمة قيادتها، قبلةً للعمل الجاد من أجل مواجهة التحديات التي تقف حائلاً من دون إطلاق طاقات اللغة العربية واستثمار إمكاناتها في خدمة مشاريع التنمية والنهضة في العالم العربي، وصار اسم الإمارات وعاصمتها أبوظبي مرتبطاً بمسيرة استئناف الحضارة التي يرتكز جانب مهم منها على حيوية اللغة العربية وقوّتها ونضوجها». وأضاف: «إن شعار هذه الدورة يُعد امتداداً منطقياً لما طُرح خلال النسخة الافتتاحية، حيث يُفضي العام إلى الخاص، ويصبح فهمُ الذات أوضحَ في إطار فهم العالم الأوسع، وبما أننا نحتفي باليوم العالمي للغة العربية الذي تنعقد هذه القمّة في إطاره، يشرّفنا في المركز أن نعلن إطلاق تقرير دراسة مناهج اللغة العربية في العالم العربي.. تجارب الحاضر وآفاق المستقبل التي تمثل ثمرة عامين من جهد خصصناه لمجال التعليم، والمناهج الدراسية تحديداً، كونها أولويةً قصوى في جهود تمكين العربية وتعزيزها، حيث يدرس التقرير الذي شارك في إعداده باحثون وخبراء عالميون من أستراليا والصين والولايات المتحدة الأميركية وسنغافورة وجنوب أفريقيا وإيرلندا، مناهجَ تدريس اللغة العربية في خمس دول عربية، هي الإمارات والأردن وتونس والسعودية ومصر، ويقترح إطاراً مرجعياً لتصميم جيل جديد من مناهج اللغة العربية، على نحو يلبي احتياجات المعلمين والمتعلمين، وسيكون محور عرض ونقاش خلال القمة، وضمن محاور الخلوة الثقافية للغة العربية لإثراء التجربة وتعميم الفائدة».
هوية ثقافية موحدةوفي كلمة له، قال الدكتور محمود السيّد، رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق: «إن العروبة ليست مفهوماً عرقياً أو عنصرياً بل هي هوية ثقافية موحدة تؤدي اللغة العربية دور الحاضن والمعبر عنها والحافظ لتراثها، كما أنها تمثل إطاراً حضارياً مشتركاً مرتكزاً على القيم الأخلاقية والإنسانية، كما أن اللغة ربطت ماضي العرب وملأتهم إحساساً وانتماءً لكل من تحدّث بها ماضياً أو مستقبلاً، وما الشعور بالانتماء إليها إلا امتلاء الفرد بروح هذه الأمة، ولمّا كانت اللغة محور الثقافة ووسيلة التفكير التي تحدد رؤية العالم كانت معرفتها أهم ركيزة لتحصيل الهوية والذات والشخصية». وثمّن الدكتور محمود السيّد، جهود وزارة الثقافة والشباب ومركز أبوظبي للغة العربية في حماية اللغة العربية، وتنظيم هذه القمّة الذي يعكس كلّ تلك التوجّهات والحرص على إبقاء اللغة العربية حاضرة في أذهان الأجيال الجديدة.
تكريم مكتبة الإسكندريةوكرّمت معاليها خلال الحفل مكتبة الإسكندرية، وهي شخصية القمة لعام 2022، وذلك نظراً لإسهاماتها الكبيرة والملحوظة التي أثرت من خلالها الواقع الثقافي العربي والعالمي على حدّ سواء حيث تسلّم الجائزة الدكتور أحمد عبدالله زايد. 

فقرة غنائيةوتخلّل الحفل فقرة غنائية قدّمها، الإماراتي راشد النعيمي، واللبنانية ولاء الجندي، رافقتهما فيها فرقة وزارة الثقافة والشباب الموسيقية بقيادة المايسترو خالد ناصر، وقدّموا خلالها أغنية خاصة من كلمات الشعراء رعد بندر، وعمر عنّاز، وخليل عيلبوني، وألحان الموسيقار خالد ناصر، ضمن قصيدة جديدة تجاري قصيدة اللغة الخالدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي تغنّى بها خلال الدورة الافتتاحية التي عقدت ضمن فعاليات معرض إكسبو 2020 دبي الفنان العراقي كاظم الساهر. 
آفاق إبداعية وينظّم الحدث الذي يرفع شعار «اللغة وصناعة الهوية»، سلسلة من الجلسات والحواريات التي تناقش العديد من القضايا المتعلّقة باللغة العربية، وتقدّم المزيد من التجارب المميزة التي تستشرف مستقبل اللغة في مجتمعاتها العربية وفي عوالمها الجديدة، بمشاركة نخبة من الأدباء والمفكرين والأكاديميين، أبرزهم الناقد الأدبي السعودي الأستاذ الدكتور عبدالله الغذامي، الحاصل على جائزة شخصية العام الثقافية للدورة السادسة عشرة من جائزة الشيخ زايد للكتاب، والذي سيشارك في جلسة تحمل عنوان «اللغة والهوية العربية».
«العربية» والفنونتناقش القمّة مع مجموعة من نجوم الدراما العربية، الاهتمام المتزايد باستكشاف آفاق إبداعية جديدة لحضور اللغة العربية في الفنون والدراما بشكل خاص، باعتبارها الإنتاج الإبداعي الأكثر تأثيراً والأقرب لجمهور المنطقة العربية والعالم، حيث يشارك في الجلسة التي تديرها الدكتورة والإعلامية البحرينية بروين حبيب، الفنان السوري جمال سليمان، ومن دولة الإمارات الفنانان سميرة أحمد، وأحمد الجسمي، رئيس مجلس إدارة مسرح الشارقة الوطني، الذين سيقدّمون رؤىً استشرافية، وتساؤلات عديدة تبحث في العلاقة بين اللغة والهوية، وآليات تعميق روابط الانتماء بها باعتبارها هوية حضارية وإنسانية من خلال الدراما والفنون، إلى جانب مجموعة من الجلسات وورش العمل التي تقام خلال انعقاد القمة. 

خلوة ثقافيةتتضمن فعاليات اليوم الثاني «خلوة القمّة» التي تستضيف مجموعة من الأدباء والأكاديميين والمتخصصين في مجال اللغة العربية لمناقشة العديد من قضايا اللغة العربية ومآلاتها، منهم الدكتور محمود أحمد السيّد، رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق، والدكتور عبدالله التوبي، رئيس مركز الترجمة والتعريب والاهتمام باللغة العربية في سلطنة عُمان، والروائي التونسي الدكتور شكري المبخوت، والدكتور محمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع الشارقة للغة العربية، وغيرهم ممن سيسلطون الضوء على العديد من قضايا اللغة العربية، سواء فيما يتعلّق بحضورها ضمن مناهج التعليم، أو تعزيز مكانتها لدى الشباب وفي مختلف مجالات وسياقات الفنون، وصولاً إلى مناقـشة الرؤى المستقبلية لمجامع اللغة العربية، والكثير من القضايا المتعلقة بتعزيز وترسيخ مكانة وحضور اللغة العربية. 
تقرير «حالة اللغة»ستناقش القمّة العديد من المحاور؛ أبرزها التوصيات الصادرة عن تقرير «حالة اللغة العربية ومستقبلها» الذي أصدرته الوزارة ديسمبر من عام 2020 ويمثّل إطاراً لترسيخ اللغة العربية لغةً للعلم والمعرفة والهويّة، كما يشكّل التقرير حجر الأساس للأجندة الوطنية للغة العربية وأهدافها وأولوياتها المرتبطة بمئوية دولة الإمارات. وتعدّ القمة منصة دولية تخدم قضايا اللغة العربية، وحدثاً يسهم في تعزيز حضورها، ومكانتها، وآدابها وفنونها، ويقدّم مقاربة جديدة تساعد في تطوير أساليب استخدام اللغة العربية وتمكينها كوسيلة للتواصل واكتساب المعرفة، كما تشكل منصّة معرفية وثقافية تجمع تحت مظلّتها خبراء اللغة في جميع المجالات، لرسم مستقبل العربية بناء على القراءة الدقيقة للتحديات الراهنة.

عبدالله الغذامي: من تحدّث العربية فهو عربيقال الناقد الأدبي والأكاديمي السعودي الدكتور عبدالله الغذامي إن اللغة تخلق حالة من التآلف، فكلما تعلمنا لغة، تآلفنا مع ناطقيها، وقد جمعت اللغة العربية ناطقيها مع اختلاف القوميات والمعتقدات من المحيط إلى الخليج، ونحن ننتمي إلى اللغة العربية اختياراً، والهوية بمعنى اللغة ليست ذات بعد عنصري يحدث التباعد والانفصال، بل هي على العكس الرابط الذي يوحّد ويجمع، وهي الثابت الوحيد في ظل المتغيرات جميعها، وكل من يتكلم اللغة العربية هو عربي.جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة ثقافية بعنوان «اللغة والهوية العربية» التي أقيمت ضمن فعاليات اليوم الأول من قمّة اللغة العربية، وأدارتها الإعلامية الإماراتية سماح العبّار. وأكد الغذامي العلاقة التي تربط ما بين اللغة والهوية، ومدى أهميتها في تشكيل الهويات المجتمعية للمنطقة العربية، والدور الذي تلعبه باعتبارها حاضنة للكثير من المنجزات الحضارية. وقال الغذامي: «إن لغتنا جميلة عظيمة، ليست فيها عيوب، والتعريف بها ونشرها يحتاج إلى تشجيع غير الناطقين بها لتعلمها والإقبال عليها، وقبل قرنين من الزمن احتاجت الولايات المتحدة إلى اختيار لغة لها في مرحلة التأسيس، ووقع الاختيار على الإنجليزية، ولو وقع الاختيار على العربية لكانت اليوم هي لغة العالم».وأضاف: «إن تبني اللغة الإنجليزية من قبل دولة عظمى تمتلك التكنولوجيا وأدوات التواصل أدى لأن تكون هذه اللغة عالمية، وفي المقام الأول نظراً لحاجة الناس لها، ولدورها في تسهيل أمور حياتهم من تواصل وفرص عمل وغيرها، وهذا الأمر الذي يجب علينا تبنيه في حال رغبنا بنشر اللغة العربية، فلا أحد سيقبل على تعلم لغتنا لمجرد أنها جميلة فقط. اللغة يجب أن تكون ضرورة، وعندها فقط ستنتشر».

الجسمي والنيادي: القمة تثمين لهويتنا الأصيلةقال الفنان ياسر النيادي: أن تكون هناك قمة للغة العربية في الإمارات فهذا يؤكد على حرص بلادنا على اللغة بكل ما تحمله من معانٍ عميقة وبُعد ثقافي مرتبط بهويتنا الأصيلة التي نعتز بها وبكل ما هو عربي.بدوره، أكد الفنان أحمد الجسمي على أهمية هذه القمة الثقافية من أجل صون وتثمين اللغة العربية والاهتمام الرسمي بها، وقال: أن تنطلق هذه القمة في أبوظبي، بعد الدورة الافتتاحية التي عقدت العام الماضي في دبي، فإن هذا يؤكد حجم الاهتمام الحكومي والرسمي بتعزيز دور وحضور اللغة العربية، وتابع: أتصور أن هذه الخطة بحد ذاتها تدعو إلى الفخر، لأنها تعبر عن توحيد الجهود الرامية إلى كيفية رسم خطة لتثمين اللغة في مناهجنا وحياتنا، وكذلك في الدراما التلفزيونية باعتبار أنها تكتسي أهمية كبرى ولها تأثير قوي في المجتمع.

شارك الخبر على