المؤثرون والمؤثرات!

أكثر من سنة فى الرأى

في زمن مضى كانت معايير تصنيف الأشخاص «المؤثرين والمؤثرات»، في الجماهير مختلفة عما نعيشه هذه الأيام، ويمكن ذكر مئات من هؤلاء، وأكتفي هنا بالإشارة إلى أسماء بعض المتوفين على صعيد الفن والثقافة تجنبا لإثارة حساسيات من زالوا على قيد الحياة، دون إنكار وجود مؤثرين حقيقيين في وقتنا الراهن، وبين المتوفين: طه حسين، توفيق الحكيم، عباس محمود العقاد، نجيب محفوظ، محمد حسنين هيكل، أم كلثوم، محمد عبد الوهاب، عبد الحليم حافظ، سعاد حسني، ناديا لطفي، أحمد زكي، فيروز، وديع الصافي، صباح فخري، وعلى الصعيد المحلي: عبده موسى، إس?اعيل خضر، توفيق النمري، وميسون الصناع، محمود أبو غريب، داود جلاجل، نبيل المشيني «ابو عواد» اسم المسلسل الشهير.

وعلى صعيد الفكر والثقافة والصحافة، حسني فريز، تيسير السبول، غالب هلسة، مؤنس الرزاز، ابراهيم سكجها، طارق مصاروة، وفلسطينيا أذكر غسان كنفاني، ناجي العلي، محمود درويش.

وهناك افلام ومسلسلات ومسرحيات اكتسبت شهرة واسعة، وكان الملايين يترقوبون موعد بثها مثل «نمر بن عدوان»، وضحا وابن عجلان، ومسرحية «أهلا نظام عالمي جديد» و«أهلا تطبيع» بطولة هشام يانس ونبيل صوالحة وأمل الدباس، و«صح النوم» و«غربة «وضيعة تشرين»، بطولة دريد لحام - غوار الطوشة، ومسلسل مرايا كتابة وبطولة ياسر العظمة.

هذا جزء من أعمال فنية قدمها نخبة من الممثلين المؤثرين ولا تزال حية في ذاكرة الملايين، ولا أريد الدخول بدهاليز السياسة، رغم وجود عدد كبير من القادة والسياسيين الذين تركوا بصمات واضحة في التاريخ العربي الحديث.

كان هؤلاء الرموز على مستوى عال من التأثير الراقي على جماهير واسعة، يرتقي بالذائقة الفنية ويرفع من مستوى الوعي والابداع والتفكير، رغم محدودية المنابر التي كانت متاحة وكانت تنحصر بالاذاعة والصحف والكتب.

تغير الزمن وأدواته وها نحن أمام نمط جديد من «المؤثرين والمؤثرات»، انتجتهم شبكة الإنترنت ومنصات السوشال ميديا، والحقيقة يوجد بين هؤلاء مؤثرون على مستوى عال يستحقون التقدير والاحترام، يقدمون فوائد وأفكارا وإبداعات في تخصصات وحقول متعددة، لكن غالبية ممن يوصفون بالمؤثرين ليس لهم علاقة بالفكر والإبداع أو الثقافة والفن، وإنما ينصب اهتمامهم على أمور شكلية وهابطة، ومع ذلك لهم عدد كبير قد يصل إلى ملايين المتابعين والمعجبين، وفي إحدى الليالي لاحظت على «الفيسبوك» فتاة نشرت صورتها وهي ترتدي فستانا لونه كحلي، وكتبت ثلا? كلمات «هذا لوني المفضل"! وخلال دقائق معدودة رصدت أكثر من » 400» إعجاب وعددا كبيرا من تعليقات المديح والغزل! مقابل ذلك هناك مثقفون وأدباء ومفكرون يكتبون منشورات ذات قيمة عالية ولا يهتم بها أحد!

بعض المسؤولين يكتبون كلمات لا قيمة لها على منصات السوشال ميديا، فتجد المتابعين يلهثون خلفه، ويعبرون عن إعجابهم ويتسابقون على كتابة تعليقات المديح والإشادة!

أذكر عبارة قالها الفنان محمد عبد الوهاب في مقابلة تلفزيونية قبل وفاته، تعليقا على تراجع مستوى الإنتاج الفني، جاء فيها أن «الأستاذ» الذي كان يقيم الفنان الحقيقي قد توفي، وكان يقصد بذلك الجمهور!theban100@gmail.com

شارك الخبر على