عبيدات يؤدكد حتمية الرقمنة التامة في الجامعات

أكثر من سنة فى الرأى

قال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات، في كلمة ألقاها اليوم السبت بوصفه أول المتحدثين في أعمال المؤتمر الدولي الأول للتحول الرقمي الذي تعقده الجمعية الكويتية للدراسات العليا تحت عنوان "وجهات نظر في الإدارة: أدلة من البلدان النامية (في ضوء التحول الرقمي)"، إن وباء فيروس كورونا لم يكن إلا العامل الذي جعلنا ندرك الحاجة إلى إسراع الخطى في عملية التحول إلى شكل أكثر شبهًا بالواقع الرقمي الذي صار عنوانًا لحياتنا.وأضاف أن التكنولوجيا لم تعد خيارًا، بل حتميّةً لا مجال لإغفالها، مشيرًا إلى أنه لا يتحدث هنا عن التكنولوجيا عامةً، بل عن رقمنة تامة للعمليات الدراسية والإدارية في الجامعات من بنية تحتية وبرمجيّة إلى بناء قنوات اتصال عالية الجودة بين الطلبة والعاملين في الجامعات، بشكل يسمح بتخطي المحددات التقليدية التي طالماى ساهمت في إبطاء التقدم.لوتابع عبيدات قائلا "إن التعليم الجامعي في عالمنا العربي، كما الأمر في العالم كله، يمر بمرحلة مفصلية حساسة تستدعي التفكير والتخطيط المبني على المعرفة من أجل الوصول لعالم عربي متطور يعتمد نظامًا تعليميًّا يأخذ بعين الاعتبار حاجات الأمة والمجتمعات العربية، في ظل تغيرات سريعة يشهدها العالم، من تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية، ليس أقلها التغير السريع في عالم التكنولوجيا، حتى غدا بعضنا غير مدرك أو متصور لشكل الجامعات والكليات في السنوات العشر القادمة، بل أحيانًا يحدث التشكيك في حجم وشكل الحرم الجامعي وقاعات التدريس فيه".وبيّن أن واحدة من أهم التحديات التي تواجه التعليم العالي في الوطن العربي اليوم هي قدرة الجامعات على خلق تعليم يُلبّي تطلع الناس وحاجات المجتمع، لافتًا إلى مخاوفه بشأن فرص وصول الطالب الفقير وابن العائلات الهشّة إلى مؤسسات التعليم الجامعي القادرة على إنتاج طالب متميز بإمكانه تحسين مستوى معيشته وأسرته كما هو الحال مع الأغنياء، وذلك رغم محاولة الحكومات الجادة في مساعدة الطلبة الفقراء.وأكّد عبيدات أنّ التحول الرقمي يجبل أن يعمل، بطريقة ما، على تسطيح منحنى تكلفة التعليم العالي وأثره على الفقراء والمهمشين، وأن يدفع لتضييق الفجوة في الفرص المتوفرة للأغنياء والفقراء.وبالحديث عن عالم الأعمال، أشار عبيدات إلى أنه بات لزامًا أن نُقرّ بحجم التغيرات التي طرأت عليها، إذ بات الاعتماد فيها على التكنولوجيا الذكية أكبر من أي وقت مضى، ما يُعيّنُ علينا التركيز لا على المناهج الدراسية وما يُقدَّم في الغرف الصفية وحسب، بل التفكير مع الطلبة بحلول إبداعية تكسبهم الخبرات، وتجهزهم لما بعد التخرج وما سيجدون أنفسهم أمامه، حيث التنافس على أشده، ولا مجال حينها للتراجع واستدراك ما فات.ووضّح عبيدات أننا ندرك في الجامعات أن توظيف التكنولوجيا، ورغم فعاليتها وقوة تأثيرها، يُحتّم علينا دراسة الارتدادات الاجتماعية وغيرها على أصحاب العمل والعاملين لديهم من أعضاء هيئة تدريس وإداريين؛ فرأس المال الخاص لا يرحم في كثير من الأحيان، ويخلق أجواءً من الشك والريبة عند العاملين من إمكانية فقدهم للقمة عيشهم وأبنائهم.ودعا عبيدات في ختام كلمته إلى التفكير في الأسئلة الحقيقية التي يطرحها هذا المسعى: هل سترغمنا التكنولوجيا الحديثة على الاستغناء عن الموارد البشرية أم لا؟ وما مصير العمل اليدوي الذي يتطلب جهدًا في المستقبل؟ ما الخطوة القادمة في التعليم؟.ولفت عبيدات إلى أن جمال التكنولوجيا الحديثة لا ينحصر بمدى تيسيرها للحياة، بل في الأسئلة التي تطرحها وتمس جوهر البشرية، مؤكّدًا أنّ علينا أن نظل حريصين على فكرة مفادها أن التقنية هي الوسيلة لا الغاية، فالأمر معقودٌ في آخر الدرب على إفادة الإنسانية عامةً، والتعليم خاصةً.وتحدث خلال افتتاح أعمال المؤتمر رئيس المؤتمر ورئيس جمعية الدراسات العليا في الكويت الدكتور محمد زيد العتيبي، والمنسق العام للمؤتمر الدكتور عمر جابر أبو رمان.ويهدف المؤتمر إلى جمع الأكاديميين والممارسين والباحثين لتبادل معارفهم وأفكارهم الجديدة وكذلك مناقشة التطور الحالي في مجال الإدارة في ضوء التحول الرقمي والتكنولوجي، ويُشكّل المؤتمر فرصة للأكاديميين والعلماء والممارسين والباحثين للالتقاء والتفاعل مع المشاركين المحليين والدوليين، علاوة على ذلك، فإنه يسلط الضوء على المشكلات الإدارية والرقمية والتقنية التي تواجهها المنظمات بطريقة علمية.ويسعى المؤتمر إلى إيجاد الحلول العملية الممكنة لها، وتمكين الباحثين من نشر أبحاثهم في مجلات رفيعة المستوى.ويُغطّي المؤتمر على مدار يومين مجالات عدة منها: الأعمال والإدارة، المحاسبة والمالية والمصرفية، إدارة الموارد البشرية والسلوك التنظيمي، التسويق والتجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، الاقتصاد والإدارة العامة، حوكمة الشركات والتكنولوجيا المالية، الاستدامة، التكنولوجيا وريادة الأعمال والشركات الناشئة، تمكين المرأة، التعلم الإلكتروني، إدارة وقيادة التعليم.وحضر المؤتمر عدد من رؤساء الجامعات الدولية والعربية والمحلية، من بينهم رئيس اتحاد الجامعات العربية الدكتور عمرو سلامة، ورئيس الجامعة الأردنية نذير عبيدات، ورئيس جامعة اليرموك إسلام مسّاد، ورئيس جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا الدكتور مشهور عبد الله الرفاعي، ورئيس الجامعة الهاشمية في الأردن فواز محمد العبد الحق، ورئيس هيئة الاعتماد وضمان الجودة لمؤسسات التعليم العالي في الأردن الدكتور ظافر يوسف الصرايرة، ونائب رئيس جامعة الأمير محمد بن فهد للشؤون الأكاديمية في المملكة العربية السعودية الدكتور فيصل العنزي، ورئيس الجامعة الملكية للبنات في البحرين الدكتورة يسرى الموزغي، ونائب رئيس جامعة قطر للبحوث والدراسات العليا الدكتورة مريم العلي المعاضيد، ومديرة وحدة الشؤون الدولية في الجامعة الأردنية الدكتورة هديل ياسين.والمؤتمر الذي يُقام بدعم من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي والأمانة العامة للأوقاف واتحاد الجامعات العربية، يُعدّ الأول من نوعه في دولة الكويت، حيث يشارك فيه جامعة الكويت، ورؤساء جامعات دولية وإقليمية وعربية من السعودية ومصر والأردن والإمارات والبحرين، وعدد من الأساتذة والمهتمين والباحثين من مختلف القطاعات والهيئات الحكومية.

شارك الخبر على