رفيقة بن رجب تثري المكتبة العربية بدراسة ذات قيمة أدبية حقيقية

أكثر من سنة فى البلاد

في أمسية أخذتنا إلى جنان الإبداع، نظمت اللجنة الثقافية بنادي العروبة مساء يوم أمس الأول منتدى بعنوان "نبض النص: بين المنهجية والموضوع.. دراسات تحليلية للدكتورة رفيقة بن رجب"، تحدث فيها كل من عباس القصاب، وعارف الموسوي، وزهرة حرم، وأدارها علي عمران.
"البلاد" حضرت وقائع المنتدى وتنشر مقتطفات منه:
في مستهل المنتدى تحدثت المحتفى بها رفيقة بن رجب، موضحة أن فكرة الكتاب راودتها منذ 2017 عندما تمت دعوتها لحضور ملتقى الشعر في قصر الثقافة بالشارقة وطلبوا منها بأن تكون ورقتها هي دراسة نقدية وجمالية لـ 14 شاعرة من دول الخليج ومن الشعر النبطي، والأمر لم يكن سهلا، لا بسبب التحليل لأنها سبق وأن شاركت في تحليل الشعر الفصيح، ولكن "هذه المرة الأولى التي أقدمت فيها على ذلك متحدية نفسي بالقراءة المستفيضة في هذا النوع الشعري الذي أصبح بيني وبينه علاقة حميمية".

قسمت بن رجب الكتاب إلى بابين. الباب الأول "قراءة أسلوبية في المؤتلف والمختلف بين حقبتين." الحقبة الأولى: يمثلها الشاعر الأموي عمر بن أبي ربيعة، والحقبة الثانية تنوع المفاهيم الشعرية في شعر المرأة الخليجية والتي تمثلها الشاعرتين عوشة السويدي وتنهات نجد. والباب الثاني تم تقسيمه إلى فصلين. شاعرات من ديوان القصيدة للشاعرة الإماراتية مريم النقبي. والثاني ضم قصائد من خارج الديوان.

الناقد عباس القصاب قال في ورقته "لا أود الحديث عن تقسيمات الكتاب بأبوابه وفصوله وحقبه، وإنما المهم في ذلك هو المنهجيّة العلميّة المتّبعة فيه، والمتمثّلة بالمنهج الأسلوبيّ أو ما يطلق عليه (الأسلوبيّة)، وربما تكون الإشكاليّة الأولى في كتاب يتناول برمته تجارب شعريّة لشاعرات خليجيّات مبتدئة بحقبة زمانيّة قديمة، ولأحد شعراء العصر الأمويّ، وهو الشاعر عمر بن أبي ربيعة، شاعر الغزل الماجن والتشبيب، وألمع الشعراء في هذا الغرض الشعريّ، الذي استطاع أن يكوّن مدرسة خاصّة به، يتربع على رأسها، حيث تناولت الدكتورة لغة عمر الجماليّة بنسق أسلوبيّ إحصائيّ، وهذا ما لم يطرقْه أحد قبلها، فوضعت مجموعة من الجداول لتحديد صفات جمال المرأة ومعاييره، ومساحات الاشتغال الفني لديه، إذ وضعت 9 جداول إحصائيّة لاشتغالات عمر بن أبي ربعة الغزليّة فيما يتعلق بجسد المرأة وحركتها وزينتها وأخلاقها، مع تعليقات موجزة منها، منتقلة إلى إحصائيّة أخرى متعلقة بمحبوبات عمر وأسمائهن، والمدلولات العددية بتعليق عام على الجداول التوضيحية أو الإحصائية، والدكتورة لم تسترسل في تفسير الأرقام الإحصائيّة ومدلولاتها ومقاربتها، وظني في ذلك عدم الحاجة إليها على الرغم من خطورة مدلولاتها في مواضيع أخرى تتعلق بشعر عمر بصورة مستقلة.

وأضاف القصاب: تكمن أهمية هذه الدراسة في عدة أمور يمكن أن أوجزها فيما يلي:
- إنها دراسة تتبع منهجا أدبيا عتيدا في الدراسات النقدية الأدبية الحديثة وهو الأسلوبية.
- إغناء المكتبة الأدبية البحرينية والعربية بمثل هذه الدراسات الأسلوبية القليلة التي تناولت شعر المرأة الخليجية "النبطي والفصيح".
- إبراز مجموعة من الأسماء المهمة في الشعر النسوي خليجيا في هذا الكتاب، ومنهن عدد من الشاعرات البحرينيات.
- دمج الحقب الأدبية "الشعرية" ومقاربتها.
- تقديم أنموذج بحثي تعليمي تطبيقي للطلبة والمهتمين بالنقد الأدبي الحديث.

بدورها، أكدت زهرة حرم أن بن رجب لم تضع مجموعة من الشعراء القدامى مقابل مجموعة من الشواعر المعاصرات، على الأقل لتتعادل كفتي الميزان، بل اعتمدت شاعرا واحدا، شاعر يعرف الجميع كلفه بالنساء، لتحلل - باتساع - لغته الجمالية، وتحصي الكثير من الجماليات الحسية في شعره، والمتعلقة بالمرأة المتغزَّل بها: من وجه، وفم، وعين، وجيد، وشعر، وحركة، والقليل القليل من الجمال الخلقي للمرأة في شعر عمر.
حتى إذا وقفت عند مجموعة الشواعر المعاصرات وجدناها تعطي لكل واحدة منهن مساحة ضيقة، إذ تختار لغالبيتهن قصيدة – في الغالب - تحللُها تحليلا سريعا.
إذن تصبح الكفة لدينا كالآتي: شاعر رجل، ونتاج شعري ثري يستوعب كثيرا من قصائده، في حقبة زمنية قديمة، مقابل شواعر نساء معاصرات ينتمين إلى عصرنا الحالي، تصبح المعادلة شاعرًا واحدًا بغزلياته بنعم، والرباب، وأسماء، وشواعر حرصت بن رجب على جمع أكبر عدد منهن، ومنهن بحرينيات – ونحن بلاشك فخورون بذلك، ونثمن التفاتة الدكتورة إليهن عاليًا - وأرجع للقول: تقاربُ بين شاعر.. وشواعر.. بين مفرد وجمع، بين مذكر ومؤنث.. أليست هذه جرأة تحسب للدكتورة.

وأضافت حرم "تختزل الكاتبة في نبض النص كامل حقبة عمر الزمنية في شعر عمر، وتضعه مقابل عصرنا الذي تمثل له بشعر النساء، وتستثني من ذلك شعر الرجال، فلا توجد قصيدة واحدة لشاعر معاصر، الإجابة الخالصة لدى الكاتبة الدكتورة، لكننا كقراء ومستقرئي نصوص نتساءل: هل كان شعر عمر ونساء عمر في قصائده، ومعظمهن شواعر كذلك، يكفي ليكون في مصاف مجموعة من الشواعر المعاصرات، قد تكون هناك معادلة ضمنية، خفية، وذكية في آن،التفتت إليها الدكتورة".
وسواء اختلفنا مع الكاتبة أم اتفقنا حول طبيعة مقاربتها بين شاعر قديم، وشواعر معاصرات، فالحق يقال إننا اليوم في أمس الحاجة – وأتحدث عن مجال الأدب واللغة العربية بالتحديد – إلى استحضار التراث، أو الإرث الأدبي العربي، بوصفه حضارتنا المقموعة اليوم، والتي لا يدير لها الجيل المعاصر بالا، ولا شغفا، ولا أهمية، وكأنها لا تعنيه أبدا.
اما عارف الموسوي فقال: لقد قصدت الدِّراسة الخطاب بوصفه مشروعا نقديا والذي عُرِّفَ بأنه:" المشروعُ الفكريُ الذي يسير وفق أسس معرفية تُسْهِمُ في خلق تفكيرٍ معينٍ اتجاه موضوع ما". كما أنها عرَّفت الأسس المكوِّنة للخطاب بأنَّها:" المرجعياتُ الفِكْريةُ التي يَعودُ الباحثُ إليها عند تَشْكِيلِ معارفه وأفكاره الخاصة بخطابه "النقدي.
والخطابُ النقديُ عند رفيقة بن رجب في كتابها نبض النص قائمٌ على أسينِ: أولُهُما، أسٌ تراثي. وثانيهما، أسٌ حديث.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على