«أقصى اليمين» يتجه إلى تشكيل حكومة في إيطاليا

أكثر من سنة فى الإتحاد

دينا محمود (روما، لندن)
غداة الفوز الكبير الذي حققه حزب «إخوة إيطاليا» ذو توجهات أقصى اليمين في الانتخابات التشريعية في البلاد، بات في حكم المؤكد أن تشهد روما خلال الأيام القليلة المقبلة تشكيل الحكومة الأكثر يمينية التي تتولى السلطة فيها، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهو ما قد يضعها على مسار تصادمي مع الاتحاد الأوروبي.فالحكومة المقبلة في روما، التي سيشكلها على الأرجح ائتلاف تقوده جورجيا ميلوني زعيمة «إخوة إيطاليا»، ستعزز صفوف معسكر اليمين الأوروبي، الذي يهيمن على مقاليد الأمور بالفعل منذ سنوات، في دول أخرى أعضاء في الاتحاد، مثل بولندا والمجر، ويسعى للوصول إلى السلطة في بلدان كفرنسا.ويتوقع محللون أن تسعى حكومة ميلوني، التي ستضم في صفوفها على الأغلب حزبيْ «الرابطة» و«فورزا إيطاليا»، لإقامة تحالفات مع حكومتيْ بودابست ووارسو، بهدف تدعيم الموقف التفاوضي لها في أي مفاوضات محتملة مع الاتحاد الأوروبي، بشأن ملفات شائكة، من بينها خطة الإنعاش التي أقرها التكتل لدعم الاقتصاد الإيطالي، وتعويضه عن الخسائر التي تكبدها في فترة تفشي وباء «كورونا».فرغم استبعاد الاتحاد إعادة التفاوض بشأن هذه الخطة التي تصل قيمتها إلى 200 مليار يورو، يُنتظر أن تسعى السياسية الإيطالية اليمينية البالغة من العمر 45 عاماً، إلى فتح ملفها من جديد، خاصة في ظل الديون الهائلة التي تُثقل كاهل الميزانية العامة في بلادها، وتبعات أزمة الطاقة الحالية في العالم.فضلاً عن ذلك، يقول المحللون، في تصريحات نشرتها صحيفة «تليجراف» البريطانية، إنه من المتوقع أن يشكل ملف الهجرة، ساحة مواجهة محتملة بين الحكومة الإيطالية المقبلة والاتحاد الأوروبي، بجانب الخلافات التي يُخشى نشوبها بين الجانبين، إزاء السياسة التي ينبغي اتباعها حيال روسيا، في ظل استمرار الأزمة في أوكرانيا.ويستبعد المحللون في الوقت نفسه، أن تقود ميلوني إيطاليا، العضو المؤسس للاتحاد الأوروبي، للخروج منه، على غرار ما فعلته بريطانيا قبل سنوات. كما يقولون، إنه من غير المرجح، أن تسعى رئيسة الحكومة الإيطالية المرتقبة، لأن تغادر بلادها، صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في التكتل الأوروبي، منطقة اليورو.غير أن ذلك لا ينفي، أن تشكيل حكومة تمثل توجهات أقصى اليمين في إيطاليا، سيصب في صالح القوى الأوروبية المتشككة في جدوى استمرار الاتحاد على شاكلته الحالية، وهو ما يفسر الحفاوة الكبيرة التي لاقتها نتائج الانتخابات الإيطالية الأخيرة، من جانب رئيسيْ الوزراء البولندي ماتيوش مورافتسكي والمجري فيكتور أوربان، إلى جانب ساسة يمينيين أوروبيين آخرين، من بينهم قادة حزب «فوكس» في إسبانيا.أما رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، فكانت قد استبقت الاقتراع، بالتأكيد على أن لدى الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، أدوات تكفل وقف أي تراجع عن المعايير الديمقراطية. وقوبلت هذه التصريحات، بانتقادات حادة من جانب معسكر ميلوني وحلفائها، بلغ حد مطالبة فون دير لاين بالاعتذار أو تقديم الاستقالة، على خلفية توجيهها «تهديدات لدولة ذات سيادة عشية الانتخابات». أما بعد ظهور النتائج الأولية للانتخابات الإيطالية، فقد بدت اللهجة الأوروبية أكثر دبلوماسية، إذ سارع المتحدث باسم المفوضية للإعراب عن أمله، في أن يتم مد جسور تعاون بناء مع الحكومة المقبلة في روما.من جهة أخرى، يتوقع خبراء ومحللون أن يؤدي خروج رئيس الوزراء الإيطالي المستقيل ماريو دراجي، من المشهد السياسي في بلاده، إلى إضعاف نفوذها في أروقة الاتحاد الأوروبي. فقد سبق أن شغل دراجي، ذو المسيرة الطويلة في عالم الاقتصاد والصيرفة، منصب رئيس البنك المركزي الأوروبي لثماني سنوات كاملة بين عاميْ 2011 و2019، كوَّن خلالها شبكة علاقات فريدة من نوعها، في مقر الاتحاد ببروكسل.وبعيداً عن طبيعة العلاقات المستقبلية المحتملة بين الحكومة المقبلة في روما والاتحاد الأوروبي، توقع خبراء تحدثوا لصحيفة «الجارديان» البريطانية، أن تؤدي حداثة عهد ميلوني بشؤون الحكم، إلى دفعها للاعتماد بشكل كبير، على حليفيْها اليمينييْن، رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني وماتيو سالفيني، زعيميْ حزبيْ «فورزا إيطاليا» و«الرابطة» على الترتيب.
جورجيا ميلوني.. سياسية صحفية بلا شهادة جامعيةاتخذت إيطاليا منعطفاً حاداً نحو اليمين، أمس، بفوز الحزب الشعبوي الذي تتزعمه جورجيا ميلوني في الانتخابات العامة، ما يفتح الباب للمرأة التي أبدت في الماضي إعجابها بموسوليني لتكون أول رئيسة للوزراء في تاريخ البلاد. ولدت جورجيا ميلوني في روما عام 1977.عاشت طفولة صعبة في ضواحي العاصمة الإيطالية بعد ما تخلى عنها والدها الذي سافر إلى جزر الكناري، لتترعرع على يد والدتها، وهي من اليمين.هي صحفية وسياسية إيطالية، دخلت العمل السياسي منذ سن المراهقة، عملت سابقاً وزيرة للشباب في حكومة برلسكوني الرابعة، وكانت مساعدة لحزب «إخوة إيطاليا»، وأصبحت عضوة في مجلس النواب الإيطالي وأصغر نائب لرئيس المجلس. لا تملك ميلوني شهادة جامعية، وقبل صعودها السلّم السياسي اليميني، كانت قد عملت في وظائف متعددة منذ التخرج من المدرسة، مثل، العمل في سوق شعبي، ومربية للأطفال.عام 1995 أصبحت عضوة في «حزب التحالف الوطني»، وهو الحزب ذو التوجه الفاشي، وفي عام 2009، اندمج حزبها مع حزب «فورزا إيطاليا» ليتوحدا تحت اسم «شعب الحرية». عام 2012، وبعد انتقادها لبرلسكوني والمطالبة بالتجديد داخل الحزب، انسحبت وأسست حركة سياسية جديدة سميت «إخوة إيطاليا».فاز حزب ميلوني «إخوة إيطاليا» بـ26% من الأصوات في الانتخابات الأخيرة. وتقود ميلوني ائتلافاً يتوقع أن يفوز بغالبية مقاعد البرلمان ويؤلف حكومة هي الأكثر يمينية في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية.وقد انتقل الحزب من 4% فقط من الأصوات عام 2018 إلى تصدر نتائج الانتخابات أخيراً.
 

شارك الخبر على