الأزمة السياسية في العراق تدخل منعطفا خطيرا.. وإعلان حظر التجوال في جميع المحافظات

أكثر من سنة فى كونا

(خبر موسع)

الكويت - 29 - 8 (كونا) -- دخلت الأزمة السياسية التي يعيشها العراق منذ الانتخابات الأخيرة منعطفا خطيرا بعد إعلان زعيم (التيار الصدري) مقتدى الصدر اليوم الإثنين اعتزاله العمل السياسي "كليا" وما تلاه من تطورات متسارعة تضمنت اقتحام متظاهرين (المنطقة الخضراء) والقصر الحكومي في العاصمة بغداد وإعلان (قيادة العمليات المشتركة) حظر التجوال في جميع محافظات البلاد مع سقوط عدد من القتلى والجرحى.
وكانت تغريدة نشرها الصدر عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر) معلنا فيها قراره اعتزال العمل السياسي بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل هذه الحلقة الجديدة من التصعيد التي ما زالت رحاها تدور حتى الآن وأسفرت عن سقوط ثمانية قتلى وإصابة أكثر من 70 آخرين وفقا لما قاله مصدر أمني عراقي ما دفع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للتوجيه بفتح "تحقيق عاجل" وتحديد "المقصرين" ومحاسبتهم وفق القانون.
وقال الصدر في تغريدته "كنت قد قررت عدم التدخل في الشؤون السياسية والآن أعلن الاعتزال النهائي وغلق كافة المؤسسات إلا مرقد المرجع الديني محمد محمد صادق الصدر ومتحف وهيئة التراث التابعة لأسرتي".
وتخوف مراقبون من أن هذا الإعلان من جانب الصدر يعني انقطاعه كليا عن التواصل مع غرمائه السياسيين وبالتالي وقف كل مساعي الحلول الممكنة إضافة إلى مخاوف من أن الاستقالة تعني وقف سيطرته على اتباعه الذين كانوا يسيطرون على البرلمان ويعتصمون في محيطه.
وجاء رد الفعل سريعا من (الرئاسات العراقية) على إعلان الصدر حيث دعا رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى انتهاج الحوار البناء طريقا لإنهاء كل الخلافات الحالية في البلاد.
وذكرت رئاسة الجمهورية العراقية في بيان أن ذلك جاء أثناء اجتماع عقدوه بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان لبحث الأزمة السياسية الحادة في البلاد.
وأضافت أن المجتمعين أعربوا عن دعمهم لدعوة الكاظمي لعقد جولة جديدة من الحوار الوطني الاسبوع الحالي لبحث ومناقشة الأفكار والمبادرات التي تخص حل الازمة الحالية مؤكدين أهمية حضور التيار الصدري هذه الجولة من الحوار.
وأشارت الرئاسة إلى أن المجتمعين دعوا كل القوى السياسية إلى تحمل المسؤولية واعتماد التهدئة على كل المستويات وإيقاف التصعيد السياسي بما يسمح بمناقشة مثمرة للحلول المطروحة وبحث الوضع السياسي العام وتحسين بيئة العلاقات بين القوى السياسية المختلفة.
وبعد ذلك دعت قيادة العمليات المشتركة العراقية المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من داخل (المنطقة الخضراء) وذلك بعد وقت قصير من اقتحامها من قبل المزيد من أنصار الصدر.
وقالت القيادة في بيان إنها التزمت أعلى درجات ضبط النفس والتعامل الأخوي لمنع التصادم أو إراقة الدم العراقي مؤكدة مسؤوليتها عن حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية والاملاك العامة والخاصة.
وأوضحت أن التعاطي مع التظاهرات السلمية يتم من خلال الدستور والقوانين مشيرة الى أن القوات الأمنية تقوم بواجبها في حماية الامن والاستقرار.
وفي تطور لاحق أعلنت قيادة العمليات المشتركة حظر التجوال الشامل في بغداد على خلفية اقتحام متظاهرين القصر الجمهوري ثم قررت القيادة بعدها توسيع الحظر ليشمل جميع محافظات العراق مؤكدة في بيان بدء الحظر من الساعة السابعة من مساء اليوم الاثنين بتوقيت بغداد وإلى إشعار آخر.
وتناقلت وسائل الإعلام المحلية صورا ومقاطع (فيديو) تظهر اقتحام متظاهرين موالين لزعيم (التيار الصدري) اليوم القصر الجمهوري في بغداد احتجاجا إلى جانب مقاطع مصورة تظهر انتشار قطاعات الجيش العراقي في عدد من شوارع العاصمة.
أما الكاظمي فأعلن تعليق جلسات مجلس الوزراء إلى إشعار آخر بسبب اقتحام متظاهرين مقر مجلس الوزراء حيث ذكر المكتب الاعلامي لرئاسة الوزراء في بيان موجز أن قرار التعليق جاء بسبب دخول مجموعة من المتظاهرين مقر مجلس الوزراء المتمثل بالقصر الحكومي.
ودفع ذلك الكاظمي إلى عقد اجتماع طارئ للقيادات الأمنية في البلاد بمقر العمليات المشتركة لمناقشة الأحداث الأخيرة في بغداد ودخول المتظاهرين إلى عدد من المؤسسات الحكومية في (المنطقة الخضراء).
وذكر المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء في بيان حينها أن الكاظمي جدد توجيهاته للقيادات الأمنية بالالتزام التام بالتعليمات السابقة فيما يخص حماية أرواح المتظاهرين والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة ومنع التجاوز على المؤسسات الحكومية من قبل أي طرف.
كما دعا الكاظمي المتظاهرين مجددا إلى الانسحاب الفوري من (المنطقة الخضراء) وعدم إرباك الوضع العام في البلاد وتعريض السلم المجتمعي للخطر.
واعتبر الكاظمي في بيان بعد ذلك أن التطورات "الخطيرة" التي جرت في العراق من اقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء ودخول مؤسسات حكومية تؤشر على "خطورة النتائج" المترتبة على استمرار الخلافات السياسية وتراكمها.
وجدد الكاظمي في هذا البيان الجديد دعوة أنصار الصدر إلى الانسحاب من المؤسسات الحكومية معتبرا أن تجاوز المتظاهرين على مؤسسات الدولة "عمل مدان وخارج عن السياقات القانونية".
ورأى أن "تمادي الخلاف السياسي ليصل الى لحظة الإضرار بكل مؤسسات الدولة لا يخدم مقدرات الشعب العراقي وتطلعاته ومستقبله ووحدة أراضيه".
وفي خضم ذلك قال مصدر أمني عراقي إن ثمانية أشخاص لقوا مصرعهم وأصيب أكثر من 70 آخرين في المظاهرات التي تشهدها بغداد.
وذكر المصدر أن جميع القتلى الثمانية سقطوا نتيجة تعرضهم لإطلاق نار فيما تنوعت الإصابات وكانت في مناطق متفرقة من الجسم ونتيجة إطلاق نار أيضا مشيرا إلى أن معظم المصابين نقلوا إلى مستشفى (الجملة العصبية) في بغداد لتلقي العلاج.
ووجه رئيس الوزراء الكاظمي إثر ذلك بفتح "تحقيق عاجل" بشأن الأحداث التي وقعت في (المنطقة الخضراء) ومصادر إطلاق النار وتحديد "المقصرين" ومحاسبتهم وفق القانون.
وأوعز الكاظمي في بيان بمنع استخدام الرصاص وإطلاق النار على المتظاهرين من أي طرف أمني أو عسكري أو مسلح منعا باتا مشددا على التزام الوزارات والهيئات والاجهزة الأمنية والعسكرية بالعمل وفق السياقات والصلاحيات والضوابط الممنوحة لها.
وأكد الكاظمي أن القوات الامنية مسؤولة عن حماية المتظاهرين وأن أي مخالفة للتعليمات الأمنية بهذا الصدد ستكون أمام المساءلة القانونية.
أما رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي فدعا من وصفهم بالعقلاء والمؤثرين والزعامات الدينية والسياسية والعشائرية والاجتماعية في بلاده إلى التدخل والدفع باتجاه التهدئة وضبط النفس في ظل الأزمة الراهنة.
وقال الحلبوسي في بيان إن "ما آل إليه الوضع هذا اليوم ينذر بخطر كبير وهو أمر لا يمكن السكوت عنه أو تركه يتصاعد دون تدخل" محذرا من "الفوضى وإراقة دماء العراقيين عبر استخدام السلاح من أي طرف".
ودعا جميع الأطراف إلى "إطفاء نار الفتنة والتوصل إلى تفاهمات لحفظ وصون سيادة الوطن واستقراره وحمايته من الانزلاق إلى تصادم يخسر فيه الجميع".

وبعدما شاعت الأنباء عن أعمال العنف وسقوط الضحايا قال القيادي في التيار الصدري والنائب السابق عنه حسن العذاري ان زعيم التيار مقتدى الصدر أعلن اضرابا عن الطعام حتى يتوقف العنف في بلاده.
وذكر العذاري في تغريدة على موقع (تويتر) "ان سماحته يعلن اضرابا عن الطعام حتى يتوقف العنف واستعمال السلاح" مضيفا ان ازالة الفاسدين لا تعطي احدا مهما كان مسوغا لاستعمال العنف من جميع الاطراف.
بدوره دعا رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني جميع الأطراف العراقية إلى "ضبط النفس" وألا تسمح "بانفلات الوضع عن السيطرة أكثر مما هو عليه".
وأعرب بارزاني في بيان أصدرته رئاسة الإقليم عن قلقه العميق إزاء التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها اليوم العاصمة العراقية بغداد ومناطق أخرى في البلاد.
وقال إن "التظاهر السلمي حق دستوري مكفول أما التصعيد وتعطيل مؤسسات الدولة فلن يحل أي مشكلة بل يزيد الوضع تعقيدا لذا يجب حفظ هيبة مؤسسات الدولة وعدم إعاقة مهامها وأعمالها".
وأكد في الوقت نفسه أنه على القوات الأمنية "التعامل بمنتهى الحيطة والحذر" مع الوضع وعدم السماح بتحول التظاهرات والأحداث إلى "ذريعة" لزيادة التدهور في الوضع الأمني ومنع سقوط ضحايا في صفوف المواطنين.
وأضاف أن "أوضاع البلد تستدعي غاية الحكمة والعودة إلى المنطق والمباشرة بحوار وطني ومسؤول وتعاون الجميع لينجو العراق من هذا الوضع الصعب ولا تفلت الأمور من عقالها".
وشدد على أن إقليم كردستان العراق "وكما هو دائما" سيساعد في "الحل وخلق التفاهم بين الأطراف العراقية" مكررا دعوته كل القوى والأطراف العراقية المعنية للقدوم إلى أربيل والاجتماع فيها وتدشين حوار جاد لتجاوز هذا الوضع المتأزم للبلد.
وجاء إعلان الصدر اعتزاله في خضم أزمة سياسية حادة يشهدها العراق بين القوى السياسية بعد الانتخابات الأخيرة التي فاز (التيار الصدري) بها بالأغلبية البرلمانية إلا أنه لم يتمكن من تشكيل الحكومة بسبب تعطيل (الإطار التنسيقي) جلسة اختيار رئيس الجمهورية متعكزا على ما يسمى ب"الثلث المعطل".
وبعد أن عجز (التيار الصدري) عن تشكيل الحكومة قدم نوابه استقالتهم من البرلمان ليحل محلهم أعضاء (الإطار التنسيقي) الذي يحاول الآن عقد جلسة لتشكيل الحكومة ما دفع أنصار (التيار الصدري) إلى الاعتصام في البرلمان ومنع انعقاد الجلسات.
ورغم محاولات العديد من أطراف (الإطار التنسيقي) التوافق مع (التيار الصدري) والوصول إلى الحوار وإنهاء الانسداد السياسي فإن الصدر يرفض الحوار مع أشخاص حملهم مسؤولية الفساد في العراق.
وعلى الجانب الآخر وبعد التطورات المتسارعة التي وقعت اليوم بعد إعلان الصدر اعتزاله السياسي أصدر (الإطار التنسيقي) بيانا دعا فيه غريمه (التيار الصدري) للعودة إلى طاولة الحوار بهدف الوصول إلى تفاهمات لحل الأزمة السياسية الراهنة في البلاد.
وقال (الإطار التنسيقي) إنه يدعو "الاخوة في التيار الصدري قادة وجماهير للعودة إلى طاولة الحوار والعمل مع إخوانهم من أجل الوصول إلى تفاهمات مشتركة تضع خارطة طريق واضحة تعتمد القانون والدستور لتحقيق مصالح الشعب".
كما دعا البيان الحكومة والمؤسسات الامنية إلى "القيام بواجبها في حماية مؤسسات الدولة والمصالح العامة والخاصة فضلا عن دعوة الفعاليات الدينية والسياسية والاجتماعية إلى التدخل وطرح مبادرة لدرء الفتنة".
وكان للتطورات التي شهدها العراق اليوم ردود أفعال دولية وإقليمية تعبر بوضوح عن القلق العميق تجاهها وتدعو الفرقاء العراقيين إلى تهدئة التوترات واللجوء إلى الحوار.
وفي هذا السياق أهابت سفارة دولة الكويت في بغداد بالمواطنين الكويتيين الراغبين بالسفر إلى العراق تأجيل سفرهم نظرا للأوضاع التي يشهدها حاليا.
وحثت السفارة المواطنين المتواجدين حاليا في العراق على مغادرته والتواصل معها على هاتف الطوارئ رقم 0096407802604123.
من جهتها حثت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في بيان جميع الأطراف العراقية على العمل على تهدئة التوترات واللجوء إلى الحوار كونه الوسيلة الوحيدة لحل الخلافات.
ودعت البعثة في الوقت نفسه المتظاهرين الذين اقتحموا (المنطقة الخضراء) اليوم إلى مغادرتها فورا وإخلاء جميع المباني الحكومية والسماح للحكومة العراقية بالاستمرار في مسؤولياتها بإدارة الدولة.
وأضافت أن تطورات اليوم تعد تصعيدا بالغ الخطورة ويجب على مؤسسات الدولة العمل دون عوائق خدمة للعشب في جميع الظروف وفي جميع الأوقات مع احترام النظام الدستوري.
كما أعرب في السياق نفسه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في بيان عن القلق من التطورات المتلاحقة والخطيرة على الساحة العراقية محذرا من انزلاق الوضع هناك إلى مزيد من العنف والفوضى.
وقال أبو الغيط إنه يتابع بمزيد من القلق التطورات المتلاحقة والخطيرة على الساحة العراقية داعيا الأطراف العراقية كافة إلى تغليب المصلحة الوطنية على أية اعتبارات أخرى لتجاوز الوضع الراهن الذي يمثل خطورة على استقرار البلاد.
وحذر من انزلاق الوضع في العراق إلى مزيد من العنف والفوضى وإراقة الدماء مشددا على ضرورة ضبط النفس وتوجيه جموع المتظاهرين من مختلف المجموعات بالابتعاد عن كافة المظاهر المسلحة وتفادي إراقة الدماء.
وأشار إلى أن الجامعة العربية تتابع الإجراءات كافة التي تتخذها الحكومة العراقية في سبيل الحفاظ على السلم الأهلي وصيانة الأمن والاستقرار في البلاد.
بدوره دعا البرلمان العربي جميع الأطراف والقوى السياسية في العراق إلى ضرورة ضبط النفس وعدم التصعيد وإعلاء المصلحة الوطنية للعراق ووقف العنف حقنا للدماء في البلاد.
واكد البرلمان في بيان ان الحوار البناء والحفاظ على المسار السلمي للعملية السياسية وفقا للدستور هو الطريق السليم للحفاظ على مقدرات الجمهورية العراقية وشعبها الكريم.
وشدد على أهمية "عودة الهدوء للساحة العراقية" وجلوس القوى السياسية كافة على طاولة الحوار وتحمل المسؤولية الوطنية في ظل الظروف الحرجة التي يشهدها العراق مطالبا بالحفاظ على المسار السلمي للعملية السياسية للخروج بحل يضع مصلحة الشعب العراقي فوق كل اعتبار "بعيدا عن أي مصالح ضيقة" مؤكدا أن أمن واستقرار العراق هو جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة.
كما تلقى الرئيس العراقي برهم صالح اليوم اتصالا هاتفيا من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي تطرق إلى الأحداث الراهنة في العراق.
ونقلت الرئاسة العراقية في بيان عن السيسي القول في الاتصال إن القيادة المصرية تتابع باهتمام التطورات في العراق بحكم العلاقة الأخوية التي تجمع بلديهما مؤكدا دعم مصر لأمن الشعب العراقي واستقراره وسلامته.
وأشار السيسي إلى العلاقة التي وصفها بالتاريخية الوطيدة التي تجمع البلدين معربا عن أمله في تجاوز الأزمة السياسية العراقية عبر الحوار وبما يحقق الاستقرار والأمن والرخاء للعراقيين.
وتلقى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اتصالا هاتفيا مماثلا من الرئيس المصري حيث ذكر المكتب الاعلامي لرئاسة الوزراء ان الكاظمي أكد خلال الاتصال اتخاذ كل السبل الكفيلة بأن يبقى العراق قويا ومحافظا على سلمه الاهلي ووحدة اراضيه.
بدوره عبر السيسي عن تضامنه مع الحكومة العراقية واجراءاتها ومنها مبادرة الكاظمي لحل الازمة مؤكدا ضرورة ضبط النفس وانتهاج جميع الاطراف التهدئة والحوار للوصول الى حلول تكون على قدر تطلعات الشعب العراقي. (النهاية) م ع ع

شارك الخبر على