الذوادي كاتب السيناريو لا يستطيع أن يلتزم حرفياً بالقصة فللسينما لغة خاصة

أكثر من سنة فى البلاد

ضمن احتفالها باليوم العالمي للشباب، أقامت أسرة الأدباء والكتاب مساء (الاحد) 28 اغسطس ندوة بعنوان "الأدب والسينما" تحدث فيها المخرج القدير بسام الذوادي وسط حضور كبير من المهتمين.

وفيما يلي تنشر "البلاد" أبرز ما جاء في الندوة:

أوضح الذوادي أنه لا يوجد هناك فرق بين تحويل القصة أو الرواية أو الفكرة التي من سطرين إلى فيلم روائي طويل، فجميعها يتطلب سيناريو يزيد على الـ120 مشهداً لأجل الفيلم الطويل وكاتباً سينمائياً محترفاً، ولدينا الكثير من الأمثلة العربية والأجنبية، فتريفو وجودار كانا يعتمدان على ورقة بها الفكرة عندما أنشأوا الموجة الجديدة في السينما، وروايات الكاتب ستيفن كنج التي معظمها تحولت إلى أفلام سينمائية ناجحة ودان براون حيث كانت رواياتهم من 300 إلى 400 صفحة، علماً أن ستيفن كنج كاتب قصص قصيرة أيضاً، وهذا ينطبق على كتاب القصة القصيرة العرب أمثال يوسف إدريس، ويوسف السباعي وغيرهم، فكثير من الأفلام الطويلة تعتمد على حالة، سواء نفسية أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، وهذه الحالة تكون هي عصب القصة الأدبي والدرامي.

وأضاف الذوادي: كاتب السيناريو المحترف ملمٌّ بكل جوانب التقنية السينمائية القديمة والحديثة، وهو يختلف عن الأديب في هذا الجانب، لذلك يستخدم هذه الجوانب حين يكتب سيناريو فيلم روائي طويل، وهذا لا شك يتطلب الخبرة والعلم والتقنية قبل معرفة ممارسة الكتابة للشاشة، وطبعاً المشاهدة الغزيرة للأفلام السينمائية القديمة والجديدة يساعد بشكل كبير على بزوغ الفكرة في شكل صور سينمائية مكتوبة، وبالتالي الخبرة والمهارة ليس فقط في التعامل مع النصوص القصيرة مطلوبة، وإنما أيضاً الخبرة في الموسيقى والتصوير والخدع والإخراج تساعد بشكل كبير، ومن تجربتي فقد كتبتُ الشعر، وأصدرتُ ديواناً العام 1981، ورسمتُ اللوحات التشكيلية منذ العام 1977 وحتى العام 1993، وأقمتُ معرضاً للصور الفوتوغرافية بالقاهرة في العام 1980، ولحّنت أوبريتَ غنائياً قدمته في القاهرة والبحرين وتولى توزيعه الموسيقار خليفة زيمان عام 1983، وقمتُ بمونتاج الكثير من الأفلام السينمائية القصيرة والبرامج التلفزيونية طوال السنين، كما قمتُ ببطولة مسرحيتين: "المؤلف" عام 1985 والتي أخذنا عليها المركز الأول في أول مهرجان مسرحي خليجي في الكويت في فبراير 1985، ومسرحية "ويود عليه" عام 1986، كل هذا ليس لأكون شاعراً أو مصوراً أو موسيقياً أو رساماً أو مونتيرَ أو ممثلاً؛ وإنما لكي أكون مخرجاً أفهم هذه العناصر وأستوعبها وأستطيع أن أتكلم لغتها، وأعكس ذلك عندما أخرج فيلماً سينمائياً روائياً أو تسجيلياً أو مسلسلاً أو برنامجاً تلفزيونياً أو حتى إعلاناً.

لذلك أعتقد بأن كاتب السيناريو يجب أن يَلُمَّ بكل جوانب الإبداع كثقافة خاصة لا أن يمارسها وإنما يستغل هذه الثقافة في الكتابة وخلق المشاهد بشكل عام.

بعد ذلك استعرض الذوادي عدداً من الأفلام العالمية التي أنتجت من قصص قصيرة، موضحاً في هذا السياق أيضاً أن الخيال مهم جداً في الكتابة للسينما، بل وتعتمد عليه النصوص ورؤية الصناع أكثر من الواقع ولا يمكن من كاتب السيناريو أن يلتزم حرفياً بالقصة، فللسينما لغة خاصة. الكاتب يكتب سطراً أدبياً يحوي انتقال البطل من مكان إلى آخر، وكاتب السيناريو يحوِّل هذا السطر إلى عشرة مشاهد ذات صور عميقة وموسيقى تصويرية ومؤثرات صوتية يمر من خلالها البطل على شخصيات أخرى في القصة تدعم الفكرة الأساسية لها، الوضع مختلف تماماً وعدم الالتزام أحياناً يكون حرفة لأجل الفيلم والرواية مع بعض، والأدوات في السينما ليست ورقة وقلماً، وإنما هناك ممثلون وموسيقى ومؤثرات ووحدة زمان ومكان وإيقاع، كل هذه الأدوات تختلف عن أدوات الأديب كاتب القصة أو الرواية.

وتابع الذوادي: كثير من السيناريوهات السينمائية العربية المأخوذة من روايات أو قصص أجنبية تمر بعدة مراحل في الترجمة، فأولاً تترجم الرواية إلى عدة لغات ومنها العربية والترجمة تعتمد على بيئة المترجم، فالمترجم في البحرين غير المترجم في السعودية أو مصر أو لبنان أو المغرب، وبالتالي كاتب السيناريو يأخذ الترجمة التي أمامه أو هو يترجم حسب بيئته والرقابة الداخلية والمجتمعية لديه ويصنع السيناريو منها عاكساً الرواية الأصلية ومتضمناً نفسية وبيئة المترجم معها.

وأردف الذوادي: سمعنا الكثير من كتاب عرب وأجانب بأن الأفلام المأخوذة عن قصصهم لم تعجبهم، وكذلك سمعنا من الجمهور المتابع والذي يقرأ القصة قبل مشاهدة الفيلم الشيء نفسه؛ وهو أن القصة أجمل من الفيلم، وكذلك سمعنا العكس، أن الفيلم كان أجمل من القصة، وبصراحة الذي يعي لغة السينما والأدب يُعذِّر أحياناً الكاتب السينمائي، علماً أن الكثير من الروايات التي تحولت إلى أفلام تم استغلال مضامينها إلى مضامين تناسب البلد سياسياً، هذا إذا كانت الرواية تتعرض لجانب سياسي، وهذا ينطبق على الكثير من الروايات، ولكن يبقى المجتمع والبيئة هما العنصران الأساسيان في تغيير النص، مثلاً "الإخوة كارامازوف" للأديب الروسي ديستويفسكي عندما نفذت في أميركا لم تنفذ بالروح نفسها في مصر بسبب اختلاف البيئة والمجتمع.

واختتم الذوادي ورقته باستعراض أشهر كتَّاب الرواية والقصة القصيرة العربية والتي تحوَّلت معظم أعمالهم إلى أفلام سينمائية، مثل:يوسف إدريس "الحرام"، يوسف السباعي "السقا مات"، إحسان عبدالقدوس "لا أنام"،  نجيب محفوظ "اللص والكلاب"، الطيب صالح "عرس الزين"، وكذلك الأفلام العربية المأخوذة من قصص وروايات عالمية، مثل: "الجريمة والعقاب" و"سونيا والمجنون" لدوستويفسكي، "عيون لا تنام" من المسرحية العالمية، "رغبة تحت شجرة الدردار" ليوجين أونيل، "الوحش داخل إنسان" للروائي الفرنسي أميل زولا، "المجهول" عن رواية "سوء تفاهم" للكاتب العالمي البير كامو، فيلم "الشياطين" لدوستويفسكي، "البؤساء" لفيكتور هيجو، "الإخوة الأعداء" عن رواية "الإخوة كارامازوف" لدوستويفسكي.

شارك الخبر على