إحياء الذكرى السنوية الاولى لرحيل النائب مطصفى الحسيني في جبيل والكلمات نوهت بمزاياه ودعواته الى العيش المشترك

أكثر من سنة فى ن ن أ

وطنية - جبيل - أحيت عائلة النائب الراحل مصطفى الحسيني ذكراه السنوية الاولى، في لقاء رسمي وشعبي اقيم في قاعة BALLROOM في مجمع اده ساندس، بعنوان "العيش الواحد والانماء، رسالة خالدة"، في حضور النائب سيمون ابي رميا ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، النائب فريد الخازن ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، وزيرة التنمية الادارية في حكومة تصريف الاعمال نجلا رياشي ممثلة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري ممثلا رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، النائبين زياد الحواط ورائد برو. 
 
كما حضر مستشار الرئيس ميقاتي السفير بطرس عساكر، رئيس اتحاد بلديات قضاء جبيل فادي مرتينوس وعدد من رؤساء البلديات والمخاتير، القنصل جوزف مرتينوس والقنصل جاك حكيم ، العلامة السيد علي فضل الله، راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، الشيخ محمد حيدر ممثلا مفتي جبيل وكسروان الشيخ عبد الامير شمس الدين، امام المسلمين في جبيل الشيخ غسان اللقيس، عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت المحامي عماد مرتينوس، فاعليات اجتماعية، حزبية، ثقافية، روحية وعائلة الراحل .
 
عون 
 
بعد النشيد الوطني وكلمة عريف الاحتفال المختار احمد برو، ووفيلم وثائقي عن الراحل، القى المطران عون كلمة اكد فيها ان "الراحل تميز بحضوره الوطني المنفتح والجامع الذي كان يعكس محبة كبيرة للوطن والانسان، وكان حضوره المحبب يعكس الصفاء والسلام اللذين يسكنان قلبه الكبير فتلمس لديه احتراما كبيرا للآخر وتستشف القناعة الراسخة لديه بأن دوره ورسالته في قضاء جبيل، في المنطقة التي ينتمي إليها، هو ترسيخ العيش الواحد الذي يعكس حقيقة لبنان الرسالة من جهة والاهتمام بالإنسان والوقوف إلى جانبه في الملمات والمحن من خلال سهره على الانماء من جهة أخرى".
 
وتحدث عن العلاقة التي كانت تربطه بالراحل منذ توليه ابرشية جبيل المارونية وما لمسه منه من الاحترام والمحبة والانفتاح "الذي ينمي في داخلك الرغبة في أن تلتقيه مجددا وتستأنس برأيه وتعمل معه لتغليب ثقافة التعايش والتسامح والحوار على كل تقوقع وتصلب وانعزال".
 
وقال: "ما عرفته في السيد مصطفى من محبة ومناقبية وروح أخوة حقيقية يعطي تأكيدا بأن هناك أشخاصا مميزون بانفتاحهم وبإيمانهم بالعيش المشترك وباحترامهم لكل انسان مهما كان دينه أو انتماؤه يحققون فعلا مضمون وثيقة الأخوة الإنسانية، التي وقعها قداسة البابا فرنسيس مع شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب في 4 شباط 2019، والتي تتبنى ثقافة الحوار دربا، والتعاون المشترك سبيلا، والتعارف المتبادل نهجا وطريقا". 
 
واردف: "من طينة هؤلاء الرجال كان السيد مصطفى الحسيني الذي كان مقتنعا بأن مسيحيي لبنان ومسلميه عليهم أن يستقبلوا مضمون هذه الوثيقة وروحانيتها، ويعملوا على نشرها بين الشباب والجيل الطالع ليكون لبنان حقا رسالة للعالم ولمحيطه العربي في إعلاء الحوار والعيش الواحد، لأنها تتضمن دعوة إلى العمل جديا على نشر ثقافة التعايش والتسامح، وتطالب بالتمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك".
 
واكد أن "الأخوة شرط أساسي لبناء الأوطان ولتفعيل روح المواطنة التي تجعل منا مواطنين متساوين في الكرامة وفي الحقوق والواجبات. فالسيد مصطفى كان مقتنعا بأن الانتماء الديني والإيمان بالله يجب أن ينمي روح الأخوة بين الناس، وهذا ما جعله منفتحا على الآخرين، يشارك في المناسبات الدينية، يصغي ويصلي ويظهر احتراما كبيرا للآخر مع تقديره لما يكتنزه المسيحيون والمسلمون من تراث ديني. وفي هذا أيضا يلتقي السيد مصطفى مع ما تقوله وثيقة الأخوة الإنسانية عندما تؤكد أن الإيمان الحقيقي يحمل المؤمن على أن يرى في الآخر أخا له، عليه أن يؤازره ويحبه". 
 
وتابع: "انطلاقا من الإيمان بالله الذي خلق الناس جميعا وساوى بينهم برحمته، فإن المؤمن مدعو للتعبير عن هذه الأخوة الإنسانية بالاعتناء بالخليقة وبالكون كله، وبتقديم العون لكل إنسان، لا سيما الضعفاء منهم والأشخاص الأكثر حاجة وعوزا".
 
وأضاف: "كم نحن بحاجة اليوم في ظل الظروف التي نمر بها إلى رجال يحسنون الحوار ويرون في الآخر شريكا حقيقيا لهم في الوطن، فيعملون معا لما فيه خير الوطن والإنسان أولا وآخرا بعيدا عن أي ارتهان خارجي ومن دون أحكام مسبقة، وبعيدا عن روح الاستقواء التي تشعر الفريق الآخر بأنه ليس شريكا حقيقيا بكل ما للكلمة من معنى. فالحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم في احتواء كثيرٍ من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التي تحاصر جزءا كبيرا من البشر، ومن شأنه أيضا أن يسهم في احتواء الكثير من التشنجات التي تحاصرنا اليوم في لبنان".
 
ولفت الى أن "العمل الوطني يجب أن يبنى على رؤية مستقبلية تحافظ على هوية لبنان الأساسية فيبقى الوطن الرسالة الجامع للثقافات والأديان، الوطن الذي يتميز بحريته وديموقراطيته والمساواة بين كل أبنائه في الحقوق والواجبات. ولن يمكننا الوصول إلى هذه الغاية إلا من خلال حوار أخوي صادق على غرار ما جرى في إعداد وثيقة الأخوة الإنسانية التي جرى العمل عليها بإخلاص وجدية لتكون إعلانا مشتركا عن نيات صالحة وصادقة من أجل دعوة كل من يحملون في قلوبهم إيمانا بالله وإيمانا بالأخوة الإنسانية إلى أن يتوحدوا ويعملوا معا من أجل أن تصبح هذه الوثيقة دليلا للأجيال المقبلة، يأخذهم إلى ثقافة الاحترام المتبادل، في جو من إدراك النعمة الإلهية الكبرى التي جعلت من البشر جميعا إخوة".
 
وختم عون: "هذا ما أرجوه أيها الإخوة في ذكرى السيد مصطفى الحسيني الذي كان مجليا في هذا المضمار، فنعمل معا على نشر ثقافة الأخوة والاحترام المتبادل ونستفيد من هذه الوثيقة التاريخية لتصبح حقا لأجيالنا الصاعدة دليلا نستلهمه لتثبيت عيشنا المشترك على أساس الأخوة والاحترام وروح المواطنة".
 
فضل الله
 
واشار فضل الله في كلمته الى ان "الراحل  كان من الشخصيات التي تعتبر أن الموقع الذي يتسلمه الإنسان ليس امتيازا يعزز من خلاله موقعه الشخصي أو فرصة لبناء مجد ذاتي، بل اعتبره مسؤولية وعبء ثقيل لا يستطيع أن ينزله عن ظهره إلا عندما يطمئن أنه قد اداه كاملا"، لافتا الى ان ذلك كان نهجه وتلك كانت تطلعاته التي التزم بها ووجهت علاقاته مع الناس، وهكذا كان تعامله مع المواقع التي شغلها، إذ لم يكن كغيره ممن وظفوا مواقعهم أو عملهم في الشأن العام لجني المكاسب والمغانم على حساب القانون والأخلاق ومصالح الوطن حتى لو أدى ذلك إلى سقوطه وانهياره، وفي ضوء هذه المنطلقات شارك الناس آلامهم وآمالهم وطموحاتهم وأحلامهم، وحرص أن يكون حاضرا معهم،  ما جعله يلقى محبة في قلوب الناس،  وهو الذي بقي على عصاميته وتوازنه، فلم يتلوث كما تلوث غيره من ارتكابات جرى إدخالها في نطاق الأمور الطبيعية في هذا النادي السياسي اللبناني المشوه..".
 
وقال: "على أتباع الأنبياء أن يتمثلوا القيم التي حملها الأنبياء، وهنا نتساءل لو أن الأنبياء كانوا حاضرين في مواقع الرئاسة طائفية أم سياسية أو في أي موقع مسؤول ، هل كانوا يطالبون بحقوق طائفتهم أو جماعتهم فحسب كما نفعل؟ أين نحن من السيد المسيح الذي يطالب بحقوق الناس جميعا لا بحقوق الملتزمين معه ، وأين نحن من النبي محمد الذي لم يطالب بحقوق المسلمين فقط، هم طالبوا بحقوق جميع الناس ولم يميزوا بينهم".
 
واردف: "لم يكن الأنبياء وكل من سار على هديهم ليفكر كيف يوسع دائرة نفوذه أو يراكم الغنائم لمصلحة جماعته وعلى حساب الجماعة الأخرى، ولم يكن أي منهم ليضع خطوطا حمراء ليحمي فاسدا من جماعته ... بل كانوا يتركون العدالة تجري مجراها ،لقد وقف السيد المسيح  في وجه لصوص الهيكل عندما اكتشف خيانتهم للقيم التي يحملونها وهكذا وقف النبي محمد  في مواجهة قومه الذين أرادوا حماية سارق من العقاب لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، وفي هذا المجال، نرى أن السيد مصطفى الحسيني لم يكن فئويا ولم يتحرك من منطلق طائفي أو مذهبي ، كان يرى أن إيمانه يجعله منفتحا على الآخرين وعقله يتلاقى مع عقول الآخرين ويده تمتد للتعاون مع الآخرين ، فروحية الانفتاح والتواصل والحوار، هي ثروة لبنان التي لا بد ان نعمل على حمايتها وتعزيزها وتمتينها".
 
واكد ان "ما يجمع اللبنانيين حيث القيم الروحية وان اختلفت الوسائل التي تصلنا بالله، تجمعهم القيم الإنسانية والأخلاقية فلا صدق إسلاميا غير الصدق المسيحي ولا أمانة إسلامية غير الأمانة المسيحية، يجمعهم الوطن والتاريخ الذي عاشوا فيه وقدموا التضحيات في سبيله حتى يبقى هذا البلد ، مشيرا الى انه سوف يتفرق اللبنانيون ويعادي بعضهم البعض، وسوف يتمزق الوطن إن تحولوا إلى تجمعات وعصبيات عنوانها ديني ولكنها منزوعة من قيم الدين واخلاقياته، وتحركوا بذهنية ما كانت عليه القبائل عندما كانوا يغزون بعضهم البعض ويتأمرون مع القوى الخارجية ضد بعضهم البعض لأجل الحصول على المكاسب المادية أو الفئوية".
 
ورأى ان "مثل هذه الذهنية هي التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه من بؤس ومآس وسوف نصل إلى ما هو أسوأ وأعظم إن لم من يراجع اللبنانيون قيادات وفاعليات أنفسهم في ما فرطوا فيه من أمانة الحفاظ على بلدهم، أو يعملوا على لجم غرائزهم الطائفية والمذهبية التي تدفع بهم إلى حيث الفوضى والدمار، أو يعيدوا التفكير بصحة ما يعيشونه من هواجس إزاء بعضهم البعض، أو بمشروعية وواقعية ما يحملونه من أهداف املتها عليهم الطموحات الجامحة والحسابات الفئوية والمصالح الخاصة دون حساب مصلحة الوطن".
 
وقال: "لقد كان السيد مصطفى يتطلع إلى وطن بعيد عن هذه الذهنية وسعى ما أمكنه أن يمد الجسور بين الجميع، وخصوصا في مدينة جبيل التي أرادها أن تكون مشرقة في تنوعها وانموذجا في العيش المشترك الحقيقي لا عيش المجاملات او عيش الضرورة أو خداع النفس بالشكليات التي يتقنها بعض الناس حين يكتفون بالإشارة إلى صورة الكنيسة وهي تعانق المسجد، فيما لا يتعانق من يدخلون إلى المسجد مع من يدخلون إلى الكنيسة. عندما يصيب بعضهم الأذى أو حين يواجه الوطن التحديات ، آمن أن قوة لبنان ليست في ضعفه بل في امتلاكه القوة ودعا إلى تقوية الجيش ووقف مع المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني هذا العدو الذي لا يردعه عن اطماعه قانون دولي ولا دين سماوي ولا شرعية أخلاقية أو إنسانية".
 
وتابع: "كم نحن بحاجة إلى أمثال السيد مصطفى في هذه المرحلة العصبية التي يمر بها الوطن من الذين يقفون إلى جانب الناس في محنتهم المعيشية ومن الذين يمدون جسور التواصل والمحبة في زمن القطيعة والأحقاد ومن الذين يتشبثون بوحدة الوطن ويتطلعون إلى استعادة موقعه ودوره في مواجهة كل دعوات اليأس والإحباط والانكفاء والتهرب من المسؤولية. لقد حرص في ان يكون زينا لبيته وزينا لعائلته كما هو أخوه دولة الرئيس حسين الحسيني الذي نحترم ونقدر عطاءته لهذا الوطن ، وكل عطاء هذه العائلة التي تركت اثرا طيبا في نفوس الجميع".
 
وختم فضل الله: "كلنا أمل بأن آثره سيبقى حاضرا في سيرته ومن خلال نجله  فراس وبقية العائلة، حيث نتمنى أن يكونوا العنوان والمثال الحي لكل المعاني التي عاشها وللأرث الإنساني الذي تركه والذي نريد ان يتابعوه".
 
اللقيس
 
بدوره، قال اللقيس: "نعم هو رسالة وخيار وليس اختيارا، لان بلدا يعيش بطوائف متعدد ومذاهب كثيرة وفكر علماني لا بد من ان يعيش الرسالة وان تحب لاخيك ما تحبه لنفسك وان تتساوى مع الآخر. التعاليم السماوية المسيحية والاسلامية انزلت في هذه البلاد بحكمة وهي ان العرب يتلقون هذه الرسالات بحب ومعرفة وتعلق بها ، ولكن للاسف اصبحت هذه التعاليم عندنا في اللقاءات والمناسبات، اما على مستوى التعاطي بين الناس باتت عملة نادرة وبات كل انسان يريد العيش على طريقته فوصلنا الى ما وصلنا اليه من التردي".
 
واشار الى ان "لبنان اليوم في خطر، وعيش الرسالة غير موجودة، وكذلك المسؤولية غير موجودة، لافتا الى ان "العيش يعني تحمل الامانة والمسؤولية، ولكن وصلنا الى حالة التردي والانحطاط لم يصل اليها اي بلد في العالم".
 
مرتينوس
 
ورأى مرتينوس في كلمته ان "الرجال الكبار يرحلون ولا يغيبون، يرحلون عنا بالجسد وتبقى ذكراهم حاضرة، فهم حاضرون بالكلمة والموقف والاثر الطيب، وهكذا النائب المرحوم مصطفى الحسيني ذكراه باقية بين اهله واصدقائه ومحبيه في منطقته جبيل وفي الوطن".
 
كلمة العائلة  
 
والقى نجل الرحل فراس كلمة العائلة استهلها مهنئا المسلمين برأس السنة الهجرية، آملا ان تأتي بالخير على هذا البلد الجريح.
 
وتابع: "إن هذا العيش الواحد هو ما جعله يعشق بلاد جبيل ويعشق أهلها الطيبين الذين لم يبخلوا يوما عليه بمشاعرهم، لذلك قرر ان يتخذ من بلاد جبيل منطلقا لعمله في الشأن العام، واراد الله ان يكلله بشرف تمثيلها قبل الفراق وعقيدته لم تجمع حوله الا الاصدقاء والاحبة والاهل والأحبة والأهل".
 
وفي الختام، قصيدة من وحي المناسبة للشاعر طلال حيدر القاها المسرحي رفعت طربيه .

                           ========= ل.خ

شارك الخبر على