كلمة يصدر ترجمة كتاب مقدمة نقدية في تطور اللغة

ما يقرب من سنتين فى البلاد

صدر حديثاً عن مشروع "كلمة" في مركز أبوظبي للغة العربية، التابع لدائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي، الترجمة العربية لكتاب "مقدمة نقدية في تطور اللغة: الجدل الراهن وآفاق المستقبل" تأليف: ليليانا بروغوفاتش، ونقله إلى اللغة العربية الدكتور صابر الحباشة، وراجع الترجمة الأستاذ الدكتور عبد الصاحب مهدي علي.

يطرح الكتاب جملة من الأسئلة القديمة الجديدة، من ضمنها، كيف كانت اللغة القديمة، وما كان شكل اللغة التي استخدمها الإنسان البدائي؟ وهل تطورت اللغة تدريجيّاً عبر مراحل، أم ظهرت بكل تعقيداتها على نحو فجائي وبشكل طفرة؟ وهل يشتمل التطور اللغوي على حصول تغييرات جينية وانتقاء طبيعي أم إنّ الأمر محضُ اختيار ثقافي؟

وتعرض المؤلفة ليليانا بروغوفاتش مسائل يحتدم في شأنها النقاش بين العلماء المتخصّصين. لتقدم بالتالي مقترحات رئيسة وتقوّمها بالنظر إلى مدى نجاحها في رفع التحديات المطروحة على دراسات تطوّر اللغة.

ينتمي هذا الكتاب إلى صنف الدراسات التي تتقاطع فيها العلوم الطبيعية والإنسانية: علوم اللغة والبيولوجيا (بما فيها علم الأعصاب) وعلم النفس، والتاريخ، والآثار (الأركيولوجيا)، وعلم الإنسان (الأنثروبولوجيا)، والذكاء الاصطناعي، وغيرها. فهذه التخصصات العلمية عادة ما تنشأ بينها اهتمامات بحثية مشتركة، وتستند إلى نظريات ووجهات نظر متباينة. ومن خلال مقارباتها المختلفة، تسعى هذه العلوم إلى إماطة اللثام عن ماهية أصل اللغة بمختلف أبعادها الفكرية والعملية.

 علماً أنّ ثمة اتجاهين بارزين يوجّهان النقاش في مسألة تطور اللغة، أحدهما يقول بالتطور التدريجي المرحلي، ومن أعلامه بنكر وبلوم وبروغوفاتش (مؤلفة هذا الكتاب). أمّا الاتجاه الآخر فيذهب مذهب التطوّر القائم على القفز والطفرة، ومن أبرز رواد هذا الاتجاه تشومسكي وبرويك، على وجه الخصوص.

وتركّز المؤلفة على خمس من أمّهات المسائل التي ينبغي أن تنظر فيها كلّ مقاربة لتطور اللغة. وتشمل، تحديد المرحلة (أو المراحل) الأولى التي ظهرت فيها للغة البشرية، بالإضافة إلى تبيُّن الأسس الجينية (الوراثية) للغة، وقضية الترابط بين جينات الدماغ المسؤولة عن اللغة، فضلاً عن المعايير التي تحكم التنوع والتغير اللغويين، ومسألة الأساس النظري للمقاربات التي تهتمّ بتطوّر اللغة.

سعت المؤلفة في هذا الكتاب إلى تقديم إطار نظري لفحص مختلف مقاربات تطور اللغة. وقد قابلت بين فرضيات كثيرة، متباينة ومتعارضة ووازنت بينها. وباستعمالها مجموعة رائعة من البيانات من مختلف المجالات، تتحفنا بروغوفاتش بنظرات جديدة لنشأة اللغة وتطوّرها. ويُعَدُّ هذا الكتاب إسهاماً جدياً في حقل الدراسات اللسانية، وهو بحث يُنصح بقراءته كلُّ من يهتمّ بتطور اللغة. واللافتُ فيه نزعته النقدية للفرضيات المهيمنة في مجال تطوّر اللغة.

مؤلفة الكتاب ليليانا بروغوفاتش، باحثة لسانية لها اهتمامات بحثية في التركيب اللغوي وتطوره وبتركيب اللغات السلافية. وهي أستاذة اللسانيات في جامعة واين ستيت في ديترويت، بالولايات المتحدة الأمريكية. وتركزت بحوث ليليانا بروغوفاتش خلال السنوات الأخيرة على فهم كيفية ظهور اللغة البشرية وظروف تطورها. وقد توصلت إلى استنتاج مفادُه أن التركيب بخاصّة (والنحو بعامّة) قد تطور تدريجيّاً (من خلال مراحل محدّدة جيّداً)، وأنّ هذه المراحل لا تزال غير واضحة في مختلف الأبنية اللغوية الحديثة ("الحفريات الحية"). وتتضمن المقاربات التي أجرتها إعادة بناء داخلية دقيقة للمراحل التركيبية بناءً على نظرية تركيبية. ولها دراسات كثيرة منشورة، منها: "التركيب التطوّري" (2015)، و"تركيب اللغة الصربية" (2005).

أما مترجم الكتاب صابر الحباشة، فهو من مواليد 1975 بمنزل تميم في تونس، تخرّج في كلية الآداب والفنون والإنسانيات في جامعة منّوبة حاصلاً منها على شهادة الماجستير (2003) والدكتوراه في اللغة والآداب العربية (2012). وهو باحث ومترجم متخصص في اللسانيات المعرفية والدلالة والتداولية، يعمل أستاذاً مساعداً في جامعة زايد. ومن كتبه، "التداولية والحجاج"، و"المشترك الدلالي في اللغة العربية: مقاربة عرفانية معجمية"، و"الأنساق الرمزية في اللغة والإدراك"، و"دراسات في اللسانيات العرفانية: الذهن واللغة والواقع"... ومن ترجماته نذكر: "التداولية من أوستن إلى غوفمان" لفيليب بلانشيه (عن الفرنسية) و"البنية الاجتماعية السردية: تشريح شبكة رواية الحديث النبوي" لرجب شانتورك (عن الإنكليزية).

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على