الوطن السورية الأسد في الإمارات... مرحلة سياسية جديدة وخطوة على طريق الانفتاح العربي

حوالي سنتان فى تيار

الوطن السورية: على رأس وفد رسمي، زار الرئيس بشار الأسد أول من أمس دولة الإمارات العربية المتحدة، معلناً بدء مرحلة سياسية جديدة ومتقدمة بين البلدين، اللذين طالما جمعتهما علاقة مميزة ومختلفة، في وقت تشهد فيه المنطقة والعالم تقلبات واستقطابات خطيرة، زادت من حدتها العملية العسكرية الروسية القائمة في أوكرانيا، وما ستفرزه من متغيرات دولية باتت حتمية على العالم.
 
الإمارات التي وصفها الرئيس الأسد خلال لقائه ولي عهد أبو ظبي- نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة محمد بن زايد آل نهيان، بالدولة ذات الدور الكبير نظراً للسياسات المتوازنة التي تنتهجها تجاه القضايا الدولية، اعتبرت الزيارة على لسان آل نهيان بأنها تأتي في إطار الحرص المشترك على مواصلة التشاور والتنسيق الأخوي بين البلدين حول مختلف القضايا، وشددت على أن سورية تُعَدّ ركيزةً أساسيةً من ركائز الأمن العربي، لذلك فإن موقفها ثابتٌ في دعمها لوحدة أراضي سورية واستقرارها، وهي حريصة على تعزيز التعاون معها بما يحقق تطلعات الشعبين الشقيقين.
 
التداعيات السياسية لزيارة الرئيس الأسد للإمارات وما ستحمله من عناوين لتطوير العلاقات الثنائية ستبقى قيد الانتظار لفترة ليست بطويلة من الزمن، غير أن كلام الرئيس الأسد وإشارته إلى أن «العالم يتغير ويسير لمدةٍ طويلةٍ باتجاه حالة عدم الاستقرار، لذلك فإنّه ولحماية منطقتنا علينا الاستمرار بالتمسك بمبادئنا وبسيادة دولنا ومصالح شعوبنا»، كشف جزءاً من أهداف هذه الزيارة التاريخية، كما أن تشديد آل نهيان على ضرورة انسحاب كلّ القوات الأجنبية الموجودة بشكلٍ غير شرعي على الأراضي السورية، أكد مضي دولة الإمارات في سياستها المتوازنة والبعيدة عن الأهداف الأميركية المعادية للسوريين.
 
البعد الاقتصادي لهذه الزيارة الذي كان حاضراً بقوة، ولاسيما مع اللقاء الذي جمع الرئيس الأسد ونائب رئيس الدولة- رئيس مجلس الوزراء- حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، حيث كشف بيان الرئاسة السورية بأن اللقاء تناول مجمل العلاقات بين البلدين وآفاق توسيع دائرة التعاون الثنائي ولاسيما على الصعيد الاقتصادي والاستثماري والتجاري، بما يرقى إلى مستوى تطلعات الشعبين الشقيقين، وحرص آل مكتوم على الترحيب بزيارة الرئيس الأسد والوفد المرافق، التي تأتي في إطار العلاقات الأخوية بين البلدين.
 
زيارة الرئيس الأسد طغت على كل العناوين السياسية في المنطقة، وشكلت الخبر الرئيس لكل وكالات الأنباء واحتلت ومنذ لحظة الإعلان عنها على حيزها الواسع من النقاشات وردات الفعل، التي جاء أبرزها من واشنطن التي لم تخفِ انزعاجها وخيبة أملها مما يجري وكيف تسير سفن المنطقة بغير ما تشتهيه سياستها، ليعبر بيان الخارجية الأميركية وبشكل رسمي عن «خيبة أمل وانزعاج عميقين» من زيارة الرئيس الأسد إلى الإمارات، مؤكدةً رفضها لما وصفته بـ«المحاولة الواضحة لإضفاء الشرعية» على الحكومة السورية، ويكرر البيان العبارات الأميركية ذاتها المعادية للسوريين وعلى لسان وزير الخارجية أنتوني بلينكن، حول «عدم دعم جهود إعادة تأهيل الرئيس الأسد» على حد وصفهم.
 
الرد الإماراتي لم يتأخر أمس، ليعتبر وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش عبر صفحته الخاصة في «تويتر»، أن «زيارة الرئيس السوري بشار الأسد تنطلق من توجه الإمارات الرامي إلى تكريس الدور العربي في الملف السوري»، مضيفاً: إنها تأتي من «قناعة إماراتية بضرورة التواصل السياسي والانفتاح والحوار على مستوى الإقليم».
 
وأكد أن الإمارات مستمرة في انتهاج سياسة واقعية تجاه خفض التوترات وتعزيز الدور العربي في مقاربة عملية لإيجاد حلول لأزمات المنطقة، موضحاً أن الظروف الإقليمية المعقدة تستوجب تبني منهج عملي ومنطقي لا يقبل تهميش الجهود العربية الساعية لمواجهة التحديات وتجنب شرور الأزمات والفتن.
 
ومع كل التموجات الدولية والإقليمية وما ستفرزه من متغيرات اقتصادية كبيرة على العالم أجمع، يمكن فهم وقراءة التحرك السوري الذي قاده الرئيس الأسد صوب الإمارات في هذا التوقيت الدولي المفصلي، والذي سيشكل بالضرورة بداية لمرحلة انفتاح عربي واسع ومرتقب صوب سورية التي تتلمس بدء نهاية الحرب عليها، حيث من الواجب عودة دمشق للعب دورها العربي التاريخي وهي التي كانت على الدوام صمام الأمن القومي العربي.

شارك الخبر على