«الميلاد» يحلو والملكة تعظم محبته وفرحه

أكثر من سنتين فى الرأى

لا يستطيع أي مراقب شغوف بالحادثات اليومية، ذات البعد الشعبي والقضايا المثيرة للجدل، والتي تطرح باستمرار خلفها علامات تعجب وحيرة وتدعو لإعمال العقل، ان نمر عنها مرور الكرام، ومن عبقها قصة الايمان الروحي والتعايش التاريخي الذي هو سلاح الاردن، في مواجهة التحديات والانتقال الحتمي للمجتمع التعددي المدني باعتباره سنة التطور الانساني، بابلغ ما يشهده الاردن باحداث تغييرات واصلاحات منها التعديلات الجديدة على الدستور ومنها قانون الانتخاب العام والاحزاب وما فيهما من تداخلات مع الدستور.

في الاردن هذا الذي حباه الله، بان تكون ارضه عبر التاريخ ارضا للمحبة والسلام والايمان، وعلى مسافة من عيش مشترك هناك مكان عماد السيد المسيح عليه السلام يسوع بن مريم على نهر الاردن «المغطس» ووجود قبة الصخرة المشرفة «الأقصى» وكنيسة القيامة الى جوارها في «القدس الشريف» وفي مهد المسيح «بيت لحم» وولادته في «الناصرة» وقبل سنوات قريبة جدا رمم قبر السيد المسيح بتساوق مع مبادرات ملكية هاشمية لترميم القبة وطلائها، وفرش ارضية المسجد الاعظم وخلفه انسان، ملك، مؤمن بالرسالات الموحدة باله واحد ضابط الكل.

هذا كله في كف، والكف الثاني، كلام ملكي من لدن الملكة رانيا العبدالله، قالته من وحي الاحتفالات بعيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، حين استذكرت بشارة ستنا مريم العذراء «اذ قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين».

ويكون هذا الاستهلال القرآني المجيد، فهماً ملكياً، لا اظنه خارج سياق جائزة تمبلتون العالمية للملك عبدالله الثاني، ورسالة عمان التسامحية ويوم الوئام السنوي، وقدوم اربعة بابوات من الفاتيكان في رحلات حج مسيحي «للارض التي بارك الله فيها للعالمين» وتكريس اغلب الامكنة المسيحية الخمسة كمواقع للحج المسيحي العالمي وهي (المغطس مكاور، سيدة الجبل ودير مار الياس)، وكلها غارقة في الايمان والقداسة والاصالة كمواقع تنطق بالتاريخ البشري وتاريخ الحضارات والاديان والقداسة في الاردن ومنها الموقع الخامس» جبل نيبو» الاهم والاعرق.

في تهنئة الملكة رانيا باعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، تراها أماً وربة أسرة وملكة وامرأة من نساء بلدي، رأت ان الميلاد ليس حكراً للمسيحيين بل هو للاردنيين جمعيا وما اشارتها البليغة «وكما تلتف العائلات المسيحية حول اشجار عيد الميلاد تلتف العائلة الاردنية الواحدة حول شجرة التعايش والاحترام والإخاء»

فكنا في مادبا تحديدا سباقين، في عمل الخير العميم الانساني التعايشي، باطلاق على أحد مساجد مادبا بمسجد المسيح عيسى بن مريم كنموذج معاش ومباشر ومشاهد للعيش المشترك وقد شكل علامة فارقة في المنطقة كلها تبرع مسيحي من اسرة ال مرار العزيزات بارض اقيم عليها مسجد الراحل الكبير طيب الله ثراه الحسين بن طلال بوسط وعلى مسافة من محبة وايمان من كنيسة الروم الارثوذكس «الخارطة» والى استذكار قصة تبرع اهل الكاهن وليم اليعقوب الصوالحة وكنيسة اللاتين الكاثوليك ببعض من أعضاء جسده القلب وكليتيه لتسكن في اجساد اخوته المسلمين بعد ان فارق الحياة اثر عارض صحي والى استشهاد الدكتور في الخدمات الطبية الملكية الاردنية «الرئيس انذاك» نورس اليعقوب في معارك حرب حزيران في الزبابدة ما عمد قصة العيش المشترك بالتضحيات الجسام والاخوة النابعة من ايمان واحد.

هذا غيض من فيض يحكي مشاهد حية من عيش مشترك لعلنا نعود بالذاكرة لزمن ليس ببعيد حين رعى ولي العهد الامير الحسين بن عبدالله الثاني وبرفقته سمو الامير هاشم بن عبدالله الثاني إضاءة شجرة الميلاد التي تعد من اهم رموز مدينة العيش المشترك والذي دأبت موسسات المجتمع المدني والاهالي مسلمين قبل المسيحيين للاحتفال الاجتماعي باعياد الميلاد ورأس السنة كدليل دامغ على ان في الاردن اسرة واحدة وايماناً واحداً وهدفاً واحداً واعياداً واحدة، بحيث في رمضان المبارك تحيي أسرة مسيحية امسيات رمضانية بعد صلاة التراويح ومنها في منزل كاتب المقال إلى التسارع والتباري بتركيب زينة رمضان على شبابيك بيوت مسيحية فرحا بقدوم شهر الصوم والعبادة.

هذا التنوع في مادبا تحديدا يثري وكما اسلفت سيدتنا الأولى «ام الحسين» فالتنوع في الاردن نعمة المرجو والامل بحسب رانيا العبدالله ان يدوم ويديم المحبة والإخاء بيننا» وهذا في الاعتبار احد اهم اسلحة الاردن الفتاكة في مواجهة الخبث والعبث في الامن الوطني الاردني وهو عماد اللحمة الاردنية الاجتماعية.

زينت تهنئة الملكة رانيا قلوب الاردنيين بمزيد من الفرح والسرور والبهجة وعظمت من عظمة الميلاد وقالت بالفم الملآن الميلاد حين تكون في الاردن وبين ظهرانينا الاسرة الواحدة والقلب الواحد والهم الواحد والامل الواحد والتحدي الواحد.

وما نحول من تحديات الى فرص لعلني ارى بالاردن الفرص الاكبر ونحن في الـ١٠٠ الثانية نصنع اعجوبة جديدة من اعاجيب الدنيا.

شارك الخبر على