نصوص معطفي لن يمنع الحُبَّ .. «موسم الهجرة إلى الحب»

أكثر من سنتين فى الرأى

صدر للكاتب المصري حاتم عبد الهادي السيد. كتابه الجديد في عالم النصوص والابداعات الشعرية

يبدأ الكتاب بزيارة إلى قبر الطيب الصالح

(إلى أبي.. شاعر سيناء الكبير ؛ الذى بنى لي جدار مدينة الشعر،

وتركني وحيداً هناك... !!)

أخبرتني العرافة المقدسة،

بأنها ستأخذني يوماً

إلى قبر «الطيَب الصالح»

أبي....

لا لنقرأ الفاتحة

على روحه المقدسة الخالدة،

فحسب؛

بل لنغني عند قبره معاً

أنشودة الخلود.

سليل النيل والخلود

(إلى صديقي الشاعر/ محمود حسن عبدالتواب.. أمير القوافي)

الطبول من حولي تدق،

ربما تجيء الآن

عارية إلا من الصمت

اليقين من حولها يهدر

وأنا أحوقل بشدة:

(كان برد شديد، والمطر حول شرفتي يتكاثر، وندف الثلج تحيط بالرؤية.. ثَمَّ طرقٌ بالباب، وحفيف أشجار تتوارى.. إنها هناك، تومىء لي، وتستنجد لأفتح الباب...

الغواية من حولك،

والأمطار الساخنة..

وأنت تُهريق اللذة بين رهاب الماء.. تتأوه الغيمة بانتشاء، وتستيقظ من جديد على أحلامك المؤجلة.. فى المرة السابقة جاءت الفتاة ابنة خالة الخطيئة، وأخت التفاحة.. هنالك لن يكون طَرْقٌ جديد، فقط: مطر ساخن، وفراش، وامرأة توقظ آهاتك البعيدة)...

سأصدِّق من جديد،

أن الغزالة ابنة الشمس واللؤلؤ

وبأنك الصبى:

سليل الفراعين والبدو والأحباش

ونهر النيل الخالد،

هناك.. يجلس الراعي ليقص الحكايا على خرافه النبيلة/ شَعبه المُتبَّل بالخطيئة/ لست المسيح لتعمّدهم... ولا تملك الزيت المقدس والنور، أو اليقين والبرهان،

فقط، أنت هناك،

صفر في رقم العالم الهادر

تقف وحيداً

ونتجرع – نحنُ–الهزيمة مرتين..

عصفور البراءة أنت/ الشاهد على الكون والأشياء..

ستجيئك هناك، وسط الصحراء كفراشة.. تتمرغان

في رمال البرَّية الحاني، وستطبق عليها كحصان جريح.

لم تكن/ أنت، ومازال – كذلك – طعم للمليحةٍ مغايرٌ، ومذاق مختلف..

الغواية تترنح في الصمت، وصوت شبّابة يقترب.. يجىء الراعى بخرافه، يرجوك الخلاص، وأنت واقف هناك، لا تستطيع أن توقد جمرة الرؤيا.. كان عسلها أشهى: يتساقط من سُرَّة المرمر العطشان، والبئر حرون وجامحة، والصحراء، والبدو، والخراف، والنهر؛ والعالم...

ضبطتكَ ذات مساء، مُتلبّساً أنثى/ جنيَّة كانت،

ابنة خالة الشعر..والموسيقا،

وأخت المُهر الجامح على امتداد الطريق..

أيها الخشن، اللطيف:

لا تعرف بماذا ستجيب!!

أيها الأفياء الفقراء/ الأغنياء

لابد من قصاص عاجل، وقتل الشيطان البعيد.

كان عليك أن تطرق الجدار...أيها الحبيب الأخير.

يا سليل النيل،

وابن ماء الخلود.

موسم الهجرة إلى الحب

(اهداء إلى الروائي السوداني/ الطيب صالح)

منذ أربعينَ عاماً أبحثُ عنكَ أيها العَالَم،

فهل أنتَ تبحثُ كذلك؟!

أراكَ تموءُ في بَرِّيَةِ السكونِ والعتمةِ

كذئبٍ جوالٍ في شوارع المدينة،

في ليلِ الشتاءِ القارس..

أَخبَرَني العابر/ المقيم أنكَ هنا،

تجلسُ وحيداً، وِجْهَتُكَ الحياة

وشاطئاكَ: مدينتانِ للظلامِ، والحب..

عند مفترقِ نهرٍ للسعادةِ تقبعُ،

بينما تَمُدَّنَا بالشَّجنِ والشَّجْو...

أنتَ دائماً–هكذا، تغيب..

وأنا السكرانُ بِكَ في محيط الكون

أبحث عن شاطىء الأمان

الأمانَ... الأمانَ !!

أيها العالم ؛ اللَّا مُحَد ؛ّ والقريبُ / البعيدُ

هناك..

-2-

تلك تفاحةٌ واحدة،

وأنت تُكّوّرُ الصَّمتَ،

وتكوثُرُ الصحراء،

تُقشِّرُ الكونَ بِسِكِّينٍ صدئة

غير عابىء بالعابر المسكين..

الآنَ، فقط أبحث عن نقطة أخيرة

عن حديقةٍ غير جرداءَ، وعصافير

عن موسيقا تَطِنُّ ببطء

عبر طبلة الصحراء العجوز

آه منك أيها الجبان

تتركني وحيداً هنا

في شاطىء الحياة السعيد !!.

-3-

أريد منك، فقط – زهرة برّية

فقط، زهرة تفصل بين جرحين،

فاصلة لبحرين

هل حقاً سيلتقى المتوازيان؟!.

إنها القيامة الأخيرة

هَيِّأ جُرحكَ الأبدي

وافتح ياسمينةَ وجودِكَ

في ُشرفَةِ الصَّبَاح.

وعندما يجيء الشتاء ؛

أخبرهُ بوجودِ معطفٍ آخر

اسمهُ الحب.

البَنَّاءَ الأول..

(إلى: السيناوي عبر الأزمنة)

هائم أنت،

أيها السينائي العظيم

البَنَّاءَ الأول..

لقد اخترعت الأبجدية الأولى،

وَسَطَرْتَ سِفْرَاً للخلودِ هُنَاك...

عند منتصفٍ لطريقٍ ممتد

لا تتوقف قدماكَ

بينما عقلك الصغير/ الكبير

كان يُشَيِّدَ أبراجاً للعالم

تمتدُ بِنَايَاتُ هائلة،

وأنتَ وحدكَ تتأملُ..

حرستكَ الملائكةُ عامين،

ولثلاثةِ أعوامٍ ؛ كاملةٍ

كنتَ تسير حافي القدمين

تَسْرَحُ في بَرِّيَةِ الوجود

تحلبُ الشِّيَاهَ البيضاءَ،

غيرَ عابىءٍ بالنجوم..

وفى الليلِ تَعوِى كذئبٍ جريح..

لا تجدُ هناكَ ما يُبَرِّرُ صَمتَكَ

لكنكَ،

تُرَّددُ في إصرارٍ،

وبصوتٍ ممتدٍ يشبهُ قصف الرُّعُود:

الأبجديةَ

الأبجديةَ َ...

الطريقُ الأخيرُ

الجميل..

ربما لم نفهمكَ حينذاك،

لَكِنَّ مَهابَةٌ فرضت حولكَ

سِيَاجَاً

من الدهشة،

أيها التنويريُ القديم...

الحديث.

عُرْيَانَةٌ إِلَّا مِنَ الحُبّ

أيها السامقُ الأَخير:

كم أنت غريبٌ.. ووحشِيّ !!

وأنا أقفُ أمامكَ

عُرْيَانَةٌ إِلَّا مِنَ الحُبّ

فتاة.. في الثلاثينَ وحيدةٌ

فقدت أبويها في حربِ » فيتنام «

رَضَعَتِ،

اليُتْمَ والحرمان

وَتَدثَّرَت بالعشق..

إنه النورُ هناك،

وشجرةُ الإيمانِ باتت أقربُ إليها

مِنْ ضَلْعٍ يَئِنّ..

سأعلنُ التَّمَرُّدَ على العالمِ

وَسَأهرُبُ منكَ ؛ أيها البَدْوِيُّ الخَشِن

سأذهبُ إلى الحرية، هناك..

لذَّةُ الرُّوحِ الباذخةِ الشَّهِيَّةِ

قِفْ أنتَ

وحدك،

أيها البدوي الشَّهِيُّ..

الأَخِيِرْ.

خُذ الشَّمسَ مَعَكَ

(إلى الجنوب.. الوردة المقدسة)

قال العاشق الحزين:

عندما تتعامد الشمس على وجهكِ

أرسليها داخل معبدكِ

ستجدينني قابعاً هناك..

تردد صوتها:

خُذ الشمس معك

أيها الغريب،

واتركني لحالي

فأنا أميرة جنوبية،

ابنة الشمس والضوء،

تخالك لا تعرف

اسأل التاريخ،

كنت بليدةَ جداً في مادة التاريخ،

لذلك أحببتك...

أيها الشماليُّ المُرهق

ربما المتوسط قد رسم أمواجه

على قلبك

فجئت بالهدير الهائج

ارحل في صمت،

ودون أي ضجيج

سَأَدُسَّكَ في منديل روحي

وفى الليل أتشمَّم عطر حبك القديم...

كنت أشهى من ماء يتدحرج على شغاف الروح

سكنتك البراءة

واستكنت الى الصمت،

أصبحت كماضٍ حزين !!.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على