كم نحن بحاجة مثلاً للاستقلال عن منطقة التبعية للخارج وعادة استبدال الاحتلال باحتلالات

أكثر من سنتين فى تيار

لو كنا في الأربعمئة سنة التي حَكمنا فيها العثمانيون، لكان الاستقلال يعني أن نتحرر من سلطة الأتراك.لو كنا في السنوات الخمس والعشرين للانتداب، لكان الاستقلال هو خروج النفوذ الفرنسي من لبنان.لو كنا بين عامي 1978 و2000، لكان الاستقلال يبدأ بتحرير اراضينا المحتلة من العدو الاسرائيلي.لو كنا بين سنتي 1967 و1982، لكان الاستقلال يعني في ناحية من نواحيه، الخلاص من السلاح الفلسطيني المتفلت على ارض الوطن.ولو كنا في مرحلة 1976-2005، لما كان الاستقلال ممكناً بلا انسحاب الجيش السوري من لبنان وانتهاء عهد الوصاية.أما اليوم، في هذا الزمن الذي نعيش فيه تداعيات ثلاثين عاماً من السياسات الخاطئة والفساد، وفي وقت نعاني كلبنانيين انقساماً بين طرف يعتبر الاستقلال المطلوب راهناً هو تخلصٌ من التبعية لأميركا وحلفائها في المنطقة، وطرفٍ يرى في الاستقلال انتفاضة ضد ايران وحلفائها في المنطقة ولبنان، كم نحن بحاجة إلى مفاهيم جديدة للاستقلال، تقارب الأساسيات والبديهيات بروح المستقبل، بناء على تجارب الماضي، السيء منها والجيد.كم نحن بحاجة مثلاً، للاستقلال عن منطقة التبعية للخارج، وعادة استبدال الاحتلال باحتلالات والوصاية بوصايات.كم نحن بحاجة ثانياً، للاستقلال عن خرق الدستور وتجاهل القوانين وتجويف المؤسسات.كم نحن بحاجة، للاستقلال عن الانسياق الفوري خلف الشائعات والأخبار المدسوسة، والاستسلام السريع للتضليل الإعلامي والإعلاني، بشعارات سرعان ما تظهر حقيقتُها الخادعة.كم نحن بحاجة، للاستقلال عن منطق التعميم، الذي يتعمَّد عدم التمييز بين من يتعاطى الشأن العام من منطلق بناء الدولة، ومن يتعامل معه كوسيلة للإثراء غير المشروع، ولتوسيع النفوذ، ولو على حساب الناس.وكم نحن بحاجة للاستقلال عن الازدواجية في كل نواحي حياتنا الوطنية، بدءاً بالمناداة بالحفاظ على البيئة، ورمي النفايات من نوافذ السيارات، وصولاً إلى الصراخ في وجه الفساد والمشاركة فيه، أو الكلام عن موظفين مرتشين ورفض الادلاء ولو بشهادة امام القضاء، وغيرها من مظاهر الانفصام الكثيرة في حياتنا الوطنية.بهذه المفاهيم الجديدة، يتجدد معنى الاستقلال، وتستعيد الكلمات مضامينَها الفعلية، والمناسبات وهجَها الذي خفت… والمسؤولية في هذا السياق، من البداية الى النهاية في يد اللبنانيين، الذين ستُتاح لهم قريباً فرصة للتغيير، عسى أن يجعلوا من صندوق الاقتراع سلاحهم ضد الفساد والفاسدين ومن تربّوا على نهجهم، بعدما ثبت، وعلى مرّ السنوات الثلاثين الماضية، أنهم متجذّرون عميقاً، ومحصنون بشتى الخطوط الحمر، تماماً كما قال رئيس الجمهورية أمس في رسالة الاستقلال.واليوم، كشف رئيس الجمهورية أن العراقيل التي توضع أمام العمليات الإصلاحية مستمرة، وإن كان العمل يجري على تذليلها الواحدة تلو الأخرى. وجدد التأكيد انه سيعمل خلال السنة الأخيرة من ولايته على ملاحقة القضايا العالقة، وفي مقدمها وضع مسار الإصلاحات على سكة صحيحة ودائمة، وصولا الى معالجة الملف الاقتصادي من خلال برنامج العمل الذي ستنجزه الحكومة قريبا. مواقف الرئيس العماد ميشال عون جاءت خلال استقباله وفود القيادات المسلحة التي قدمت له التهاني بالذكرى ال 78 للاستقلال، ومنها نبدأ النشرة.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على