مسؤولون وخبراء وجدوا في "منتدى الشارقة الدولي للاتصال الحكومي" نقلة حضارية عالمية

أكثر من سنتين فى البلاد

وفق خبرته الطويلة كسياسي بارز على مستوى العالم، يصف وزير الدولة للشؤون الخارجية والكومنولت البريطاني فيليب هاموند المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي نظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة يومي 26 و 27 سبتمبر 2021 في مركز إكسبو الشارقة بأنه نقلة حضارية عالمية باعتباره يبحث ويعالج قضايا معاصرة يمكن اعتبارها "مسارًا نحو المستقبل" تخدم المجتمعات الإنسانية كافة.

حوار على هامش المنتدى

ولعل التساؤل الكبير الذي يلزم طرحه بعد اختتام المنتدى في دورته العاشرة الذي اختار هذا العام شعار :"دروس الماضي.. تطلعات المستقبل"، لا سيما بمشاركة ضخمة من 16 دولة وحضره 5700 مشارك، هو :"هل تمكنت الشارقة من وضع أسس مشروع حضاري عربي عالمي يصب في كل مجالات التنمية البشرية؟"، وجزء  من هذا التساؤل كان محل نقاش مع مجموعة من الزملاء منهم عضو اللجنة المنظمة للمنتدى حسين الملا والإعلامي بالتلفزيون المصري عبدالله يسري ومدير تحرير منصة بوبيان نيوز الكويتية ليلى القحطاني وآخرين حول "تفرد إمارة الشارقة في هذا الظرف الاستثنائي عالميًا بسبب جائحة كورونا في صياغة مسارات المستقبل"، وهذا الجانب أشار إليه نائب حاكم الشارقة رئيس مجلس الشارقة للإعلام سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، الذي لخص جوهر الهدف بالقول إن إمارة الشارقة وفقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي أرسى ركائز مشروع الإمارة التنموي، ووضع الثقافة في موقع القيادة لهذا المشروع، ورسخ بنيةً اجتماعيةً ومؤسساتيةً تحقق التوازن بين التطور المادي والتطور الفكري والوجداني، باعتبار أن بناء الإنسان هو قيمة نبيلة، لا تتحقق بتوفير الشروط المادية للعيش فحسب، بل بتكريس الفكر المستنير وصقل العقل والوجدان، وقد تبنت الشارقة هذا النهج منذ ثمانينات القرن الماضي، عندما كانت المنطقة تمر بمرحلة ما بعد اكتشاف النفط، والاندفاع الشديد نحو البناء والمعمار، أطلق حينها صاحب السمو حاكم الشارقة، عبارته الشهيرة: "كفانا من ثورة الكونكريت، ولنبدأ في بناء الإنسان"، ومنذ ذاك الحين وإلى يومنا هذا والشارقة تسير على ذات النهج، الذي يؤسس لفكرة أن الإنسان هو أولًا وثانيًا وثالثًا.

المرتكز.. مؤشرات لجس النبض

غير أنه لابد من "جس نبض" المؤشرات إن جاز لنا التعبير، لمخرجات المنتدى، فعدد من الخبراء المشاركين، ومنهم نارت بوران الرئيس التنفيذي للشركة الدولية القابضة للاستثمارات الإعلامية، رأوا أن مقترحات المنتدى تمثل مرتكزًا لتقوية كيان النظام العربي وجاءت توصياته لتؤكد أهمية إعادة بناء الهوية العربية، ذلك لأن مقترحًا مهمًا للغاية طرحه صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، مؤسس وعضو مجلس أمناء مؤسسة الملك فيصل، ورئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، كمبادرة لصياغة مشروع مشترك للأمن القومي للشرق الأوسط يجمع الدول العربية وجيرانها، وما نوه إله أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بكل صراحة عن حالة "إشكال" عشناها جميعًا بصورة مختلفة في بلداننا العربية، وحدد حالة الإشكال تلك بأنه تم التعامل مع الشعوب لا بوصفها مشاركًا أصيلًا في التنمية ولكن مستقبلًا لها وهي حالة خطيرة، وقد أصبح الكثير من المواطنين غير واعيين بمشكلات البلاد الحقيقية ولا بالتحديات التي تواجهها، ولا بالجهود والخطط التي تبذل لمواجهة هذه التحديات.

خبراء عالميون وتجارب تاريخية

المنتدى في ختامه بحضور سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي نائب حاكم الشارقة رئيس مجلس الشارقة للإعلام، وجه رسالة إلى العاملين في إدارات الاتصال الحكومي وصناع المحتوى في الإمارات والعالم العربي، تدعوهم لضرورة العناية باللغة العربية واستخدامها في المحافل المحلية والدولية، في منصة الختام، ثمنت مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة علياء السويدي حجم وأهمية المشاركة التي قالت عنها باختصار وعمق :"نهاية هذه المحطة من مسيرة المنتدى.. نشكر جميع من شاركنا رحلة الدورة العاشرة، ونقدّر بشكلٍ كبيرٍ كل ما قدمتموه من أفكارٍ وطروحاتٍ ومقترحاتٍ لإثراء الحوارات والنقاشات للخروج بأفضل التصورات"، وهذا الاقتباس عميق كما وصفنا في منتدى حضره 5700 زائر لـ31 فعالية، توزعت بين 7 جلسات حوارية، و5 خطابات ملهمة، و7 ورش تدريبية، و12 منصة تفاعلية، وشارك فيها 79 متحدثًا وخبيرًا عالميًا في مجال الاتصال الحكومي من 11 دولة، ففي يومين، ناقش المنتدى التجارب التاريخية في الاتصال الحكومي ومحطاته السابقة، وصولًا إلى الحاضر بتحولاته المختلفة، وسلط الضوء على واقع الاتصال الحكومي والمتغيرات التي تطرأ عليه، بما يمهد لوضع الأهداف والمقترحات التطويرية المستقبلية، وبما ينسجم مع شعار المنتدى "دروس الماضي..تطلعات المستقبل".

ماذا عن التوصيات.. "الهوية"

خرج المنتدى بتوصيات موجزة لكنها على قدر كبير من الأهمية موجهة للمؤسسات والأفراد وصنّاع القرار، إذ تضمنت التوصية الأولى استحداث منهاج دراسي أساسي وجامعي يدمج بين علم الأخلاق والممارسات التنموية، وإدخال علومِ التفكيرِ النقديّ على هذهِ المناهج، والعمل على ترسيخ أهمية اللغة العربية من خلال استخدامها في جميع المنصات والمحافل الدولية، ومن التوصيات أيضًا إدخال تخصص السرد القصصي والمؤثر ضمن فرق الاتصال الحكومي وإداراته وإداراتِهِ، وإدخال تخصصات علم الاجتماع والسلوك والبيانات لفرق الاتصال الحكومي، ودعى إلى تحويل الأمن السيبراني إلى ثقافة مجتمعية، علاوة على إنشاء منصات حكومية لرصد الشائعات وتفنيدها، ووضع استراتيجيات للاتصال الحكومي مبنية على علم البيانات وتحليل السلوك الاجتماعي، وتبني مشروع إعادة بناء إدارات الاتصال الحكومي بما يتناسب مع خصوصية جمهور المستقبل.

الهدف.. من الانطلاقة إلى الاستمرارية

وهكذا تبدو أهداف المنتدى وغاياته واضحة والأهم أنها تواكب المتغيرات في العالم، وبالعودة إلى التأسيس، يمكن فهم الغايات من خلال رؤية رئيس المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة طارق سعيد علاي الذي، لفت منذ سنوات في تصريحات متعددة، إلى أن حكومة الشارقة حرصت على يكون المنتدى، إضافة نوعية لمجمل الحراك الثقافي والمعرفي في المنطقة والعالم من خلال تبني قضايا مهمة وجريئة، تتجسد في الشعارات التي سترفعها كل دورة من دوراته؛ بحيث تستجيب بشكل دقيق ومباشر للتحديات التي تواجه فرق الاتصال في كل مرحلة، ومنذ انطلاق الدورة الأولى عام 2012، تزامنت مع عدة عوامل داخلية وخارجية، فالعالم كان يسعى نحو التعافي من الأزمة المالية التي تفجرت في 2008، والمنطقة العربية كانت قد بدأت تشهد مرحلة جديدة تتمثل بالعلاقة الحساسة والمرتبكة بين المؤسسات الرسمية والجمهور، بينما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تؤسس لمرحلة جديدة من تعزيز العمل الحكومي وتطوير علاقة المؤسسات بالجمهور وإشراك كافة مكونات المجتمع في عملية البناء والتطوير.

من البحرين.. مركز الاتصال الوطني

كل تلك المعطيات السابقة، تناولها الرئيس التنفيذي لمركز الاتصال الوطني يوسف محمد البنخليل الذي شارك في المنتدى الذي أكد أهمية الموضوعات والأجندات التي طرحت في المنتدى، وما تضمنته الجلسات التفاعلية لموظفي وخبراء الاتصال الحكومي، مؤكدًا على دور المنتدى في إتاحة الفرصة للعديد من الدول للاستفادة من تجارب بعضها البعض والاطلاع على الاستراتيجيات الحديثة في مجال الاتصال الحكومي.

إنجاز الختام.. تكريم وتقدير

اللحظات الأخيرة من المنتدى جسدت مسيرته على مدى عشر سنوات، وهي الإنجاز، المتمثل في الجوائز للأعمال الفائزة بمشروعاتها وأفكارها المبتكرة، بالإضافة إلى التكريم من جانب مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة طارق سعيد علاي ومدير المكتب الإعلامي علياء السويدي المتحدثين، والشركاء، والرعاة، والداعمين، إذ شمل التكريم، الشركاء الاستراتيجيين: غرفة تجارة وصناعة الشارقة، وهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، الشارقة لإدارة الأصول، وهيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة، ومدينة الشارقة للإعلام (شمس)، ومركز إكسبو الشارقة، بالإضافة الشريك الإعلامي الدولي: إينيكس، والشريك الإعلامي الإقليمي: سكاي نيوز عربية، والشريك الإعلامي المحلي: وكالة أنباء الإمارات، وصحيفة الاتحاد، ومؤسسة أبوظبي للإعلام، ودار الخليج للصحافة والنشر، ومؤسسة دبي للإعلام، بالإضافة إلى الناقل الرسمي: طيران الإمارات.

وأسهم المنتدى الدولي للاتصال الحكومي منذ انطلاقه في عام 2012، في إبراز أهمية الاتصال، باعتباره ضرورة إنسانية لتحقيق تواصل أمثل بين الحكومة والجمهور، وبين الجهات الحكومية وأفراد المجتمع، وفق قواعد مهنية، ومعايير واضحة وشفافة، وبأساليب ووسائل متطورة توافق روح العصر، وهو ما حقق العديد من المنجزات والمخرجات التي عززت منظومة الاتصال الحكومي في دولة الإمارات العربية المتحدة.

شارك الخبر على