رُفِعَ اللحاف فتعرّت منظومة الفساد (بقلم كريس تشوبوريان (جبّور))

أكثر من سنتين فى تيار

بقلم كريس تشوبوريان (جبّور) -
نتأكّد يومًا بعد يوم، أننا لا نعيش في بلدٍ كغيره من البلاد بل في بلدٍ، أغروه بالمال في الماضي فتغنّج و تدلّع و عندما خسر هذا الوهم فقد عقله و أُصيب بالجنون…
لبنان كبيت، أوهم فيه ربّ المنزل أولاده أنّهم أغنياء و عندما توفي اكتشف الورثة أنّ كل ما كانوا يعيشون فيه وهم تخدّروا فيه لسنواتٍ طوال.كان الوالد يغطي بالمظاهر واقعه المدين، فكان يتديّن، يصرف المبلغ على مصالحه الشخصية و يغري في نهاية المطاف أولاده بعيش الأغنياء. أمّا الأولاد فلم يسألوا يومًا مصدر تلك الأموال لأنّهم كانوا يتلذّذون بنمط العيش هذا، بوهم الثراء.أتى عام ١٩٩٠ شخص مع فريق عمله، فثبّت سعر الصرف على ١٥٠٠ ليرة لبنانية، و وضع سياسة دعم أوهم فيه اللبناني أنّ سعر تنكة البنزين ٣$ فقط و كذلك الأمر فيما يخص باقي السلع المدعومة، أوعز المصارف برفع الفوائد، تديّن باسم الشعب اللبناني من الدول و أوهم اللبناني أن تلك الأموال لإنعاش الإقتصاد… فتدلّع اللبناني و عاش عصر الرفاهية.و بعدما خيّط اللحاف، بدأ القيام بأعماله القذرة تحته و الشعب مبنّج بجمال اللحاف يجهل ماذا يحصل. تبخّر جزء من الأموال بسحر ساحرٍ لنجده لاحقًا في جيوب فريق عمله و أُهدر الجزء الآخر على سياسات هشّة كسياسة الدعم فلم توضع أي خطة مستدامة كخطة نقل عام بدل دعم التنكة، أمّا الأموال المديّنة فاستعملت للمصالح الشخصية.بعد سنواتٍ، و بعد وفاة المرحوم، جاء مَن يرفع اللحاف ليعرّي تلك الأعمال الشنيعة و ينظّف المنزل لإعطاءه روح جديدة. لكن للأسف، بدل من أن يشكر الورثة هذا الأخير على كشف الحقيقة و مساعدته على التنظيف، غضب الورثة و لاموا هذا الأخير و طالبوه بإعادة اللحاف.
هذا الواقع الذي نعيشه اليوم. بعد وهم عيّشوا فيه اللبنانيين طوال ثلاثين عامًا ليتمكّنوا نهش لحم الوطن ببرودة أعصاب و وقاحة، هناك شخص، أحببناه أم لا، اسمه فخامة الرئيس العماد ميشال عون، رفع اللحاف و عرّى منظومة الفساد.عاش اللبناني ٣٠ عامًا و لم يطالب أي وزير بخطة مستدامة في قطاعه. تسلّم مثلاً وزراء من حركة أمل وزارة الطاقة، فأين خطّتهم؟ لماذا لم يؤمن رفيق الحريري الكهرباء؟ ربّما كانت أولويته شراء منطقة و تسخيرها لمصالحه الشخصية. و هم أنفسهم عطّلوا خطة التيار الوطني الحرّ، طالبوه بالكهرباء و اتهموه بالعتمة.عاش اللبناني أكثر من ٣٠ عامًا دون نقل عام، مكتفيًا بدعم تنكة البنزين، و لم يطالبوا يومًا وزراء الأشغال العامة و النقل، الذين كانوا من كل أحزاب منظومة الفساد، بنقل عام، و جاء اليوم في ظل أزمة البنزين يتذمّر و يطالب بال"شيء تاني" بسخرية.عاش اللبناني ٣٠ عامًا، مخدّرٌ بعيش الرفاهية و الفساد يمرّ دون حسيب و لا رقيب، تباع مدينة و تظهر ترويكا و تتقاسم دولة، و يأتي اللبناني اليوم ليلبّس كل الفساد لشخص استلم الحكم منذ خمس سنوات لدولة مفلسة و منهوبة و مهترية أصلاً.
لا شكّ فيه أنّ ما نعيشه اليوم ليس سهلاً من إرتفاع سعر صرف الدولار و أزمة بنزين و دواء و كهرباء، لكن الصمود الآن ضروري لتنظيف البلد نهائيًا فنعطي وطننا حياةً جديدة. أمّا إذا استسلمنا و أعدنا اللحاف مكانه دون تنظيف، فسينتصر الفاسدون و سيكملون أعمالهم القذرة تحت اللحاف… حينها تصبحون على وطن!

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على