من التكامل الوجودي مع الحزب إلى نداء معركة وجود (بقلم جوي جرجس)

ما يقرب من ٣ سنوات فى تيار

إنها معركة وجود أعلنها جبران باسيل بشكل واضح وجريء بوجه المنظومة والنظام المتآكل. معركة وجود على ثلاثة أصعدة، سياسية وطائفية وإجتماعية.
على الصعيد السياسي أصبح واضحًا وجود حرب سياسية على رئاسة الجمهورية من خلال استهداف الشخص والموقع بضربة واحدة، وقد ظهرت للعلن من خلال بيانات وتصريحات رئيس المجلس النيابي نبيه برّي بعد تصريحات الرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري.فقد توجه الحريري بإهانات وتطاول على رئيس الجمهورية، تلتها بيانات بري التي تخطت اللياقات السياسية في التخاطب بين الرؤساء، ووصل به الأمر الى حدّ القول إنه لا يحقّ لرئيس البلاد تسمية أي وزير كما لا يحقّ له التصويت في مجلس الوزراء، مستنداً إلى جزء مقتطع من موقف سابق للجنرال عون في الرابية حين كان مطلوباً منه التنازل عن حق تكتله بحقيبة سيادية على الأقل. رفضوها في حينه ومنعوا عنه هذا الحقّ وقدّموه للرئيس التوافقي الضعيف الذي لا تمثيلًا شعبيًّا له. وما ارتضوه على ميشال سليمان يستكثرونه على ميشال عون. معركة الوجود لرئاسة الجمهورية أصبحت علنية، فبعد قضم صلاحياته في اتفاق الطائف، وصل الامر الى محاولة الفرض على الرئاسة الأولى التوقيع على ما ارتضاه الآخرون من دون ان يكون له اي دور فاعل، بل يريدونه ان يكون مجرّد باش كاتب وصورة معلّقة على حائط المكاتب الادارية والمرافق الرسمية.
على الصعيد الطائفي المعركة أيضاً وجودية، فالدور المسيحي في الدولة يتعرض للتهميش بشراسة، وتظهر معالم المعركة من خلال منع أي تسمية لأي وزير مسلم على رئيس الجمهورية، وتقاسم الوزراء المسلمين بين وزراء شيعة من حصة الثنائي ووزراء سنّة من حصة الحريري وميقاتي ووزراء دروز من حصة جنبلاط وإرسلان، بالإضافة لوزيرين مسيحيين للمردة (على الرغم من عدم أحقيتهم بهكذا حجم وزاري) ووزير مسيحي للحزب القومي العلماني غير الطائفي، وإصرار الحريري على تسمية وزيرين مسيحيين رافضًا كل الطروحات والتسهيلات المقدمة من الرئيس عون ومن الوزير باسيل لايجاد آلية تسمية توافقية، كطرح تسمية الوزيرين من المجتمع المدني او تسمية لائحة من الشخصيات المستقلة تسميها مختلف الأطراف السياسية ويختار الرئيسان عون والحريري من بينها إسمين مناسبين. لكن الحريري رفض كل الطروحات وأصرّ على موقفه بالتفرد بتسمية وزراء تابعين له منفردًا .وفوق ذلك، يشترط الحريري على التيار تقديم تعهد مسبق بإعطاء الثقة لحكومته بغضّ النظر عن بيانها الوزاري وخطتها الانقاذية لاخراج البلد من الازمة.وما الحديث عن المثالثة التي أصبحت متداولة بالصيغ الحكومية، وكلام بري الأخير عن حائط القسطنطينية، والعودة للحديث عن العددية وعدم أحقية بالمناصفة عند عدة مسؤولين حزبيين، سوى ظواهر واضحة للمعركة الوجودية التي تهدد بتغيير وجه لبنان الرسالة والتعايش.اما على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والانساني، فالمعركة الوجودية هي معركة شعبٍ يقاوم الانهيار والكوارث، وهذه المعركة تخوضها المنظومة بوجه التيار الوطني الحر الذي لا ينسجم معها ولا يرضخ لها. وصورة هذه المعركة تتوضح اكثر مع اسماء المرشحين لتولي مناصب وزارية في الحكومة العتيدة، بحيث اصبح من شبه المؤكد مثلاً تسمية مدير العمليات في مصرف لبنان وزيرًا للمالية، في حين ان المطلوب من الحكومة إجراء تدقيق جنائي في مصرف لبنان.والسؤال الذي يُطرح هو كيف يمكن ان تطلق حكومة مسارًا اصلاحيًّا مع وزيرٍ للمالية كان مديرًا مؤثرًا في مؤسسة تطرح حولها الاسئلة وهي واقعة تحت مجهر التدقيق والتحقيق؟ وكيف يمكن السماح لفريق سياسي بفرض عُرف مذهبي جديد بهدف الاستيلاء على حقيبة أساسية لا تشملها المداورة ويمنع ان يعيّن فيها وزيرٌ إصلاحي ليضع خطة انقاذ لتنتشلنا من موبقات السياسة المالية المتبعة منذ ثلاثين عاماً وتسببت بالوصول لما وصلنا إليه ؟
في ظل هذه المعركة الوجودية، وجد التيار نفسه على الرغم من كل التنازلات التي قدّمها أمام بيانات وتصريحات صادرة عن حزب الله يدعو فيها لتنازلات "متبادلة" بشكلٍ يضعه في صفٍ متساوٍ مع سعد الحريري الرافض لأي تنازل ولكل إقتراحات الحلول، ما يجعل التيار بمساواة غير عادلة مع الفريق الذي اتهمه الحزب سابقاً باستهداف المقاومة وبأنه من أدوات دول كبرى لضرب المقاومة واستهداف الوجود الشيعي في لبنان بمجرّد طرحه المداورة التي تشمل حقيبة المالية كغيرها من الحقائب.
من هنا، أتى نداء رئيس التيار جبران باسيل إلى صديقه السيد حسن نصرالله للوقوف مع الحق لا مع الحياد، وأن يكون حَكَماً ومؤتمناً على الوجود المسيحي لا ساكتاً عن ظلم يعرفه جيداً او متفرجاً على مسعى للنيل من فريق التيار والرئيس عون، فهذا الفريق وقف وحيداً للدفاع عن قرار حزب الله الدخول إلى سوريا وخوض المعارك هناك، ووصل الامر بالجنرال عون في حينه الى وصف علاقته بحزب الله بالتكامل الوجودي، في الوقت الذي كانت الاغلبية الساحقة من حلفاء الحزب صامتة وتنتظر سير المعارك وموازين القوى لتحديد موقفها.نداء الوزير باسيل بالامس للحزب هو نداء صديق وحليف لطرف لديه ثقة به وتاريخ مشترك يثبت صدق ومتانة علاقتهما. نداء الامس هو لحزبٍ شهد على الجنرال يقول على شاشة التلفاز تحت تهديد الطيران الاسرائيلي له فوق منزله في الرابية، إن حزب الله سينتصر وأنا معه ومصيرنا واحد.إنها معركة وجود، وكأن بميشال عون يقول "هل من ناصر ينصرني"؟

شارك الخبر على