لضبط الجنوب الليبي.. دبيبة يلوح بورقة الاتحاد الأوروبي

ما يقرب من ٣ سنوات فى البلاد

قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد دبيبة إن بلاده لن تستطيع وحدها وقف ظاهرة الهجرة غير المشروعة والإتجار بالبشر والإرهاب.

وأكد خلال لقائه مع مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون بحضور سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا خوسيه سباديل، عدم قدرته على مواجهة قضايا الجنوب الليبي دون تعاون جدي من قبل الاتحاد الأوروبي ودول المنشأ لصد هذه الفوهة التي تخرج مساوئها للجميع، بحسب وصفه.

انقسامات ليبيا

الانقسامات بين الأطراف الليبية وإهمال السلطات المتعاقبة وضع حدود الدولة مفتوحة على مصرعيها أمام الميليشيات الإرهابية والمهاجرين غير الشرعيين واللصوص وغيرهم، ويعد تأمين الحدود أحد أكبر التحديات التي تواجهها الدولة الليبية.

ويتيح ضعف مراقبة الحدود لأسواق السلاح والإتجار بالبشر والمخدرات ازدهار كبير، كما يترتب على ذلك عواقب وخيمة على المنطقة ككل ولكي تتمكّن ليبيا من وضع استراتيجية فعالة حقاً لأمن الحدود لابد أن تعمل على خطة وآليه لم تقم به أي حكومة ليبية من قبل، وهو تفكيك شبكة المصالح الاقتصادية والمحلية التي تغذي انعدام أمن الحدود.

تأمين الحدود

رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة، أمروا باتخاذ إجراءات فورية لتأمين الحدود الليبية الجنوبية مع تشاد والتعامل مع أي أهداف معادية، وذلك في أعقاب اغتيال الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي على يد الجماعات المتمردة المتواجدة على الحدود الجنوبية لليبيا.

بدوره دعا مجلس النواب الليبي جميع الجهات المختصة بحماية البلاد وأمنها، واتخاذ إجراءات عاجلة وحازمة لتأمين وحماية البلاد خاصة حدودها الجنوبية في ظل الأحداث المتسارعة التي تمر بها تشاد، وما قد يترتب عليها من زعزعة الأمن أو عمليات نزوح في المنطقة، كما طالب اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" بالإسراع في توحيد المؤسسة العسكرية لضمان أمن واستقرار البلاد، وتأمين حدودها وصون سيادتها.

هشاشة أمنية 

وحول أسباب تردي الأوضاع الأمنية في الجنوب الليبي قال الأكاديمي الليبي مختار الجدال في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه بالرغم من أن الحدود الجنوبية الليبية تقع جنوب ما يعرف بالصحراء الكبرى التي تنعدم وتصعب في بعض من أجزائها، إلا أن الجماعات الإرهابية اتخذت من بعض مسالكها معابر من الجنوب إلى الشمال وبالعكس، وساعدها على ذلك هشاشة الأمن في الدول المتحدة للصحراء خاصة في مالي والنيجر وتشاد والسودان.

وأضاف الجدال أن الجماعات الإرهابية وجدت في ليبيا بعد 2011 بيئة خصبة للتنقل عبر الصحراء، معتمدة على مساعدات تقدم لها ممن تولوا السلطة في البلاد خاصة جماعة الإخوان والميليشيات المناطقية، التي استثمرت في الجماعات الإرهابية في الحصول على أموال وفيرة من الدول التي تنظم تنقلات الجماعات الإرهابية من وإلى مناطق النزاعات والتوترات الإقليمية، كما أوجدت لها مواقع للاستعداد والتعسكر لفترات طويلة أو أثناء تنقلاتها.

منطقة بكر اقتصاديا

الأكاديمي الليبي مختار الجدال أكد في تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الحدود الجنوبية طويلة وواسعة ويصعب على الأمن الليبي مراقبتها وهي "منطقة بكر اقتصاديا" لم يتم استثمارها بالشكل الأمثل، وتقع ضمن اهتمامات الكثير من الدول خاصة فرنسا التي تحاول الاستفادة منها منذ الحرب العالمية الثانية، وقد استخدمت في السابق كل الوسائل بما فيها تغيير ديمغرافيا السكان بترحيل عدد من القبائل من شمال تشاد والنيجر إلى إقليم فزان، حيث أن تركيز الحكومة الليبية على الجنوب له وجهان: الأول لحماية الجنوب من تمركز الجماعات الإرهابية والتهريب، والآخر يأتي من أجل إخراج الجيش الليبي من مناطق الجنوب وإعادة تمركز المليشيات التي تساعد في على أعمال تهريب البشر والسلع التموينية والوقود.

واختتم تصريحاته قائلا: "الحدود الجنوبية مهددة بزيادة تهجير عدد من قبائل شمال تشاد خاصة التبو، وإعلان انفصال الجنوب وإقامة دولة تكون تحت سيطرة فرنسا وتساعد على ذلك تركيا، مشددا على أن الموضوع خطير للغاية ويحتاج إلى تدخل عاجل من الدولة".

استنفار على الحدود

الجيش الليبي وضع قواته في حالة الاستنفار على الحدود مع تشاد لمنع دخول وخروج الميليشيات التابعة للمتمردين التشاديين، وسط مخاوف من أن يؤدي العجز عن ذلك إلى تدخل عسكري أجني بحجة حماية الحلفاء في دول الساحل الإفريقي من مصادر الخطر.

من جانبها، أكدت منطقة الكفرة العسكرية أنه تم رفع درجة الاستعداد والجاهزية التامة لكافة الوحدات العسكرية للقوات البرية والجوية، وأكد المكتب الإعلامي تجهيز الوحدات بالإمكانيات والمعدات اللازمة لتأمين واستقرار المنطقة وذلك بتكليف دوريات برية وجوية على الحدود، وكذلك تمركز للسرية المقاتلة في قاعدة السارة والانطلاق منها في دوريات على الحدود مع دولة تشاد، وكذلك دعم الأجهزة الأمنية داخل المنطقة لتأمينها وضبط المخالفين".

دعم دول الجوار

العقيد عادل عبد الكافي الخبير العسكري الليبي اتهم في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" حكومة الوفاق الليبية السابقة برئاسة فايز السراج والمجلس الرئاسي السابق بإهمال ملف الجنوب الذي أدى إلى تغول المرتزقة التشاديين وفصائل الجنجويد، بسبب عدم وجود تواصل جاد قوي أو خطة استراتيجية قصيرة أو طويلة المدي يتم العمل عليها مع دول الجوار (تشاد – السودان – والنيجر - الجزائر) وأيضا عدم التواصل مع التركيبة الاجتماعية في الجنوب والقبائل (الطوارق – التبو).

وانتقد عبد الكافي قرار سحب القوة الثالثة التي كانت متمركزة في عاصمة الجنوب سبها، مشيرا إلى أنها حققت استقرارا للمنطقة الجنوبية بالتعاون مع العسكريين والأجهزة الأمنية، وكانت مهامها تأمين الحقول النفطية (الشرارة – الفيل)، إلا أن سحب القوة الثالثة كانت له تداعيات سلبية جعلت المرتزقة يتغولون داخل الأراضي الليبية وكذلك زيادة معدل الهجرة غير المشروعة وتجار المخدرات والأسلحة فأصبحت الحدود الجنوبية مستباحة للكل، مؤكدا أن تعاون دول الجوار والاتحاد الأوروبي مع حكومة الوحدة الوطنية والجيش الليبي، سيؤدي إلى التحكم والسيطرة على هذا الملف، والحد من تدفق المرتزقة والمهربين من وإلى الأراضي الليبية التي تمتلك ما يقارب من 4000 كيلو متر مع دول الجوار.

تفعيل اتفاقية إيطاليا

الخبير العسكري الليبي طالب - في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" - بتفعيل الاتفاقية مع إيطاليا لمراقبة الحدود الجنوبية عبر الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار عن بعد التي وعدت روما تقديمها إلى طرابلس، كذلك رفع كفاءة السلاح الجوي الليبي بطائرات مراقبة الحدود، لافتا إلى أن هناك ممرا في المنطقة الجنوبية لا يمكن السيطرة والتحكم فيه إلا من داخل الأراضي الليبية والذي يربط ليبيا بالنيجر ويسمى (السلفادور) وهو ممر وعر يستخدم من قبل العناصر الإرهابية والمرتزقة والهجرة غير الشرعية وتجار الأسلحة والمخدرات للعبور إلى الأراضي اللييبة، مشيرا إلى أنه إذا تم التحكم فيه سيساهم مساهمة كبيرة في أمن واستقرار ليبيا ودول الجوار وأوروبا.   

وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية نجلاء المنقوش، كانت قد أكدت بالاتفاق مع وزيري خارجية إيطاليا لويجي دي مايو، ومالطا إيفاريست بارتولو، ومفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع أوليفر فاريلي، على أن تأمين الحدود الجنوبية هو الأولوية، ودعم الاتحاد الأوروبي لليبيا بالموارد والتقنيات وكل السبل المادية والمعنوية من أجل تحقيق ذلك، موضحة أنها لمست جدية المسؤولين الأوروبيين خلال المناقشات التي اتسمت بالشمولية والواقعية.

وينتظر أن يحقق التعاون بين الاتحاد الأوروبي والحكومة الليبية، التأمين المطلوب لمناطق الجنوب، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى حدوث استقرار أمني على ليبيا والدول المحيطة بل سيمتد الأمر إلى دول جنوب المتوسط.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على