"الشمول" بـ"المحمول"

ما يقرب من ٣ سنوات فى الوفد

الموبايل سلاح الغلابة فى مواجهة الفقر والدخول عصر الرقمنة

معاملات المصريين للمحافظ المالية عبر الهاتف بلغت 100 مليار جنيه بنسبة نمو 300%

الشمول المالى مبتدأ وخبر، ماذا نقصد بهذه العبارة؟ الشمول هو المبتدأ لأنه وقع فى بداية الجملة، وهو البداية لأى دولة من أجل إحدث نقلة حقيقية للوجود على خريطة المستقبل. أما كلمة المالى فهى من أخبرتنا عن الشمول، والكلمتين تعطيان معنى التقدم والعدالة الاجتماعية، وركوب صاروخ المستقبل، والشعور بالرضا، وعدم تكدير الناس فى صفوف طويلة من أجل الحصول على الخدمات المالية.

فماذا نقصد بالشمول المالي؟.. هو تقديم الخدمات المالية بطريقة سهلة وميسرة وبسعر عادل أو بأقل تكلفة ممكنة. أى أن هناك محددات من أجل نجاح الشمول المالى مثل أن يحصل المواطن على الخدمات المالية بطريقة سهلة وميسرة أى لا يُعذب فى طوابير، ولا يجد موظفاً على وجهه غضب السنين، ولا يجد معاملة لا تليق بآدميته، وأن يحصل على هذه الخدمة بأقل تكلفة.

والخدمات المالية هى: كل ما يتعلق بالخدمات والمنتجات المتاحة فى القطاع المصرفى (أوعية إدخارية أو قروض أو خدمات وغيرها) أو فى القطاع غير المصرفى (شراء الأسهم، والاكتتابات وشراء الوثائق والتأمين والتخصيم والتآجير التمويلى، والتمويل العقارى، والتمويل متناهى الصغر وغيرها).

وتشير إحصائيات صندوق النقد العربى إلى أن نسبة السكان البالغين فى الدول العربية الذين تتوافر لهم فرص الوصول للخدمات المالية والتمويلية الرسمية، قد ارتفعت فى المتوسط إلى 37 فى المائة، و26 فى المائة بالنسبة للنساء، و28 فى المائة على صعيد الفئات محدودة الدخل. ولكن هذه النسب ما زالت أقل بكثير من تحقيق فكر الشمول المالى، هذا إلى جانب التفاوت فى الأرقام بين الدول العربية

الموبايل والشمول

يعد هاتف المحمول (الموبايل) هو كلمة السحر فى تحقيق الشمول المالى، فلا يوجد فرد ليس لديه هاتف، وهو الوسيلة العملية والفعالة فى الحصول على الخدمات المالية، وسداد كل التزاماته المالية، بدون أن نرهقه بالمصروفات ودخول شركات وسيطة تزيد من تكلفة تقديم الخدمة، على سبيل المثال: وزارة التربية والتعليم تطلب دفع جزء من مصاريف المدارس عن طريق المدفوعات الإلكترونية ودخول شركات تحصل على خمسة جنيهات من كل طالب، والجزء الأكبر يدفعه ولى الأمر نقداً بالمدارس.

وتشير الإحصائيات إلى أن ما يقارب 85 فى المائة من البالغين فى المنطقة العربية لديهم هاتف محمول، و48 فى المائة لديهم هاتف محمول يمكنهم من خلاله النفاذ إلى الشبكة الإلكترونية، و7 فى المائة لديهم حسابات الأموال عبر الهاتف المحمول، ونحو 33 فى المائة أرسلوا أو تلقوا مدفوعات رقمية فى العام السابق، مقارنة بـنحو 44 فى المائة على مستوى العالم.

وتخطى عدد حسابات محفظة الهاتف المحمول فى مصر 20 مليون محفظة، حيث يقدر إجمالى قيمة المعاملات السنوية التى تمت من خلال محافظ الهاتف المحمول خلال عام 2020 بنحو 100 مليار جنيه بنسبة نمو تقدر بـ300 % عن عام 2019 كما قال المهندس إيهاب نصر، وكيل المحافظ المساعد لنظم وخدمات الدفع بالبنك المركزى المصرى، وهذا يدل على زيادة اعتماد الكثير من المواطنين على محفظة الموبايل فى الفترة الأخيرة، كما أنه مؤشر قوى على النمو خلال الفترة القادمة.

وكما يضيف إيهاب نصر أن خدمة الدفع باستخدام الهاتف المحمول من أكثر الخدمات المالية قدرة على تحقيق الشمول المالى، وذلك فى ضوء الانتشار الواسع لاستخدام الهواتف المحمولة، حيث يمكن لجميع أفراد المجتمع وخاصة محدودى الدخل والشباب الحصول على الخدمات البنكية بسرعة وبأقل تكلفة.

حساب لكل مواطن

بذل الجهود المضاعفة والمتكاملة من كل الجهات المعنية فى تنفيذ الشمول المالى سيعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية، وخروج جزء كبير من دائرة الفقر، بعد حصولهم على الخدمات المالية الميسرة، وبأسعار عائد أقل مما هو موجود فى الجمعيات متناهى الصغر.

ويجب أن يكون هناك حساب مجانى لكل مواطن، خاصة أنه ما زال هناك مشاكل لفتح حسابات، خاصة لمن يكتب فى بطاقته حاصل على مؤهل (كذا) وربات البيوت، وغيرها من الفئات التى لا يستطيع إثبات دخل ثابت لهم وما أكثرهم.

كورونا والرقمية

وإذا كان انتشار جائحة كورونا، له جانب مظلم، فإن له جانباً مضيئاً أيضاً، ولكن يجب أن نستغله ونسرع وتيرة الاستفادة من الأزمة، فهذه الجائحة عززت من تقديم الخدمات المالية الرقمية، وزادت من الوعى المجتمعى بأهمية استخدام هذه الحلول حتى لا تنتشر العدوى من خلال التجمعات للحصول على هذه الخدمات، ودفع فيروس كورونا الكثير من دول العالم إلى تسريع وتيرة التحول الرقمى وتحسين الخدمات المالية الرقمية، هذا التحول الذى ليس بجديد على الشارع العربى، وبالتحديد مجلس محافظى المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية الذى جعل فى عام 2016، يوم 27 أبريل هو يوم من كل عام للشمول المالى، يُحتفل به، وكان شعاره هذا العام دور التحول الرقمى فى تعزيز الشمول المالى،وفى مصر تم تأسيس المجلس القومى للمدفوعات عام 2017 تحت رئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى ما يؤكد أهمية التحول، ودفع القيادة السياسية لهذا التحول.

وأطلق البنك المركزى العديد من المبادرات التى تدعم وتعزز من الشمول المالى ووصول الخدمات المالية للشباب والمرأة، والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، إلى جانب قيام البنوك بالتوعية والتثقيف الرقمى المجتمعى.

التحديات الاقتصادية

يقول الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدى المدير العام، رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربى، إن الشمول المالى يلعب دوراً مهماً فى مواجهة التحديات الاقتصادية التى تؤثر على النمو الاقتصادى، من خلال حشد الموارد لزيادة معدلات الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة، مؤكداً أهمية إدماج كافة فئات المجتمع وشرائحه فى النظام المالى الرسمى خاصة منهم الشباب والمرأة ورواد الأعمال وقطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، للاستفادة من التقنيات ومتابعة جهود رفع مستوى الوعى لدى كافة هذه الفئات وحماية حقوقهم المالية وتحسين معرفتهم بالأمور المالية الرقمية، بما يمكنهم من اتخاذ القرارات السليمة.

مسئولية الجميع

وتقع المسئولية ليس على البنك المركزى فقط، ولا المجلس القومى للمدفوعات، وإنما على الجميع، ومنها: الأجهزة الحكومة والوزارات وخاصة التربية والتعليم والتعليم العالى، والإعلام والمجتمع المدنى والشركات فى العمل على نشر وتعميق التعليم والتثقيف الوعى المالى الرقمى.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على