جذب مجموعات اقتصادية مصرية دولية بـ ٥ مليارات دولار
حوالي ٣ سنوات فى البلاد
طموحنا على مستوى الخليج هو الدخول في صناعات مشتركة
تجري الترتيبات لعقد الدورة “11” للجنة المشتركة خلال هذا العام
الإطار التعهدي بين البحرين ومصر يزخر بحوالي 50 اتفاقًا ومذكرة تفاهم
ينحو هذا الحوار مع سفير جمهورية مصر العربية في مملكة البحرين ياسر شعبان نحو اتجاهات تحمل في مجملها وأساسها العمل على إيجاد ديناميكية جديدة على صعيد فتح مجالات أوسع للاستثمار وجذب رؤوس الأموال، ولدى السفير كثير من الأفكار الطموحة التي سنعرج عليها، إلا أن الجانب اللافت للنظر هو استراتيجية السفير شعبان في ربط مملكة البحرين ودول الخليج بمجموعات اقتصادية مصرية دولية، وبالتالي، بالإمكان الانتقال نحو المشروعات المشتركة في القطاعات المؤثرة في رفع ميزان التبادل التجاري، وتنشيط الحركة الاقتصادية. وعموما، ليس المحور الاقتصادي هو أس الحوار، فهناك محطات كثيرة، موجزة في طرحها لكنها واسعة في آفاقها، سنجدها في الحلقة الأولى من هذا الحوار:
الإطلالة... ذكرى الميثاق
تتميز العلاقات البحرينية المصرية بأنها تقوم على دعائم قوية ومسيرة تاريخية حافلة، وأبرز دلالاتها الزيارات المتبادلة إلى البلدين من عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس جمهورية مصر العربية عبدالفتاح السيسي... ما الذي تحقق من اتفاقات وبرامج عمل مشتركة كثمار لهذه الزيارات؟
- يسرني في بداية حديثي أن أنقل تحياتي واعتزازي لأسرة وقراء صحيفة “البلاد” ومتابعيها الكرام في الإعلام الرقمي، وفي الحقيقة، نتشرف بهذه الصحيفة واسعة الانتشار ليس على مستوى البحرين والخليج بل على المستوى الإقليمي وعالمنا العربي، وكذلك أعبر عن جزيل شكري لتواصل الصحيفة الدائم وتعاونها مع سفارة جمهورية مصر العربية، وبالأصالة عن نفسي ونيابة عن جميع أعضاء السفارة، ومملكة البحرين الغالية تعيش الذكرى العشرين للتصويت على ميثاق العمل الوطني، أتقدم بأزكى التهاني والتبريكات إلى مقام عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وإلى مقام ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وإلى شعب البحرين العزيز على قلبي بهذه المناسبة التي أسميها “ميثاق العهد والطموح والإنجاز” التي تمثلت في العهد الإصلاحي لجلالة العاهل.
البحرين.. بين 2007 و2019
سعادة السفير... العهد والطموح والإنجاز في تهنئتكم بالذكرى العشرين لميثاق العمل الوطني له كثير من الأبعاد، فكيف تقرأونها لنا؟
- العهد في هذه الذكرى هو عهد جلالة الملك لآفاق هذه البلاد العريقة نحو المملكة الدستورية ومؤسساتها، أما الوفاء فهو تحقيق هذا العهد بإقامة دولة المؤسسات ودور السلطات، ومنها السلطة التشريعية المتمثلة في المجلس الوطني بغرفتيه النواب والشورى، والسلطة التنفيذية المتمثلة في دور الحكومة، وكذلك السلطة القضائية بإعادة تنظيمها بشكل كامل. وبالتأكيد، لا ننسى السلطة الرابعة وهي الصحافة، وما جاء به العهد الجديد من آفاق في حرية الرأي والتعبير ورعاية جلالة الملك لحقوق الإنسان والحريات الدينية لكل الجاليات، وباختصار أشرح هذا الجانب بأنني غادرت البحرين في العام 2007 وعدت إليها في العام 2019 لأشهد نقلة نوعية في كل المجالات لاسيما في قطاعين مهمين هما قطاع التربية والتعليم والصحة، فهناك تطور كبيرة وأهنئ قيادة البحرين الرشيدة وشعبها الكريم على ما يتحقق من إنجازات.
هالة ضوء كبيرة
جزيل الشكر لكم سعادة السفير على هذا الثناء الجميل، ولو تكرمتم سنعود إلى سؤالنا لأفق العلاقات الثنائية بين البحرين ومصر؟
- فيما سألتم بالنسبة للعلاقات المصرية البحرينية فإنني أعتبرها هالة ضوء كبيرة في أفق العلاقات الثنائية العربية العربية على مستوى العالم العربي، فعلاقات البلدين على المستوى السياسي تتسم بالتميز الشديد في التواصل والعلاقات الأخوية الدائمة ما بين قيادتي البلدين، وقد تمثلت وتجلت في العديد من الزيارات الثنائية منها الزيارة التي أشرتهم إليها والتي قام بها فخامة رئيس الجمهورية لمملكة البحرين في العام 2018، وسبقتها زيارة في العام 2015 كما تشرفت مصر بزيارة جلالة الملك حمد في نوفمبر 2019 والتي سبقها تشريفنا بزيارة جلالته في شهر فبراير 2019 للمشاركة في القمة العربية الأوربية.
لهذا أقول إن الزيارات الثنائية تعد التتويج الكبير لأي علاقات ثنائية والتي على أساسها تصدر التكليفات لجميع الوزارات المعنية على مستوى الحكومتين، وأتناول منها الإطار التعهدي الذي يسمى الإطار القانوني المنظم للعلاقات الثنائية، وهذا الإطار يزخر بحوالي 50 اتفاقا ومذكرة تفاهم تغطي جميع مجالات التعاون الاقتصادي، التجاري، الاستثماري، الثقافي، العلمي، الأكاديمي، العسكري، والشرطي، ولا أريد أن أغفل أي مجال ولله الحمد لدينا الإطار التعهدي الذي يشمل كل المجالات.
ولو تحدثنا عن الإطار الثاني، فيتمثل في اللجنة المشتركة بين البلدين والتي كانت دورتها العاشرة في 2018 ويجري الترتيب لعقد الدورة الحادية عشرة خلال هذا العام بإذن الله بالتنسيق بين وزارتي خارجية البلدين كون اللجنة يرأسها وزيرا الخارجية، ودعني أعود للزيارات بين القيادتين، فكان التوجيه الأساس فيها هو الاهتمام بالقطاع التجاري والاقتصادي والاستثماري، وهذا ما أعتبره الواجب الأول للسفارة وأعضائها، وأيضًا هي المهمة الأولى التي بدأ بها السفير هشام الجودر سفير البحرين في مصر مهامه، فكما ذكرت لك فإن العلاقات السياسية وصلت إلى أعلى مستوى وهي في نماء واستقرار، ولكن علينا أن نترجم هذه العلاقات إلى نشاط اقتصادي وتجاري واستثماري يزيد من القيمة المضافة التي تعود على الشعبين الشقيقين بالخير، وفي مقدمة كل ذلك زيادة ميزان التبادل التجاري بين البلدين والذي يقدر بحوالي 600 مليون دولار.
التجارة الحرة عربيًا وأفريقيًا
يقودنا ما تطرقتم إليه إلى التوسع في أفق التعاون بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، ولكون القاهرة تحتضن كيانًا مهمًا وهو جامعة الدول العربية، والرياض تحتضن الأمانة العامة لمجلس التعاون، فهناك بالتأكيد رؤى مشتركة لتعزيز هذه العلاقات. ترى، إلى أي مدى يمكن القول إن هناك بالفعل استراتيجية عمل واضحة على صعيد تمتين العلاقات وقراءة آفاق المستقبل بين مصر والخليج؟
- على مستوى مجلس التعاون الخليجي، لدينا مجالات جيدة جدًا للاستثمار في التصنيع الدوائي والخدمات الطبية، وانطلاقًا من البحرين وفي إطار التسجيل الدوائي الموحد، يمكن إيجاد بيئة جاذبة للتصنيع الدوائي والعمل على جذب المستثمرين المصريين في القطاع الطبي لتعزيز قطاعات حيوية، وقد تواصلت مع وزارة الصحة وهيئة تنظيم المهن الصحية وتعرفت على توافر الأرضية المناسبة للاستثمار في هذين القطاعين.
هناك جانب مهم ألا وهو أن البحرين عضو في منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى وتضم 18 دولة، ومصر عضو في منطقة التجارة الحرة الإفريقية وتضم 38 دولة، كما أن لمصر اتفاقات شراكة وتجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي من ناحية. ومن ناحية أخرى، فإن للبحرين اتفاقيات شراكة وتجارة مع الولايات المتحدة الأميركية، وطموحنا على مستوى الخليج هو الدخول في صناعات مشتركة وتبادل جذب الاستثمارات في القطاعات التجارية والخدمية للاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة من جانب البلدين، وبالتالي نستهدف قطاعات إنتاجية محددة مثل البتروكيماويات الألمونيوم والصناعات التحويلية والتصنيع الدوائي والخدمات الطبية والنسيج والسيارات وقطع غيارها، وهذا طموحي الشخصي في الحقيقة، وأرى أن دخول مجموعة السويد مقدمة لنجاح سيتحقق قريبًا بعون الله.
دعوة للتملك في المدن الجديدة
يتملك أكثر من 20 ألف بحريني عقارات في مصر، هل الرقم صحيح؟ وهل فيه زيادة؟ وما التسهيلات المقدمة للراغبين في الاستثمار العقاري من البحرينيين؟
- إخوتنا البحرينيون نعتبرهم “أهل بلد”، ولهذا تجد حين يأتي ذكر جلالة الملك أو ذكر البحرين وأهلها أمام أي مواطن مصري تنفرج أساريره ويبتهج بالسعادة لما يكنه الشعب المصري من حب كبير وتقدير لهذا البلد الكريم وقيادته وشعبه، ومصر بيئة جاذبة للاستثمار في المشروعات العقارية والعمرانية التي تعددت في السنوات الست الماضية بشكل مذهل، فمشروع التجمع الخامس أصبح مدينة جديدة (أحد تجمعات مدينة القاهرة الجديدة، ويتكون من أحياء عدة منها الحي الأول والثاني والثالث والرابع والخامس، إضافة إلى غرب الجولف والشويفات والديبلوماسيين وحي النرجس وحي الياسمين وحي البنفسج وحي جنوب الأكاديمية)، ومشروع العاصمة الإدارية الجديدة (وهو مشروع واسع النطاق أعلنته الحكومة المصرية في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري يوم 13 مارس 2015 ، وتقع العاصمة الجديدة بين إقليم القاهرة الكبرى وإقليم قناة السويس بالقرب من الطريق الدائري الإقليمي وطريق القاهرة/ السويس، ويخطط لكي تكون المنطقة مقرًا للبرلمان والرئاسة والوزارات الرئيسة، وكذلك السفارات الأجنبية ويتضمن المشروع أيضًا متنزها رئيسا ومطارا دوليا، ويقام المشروع على مساحة إجمالية 170 ألف فدان)، ومشروع العلمين على الساحل الشمالي (إحدى مدن الجيل الرابع، وموقعها المميز سيجعلها بوابة مصر على إفريقيا، فهي تشهد نسبة مشروعات غير مسبوقة، وجذبت عددا من الشركات العالمية للاستثمار بها، وتبلغ مساحتها الإجمالية 48 ألف فدان، ومن المخطط لها أن تستوعب أكثر من 3 ملايين نسمة، وتتكون المرحلة الأولى من قطاعين أساسين بمساحة نحو 8 آلاف فدان، وهما القطاع الساحلي، ويشمل قطاع المركز السياحي العالمي، والقطاع الأثري، والحضري)، وهناك مشروع مدينة الجلالة الجديدة بين العين السخنة ومحافظة السويس، وكلها مشروعات جاذبة للمستثمرين البحرينيين والخليجيين.
تسهيلات ومحفزات الاستثمار العقاري
وفيما يتعلق بالتسهيلات والمحفزات، فالتملك في مصر يتيح الإقامة المكفولة لمدة 6 أشهر فحق التملك يتبعه حق الإقامة والاستثمار، وتوالي الإقامات يعطي الحق في الحصول على الجنسية المصرية بعد مضي 4 إلى 5 سنوات، كما أن قيمة الضرائب المقدرة على تلك الوحدات تعد تشجيعية مقارنةً بأي ضريبة عقارية في الدول الأخرى، ولابد من الإشارة هنا إلى أن التملك في مدن تجارية كمدينة الجلود أو مدينة الأخشاب يمكن استخدامها كوحدة إنتاجية، وأدعو الأشقاء أصحاب الوكالات ورجال الأعمال في البحرين والخليج للتملك في مناطق اقتصادية تتيح لهم التصدير إلى العديد من الدول انطلاقًا من المنطقة الاقتصادية في قناة السويس أو منطقة العين السخنة أو المنطقة الحرة في برج العرب، وكل أمورها ميسرة.
مجموعات اقتصادية في 30 دولة
لنتوقف سعادتكم مع حجم التبادل التجاري الذي أشرتهم إليه والذي يبلغ 600 مليون دولار، هل ترون أن هذا التبادل هو السقف الأعلى، أم إن هناك مجالا لرفع السقف؟
- كفة الميزان من ناحية الفائض تعود إلى البحرين من خلال صادرات البتروكيماويات والألمنيوم، والصادرات المصرية تشمل أكثر من سلعة كالمحاصيل الزراعية والمواد الغذائية والمنسوجات وقطع غيار السيارات، وهناك تعاون مع غرفة تجارة وصناعة البحرين للتواصل مع المستوردين والمصدرين للوقوف على العقبات والتعرف عليها وإحاطة المسؤولين في البلدين بها من أجل العمل على حلها، وكذلك للتعريف بالسلع التي تسهم في زيادة حجم التبادل التجاري أي لزيادة الصادرات والواردات.
ويهمني جدًا تأكيد الاستثمار، وأعتبره قيمة مضافة لاقتصاد البلدين؛ لأن دخول استثمار مباشر يحقق الكثير من الفوائد منها تنشيط الطاقة الإنتاجية في مختلف الأنشطة ومنها التصنيعية والخدمية والمالية، وكذلك يوفر فرص العمل للمواطنين، أضف إلى ذلك أن توجيه الاستثمار لقطاع مهم وحيوي سيغذي الصادرات والواردات، ولهذا فإن جذب الاستثمارات للبلدين يحظى بدعم صاحب السمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ونحن نعمل على جذب الاستثمارات إلى البحرين فهناك مجموعات اقتصادية مصرية كبيرة تعمل خارج مصر بحجم استثمار يتخطى 5 مليارات دولار في 28 إلى 30 دولة، وأنا أرى أن البحرين بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية وشعبها يتمتع بقوى عاملة تمارس كل المهن، وهي منصة تصدير للمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، ومنها إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
مجموعة السويد.. وفرص القطاع الصناعي
وواقعًا، يقدم مجلس التنمية الاقتصادية، وهذا ما شعرت به فعليًا، كل الدعم للمشروعات الجادة بل تجد الدعم من مكتب سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ومن وزارتي الخارجية والمالية والغرفة الصناعية من خلال رجال الأعمال الذين بحثنا معهم في شهر نوفمبر 2020 فرص الاستثمار، تلتها ندوة أخرى للاستثمار في القطاع العقاري، وهذا من التحديات الكبيرة، إذ تدعم مصر الترويج للنهضة العمرانية التي تشهدها مملكة البحرين. وفي هذا الإطار، رتبت زيارة لرئيس مجموعة السويد، وهي ثاني أكبر مجموعة اقتصادية لزيارة البحرين؛ للتعرف على فرص الاستثمار في القطاع الصناعي، وسيكون لنا مستقبلًا تعاون في قطاع المناطق الصناعية، وأخرى على صعيد المشروعات المطروحة للاستثمار كبلاج الجزاير.
في الحلقة الثانية من الحوار مع السفير المصري، سنتناول العديد من المحطات، على مستوى السياحة والثقافة والدور العربي والإقليمي، وبضع ذكريات جميلة تؤنس اللقاء.