القوى السياسية تعيد أخطاء ارتكبتها خلال انتخاب رئيس الجمهورية السابق

أكثر من ٥ سنوات فى المدى

 بغداد/ وائل نعمة
في الدقائق الأخيرة وقبل الانزلاق إلى الهاوية التي تعيش على حافتها العملية السياسية منذ 15 عاماً، تكتشف القوى السياسية أنّ الوقت قد شارف على النهاية وعليها البحث عن"مخرج طوارئ".هذا الأمر يتكرر في أغلب الأزمات التي تشتبك فيها الأحزاب والمصالح حتى تجد في الساعات الاخيرة، وأحيانا الدقائق الاخيرة، حلاً مربكاً، وها هو المشهد يتكرر الآن وكل أربع سنوات حين تقرر نفس هذه الأحزاب اختيار حكومة جديدة.وفي تموز 2014، كان قد وصل عدد المرشحين لرئاسة الجمهورية خلفاً للراحل جلال طالباني (أول رئيس عراقي منتخب بعد 2003) إلى نحو 100 مرشح، وهو أكثر بنحو 70 عن الدورة الحالية.وقالت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب الأسبوع الماضي في بيان إنّ"عدد المستوفين الشروط بحسب تقييم الجهات المعنية بلغ سبعة مرشحين لرئاسة الجمهورية، فضلاً عن أن 14 مرشحاً لم يقدموا ما يثبت الخبرة السياسية، إضافة إلى استبعاد تسعة مرشحين وانسحاب مرشح واحد".وكان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي قد أعلن، قبل أسبوع، أن يوم الثلاثاء الموافق 2 تشرين الأول (أمس)، آخر موعد لانتخاب رئيس الجمهورية.وطبقاً للعرف السياسي في العراق، فإن منصب رئيس الجمهورية يكون من حصة الكرد، ويسير الحزبان الكرديان الرئيسان، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني منذ عام 2005 على عرف سياسي يقضي بأن يكون منصب رئيس الجمهورية من حصة الاتحاد الوطني ومنصب رئيس الإقليم من حصة الحزب الديمقراطي.لكنّ المتغيرات التي جرت نهاية العام الماضي، بعد إجراء أربيل استفتاء تقرير المصير، وردّ بغداد بعقوبات تمثلت بحظر الطيران وإبعاد البيشمركة عن كركوك، واتهام الحزب الديمقراطي منافسه الاتحاد الوطني بالخيانة دفع الحزبين هذه المرة، خاصة بعد فشلهما في الوصول لاتفاق الى تقديم مرشحين اثنين لمنصب الرئاسة.ورشح الاتحاد عدة أسماء للمنصب أبرزهم برهم صالح، بينما قرر الديمقراطي ترشيح رئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين. وبحسب الدستور العراقي، يجب اختيار رئيس للجمهورية خلال فترة شهر من الجلسة الأولى للبرلمان المنتخب.أمس حاول الحزبان الكرديان في الجلسة المخصصة لاختيار رئيس الجمهورية المؤجلة من مساء الإثنين، الوصول الى اتفاق لتقديم مرشح واحد للمنصب.وبحسب التسريبات الكثيرة والمتناقضة التي كانت قد سادت أجواء جلسة أمس، فإن النتيجة تراوحت بين الاتفاق على مرشح واحد والخصومة وتمسك كل حزب بمرشحه.في 2014 وتحديداً قبل 24 ساعة فقط من جلسة التصويت لرئيس جديد خلفاً لطالباني، كان الاتحاد الوطني قد اتفق على ترشيح فؤاد معصوم كمرشح وحيد للمنصب، بعد إعلان محافظ كركوك السابق والقيادي في الحزب ذاته نجم الدين كريم انسحابه من الترشح"حفاظاً على وحدة الموقف الكردي".وفي نفس اليوم كان عضوا المكتب السياسي للحزبين الديمقراطي والاتحاد روز نوري شاويس وملا بختيار قد هددا في مؤتمر صحفي مشترك في أربيل"بالانسحاب من العملية السياسية"في حال عدم منح منصب رئيس الجمهورية للكرد، وأوضحا أنه"من حصة الكرد"مثلما رئاستا البرلمان والوزراء من حصة السنة والشيعة.في الجلسة الثالثة للبرلمان السابق، فشل معصوم في الجولة الاولى في الحصول على ثلثي أصوات البرلمان (بحسب المادة 138 بالدستور) من بين 93 مرشحا للمنصب بحسب ما أعلنه رئيس البرلمان في ذلك الوقت سليم الجبوري بعد انسحاب سبعة مرشحين تقريباً.وشارك في الجولة الاولى للتصويت 275 نائباً، وظهر من نتائح التصويت 46 ورقة باطلة، وحصل فؤاد معصوم على 175 صوتاً والمرشحة حنان الفتلاوي على 35 صوتاً والمرشح فائق الشيخ علي على 10 أصوات.وهذه المرة قررت سيدة واحدة أيضا هي سروة عبد الواحد الترشح للمنصب، الى جانب النائب السابق سردار عبد الله، ووزير الموارد المائية السابق عبد اللطيف جمال رشيد، وترشّح أيضا عمر أحمد كريم البرزنجي، والنائب السابق عبد الكريم علي عبطان الجبوري، وفؤاد محمد حسين بكي، بحسب الاسماء المستوفية للشروط التي أعلن عنها البرلمان مؤخراً، وانسحب بعضهم قبل البدء بالتصويت.وقبل بدء الجولة الثانية لانتخاب معصوم في 2014، قررت الفتلاوي بطلب من زعيم التحالف الوطني إبراهيم الجعفري والنائب عن كتلة الأحرار بهاء الاعرجي الانسحاب من الترشح، ومثلها قام الشيخ علي بالانسحاب أيضا.وفاز معصوم بعد ذلك بـ 211 صوتاً من أصل 269 نائباً كانوا حاضرين في الجولة الثانية.وعقب ذلك دخلت البلاد في أزمة جديدة، كالتي يتوقع حدوثها الآن في تحديد الكتلة الاكبر التي سنّتها المحكمة الاتحادية في قرارها الشهير في 2010، ومنعت على إثرها إياد علاوي (91 مقعداً) في ذلك الوقت من تشكيل الحكومة وذهبت الى التحالف الوطني.وفي عدة جولات سياسية بعد اختيار معصوم، أعلن نوري المالكي أن"دولة القانون"هي الكتلة الاكبر، فيما قال عمار الحكيم ان"التحالف الوطني"هو الأكبر، وانتهت المشكلة بعد 3 أسابيع من ذلك بتخلي المالكي عن رغبته بولاية ثالثة.وقال المالكي، في خطاب مسجل بثته قناة"العراقية"شبه الرسمية في ذلك الوقت، من مقر المركز الصحفي لرئاسة مجلس الوزراء، بينما كان يحيط به عدد من أعضاء حكومته، إنه يسحب ترشحه لرئاسة الوزراء لصالح العبادي، مؤكداً أن قراره يأتي"حفاظاً على وحدة العراق."وبعد خمسة أشهر من انتخابات 2014، أدت حكومة حيدر العبادي اليمين الدستورية، بعد أن تخلى عن منصبه السابق كنائب أول لرئيس البرلمان،، وهو نفس الزمن الذي يتوقع أن يستغرقه تشكيل الحكومة الحالية.

شارك الخبر على