كتب ملعونة.. السعي لاكتشاف السرّ.. لاننا نريد أن نكون بشراً

أكثر من ٥ سنوات فى المدى

ثلاثية الجنس.. الدين .. السياسة              
 علــي حســين
|  11   |
لم يعرف سبباً للانقطاع عن الكتابة، منذ خمس سنوات وهو يعيش حالة من التردد، فما أن قامت ثورة 1952 حتى شعر بأن رغبة الكتابة قُتلت داخله، فالهدف الذي كان يكتب رواياته من أجله هو نقد المجتمع  وتحريض الناس للوقوف بوجه الظلم، وهاهي الثورة تتحقق وستتولى تحقيق ما كان ينادي به في رواياته :"كان السؤال الذي يلح عليّ : ماجدوى الكتابة، ولما طالت فترة التوقف، أصبحت كالتائه، واستقرّ في وجداني أنني انتهيت كروائي، ولم يعد عندي ما أقدمه للناس."
كان نجيب محفوظ، يشعر بأنه أمضى حياته وهو يتجه نحو نقطة يتمكن معها من كتابة رواية عن مفهومه للدين والعلم، فهو الآن في  الثانية والأربعين من عمره (عام 1953) – ولد نجيب محفوظ في  11 أيلول عام  1911 -، وكان قبل أشهر قد نشر مقالا عن فكرة الالوهية في الفلسفة الحديثة وفيه يقول  :"شعر الفلاسفة المحدثون، كغيرهم من المفكرين في أي عصر آخر، بأننا نستطيع أن نعرف القليل عن الله، لكننا لانستطيع أن نعرف عنه كل شيء، فثمة طرق نستطيع أن نعرف فيها الله وأخرى لانستطيع أن نعرفه فيها".
كان نجيب محفوظ ينوي عام 1930 الحصول على  شهادة الماجستير في الفلسفة، وأخذ ينشر مقالات في"المجلة الجديدة"التي كان يصدرها آنذاك سلامة موسى، يرى فيها أن الإنسان يمكن أن ينتصر على الفقر بالعلم، ولهذا قرر ان يناقش في رواياته التي كتبها فيما بعد  قضايا علمية كان الاقتراب منها أمراً محفوفاً بالمخاطر.. وفي ثلاثيّته الشهيرة – بين قصرين.. قصر الشوق.. السكرية – يسلط الضوء على إزمة الإنسان الوجودية ورؤية أبطال الرواية الى الكون، وشكوك البعض منهم تجاه المعتقدات المتداولة آنذاك :"وجَّهني سلامة موسى إلى شيئين مهمين، هما العلم والاشتراكية، ومنذ دخلا مخّي لم يخرجا منه حتى الآن".
وفي مقال ينشره نجيب محفوظ في "المجلة الجديدة" عام 1930 بعنوان: "احتضار معتقدات وتولد معتقدات"يشير إلى أن المدنيات القديمة قامت على معتقدات ترسخت في وجدان شعوبها، لأنها كانت بمأمن في نفوسهم من النقد والبحث اللذين يولّدان الشك والريبة، غير أن الوضع الحالي أصابه تغير بتسليط ضوء العقل على تلك المبادئ التي قامت بها تلك المعتقدات القديمة، ولذلك فإن العصر الحالي يعاني فيه الناس من الاضطراب والتخبط الفكري والمعرفي،لأنهم يشهدون عصر احتضار وتولد معتقدات. ولذلك فالمقياس الذي علينا أن نتشبث به هو العقل والتطور العقلي، لأنه سيجعلنا نتوجه إلى الطريق الأصوب، وإذا كانت الفلسفة تطرح الأسئلة، فبإمكاننا أن نقول إن الأدب يحاول طرح إجاباتها، وتشكيل زوايا لرؤية تفاعل الشخصيات مع تلك الأسئلة، وكذلك محاولاتها للحل في المعالجة الفنية. وهو ما يقوم به الأديب ذو الخلفية الفلسفية على وجه التحديد".
في الجزء الثاني  من الثلاثية – قصر الشوق -  يرصد نجيب محفوظ  القادم من الفلسفة الى الرواية، ما حصل لكمال عبد الجواد  وهو يتعرف على أحدث النظريات العلمية :
“قبل الخروج الى صلاة الجمعة بساعة، دعا أحمد عبد الجواد، كمال الى حجرته. كان بعض أصحابه  قد وجهوا نظره مساء أمس الى مقال ظهر في البلاغ الأسبوعي بقلم الأديب الناشئ (كمال عبد الجواد). ومع أنّ أحداً منهم لم يقرأ المقال  إلا العنوان (أصل الإنسان)  فإنهم اتخذوا منه مادة للتعليق والتهنئة وممازحة السيد.
قال بهدوء مصطنع : - لك مقال في هذه المجلة، أليس كذلك؟
رفع كمال عينيه عن المجلة، ثم قال بلهجة لم يمكنها من الإفصاح عن اضطرابه : بلى خطر لي أن أكتب موضوعاً تثبيتاً لمعلوماتي وتشجيعاً لنفسي على مواصلة الدرس.
قال السيد بهدوئه المصطنع : لاعيب في ذلك.. ماذا أردت بهذه المقالة؟ اقرأها واشرحها لي، فقد غمض عليّ مرامك.
-إنه مقال طويل يا بابا، ألم تقرأه حضرتك؟  إنني أشرح فيه نظرية علمية.
-ماذا تقول هذه النظرية؟ لقد لفتت نظري عبارات غريبة تقول إن الإنسان سلالة حيوانية، أو شيء من هذا القبيل، أحق هذا؟.
-هذا ما تقرره هذه النظرية.
علا صوت السيد وهو يتساءل في انزعاج :
-وآدم أبو البشر الذي خلقه الله من طين ونفخ فيه من روحه، ماذا تقول عنه هذه النظرية العلمية؟!
قال بصوت خافت : -  دارون صاحب هذه النظرية لم يتكلم عن سيدنا آدم.
هتف الرجل غاضباً
-لقد كفر داروين ووقع في حبائل الشيطان، إذا كان أصل الإنسان قرداً  أو أي حيوان آخر، ألم يكن آدم أباً للبشر؟
يكرّر نجيب محفوظ في معظم رواياته علاقته مع العلم والفلسفة. وقد كان يؤمن أن الفكر الفلسفي وحده يستطيع النفاذ والنظر الى مشكلة الألوهية والخلق، فهو يرى أنّ العلم هو الصورة الوحيدة للمعرفة البشرية،، وكان يرفض اعتبار اللاهوت أو الفلسفة الميتافيزيقية  ميادين للمعرفة، فالعالم الذي يصفه العلم هو العالم الوحيد الموجود، وهو يرى أن  مسائل الدين والأخلاق يجب أن تخضع لمعايير العلم.. يتذكر نجيب محفوظ أنه نشر عام 1933 مقالاً عن عالم الاجتماع والفيلسوف الفرنسي أوغست كونت الذي أيقن في السنوات الأخيرة من حياته أن فلسفته تنطوي على أسس لعقيدة جديدة للبشرية وأنها هي وحدها الملائمة في نظره لعقل البشر في عصر علمي، فالأديان التقليدية  تقتضي قبول معتقدات لاهوتيّة غير علميّة. لكنّ المؤسف أن كونت في السنوات الأخيرة من حياته أصيب بعلّة ذهنية اعتقد فيها أنه  يبشّر بديانة جديدة، ولم يكتف بالدعوة الى عقيدته الجديدة، وإنما اتجه الى وضع طقوس خاصة لها، وكان يؤمن بأنه  النبي الحقيقي لعقيدته الجديدة، وبأنّ زوجته هي القديسة الحامية لهذا الدين..يكتب كونت :"إذا كانت الأصولية المسيحية قد انهارت فهذا لا يعني أن الدين قد انهار، وإنما يعني أننا بحاجة إلى بلورة مفهوم جديد للدين: أي مفهوم كوني واسع يشمل البشرية بأسرها، مفهوم قائم على الحب وتجاوز الأنانيات الشخصية والمصالح العابرة للبشر."
 كان أوغست كونت المولود عام 1798، مفكراً متشعب الاهتمامات والاختصاصات. فقد كتب في فلسفة العلوم الفيزيائية والكيميائية والرياضية. وكتب في السياسة وعلم الاجتماع. وكتب في الدين والقضايا الروحية والميتافيزيقية. وقد أمضى كونت نصف حياته العلمية في دراسة القوانين التي تتحكم بظواهر الكون ومادته، ونصفها الآخر في بلورة النظرية الأخلاقية والدينية للبشرية.
****
 
رواية وأزمة
في الساعة الخامسة والربع من مساء يوم الرابع عشر من تشرين الأول عام 1994 كان نجيب محفوظ كعادته يخرج من بيته ليذهب الى ندوته الأسبوعية حيث يلتقي ببعض الأصدقاء.. كان صديقه الدكتور فتحي هاشم ينتظره أمام باب العمارة التي يسكن فيها، تقدم نجيب محفوظ نحو السيارة وما إن جلس في المقعد الأمامي، اقترب منه أحد الاشخاص فتوهّم أنه أحد القرّاء أو المعجبين، لكنّ الشاب الغريب باغته وغرز سكيناً في رقبته، يتذكر نجيب محفوظ الحادث فيكتب في صحيفة الأهرام يصف الحادث   :"إنني لم أرَ الشاب الذي اعتدى عليّ..لم أرَ وجهه.. الذي حدث هو أنني وأنا أهمّ بركوب السيارة لأذهب  إلى موعدي مع أصدقائي، وجدت شخصا يقفز بعيدا، وكنت قد شعرت قبلها بثوان معدودة وكأنّ وحشاً قد نشب أظافره في عنقي.. وقد دهشت ولم أدرك بالضبط ما حدث".
 الشاب الذي طعن نجيب محفوظ  يُدعى محمد ناجي يعمل فني إصلاح أجهزة إلكترونية، حصل على شهادة متوسطة.. في حوار معه أجراه الكاتب  محمد سلماوي  قال إنه"اتجه إلى الله"قبل حادثة اغتيال نجيب محفوظ بأربع سنوات :"قرأت كتبًا كثيرة خاصة بالجماعة الإسلامية إلى أن قابلوني"؛ واعترف الشاب لسلماوي بأنه لم يقرأ شيئاً لمحفوظ وعقّب قائلا"أستغفر الله"، وشدد أنه لم يكن يحتاج إلى قراءة أعمال محفوظ، وأنه حاول اغتيال محفوظ لأنه"ينفذ أوامر أمير الجماعة، التي صدرت بناء على فتاوى الشيخ عمر عبد الرحمن".
وذكر سلماوي في كتابه"في حضرة نجيب محفوظ"أنه أبلغ الشاب بأن محفوظ سامحه على جريمته فقال"هذا لا يعنيني ولا يغير من الأمر شيئًا، لقد هاجم نجيب محفوظ الإسلام في كتبه لذا أهدر دمه، وقد شرّفتني الجماعة بأن عهدت إليّ تنفيذ الحكم فيه فأطعت الأمر"
في نيسان من العام 1959 يعود نجيب محفوظ للكتابة بعد توقف دام اكثر من خمس سنوات، كانت صحيفة  الأهرام قد قدمت له عرضا مغريا بنشر إحدى رواياته متسلسلة على صفحات الجريدة، ويذكر نجيب محفوظ أنه أعطى الرواية إلى مدير تحرير الصحيفة حمدي الجمال الذي قرأها وأعجب بها ودفعها للنشر، ويبدو أن مدير التحرير لم ينتبه الى الموضوع الرئيس الذي تناقشه الرواية، حيث اعتبرها رواية عادية تدور أحداثها في إحدى الحارات المصرية.
في الرابع عشر من أيلول  1959 تنشر  صحيفة الأهرام في الصفحة الأولى خبراً يقول"اتفقت الأهرام مع نجيب محفوظ كاتب القصة الكبير، على أن تنشر له تباعاً قصته الجديدة الطويلة..  إن نجيب محفوظ هو الكاتب الذي استطاع أن يصور الحياة المصرية تصوير فنان مقتدر مبدع، لذلك فإن قصصه كانت حدثا أدبيا بارزا في تاريخ النهضة الفكرية في السنوات الأخيرة. ولقد وقعت الأهرام مع نجيب محفوظ عقدا يصبح للأهرام بمقتضاه حق النشر الصحفي لقصته الجديدة مقابل ألف جنيه."وبعد أربعة أيام  تعود الاهرام لتنشر في الصفحة الأولى هذا العنوان"الأهرام تبدأ في نشر قصة نجيب محفوظ يوم الإثنين القادم"، وبدأ نشر الرواية يوم الإثنين الحادي والعشرين من أيلول   بعنوان أولاد حارتنا. 
تُنشر الرواية وتمرّ الحلقات الاولى دون أن ينتبه لها أحد، حتى كتب أحد النقاد في صحيفة الجمهورية المصرية مقالاً يشير فيه الى أن نجيب محفوظ يتناول قضية  الخلق في"أولاد حارتنا"، بعد نشر المقال بدأت بعض الجهات الدينية بمطالبة النيابة العامة إلى التدخل لوقف النشر، ودخل الازهر على الخط حيث اعتبرها بعض المشايخ تتضمن كفرا صريحا، وان الشخصيات في الرواية ترمز الى الانبياء، ووصلت رسائل الشكوى والاحتجاجات الى رئاسة الجمهورية التي طلبت إيضاحا  من رئيس التحرير آنذاك محمد حسنين هيكل،، ويذكر هيكل في حواره الذي أجراه معه يوسف القعيد ونشر في كتاب بعنوان هيكل يتذكر.. عبد الناصر والمثقفين": بعد الضجة التي حدثت  أخذت"اولاد حارتنا وقرأتها،، وأدركت مغزى تحذير نجيب محفوظ لعلي الجمال، إلا أن رأيي استقر على المواصلة بالنشر، ولم أكن أتخيّل أن تصل الضجة حولها الى بعض الجهات الدينية الكبرى التي طالبت الرئاسة بوقف النشر حتى لا تحدث مصادمات بين الحكومة والإسلاميين"، وفي كتاب صفحات مجهولة من حياة نجيب محفوظ، يخبرنا رجاء النقاش أن جمال عبد الناصر اتصل بهيكل وكان قد قرأ بعض الحلقات ليسأل هيكل عن الضجة المثارة، ويدافع هيكل عن نجيب محفوظ وينصح الرئيس بأن لايمنع الرواية، لأنّ مثل هكذا قرار سيضع الدولة تحت رحمة الإسلاميين، ووافق عبد الناصر، لكنه اقترح على هيكل أن يسرع في النشر ويجعله يومياً حتى تنتهي حلقات الرواية وتنتهي معها الازمة، ويكلف عبد الناصر مندوباً من الرئاسة أن يبلغ  نجيب محفوظ بأن الرواية لن تنشر في كتاب يقول نجيب محفوظ :"بعد أن انتهت الاهرام من نشر أولاد حارتنا اتصل بي الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية وقال لي من : من الصعب السماح بطبع هذه الرواية، لأنها سوف تثير ضجة كبيرة.. وتجتمع لجنة الدفاع عن الإسلام برئاسة محمد الغزالي وهو من الشخصيات القيادية في حركة الإخوان المسلمين وتهاجم اللجنة رواية"أولاد حارتنا هجوما عنيفا حيث أكد البيان أن الرواية تعبث بتاريخ الديانات  وتدعو إلى الإلحاد.
****
 
الصراع بين العلم والدين
ترصد"اولاد حارتنا  قصة الكون من خلال حارة مصرية، حيث يستدعي نجيب محفوظ العالم منذ بدء الخليقة وظهور الخلافات الأولى بين قابيل وهابيل، مروراً بخروج آدم من الجنة وبداية الآلام والصراعات التي ارتبطت بأحفاده منذ خروج أبيهم من الجنة وحتى الآن. كما تستدعي الرواية قصص الأنبياء المختلفة وأدوارهم في تحقيق العدل الإنساني ضد الفتوات الذين استحكموا في عباد الله الغلابة، وأذاقوهم ويلات القمع والقهر والمهانة. لقد نقل محفوظ قصة الكون منذ بدء الخليقة، بمحاكاة تسجيلية دقيقة ورائعة وجذابة إلى حارته التي استطاع باقتدار كالتب كبير  أن يمسك بادق  تفاصيلها ويحرك شخوصها كيفما يريد.
يقول تجيب محفوظ لرجاء النقاش إنه :"يريد الكشف عن الهدف الأساسي للبشرية، وهو البحث عن سر الكون، وحتى تستطيع البشرية الكشف عن هذا السر، تحتاج إلى التفرغ له والاستعداد، وهي لن تتمكن من هذا إلا بعد القضاء على استغلال الأغنياء للفقراء، والصراع بين الناس من أجل لقمة العيش فالرواية تصور هذا الصراع المرير الذي تزعّمه الأنبياء والرسل دفاعاً عن الفقراء وتهيئة العيش السعيد للناس أجمعين حتى يتفرغوا للبحث الأعظم، ولكن ما إن تنتهي الرسالة حتى يعود الأغنياء فيقبضون على زمام الأمور، وتعود المعركة من جديد للوصول إلى العدل والرفاهية للجميع، ثم تدخّل"العلم"بعد انتهاء الرسالات ليقوم بنفس الغاية وهي إسعاد الناس، ولكنّ المستغلين سخّروا العلم لمصلحتهم أيضا، وقتلوا رمزه في القصة، إلا أن شخصا آخر استطاع الهروب بسرّ الاختراعات العلمية الحديثة ليعاود الكفاح من أجل إنهاء الصراع بسبب لقمة العيش والتفرغ لمعرفة سر الحياة".
منذ ان قرا نجيب محفوظ  عام 1934  مسرحية جورج برنادشو الشهيرة "العودة إلى متوشالح" وكتب عنها مراجعه نقدية حيث يشير محفوظ
التي تتناول شوق الانسان ألى العدل، من خلال استعادة قصة  آدم وحواء  وما جرى لهم بعد ان اغرتهم الحية ليطردا  من الجنة. حيث يكتب برنادشو على لسان حواء :"الإنسان  لا  يحتاج  دائمًا إلى  أن  يعيش  بالخبز  فقط،  يوجد  شيء  آخر  لا  ندري حتى  الآن  ما  هو،  ولكننا  سنكشف  عنه  في  يوم  من  الأيام،  هنالك  لا  يبقى  محل  للحفر  أو  الغزل  أو  النزاع  أو  القتال".. بعدها تتوالى الاحداث في مسرحية برنادشو حيث نجد اصرار الانسان على ان يحقق حلمه بان يعيش طويلا   ليصبح مثل"متوشالح"أحد شخصيات العهد القديم، جدّ النبي نوح، وقد امتدّ به العمر حتى 969 عامًا. وتنتهي  احداث مسرحية في عام 2160 عندما ينجح العلم في ذلك. 
إلى حلم البشرية في حياة ممتدة، معتبرًا أنّ رجال السياسة ذوي النفوس المظلمة يموتون دائمًا ولمَّا يبلغوا سنّ الرشد،  فيجب  أن  تمتدّ  بهم  الحياة  ليبلغوا  الحكمة،  وربما يستفيدون  من  تجارب  الماضي.. ونجد نجيب محفوظ يترجم مقاطع مطولة من حوار المسرحية تلقي فقط الضوء على الأفكار الرئيسية للنص، منها الحوار الذي يدور حول الخلود :" كان  آدم  وحواء  معلّقَيْن  بين  قدرين  مخيفين:  انقراض  النوع  من  الموت  غير  الطبيعى،  والأمل  في  حياة  أبدية، وعندما  لم  يطيقا  واحدًا  منهما  قررا  أن  يكتفيا  بحياة  قصيرة  أمدها  ألف  عام،  و يعهدا  بعملهما  إلى  زوج".
كان برنادشو قد نشر"العودة الى متوشالح"عام 1922 وهي عبارة عن خمس مسرحيات قصيرة ترتبط احداثها الواحدة بالاخرى، والتي يقول فيها ان هناك ما يسميه"قوة الحياة"وهذا التعبير الذي نادى به الفيلسوف الفرنسي برغسون ايضا، وبرنادشو يؤمن ان العقل كامن في المادة، والاخلاق والانسانية والخير كامنة كلها في العقل، والخير اكبر من الشر في هذه الدنيا، ونجد مفردات عند برنادشو مثل ديانة التطور، شهوة التطور، الديتانة البيولوجية، إرادة الانسان.. ولهذا نجد برنادشو يسخر من الكنيسة لانه يعتقد انها سرقت الدين الحقيقي وزيفته، وأرادت ان تروج دين خاص بها، دين يستغل الضعفاء ويمنح بركاته للأقوياء والضالمين، ولهذا أوصى بإلا يصلي عليه في الكنيسة من قبل القساوسة، وان يحرق جثمانه. يكتب في المسيح ليس مسيحياً :"ان الأامة اليقظة يجب ان تنقح ديانتها مرة كل عام على الاقل"

شارك الخبر على