انتخابات اتحاد الكرة أوّلها مقامرة وآخرها مؤامرة

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

 حضور السهيل يضفي الشرعية لمؤتمرين هدّدوا سلطة الدولة
 الشاهد حمودي يبرئ الانتخابات من شبهة (السوق السودة)!
 لماذا حرّم الاتحاد تأييد الوكرة وحلّل شهادة الغرافة؟!
 الإعلام الرياضي مطالب بإنصاف المحامي أو إدانة إساءته
 بغداد/ إياد الصالحي
غادر ضيوف قاعة فندق الرشيد عصر الخميس الواحد والثلاثين من أيار 2018 حال اختتام المؤتمر الانتخابي لاتحاد كرة القدم لاختيار الرئيس 33 ، فيما بقي ضجيج السخط يملأ كل زاوية فيها استنكاراً لما اقترفته الهيئة العامة للاتحاد من جُرمٍ أخلَّ بشروط نزاهة التصويت، من خلال تورطها بإعدام فرصة أكثـر من مرشّح للفوز تضامناً مع الرئيس ونائبه بعدما أذعن عدد كبير من اعضائها لمخطط تآمري نُفذ بتحرّكات تثقيفية مكوكية في جولتي النائب الأول والعضوية، فكانت النتيجة "فضيحة من العيار فوق الثقيل" دفعت ثمنه اللعبة كضريبة رسم لمواد نظامها الأساسي الذي صادق عليه ممثلو أندية انتهت صلاحيتهم من ثلاث سنوات.
  
مخطط تآمريلقد جاهر عضو اتحاد الكرة السابق محمد جواد الصائغ بأعلى صوته أن الرئيس عبدالخالق مسعود ونائبه علي جبار قادا مخطط التآمر برغم أنهما أقسما على المصحف الشريف على بقاء مجلس إدارة الاتحاد، وكانت شرارات غضب الصائغ تتطاير من عينيه ليس لخسارته تجديد الثقة كما هو حال زميليه كاظم محمد سلطان وطارق احمد اللذين ودّعا الاتحاد من الباب الخلفي، بل شعوراً منه بعدم نظافة اللعبة الانتخابية في قاعة الرشيد فجاء تأكيد النائب الثاني علي جبار في اليوم التالي ليصفها بدقّة أنها "لعبة قذرة" لما جرى في كواليسها من نكوص في التعهّدات وضروب تحت الأحزمة كشفت المشهد الحقيقي لمجلس إدارة الاتحاد وهو يلهث وراء مصلحة اشخاص وليس اصلاح منظومة عبثت فيها إرادات نرجسية تمسكنتْ فترة طويلة بتصريحات مخادعة للإعلام والجمهور ثم تمكّنتْ من تعميق جذور البقاء في مناصبها، مهدّدة السلطة التنفيذية للدولة العراقية بكتاب "وقح" من جهة أجنبية (الفيفا) بعدما زوّدته بمعلومات مغلوطة ومحرّضة وإن كان يمثل مرجعاً لها، كتاب حذّر حكومتنا من استغلال ملف النزاهة لإعاقة دخول اعضاء متهمين بملف مالي الى المؤتمر الانتخابي، وإلاّ فإن قرار إيقاف أنشطة اللعبة لن يستغرق سوى زمن فتح البريد الالكتروني من أمين سر الاتحاد صباح رضا.
رؤية السهيل ما لفت الانتباه هو تصدّر الصف الأول في قاعة الرشيد نائب رئيس البرلمان السابق قصي السهيل ورئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي، وكلاهما أعطى الشرعية القانونية للمؤتمر إذا ما استبعدنا المراقب الدولي منعم فاخوري المكلّف بمتابعة إجراءات العملية الانتخابية وإعداد تقرير مفصّل للاتحادين الدولي والآسيوي كونه جاء في زيارة خاطفة ولا يعلم بما خفي عن ترتيبات المؤتمر، فالسهيل يمتلك معلومات وافية عن منظومة الكرة ولديه آراء موضوعية قست بقوة أحياناً على نهج الاتحاد إبان صدور قرار محكمة كاس الدولية يوم 18 تشرين الثاني 2013 القاضي بإلغاء انتخابات عام 2011 التي فاز بها الرئيس السابق ناجح حمود، وكان السهيل يشدّد وقتها على أن (إذا كان اتحاد الكرة يتبنّى فعلاً ممارسة ديمقراطية عليه العودة إلى القانون وعدم تطبيق اللوائح التي كان في بعض فقراتها خروجاً عن الدستور العراقي، لاسيما أن رئاسة مجلس النواب وجّهت لجنة الشباب والرياضة في وقت سابق بتقصّي الأسس القانونية التي يسير عليها اتحاد الكرة فوجدت أن إجراءات الاتحاد في الفترة السابقة كانت غير قانونية)! هذا ما ذكره قبيل إقامة مؤتمر 2014 بشهرين، علماً أن انتخابات 2011 عدّت غير شرعية بسبب تزوير فاضح بدخول ثلاثة أندية غير مصادق عليها من الهيئة العامة وغيرها من الخروق التي قدم محامي كتلة الأندية المعارضة د.نزار أحمد لائحة بها وكسب دعواها، فماذا تغيّر في رؤية السهيل هذه المرّة واتحاد الكرة لم يعد الى حضن الأولمبية، هل وجد أن الإجراءات القانونية سليمة ووسائل الإعلام تفجّر كل يوم فضيحة عن تلاعب ومداهنة وتزوير ورشى وتفسيرات موائمة مع وجهة كل مرشح للمنصب، بمتابعة مباشرة للجنة الانتخابات من المحامي نفسه خصم الاتحاد بالأمس وصديقه اليوم؟
توجّس حموديويشكّل حضور رئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي للمؤتمر الانتخابي لغزاً محيّراً لدى بعض المتابعين كونه نأى بنفسه عن البوح بكلمة واحدة عما جرى في (سوق عكاظ) انتخابات الكرة منذ بدء الترتيبات الفعلية لها مطلع العام الحالي، وفتح باب الترشيحات يوم 15 آذار الماضي والشكاوى التي أطاحت بمصداقية القائمين على قبول ملفات المرشحين وانتهاءً بشكوى ممثل نادي الزوراء عدنان درجال لدى محكمة كاس الدولية، كل ذلك لم يستفزّ رئيس اللجنة الأولمبية لممارسة مسؤوليته الوظيفية بكونه راعي الاتحادات الرياضية، سبق وأن توافق مع قصي السهيل في ضرورة التزام اتحاد كرة القدم بأن (ما ينطبق على الاتحادات الرياضية يجب أن ينطبق على اتحاد كرة القدم كونه ينتمي للجنة الأولمبية العراقية) لكن حمودي تعامل هذه المرة بتوجّس لا مبرّر له إطلاقاً، ولم يظهر دوره إلاّ كشاهد بعد عرض بضاعة الانتخاب على نظافة تصريفها وبراءتها من شبهة (السوق السودة) وبخاصة في عملية اعتماد بعض المرشحين بعد تبادل أوراق التزكية التي أزكمت مساوماتها الأنوف!خبرة في الوكرةيبقى السؤال يلجُّ بين تحليلات المراقبين لدوافع التلويح بمعاقبة عدنان درجال بالحرمان من ممارسة أيّ نشاط رياضي في كرة القدم، وعدم تولّيه أيّ منصب يخصّ اللعبة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات من قبل لجنة الانضباط في اتحاد الكرة حسب كتابه 1045 في 27 أيار الماضي، بخصوص شهادة خبرته المقدمة من نادي الوكرة القطري ثم تبعه بكتابه المرقم 1085 في 30 الشهر نفسه، والمبلّغ الى نادي الزوراء بإيقافه عن ممارسة أي عمل رياضي أو إداري حتى انتهاء التحقيق في القضية والذي بموجبه تم تغييبه عن الحضور الى المؤتمر الانتخابي والإدلاء بصوته بصفته ممثلاً عن النادي وليس مرشحاً، هل أن أدلة لجنة الانضباط استوفت المبرّر القانوني لتطبيق العقوبة التي تثير الشك من دون الوقوف على حقيقة القضية أصلاً من لجنة الانتخابات بكتاب رسمي الى الاتحاد القطري لكرة القدم يستفسر عن صحة شهادة خبرة درجال في الوكرة أسوة بمفاتحة مماثلة لبيان صحة شهادة خبرة يونس محمود في نادي الغرافة والتي تم تأييدها من دون تقديم وثائق ثبوتية كالتي وردت في الفقرات الخمس من الكتاب 1045، ثم لماذا تزامن إيقاف درجال مع توقيت لجوئه الى محكمة كاس الدولية بملف شكوى يدين إجراءات الاتحاد بخروق عديدة؟ إذا كان التعامل معه بهكذا إجراءات مشدّدة وملفه مرفوض من قبل لجنة الانتخابات، ترى ما شكل التعامل معه إذن لو تم قبول ملفه ومضى الى منصة الفوز برئاسة الاتحاد؟!
محضر الزوراءيستوقفنا هنا، صمت نادي الزوراء الرياضي وهو يتلقى طعناً في محضر اجتماعه عام 2017 المتضمّن منح عدنان درجال عضوية شرفية في الهيئة العامة للنادي، أليس غريباً أن لا تتخذ إدارة الكابتن فلاح حسن إجراءً قانونياً إزاء الطعن؟ إن تاريخ درجال مع النادي والمنتخبات الوطنية يعد من مفاخر اللعبة في العراق، ولا يمكن أن يلجأ الرجل والإدارة الى التلاعب في وثيقة رسمية تشوّه سمعتهما، ما مصلحة الطرفين في ذلك وهما أدرى بالمسؤولية التي تقتضي تقديم وثائق سليمة تدعم ترشيح ممثلها لواحد من أعرق الأندية في انتخابات راهن الزوراء على تغيير تركيبة شخوص الاتحاد لتطوير اللعبة لا المراوحة في مركز متأخر بين اتحادات القارة!
ألم السفاح ويبدو المشهد المؤلم لرئيس رابطة اللاعبين الدوليين يونس محمود وهو يتحدث عن خديعة نائب رئيس الاتحاد علي جبار لا يثير الشفقة فحسب - برغم تحذيرات كثيرين له بعدم التورط في الدخول لانتخابات محسومة سلفاً بأوراق التزكية والتثنية على غرار المقامرة غير محسوبة النتائج - بل يثير الريبة عن اتفاقات لا يخجل البعض من المجاهرة بها وهو ينصح يونس أن المنصب الفلاني محسوم لعلان والأفضل له أن يتنافس لنيل العضوية وغيرها من أفانين التلاعب بمصير أحد نجوم العراق ممن أكد رئيس الاتحاد نفسه في مقابلة سابقة، أن الشباب هم روح الاتحاد في الدورة المقبلة للاستفادة من اندفاعهم وعلاقاتهم بما يضفي وجودهم إيجابية وحيوية على المناصب واللجان، وإذا بالمؤامرة تطيح بأول الشباب وتدفعه للندم على خوض التجربة وسط قوى متنفذة داخل الاتحاد لن تسلّم المواقع بسهولة برغم الاحتجاج العارم في اوساط الجماهير لضياع أكثر من حُلم كروي مع هدر أكثر من 20 مليار دينار طوال السنين الأربع الماضية 60% منها ذهبت الى مرتبات ومخصّصات ومكافآت، كل ذلك وينبري رئيس الاتحاد ليصرّح علانية أنه سيضطر الى إيقاف صرف المكافآت للاعبين في حالة الفوز ردّاً على إحالة ملف قضية خليجي21 الى محكمة جنايات النزاهة.
إساءة بحق الإعلاموكما هي رسالة الإعلام الرياضي النزيه الداعم لجميع الاتحادات والباحث عن الحقيقة، فإنّ رئيس اتحاد الإعلام الرياضي الزميل خالد جاسم مطالب بفتح تحقيق لما أدّعاه محامي الاتحاد د.نزار احمد بأن عدنان درجال دخل المعترك الانتخابي في آذار الماضي بفريق إعلامي متكوّن من خمسة أو ستة إعلاميين وصحافيين معروفي النوايا قادوا حملة تسقيط " قذرة " ضده بلا مبرر. فهذه إساءة بالغة بحق الإعلام إذا ما ثبتت التحقيقات بالفعل تورّط البعض للاصطفاف مع درجال دون وجه حق لمحاربة المحامي الذي مهما اختلفنا معه فهو مرتبط بعمل رسمي مع اتحاد الكرة وبعلم الدولة وجميع المؤسسات الرياضية في البلد، أما إذا ثبت وجود مبالغة في وصف المحامي لدور الإعلاميين وأسلوبهم دون وجه حق الى درجة استسهل فيها الإساءة لهم فمن حق اتحادنا أن يتخذ الإجراءات القانونية للدفاع عن سمعة الإعلام الذي يحاول البعض خلط أوراق أهدافه لشعوره بالعجز أمامه في تفنيد الحقائق المكرّسة لاطلاع الرأي العام انطلاقاً من واجبه كسلطة رابعة مراقبة لمؤسسات الدولة وليس في اجندتها ميول أو خنادق أو اساليب قذرة تبيح لها التعسف في خطابها مع الجميع مهما كان حجم فساد الضمائر كبيراً في أية أزمة واحترافية شياطينها في المناورة والتدليس وغصب الحقوق!

شارك الخبر على