صحيفة اميركية هل يستطيع العراق موازنة علاقاته مع كل من العربية السعودية وإيران ؟

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

ترجمة حامد أحمد
في أي حال من الأحوال فإنها قد تكون لحظة تماسك نادرة بالنسبة للعراق . لقد شرعت البلاد بالخروج من دائرة اليأس والتعافي اقتصادياً وسياسياً بعد انتهاء المعارك بتحقيق النصرعلى تنظيم داعش وكذلك تسوية الخلافات سياسياً بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان بعد تبعات اجراء الأخيرة لاستفتاء الاستقلال . في هذه الاثناء تكون سياسة الولايات المتحدة تجاه العراق معتمدة كثيراً على تزويق علاقة سعودية – عراقية قوية تخفف الوطئ من خلالها على واشنطن من مسؤولية تمويل إعادة إعمار العراق .
العلاقات العراقية السعودية تطورت مؤخرا على نحو كبير واصبحت أقوى مما كانت عليه قبل ثلاثة عقود.لم يكن للعربية السعودية تواجد دبلوماسي في العراق منذ حرب الخليج الثانية عام 1991 عنما غزا نظام صدام حسين الكويت . الروابط بقت محدودة جدا حتى بعد الغزو الاميركي للعراق عام 2003 ، الذي أفضى الى تعزيز قوة الاحزاب السياسية الشيعية الحاكمة المتتالية في العراق التي رأى السعوديون مصالحها تتجه أكثر نحو الارتباط بإيران .المحلل السياسي ، جويل ونغ ، المختص بالشان العراقي قال في حديث لصحيفة ، غلوبال بوست The Global Post الاميركية " بعد العام 2003 أدار السعوديون ظهرهم للعراق بينما كانوا يعارضون هيمنة أحزاب شيعية على الحكومة في بغداد . رغم ذلك انفتح البلدان على بعضهما العام الماضي باسترجاع العلاقات القديمة بينهما شهدت الأشهر القليلة الماضية افتتاح السفارة السعودية في بغداد وقنصلية في النجف وكذلك الشروع بتسيير رحلات جوية منتظمة بين البلدين ، كل هذه الأمور تؤشر الى تطور كبير بالعلاقات بين البلدين .مهيار كاثيم ، باحث في مجال بناء الحكومة والتنمية الدولية من جامعة كلية لندن ، قال في لقاء مع صحيفة غلوبال بوست " التطور الحاصل في العلاقات بين البلدين لم يسبق له مثيل ، حيث يبدو هناك مصلحة عارمة بتعزيز علاقات اقتصادية وسياسية بين البلدين ."العام الماضي تم افتتاح مجلس التنسيق العراقي – السعودي في الرياض بأهداف تدعو الى تعزيز روابط البلدين أكثر . وتهدف الشراكة الأمنية والإعمارية الى تحسين التنسيق في مجال الاستثمار بصناعة النفط والغاز والتجارة وكذلك تبادل الخبرات الثقافية والزمالات التربوية .الباحث ، عمر كريم ، من قسم العلوم السياسية والدراسات الدولية في جامعة بيرمنغهام ، قال متحدثاً للصحيفة " السعودية قد تكون مهمة جداً بالنسبة للعراق من منظور اقتصادي . المستثمرون ورجال الأعمال السعوديون بامكانهم أن يعززوا النشاط الاقتصادي للعراق وكذلك ان يكونوا بمثابة سند مالي كبير في مجال إعادة إعمار المناطق العراقية المدمرة جراء الحرب ضد داعش ."في تشرين الأول شاركت السعودية ولاول مرة في معرض بغداد الدولي بما لايقل عن 60 شركة حضرت لهذا الحدث .وأضاف الباحث ، كاثيم ، بقوله : " العراق بحاجة ماسة لمن يساعده في مجال إعادة الإعمار ، وبوجود العربية السعودية ودول الخليج على نطاق أوسع ، بامكانهم توفير ماهو ضروري من أموال للمناطق المتضررة كثيراً . هذا ليس مهم فقط لتحقيق الاستقرار بل أيضاً لاظهار رئيس الوزراء حيدر العبادي بانه مهتم بجهود إعادة إعمار المناطق المتضررة ذات الغالبية السنّية ."هذا التوجه قد تكون له تبعات أمنية أيضاً . حيث تعتقد كل من واشنطن والرياض بان عملية إعادة الإعمار باستخدام أموال خليجية من شأنها أن تمهد الطريق لتحسين علاقات بغداد أكثر مع جيرانها العرب .وقال الباحث ، كريم ، : " لم يكن التقارب الاولي نفسه بين السعودية والعراق أن يتحقق لولا وجود رغبة حقيقية باقامة علاقات بين الطرفين . قد تبقى هذه العلاقة في الوقت الحاضر مقصورة على تسهيل التبادل التجاري الثنائي بين البلدين وبالتالي يتطور ذلك الى شراكة سياسية أكثر نشاطاً بين البلدين لايمكن تجاهله ."تحسن علاقة العراق مع دول الجوار تعتبر ذات منفعة لواشنطن التي قد تكون مترددة في مسألة المشاركة المباشرة بجهود إعادة الاعمار ولكنها ترى ضرورة بوجود عراق قوي . تعزيز قوة بغداد قد تجلب الاستقرار للمنطقة ولهذا فان الولايات المتحدة تستثمر موارد سياسية بتشجيع العربية السعودية وشركائها الخليجيين في جهود إعادة الإعمار هذه .وأضاف الباحث ، كاثيم ، قائلاً " ما نشهده الآن هو بداية تحسن في العلاقات هندستها الولايات المتحدة لتحقيق هدفين متكاملين . الهدف الأول هو الوقوف بوجه توسع ايراني في المنطقة ، والهدف الثاني وهو مهم للولايات المتحدة بشكل خاص يتمثل بمساعدة العراق إعادة إعمار مدنه باستخدام أموال خليجية أكثرها قروض ."العربية السعودية من جانبها تشارك اميركا بمعظم هذه الأهداف وبالأخص في إبعاد العراق أكثر عن إيران . مصلحة الرياض في جهود إعادة الإعمار ستساعد في دعم مصالح العربية السعودية بعيدة المدى في تحويل قوى النخبة من الشيعة بعيداً عن إيران .يقول الباحث ، ونغ ، " وجود علاقة أقوى بين العربية السعودية والعراق في المنطقة ستعزز الاستقرار فيها وتضمن العراق القيام بدور عامل محايد في النزاع القائم بين العربية السعودية وإيران . كان تخوف السعودية يكمن في احتمالية قيام إيران بابتلاع العراق ، ولكن تحسن في العلاقات أظهر بان للعراق رغبة بان يقف على قدميه ويقرر سياسته الخارجية الخاصة وفقاً لمصالحه ."ضمان السعودية لتواجد لها في العراق وخصوصاً قبل انتخابات أيار 2018 كان عاملاً محفزاً لها لتطوير العلاقات معه . السعودية الآن تركز الى التقرب من الاحزاب الشيعية أكثر مما كانت عليه سابقا في تقربها من الأحزاب السنية وهذا تغير كبير في سياستها نحو العراق.يقول الباحث ، ونغ ، إن كل هذا سيعتمد على ما ستنتج عنه الانتخابات من حكومة التي قد تكون علمانية أكثر مما هي اسلامية ، ولكن اذا تمكن العراق من تحقيق توازن في علاقاته بين الولايات المتحدة وايران فانه سيستطيع أيضاً التعامل في علاقاته بين طهران والرياض . عن صحيفة غلوبال بوست

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على