سنوات الخماسين.. والتوثيق الأمين

أكثر من سنتين فى أخبار اليوم

بالتأكيد تحتفظ ذاكرة الأمَّة، ودفاتر أحوال أجهزة الدولة السياديَّة، بالكثير من الأسرار والكواليس، ولم تبح بعد بكل ما تحويه خزائنها عمَّا حدث وجرى خلال أخطر فترةٍ عاشتها مصر، بدايةً مما أطلقوا عليه ثورات «الربيع العربى»، وإن شئت الدقَّة قل «الخريف العربى»، فى الفترة من ٢٥ يناير ٢٠١١، مرورًا بالمؤامرات التى استهدفت مصر، وصولًا إلى ثورة الإنقاذ وتصحيح المسار، التى قادها ابن مصر البار الزعيم عبدالفتاح السيسى، فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
بالتأكيد هناك الكثير من الوثائق والرسائل والقرارات والمُكاتبات التى تُوثِّق ما حدث، والتى لم يحن الوقت للإفراج عنها بعد؛ ربَّما لدواعى الأمن القومى، وحتمًا سيأتى اليوم الذى سيتم خلاله الكشف عن مُؤامراتٍ ومُكايداتٍ وأهوالٍ حِيكت بليلٍ لمصرنا الحبيبة، يشيب من هولها الولدان.
وبمناسبة الذكرى العاشرة لتلك الأحداث العاصفة؛ أصدر الكاتب الصحفى ياسر رزق-رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم السابق -، كتابًا يُوثِّق فيه هذه الحقبة المهمَّة من تاريخ مصر، بعنوان «سنوات الخماسين.. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص».. تضمَّن الكتاب رصدًا دقيقًا، وكشف بأسلوبه الشيِّق الرصين عن معلوماتٍ ربَّما لا يعرفها الكثيرون، ويُكشف عنها بين دفتى الكتاب لأول مرَّة، استقاها من مصادرها الحقيقية؛ بحكم عمله الصحفى، وقُربه من دوائر صُنع القرار، وعلاقاته الوثيقة بجميع اللاعبين على المسرح السياسى فى ذلك الوقت، ومعظمهم أحياءٌ يُرزقون.
استعرض رزق خلال صفحات الكتاب وقائع عاشها، وخبايا مواقف شاهدها، وأبعاد تحولات عاينها رأى العين، وقصَّ جوانبها من صُنَّاعها وأبطالها، إذ جمع التفاصيل قبل الشتات؛ ليُقدِّم لنا وللأجيال الجديدة صورةً كاملةً قريبةً من الواقع لِما حدث وجرى فى مصر، من رياحٍ عاتيةٍ تُشبه رياح الخماسين، كادت تعصف وتقوِّض آمال شعب وأحلام أمَّة.
أهدى ياسر رزق الكتاب إلى الشعب المصرى، وقال: إلى شعبٍ عظيمٍ لا يرضخ لظُلمٍ، ولا ينحنى لعاصفةٍ، ولا يركع إلا لرب العباد.. كما وجَّه الإهداء إلى الأجيال؛ وقال: إلى أجيالٍ آتيةٍ، هذه ملامح من قصَّة آبائكم فى زمنٍ عصيبٍ، ولمحات من حكاية وطنكم فى حقبةٍ فاصلةٍ، عساها تُنير لكم طريقًا، وتُعبِّد دربًا، وأنتم تُشيِّدون مجدًا جديدًا مُعطَّرًا بعظمة تاريخٍ.. لست أزعم أننى أحتكر الحقيقة، أو أننى أمتلك كل جوانب الوقائع.. فقط أكتب من زاوية رؤيةٍ خاصةٍ، منها أرنو إلى المشهد.
الكاتب أكد أن الكتاب ليس محاولةً لكتابة تاريخٍ، وإنما لقراءة حاضرٍ- من لحظة التنحِّى، ثم ركوب الإخوان المُوجة؛ عبر سلسلة الأزمات والأخطاء وأعمال الغدر بالشعب، وصولًا إلى الاحتجاجات الشعبيَّة ضد حكم المرشد على نحوٍ غير مسبوقٍ، بعد انسداد الأفق السياسى، جرَّاء تصرفات الجماعة الإرهابيَّة، وممثلها على رأس السلطة، محمد مرسى.
خلال مُطالعتك الكتاب، تُبحر داخل الأحداث التى عاشتها مصر، وكانت تُشبه الأمواج العاتية، حتى وصلت إلى بر الأمان؛ لنجد فى نهاية قراءتنا له، إجابات شافية لكل الأسئلة والتساؤلات التى تدور فى مخيلتنا، سواء كنا من المُشاركين فى الثورتين أو ممَّن فضَّلوا المُشاهدة من مقاعد المُتفرجين.
استمتعت بقراءة الكتاب الأول من ثلاثيَّة الكاتب الصحفى ياسر رزق عن «الجمهورية الثانية»، وأتمنى أن يعكف على كتابة الجزءين الثانى والثالث، ويُسرع بإصدارهما؛ حتى تكتمل الصورة، وتكون الثلاثيَّة وثيقةً للتاريخ، وشهادةً على العصر، تستفيد منها الأجيال المقبلة.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على